السنة الثامنة / العدد الثاني والعشرون/ كانون أول:  2012م / محرم: 1434هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

دولة بني عمّار في طرابلس

إطلالة تاريخية

(الحلقة الأولى)

الشيخ نعيم نعمة

 

مقدمة

عندما يغوصُ الباحثُ في أعماق التاريخ ليسبرَ أغواره ويطّلعَ على أسراره، يستغربُ حين يقعُ نظرُه على درر مكنونة، رُميتْ على رفّ الإهمال وحُشرتْ في خانة النسيان، حتى تراكمَ عليها غبارُ السنين، فأصبحَ يزهدُ فيها من لا يعرفُ قيمتها، وأمسى يجهلُها من يريدُ معرفتها.

ودولة بني عمار في طرابلس درّة من هذه الدرر التي عفى عليها الزمان وطواها النسيان، وعملت الأقلام المأجورة على طمس حقيقتها، وتشويه صورتها، فالبحث عن حقيقة هذه الدولة التي لم تعمّر طويلاً ليس بالأمر الهيّن، لقلّة المؤرخين الذين أرخوا لها لسبب أو لآخر([1]).

طرابلس في التاريخ

تضرب طرابلس جذورها في عُمق التاريخ، وتَرْقى إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة عام، حيث أسّسها الفينيقيون، وتعاقبت عليها الأمم والعهود من الفينيقيّين حتى الانتداب الفرنسي، مرورًا بالرومان، والبيزنطيّين، والعرب، والصليبيين، والمماليك، والعثمانيين.

لذلك أصبحت تضمّ عددًا كبيرًا من البُنى التاريخيّة والأثرية بأحيائها، وأسواقها، ودورها، وأزقّتها المتعرّجة المُلْتوية، والمسقوفة، ومعالمها، وتضمّ بين جَنَباتها أكثر من 160 مَعْلمًا، بين قلعة، وجامع، ومسجد، ومدرسة، وخان، وحمّام، وسوق، وسبيل مياه، وكتابات، ونقوش، وغيرها من المعالم الجمالية والفنيّة.

وعندما دخلها اليونانيون في القرن الرابع قبل الميلاد، أطلقوا عليها اسم "تريبوليس Tripolis" أي المدينة المثلثة، لأنها كانت تجمع بين ثلاث مناطق، وقد ظلّت تحمل هذا الاسم طوال العصور التاريخية التي تتالت عليها، من الرومان حتى العرب الذين دخلوها في القرن السابع الميلادي، فعرّبوا الاسم إلى [أطرابلس] بإضافة الهمزة في أوّلها تمييزًا لها عن "طرابلس الغرب" عاصمة ليبيا، ومن ثمّ حذفت الهمزة وأصبحت "طرابلس". وسميت طرابلس ومنطقتها بـ"إمارة طربلس" ثم بـ"دولة طرابلس" ثم "مملكة طرابلس المشرقية".

لقّبت طرابلس "بالمدينة المقدّسة" في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي، أما الصليبيون فقد أطلقوا عليها اسم "تريبل"، كما دعيت أيام العرب بالفيحاء، وما زالت هذه الصفة ملازمة لها حتى اليوم، وتسمى حاليًا "طرابلس الشام" أو "طرابلس الشرق" تمييزًا لها عن طرابلس الغرب العاصمة الليبية([2]).

لعبت طرابلس دورًا هامًا كقاعدة عسكرية ابتداءً من العام 635م في عهد الأمويين. وفي العصر الفاطمي تميّزت طرابلس بحكم ذاتي مستقّل، وأصبحت مركزاً للعلم لا مثيل له في المنطقة في بداية القرن الثاني عشر الميلادي، إلى أن حوصرت ثمّ سقطت بيد الإفرنج الصليبيين في العام 1109م، فتضررت معظم معالم المدينة بشكل كبير، وبخاصة مكتبتها المعروفة باسم "دار العلم" التي كانت تنافس في غناها مكتبة بغداد.

ومن الحقبات المهمة التي مرّت على طرابلس حقبة بني عمار، الذين جعلوا من هذه المدينة وما حولها دولة تقوم على التشيّع لأهل البيت (عليهم السلام)([3]).

