السنة الرابعة / العدد الثالث عشر/ ايار ... آب 2008 - جمادى الأولى ... شعبان 1429هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الافتتاحية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى في محكم كتابه المجيد : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

ترسم هذه الآية المباركة منهج الدعوة إلى سبيل الحق ، فتجعل للخصومة آدابًا تدعو الإنسان إلى مراعاتها والتزام قواعدها ، بلا تعدٍّ ولا تجاوز ، إذ عليه أن يلتزم حدود الحكمة والموعظة الحسنة ، فإذا ما جادل فعليه أن يجادل بالتي هي أحسن .

فللخصومة إذًا شروطها بحيث لا تستباح بها كل الحدود ... وهذا أمر تقرّره الأديان وتنص عله أدبيات المحاورة ، ويعتبره عرف العقلاء ...

ولكن ، لطالما خرج الناس على المناهج وتجاوزوا حدود الآداب المعتبرة لينصروا آراءهم ومعتقداتهم حتى بالأكاذيب والأباطيل.

وإذا كان هذا الأمر مستهجنًا ومرفوضًا حتى لو صدر من الجهلة، فكيف إذا ما قام به أرباب العقائد والقيّمون على مؤسسات الفكر ووسائط الرأي ووسائل الإعلام؟!

لذا فإننا نستغرب جدًا كل الاستفزازات والافتراءات التي تمارسها بعض وسائل الإعلام الغربية ، وبابا الكنيسة المسيحية في حق دين الإسلام وفي حق النبي الكريم ’، بعيدًا عن الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن .

والعجيب العجيب أن يسمح رأس الكنيسة لنفسه بالتجنّي على نبي الإسلام بغير حق ، وهو الراعي لكنيسةٍ لا تخفى سمعتها على أحد من الناس بما كان لها من دور معروف في محاربة العلم وقتل العلماء واضطهاد الأحرار ومحالفة الظلم ... مما لا يتسع المجال لذكره وتعداده ، لذا نكتفي بذكر بعض الأسماء والعناوين من دون تفصيل ولا تعليق ، وهو مع ذلك يغني عن التتبّع والاستقصاء ، ويعيد إلى الأذهان صورة التاريخ المظلم للكنيسة المسيحية .

وإليك من الأسماء : جاليلو ، وجان دارك ، وسافونا رولا ...

وإليك من العناوين: صكوك الغفران، ومحاكم التفتيش، والحروب الصليبية...

وبعد هذا فلقائل أن يقول : إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمِ الناس بالحجارة .

وهنا يحضرني قول بديع الزمان الهمداني إذ يقول :

كذاك الناس خَدّاعٌ إلى جانبِ خَدّاع
 

 

يعيثون مع الذئب ويبكون مع الراعي
 

وانطلاقًا من هذه القضية رأت مجلة "رسالة النجف" أن تطرح في ملفها الحالي بعض المسائل الهامّة المرتبطة بالدينين الإسلامي والمسيحي ، ولكن بلغة العلم ، وبأسلوب الحوار الهادئ.

ويهمّنا أخيرًا أن نُعلم القرّاء الكرام بأننا ونتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها وطننا لبنان مما ضيّق علينا حدود الحركة وإمكانية التواصل ، فقد قرّرنا مرغمين تخفيض إصدار المجلة إلى ثلاثة أعداد سنويًا بدلاً من أربعة.

والله ولي التوفيق

التحرير

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثالث عشر