التعريف ببني عمار

يرجع نسب بني عمار إلى قبيلة كتامة([4]) الأمازيغية([5]) البربرية([6]) المغربية الأفريقية، وقد اعتنق الكتاميون الإسلام في بداية القرن الثامن الميـلادي (710م) مع وصول الفتح الإسلامي إلى مناطقهم، بعدمـا تفهّموا أهـداف الفاتحين الجدد غير المادية، ومبادءهم غير المعقدة عكس من سبقوهم، فتعاونـوا جميعًـا على طـرد البيزنطيين والرومـان وتحرير البلاد نهائيًا، وأدّى اندمـاج العنصرين إلى تكويـن مجتمع جديـد على أسـس ونهج جديـدين، ونتج عن ذلك قيام ممالك بربريـة معروفة، وقد خضعت أقاليـم كتامـة لسيطـرة الأغالبـة([7]) ثم الزيريين([8]) ثم الحماديين([9]) ثم الموحدين([10])، وقد كانت لهـم ممالك مستقلـة وقادة عظمـاء في تلك الفترة .

وعندما قامت الدولة الفاطمية اعتنق الكتاميون المذهب الشيعي الإسماعيلي، ولم يُعلم زمن انتقالهم إلى المذهب الجعفري بالتحديد، والظاهر أن هذا الأمر حصل بعد انتقالهم إلى الشام، والقدر المتيقن أنهم عندما استقلوا بدولتهم فيها كانوا على مذهب الشيعة الإثني عشرية، وبقيت طرابلس بأيديهم نحوًا من 40 سنة، حتى انتزعها منهم الصليبيون سنة 502 هجرية، وكان أهلها في ذلك العصر شيعة اثني عشرية([11]).

قال السيد محسن الأمين (ره) في أعيانه: [طرابلس أو أطرابلس بالهمزة، مدينة في ساحل بحر الشام، كان أهلها شيعة في عصر الشيخ الطوسي في القرن الرابع وما بعده (...) ثم انقرض منها التشيع بالعداوات والضغط، ويوجد في نواحيها اليوم بعض القرى الشيعية]([12]).

ويقول ناصر خسرو في كتابه سفرنامة عندما زار طرابلس في القرن الخامس الهجري: [وسكان طرابلس كلهم شيعة وقد شيّد الشيعة مساجد جميلة في كل البلاد]([13]).

ويقول المستشرق آدم متز في كتاب «الحضارة الإسلامية»: «وإذا كان ناصر خسرو قد وجد أهل طرابلس في عام (428هـ -1037م) شيعة، فقد جاء ذلك من أن بني عمار وهم إحدى الأسرات الصغيرة الكثيرة على الأطراف كانوا هناك على مذهب الشيعة»([14]).

ويقول د. عمر عبد السلام تدمري في كتابه (المغاربة في ساحل الشام تاريخهم السياسي والحضاري في العصر الفاطمي): [ وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن المغاربة لم يكونوا كلهم إسماعيليين على مذهب الدولة الفاطمية، بل كانوا في الغالب من الشيعة الإمامية، وبعضهم من السنّة على المذهب المالكي]([15]).

وقفة مع قبيلة كتامة

في بداية القرن العاشر الميـلادي (913م) كانت قبيلـة كتامـة من أقـوى القبائل البربريـة في المغرب آنذاك، فتحالفت مع الفاطميين ضد الخلافة العباسية تعاطفًـا مع دعـاة الإسماعيليـة المتشيعين لأهل البيت (عليهم السلام)، واستطاعوا الإطاحة بدولة الأغالبة والقضاء عليها في القيروان بتونس، وقد كان دورهم حاسمًا في تأسيس الدولة الفاطمية، فكانوا حماتها وجنودها المخلصين.

انضم عـدد كبـير من قبيلة كتامة إلى جيش "جوهر الصقلي" قائـد الحملـة الفاطميـة علـى مصر، وتمكنّـوا عـام (358هـ - 969م) من دخـول الفسطـاط بعـد محـاولات عديدة وأسّسوا مدينـة القاهرة، وظلوا قوة عسكريّة هامّة في خدمة الخلافة الفاطميّة، وقد خصّص لهم مكان بجـوار القاهـرة للإقامة فيه، ولا يزال حي الكتاميين في القاهـرة يحتفـظ باسمهـم.

قال الشيخ مبارك الميلي في كتابه تاريخ الجزائر: [كانوا [أي: كُتامَة] من لَدُن الفتح مُعتزّين بكثرتهم لا يسومهم الأُمراءُ بهضيمةٍ إلى أن ظهرت الرّافضيّة [الشّيعيّة] بالمغرب فدانوا بِها، وملكوا المغرب باسم بني عُبيد [الفاطميّين]، ثُمّ مصر والشّام. واختطّوا القاهرة، ولَهُم بِها حارةٌ مضافة إليهم، ذكرها السّخاوي في تُحفة الأحباب]([16]).

يقول الدكتور يحيى مراد في تعليقه على كتابه تاريخ آل سلجوق، متحدثًا عن هذه القبيلة: «عند قيام الدولة الفاطمية كان شيوخ هذه القبيلة ممن لهم الصدارة في مؤسساتها الإداريّة والعسكريّة»([17]).

ويقول بوزياني دارجي في كتابه القبائل الأمازيغية: [تعتبر كتامة من أهم القبائل الأمازيغية التي تركت أثرًا بارزًا في تاريخ المغرب الإسلامي، بل تركت أثرًا عظيمًا في التاريخ الإسلامي ككل]([18]).

أوصاف قبيلة كتامة وأخلاقهم

لم يكن أبناء كتامة -كما قد يتوهم لأول وهلة- من الأفارقة الزنوج، بل كانوا يمتازون بالسمرة الخفيفة، يقول الشيخ مبارك الميلي في كتابه تاريخ الجزائر واصفًا هيئة البرابرة وأخلاقهم الذين تنسب إليهم قبيلة كتامة:

[أما أوصاف البربر فهي أن البربري وجهه معتدل، خطا عينيه مستويان، ليس كبعض الأمم التي يكون خطا عينيها عندما يتلاقيان بالأنف زاوية منفرجة، عيناه غير ناتئتين، أنفه متوسط الطول والعرض، أعضاؤه متناسبة، قوي البنية، مستطيع لتحمل الأتعاب وغير سريع التأثر من تغيرات الهواء، بشرته بيضاء وإنما تؤثر فيها الشمس بالسمرة.

أما أخلاقهم فمن أخلاقهم عز الجوار، وحماية النزيل، ورعاية الذمة، والوفاء بالعهد، وبرّ الكبير، وتوقير أهل العلم، ورحمة المسكين، وحمل الكَلّ، وكسب المعدوم، وقِرَى الضيف، والصبر على المكاره، والإعانة على النوائب، ومقارعة الخطوب، وإباية الضيم، ومشاقة الدول]([19]).

ويقول د. عبد الحليم عويس: [ يمتاز البربري بقوة البنية، واعتدال المزاج، وهو من الناحية الخَلقية يمتاز بوجه معتدل، وعينين غير ناتئتين، وأنف غير مفرطح ولا مستطيل، وتغلب عليه السمرة في الجنوب، والحمرة المشربة بالبياض في الشمال، ويمتاز من الناحية الخُلُقية بحبه للحرية والديموقراطية]([20]).

دور بني عمار بعد وصولهم إلى مصر

يُنسب بنو عمار إلى «أبي محمد الحسن بن عمار»، الذي لمع اسمه في عهد الخليفة الفاطمي «العزيز بالله» سنة 381هـ.

يقول المقريزي : [كانت قبيلة كتامة من أهم القبائل التي اعتمدت عليها الدولة الفاطمية مدة خلافة المهدي عبيد الله وخلافة ابنه القاسم القائم بأمر الله وخلافة المنصور بنصر الله إسماعيل بن القاسم وخلافة ابنه مَعد أبي تميم المعز لدين الله، وبهم أخذ ديار مصر لما سيّرهم إليها مع القائد جوهر في سنة 358هـ، وهم أيضًا كانوا أكابر من قدم معه من الغرب في سنة 362هـ.

فلما كان في أيام ولده العزيز بالله نزار اصطنع الديلم والأتراك، وقدمهم وجعلهم خاصته، وحطّ من قدر كتامة، فصار بينهم وبين كتامة تحاسد إلى أن مات العزيز بالله، وقام من بعده أبو علي المنصور الملقب بالحاكم بأمر الله، فقدّم ابن عمار الكتامي وولاّه الوساطة وهي في معنى رتبة الوزارة، فاستبد بأمور الدولة وقدّم كتامة وأعطاهم، وحطّ من الغلمان الأتراك والديلم الذين اصطنعهم العزيز، فاجتمعوا إلى "برجوان" وكان صقلبيًا وقد تاقت نفسه إلى الولاية فأغرى المصطنعة بابن عمّار حتى وضعوا منه، واعتزل عن الأمر، وتقلّد [برجوان] الوساطة، فاستخدم الغلمان المصطنعين في القصر، وزاد في عطاياهم وقوّاهم، ثم قتل الحاكم ابن عمار وكثيرًا من رجال دولة أبيه وجده، فضعفت كتامة وقويت الغلمان.

فلما مات الحاكم وقام من بعده ابنه الظاهر لإعزاز دين الله علي، أكثر من اللهو ومال إلى الأتراك والمشارقة، فانحط جانب كتامة، وما زال ينقص قدرهم ويتلاشى أمرهم حتى صاروا في زمن المستنصر من جملة الرعية بعدما كانوا وجوه الدولة وأكابر أهلها]([21]).

ويقول المورخ المغربي الدكتور موسى لقبال في كتابه [دور كتامة في قيام الدولة الفاطمية]:

[يحمل تاريخ قبيلة كتامة وعلاقتهم بالحركة الفاطمية، منذ القرن الثامن للهجرة، عدة معان ودلالات منها: أن عملهم يعبّر عن فترة حاسمة في نهضة الفروسية الإسلامية في بلاد المغرب، وهو يمثل أيضًا دورًا إيجابيًا للإسلام الشيعي.... وبفضل عمل كتامة سرى تيار الوحدة، وأصبحت أصداؤه هي المسموعة في أرجاء المغرب والمشرق أيضًا...]([22]).

وصول بني عمار إلى طرابلس والتمهيد لتأسيس الدولة

تعود العلائق المغربية بطرابلس الشام إلى أكثر من ألف ومائة سنة خَلَتْ، أي إلى عهد الحكم الإخشيدي (330-358هـ/941-969م)، وتنوعت تلك العلاقات ما بين ثقافية وسياسية وعسكرية وتجارية وعمرانية.

والمصادر التاريخية لا تذكر شيئًا عن كيفية مجيء بني عمار إلى طرابلس، أو بدء تاريخهم بها، إذ تنقطع أخبار هذه الأسرة بعد موت جدها أبي محمد الحسن بن عمار سنة 386هـ، فلا نقف على أخبارهم قرابة ثلاثة أرباع القرن.

ومن الراجح أن يكون انتقالهم إلى الشام بدأ في زمن أبي الحسن بن عمار، وبعد أن تدنت مرتبتهم وتدهورت أحوالهم في مصر بسبب المؤامرات التي حيكت حولهم آثروا الهجرة الصامتة من مصر إلى الشام أولاً، ثم نزحوا إلى طرابلس بعد أن أصبح الحسن بن عمار قاضيًا على طرابلس.

وهذا ما يمكن أن نستفيده من كلام ابن القلانسي في كتابه "ذيل مرآة الزمان" عند ذكره "أبي محمد الحسن بن عمار": [ويبدو أنه فتح الطريق لأبناء قبيلته لينتقلوا الى الشام، فنجده يرسل «أبو تميم سليمان بن جعفر بن فلاح الكتامي» إلى دمشق، ثم يقوم أبو تميم هذا بوضع أخيه "علي بن جعفر بن فلاح الكتامي" واليًا على طرابلس في سنة 386هـ]([23]).

ويؤيد هذا الرأي الدكتور عمر عبد السلام تدمري حيث يقول: [احتل المغاربة المرتبة الأولى بحضورهم، إلى جانب الحضور الديني والعسكري، وذلك في العصر الفاطمي، إذ منذ أن بسط الفاطميون نفوذهم في بلاد الشام بعد سنة 360هـ، أخذوا يولّون القُضاة والوُلاة والقادة على المدن الرئيسة والولايات، وبشكل خاص في طرابلس، لأنها كانت قاعدة أمامية متقدمة على ساحل الشام في مواجهة الدولة البيزنطية التي كانت تهدد الأطراف الشمالية في بلاد الشام، ولذا أضحت طرابلس قاعدة أساسية للدعوة الفاطمية الإسماعيلية من الناحية الدينية، ومركزًا مهمًا للأسطول البحري والقوات البرية من الناحية العسكرية، فضلاً عن اتخاذها عاصمة لولاية إدارية متَّسعة الأرجاء تمتد حدودها من نواحي نهر الكلب جنوبًا، حتى مدينة اللاذقية شمالاً.

 ونظرًا لهذه الأهمية، فقد حرص الفاطميون على أن يكون زمام الأمور في طرابلس بيد المغاربة، ويمكن القول إن الحكم الفاطمي في بلاد الشام قام على أكتافهم، لذا أُعطيت الولاية وقيادة العسكر للقائد "نزّال الغوري الكُتامي"، وهو من قبيلة كُتامة المغربية البربرية، ومن صناديد المغاربة، ووُضع تحت إمرته ستة آلاف رجل من عسكر طرابلس، ثم ابنه "المُظهِر محمد بن نزّال"، والقائد "جيش بن الصمصامة"، والقائد "أبو سعادة المغربي"، والوالي "علي بن جعفر بن فلاح الكُتامي"، و"مختار الدولة ابن نزّال"]([24]).

تأسيس الدولة

أول من ولي حكم طرابلس من بني عمار وأسس دولتهم كان «أبو طالب الحسن ابن عمار» المعروف بأمين الدولة، حيث نطالع اسمه في سنة (457هـ-1065م) عندما دخل الأمير حصن الدولة حيدرة بن منزو طرابلس حيث ساعده أمين الدولة قاضيها في الاستيلاء عليها وانتزاعها من بني أبي الفتح([25])، وقد ظلَّ يعدّ نفسه تابعًا للدولة الفاطمية حتى سنة (462هـ-1070م) حيث استقل بطرابلس واستبدّ بأمرها.

وفي تلك المرحلة كان هناك صراع بين الدولة الفاطمية والدولة السلجوقية فاتخذ أمين الدولة موقفًا محايدًا بينهما، وأعلن عن استقلال إمارته عن الدولة الفاطمية.

وفيهم يقول المقريزي: [وكانت الدولة (أي الفاطمية) قد حوّلت الثغر في أيديهم على سبيل الولاية، فلما جاءت الشدائد، تغلبوا عليه]([26]).

ولم تكن هذه الدولة الفتيّة دولة عاديّة، بل استطاع حكامها وفي غضون فترة وجيزة أن يؤسسوا دولة ذات سيادة، تعتمد على نفسها، ولديها اكتفاء ذاتي زراعيًا واقتصاديًا وتجاريًا، وتستقوي بشعبها الذي يحبها وجيشها الذي يدافع عنها، فقطعت في سنوات قليلة ما يحتاجه غيرها إلى عقود من الزمن، مما ساعدها على الوقوف في وجه الغزو الصليبي وتحمل حصاره مدة عشر سنوات تقريبًا.

حدود دولة بني عمار

لم تكن إمارة بني عمار منحصرة في طرابلس فقط، بل امتدت إمارتهم حتى إنطاكية من جهة، وامتدت من نواحي جبلة في سوريا إلى قلعة صافيتا وحصن الأكراد والبقيعة، وفي لبنان امتدت حتى تخوم بيروت من جهة، ومن جهة أخرى حتى الهرمل والضنيّة وبشرّي وبلاد العاقور شرق بلاد جبيل، بل حتى جونية، حيث كانت جونية من أعمال طرابلس في ذلك الوقت كما يذكر الخطيب البغدادي المتوفى (463) للهجرة([27]).

يقول الدكتور عمر عبد السلام تدمري: [إمارة بني عمّار اللبنانية-السورية: أقول اللبنانية السورية لأن رقعتها شملت أرضًا من لبنان وأرضًا من سورية، فإذا كانت عاصمتها لبنانية، هي طرابلس، فإنّ ما ارتبط بتلك العاصمة كان أرضًا ممتدة من تخوم بيروت حتى تخوم أنطاكية]([28]).

ملوك بني عمّار

تبيّن مما سبق أن نسب بني عمار يرجع إلى أبي محمد الحسن بن عمار، الذي كان من أبرز رجال الخليفة الفاطمي العزيز بالله، ثم أصبح بنو عمار قضاة طرابلس ثم ملوكها، وأول ما يصلنا من أسمائهم بعد ذلك هو «أبو الكتائب أحمد بن محمد بن عمار»، الذي سبق أمين الدولة في تولي القضاء على طرابلس من قِبَل الفاطميين، وكان أبو الكتائب شيخًا‌ جليلاً.

ويقول عنه السيد محسن الأمين (ره) : [أبو الكتائب أحمد بن محمد بن عمار الطرابلسي نسبة إلى طرابلس الشام، وهو من بني عمار أمراء طرابلس، كان معاصرًا للشيخ الفقيه أبي الفتح محمد بن عثمان بن علي الكراجكي]([29]).

ثم تولى بعده أمين الدولة أبو طالب الحسن بن عمار المتوفى سنة (464هـ)، ثم جلال الملك أبو الحسن علي بن عمار المتوفى سنة (492هـ)، ثم فخر الملك عمار بن محمد بن عمار لم يعلم زمن وفاته، ولكن من المؤكد أنه كان حيًّا في سنة (516هـ) وهو تاريخ ذهابه إلى مصر كما سيأتي، وأبو المناقب شمس الملوك أبو الفرج محمد بن عمار الذي انقلب على ابن عمه فخر الملك، ولم يعلم تاريخ وفاته.

أمين الدولة أبو طالب الحسن بن عمّار

تقدم الكلام عن أمين الدولة عند تأسيس الدولة، وأنه كان قاضيَا على طرابلس، ثم استقل بها سنة (462هـ)، وتميّز بالعديد من المزايا، فقد عُرف عنه أنه كان كبير العقل، سديد الرأي، عالمًا، فقيهًا، كاتبًا مجيدًا، ألّف الكثير من الكتب النفيسة، منها كتاب "ترويح الأرواح ومفتاح السرور والأفراح"([30]) المنعوت بجراب الدولة([31])، توفي أمين الدولة سنة (464هـ).

جلال الدولة علي بن محمد بن عمّار

بعد وفاة أمين الدولة تولّى بعده ابن أخيه علي بن محمد بن عمار المعروف بجلال الدولة، الذي استمر حكمه حتى توفي سنة (492هـ)، فأرسى قواعد هذه الدولة ودعم أسسها بكل ما أوتي من قوة وقدرة، وازدهرت طرابلس في زمانه وعاشت عصرها الذهبي.

وقد جدد جلال الدولة (دار العلم) التي أنشأها عمه أمين الدولة سنة (472هـ-1082م)، إذ كانت الظروف مواتية لجلال الدولة أكثر مما كانت مؤاتية لعمه وسلفه أمين الدولة.

ففي عهد الأول كانت الإمارة في دور التأسيس، كما أن مدة حكمه كانت قصيرة، فقد توفي بعد سنتين من تأسيسه للدولة، أما جلال الدولة فقد استمر في الحكم زهاء ثمانية وعشرين عامًا، واتسعت في زمانه أطراف الإمارة، وعظم شأنها ونشطت تجارتها، وكانت طرابلس في عهده [تبعث الحكّام والقضاة والخطباء إلى البلاد التابعة لها مثل جبيل وعرقة وطرطوس وجبلة، وفي عهده أيضًا تمّ بناء جامع كبير في طرابلس]([32]).

فخر الملك عمّار بن محمد ذو السعدين

بعد وفاة جلال الدولة علي بن محمد بن عمار استلم الإمارة أخوه عمّار بن محمد ذو السعدين المعروف بفخر الملك، وحكم مدة عشر سنوات تقريبًا، وبقي حتى سنة (501) للهجرة، حيث ذهب إلى بغداد مستنجدًا بالسلاجقة على الصليبيين، وأثناء غيابه استعاد الفاطميون طرابلس من بني عمار وقضوا على حكمهم فيها، وبعد عدة أشهر احتلّ الصليبيون طرابلس بعد نضال طويل([33]).

أبو الفرج محمد الملقب بـ"شمس الملك ذي المناقب"

بعد أن ضاق الخناق على أهل طرابلس بسبب الحصار الشديد الذي فرضه الصليبيون عليهم، عزم فخر الملك عمار بن محمد "ذو السعدين" على التوجه إلى بغداد للاستنجاد بالسلاجقة من أجل حماية طرابلس من غزو الصليبيين، فاستخلف على قومه ابن عمه أبا الفرج محمدا الملقب بـ"شمس الملك ذي المناقب" الذي حكم لفترة قصيرة من سنة 501 هـ، فأظهر شمس الملك ذو المناقب الخلاف له والعصيان عليه، ونادى بشعار المصريين، فلما عرف فخر الملك ذلك كتب إلى أصحابه يأمرهم بالقبض عليه وحمله إلى حصن الخوابي ففعلوا ما أمرهم، وذلك قبل أن تسقط طرابلس بيد الصليبيين بسبب تخاذله وقلة وفائه، والظاهر أنه بقي محبوسًا في الحصن إلى أن استولى الفاطميون على طرابلس، فأخذوه مع من أخذوا من بني عمار إلى مصر.

النهضة العمرانية في دولة بني عمار

اهتم بنو عمار بالعمران أيّما اهتمام، لذا عملوا على إعمار دولتهم فنظموا بنيانها، وبنوا الأسواق والمدارس والمساجد، ومصانع الورق والسكر والحرير، وكذلك نجحوا في استثمار كل الموارد الطبيعية من أراض زراعية وأنهار، وبنوا السدود وأقنية الري.

وقد امتدت آثار بني عمار الى خارج إمارتهم، فهم الذين بنوا الجهة الشرقيّة من الجامع الكبير في مدينة حلب، كما يذكر ذلك المؤرخ ابن الشحنة الحلبي في كتابه [الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب]([34]).

يقول السيد حسن الأمين (ره): [لم يُغفل بنو عمار النواحي العمرانيّة في إمارتهم، فمن أهم ما عنوا به المشاريع المائية، فأمّنوا لطرابلس ريًا منظمًا من النهر الذي عرف بعد ذلك باسم نهر [أبو علي] اعترافًا بهذا الجميل وتخليدًا لذكرهم، ولا يزال حتى اليوم يعرف بهذا الاسم، فقد كان نهر قاديشا يفيض فيُحدِث أضرارًا ولا ينتفع منه، فوضع فخر الملك أبو علي ابن عمار خطة إنمائيّة تنظم أمور النهر وتمنع فيضانه وتجريه في أقنية للري، فعاد على المدينة ومنطقتها بالخير العميم، ونمت المزروعات والبساتين والحدائق، وتشكّل من ذلك ثروة زراعية ساعدت على رقي المجتمع، وازدهرت الحقول والأراضي المحيطة بالمدينة بوفرة مزروعاتها وتنوعها، وفاضت عن حاجاتها، فاحتفظت بأموالها واستدرت أموالاً من الخارج، وهذا ما شكّل عاملاً مهمًا في نهوض الحركة الصناعية والاقتصادية والثقافية.

وعُرفت طرابلس في كتب المؤرخين والرحالة بكثرة ما تنتجه من الفواكه والثمار، حتى لقد قالوا: [إن فيها ما لا يوجد في سائر الأقاليم أصلاً، إذ لا يكاد يوجد دار بغير شجر لكثرة تخرق أرضها بالمياه، فهي تجمع بين ثمار الشام ومصر].

وكان بنو عمار السبب في تعرّف الأوروبيين على قصب السكر لأول مرة في بساتين طرابلس، فنقلوا غروسه إلى جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا]([35]).

ويحدثنا المؤرخ السيد حسن الأمين أيضًا عن صناعة السكر في طرابلس فيقول:

[وظلت طرابلس ومعها دمشق تموّنان أوروبا حتى أواخر العصور الوسطى بالسكر بجميع أشكاله المعروفة آنذاك، وكان التاجر الأوروبي القادم من البندقية أو جنوى يعود إلى بلاده وهو يحمل سلال السكر وأكياسه من طرابلس، وجمع بنو عمار زراعة قصب السكر الذي كان ينمو بغزارة على ضفاف نهر (أبو علي) وفي بساتين طرابلس، وأقاموا المصانع داخل المدينة لعصره وتجفيفه وتصنيعه بشكل رقائق أو ناعم أو بشكل حلوى، وكان من حسن سياستهم أن أثرت المدينة، وكانت على أحسن حال اقتصادي حتى خلال الحصار الصليبي لها برًا وبحرًا، إذ ظلت صامدة تقاتلهم عشر سنين مستعينة بثرواتها الداخلية وحسن إدارة اقتصادها([36]).

التقدم الصناعي في دولة بني عمار

اهتم بنو عمار بالصناعة كاهتمامهم بالعمران، لذا عمدوا إلى إنشاء مصانع للورق، وساعد ذلك في نهضتها الثقافية والعلمية والأدبية، فكثر الوراقون، ونشأت من ذلك صناعة التجليد.

ومن الصناعات التي نهضت في طرابلس أيضًا صناعة الحرير التي امتدت مصانعها على ضفاف النهر، بما فيها من ألوف الأنوال والمغازل ما أدهش الفرنج وأثار إعجابهم.

وكذلك اهتم بنو عمار بالملاحة البحريّة، فأنشأوا الأساطيل التجاريّة التي كانت تجوب البحر، هذا عدا عن أسطولهم الحربي الذي تولى قتال أساطيل الصليبيين طوال عشر سنوات.

وعن طريق البحارة الطرابلسيين عرف الأوروبيون [البوصلة] وكيفيّة استعمالها([37]).

التجارة في دولة بني عمار

عمل بنو عمار على تحريك عجلة الاقتصاد في طرابلس لتصريف إنتاجهم، ولتأمين الأموال، فسارعوا إلى بناء الأساطيل البحرية كما تقدم، وسيّروها إلى أوروبا لكي تنقل إليها البضائع التي تحتاجها من ورق وسكر وحرير، فراجت بضائعهم في أسواقها وأصبحت لا يستغنى عنها.

يقول المؤرخ السيد حسن الأمين: [وقد نمت إمارتهم نموًا عظيمًا حتى أصبحت طرابلس في القرن الحادي عشر أعظم مدينة على طول الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وكانت أساطيلها تنتقل في أنحاء هذا البحر، فهي المنفذ البحري الرئيسي لبلاد الشام، عن طريقه يتم التصدير والاستيراد، وتنقل منتجات الشام والمشرق إلى أوروبا، وإليه تفد من الخارج لتحمل إلى سائر بلاد الشام، وكان بنو عمار -وهم مثقلون بردّ الهجمات الصليبية عليهم من البحر والبر- يسيّرون أسطولهم التجاري إلى ثغور البحر المتوسط، وكان فخر الملك عمار بن عمار يلقب بملك الساحل]([38]).

***

هذا ما أردنا بيانه في هذه الحلقة، وعلى أمل أن نلتقي في الحلقة الثانية إن شاء الله مع بقية أخبار هذه الدولة وما جرى عليها.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(1) يقول المؤرخ المغربي موسى لقبال في كتابه [دور كتامة في قيام الدولة الفاطمية] ص348، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ط1، الجزائر، 1979: [... وأهملهم المؤرخون وغطوا محاسنهم تأثرًا بالسياسة وبالمذهبية ... ومحبة آل البيت وتأييدهم، ودعمُ قضية الشيعة الفاطميين كانت بارزة في مجموعهم، وارتبطت بالعصبية القومية وبالشرف (...) ويبدو أن السبب في اختفاء بقايا كتامة في تونس هو السبب في اختفاء اسمها الأصلي القديم من بيئتها الأولى، أي بحرص رجال المالكية على طمس كل ما يتصل بهذه القبيلة المبتدعة في نظرهم].

(2) فيليب حتّي، تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين، صفحة 225، دار الثقافة-بيروت، 1950.

(3) ينبغي هنا التنبيه إلى نقطتين هامتين:

الأولى: أن الوجود الشيعي في لبنان لم يبدأ في زمن بني عمار، بل هو قديم ويرجع إلى زمن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عندما نفاه عثمان إلى الشام وأبعده معاوية إلى سواحل لبنان للمرابطة، وهناك وجد قلوبًا طاهرة تعشق الحق، وأرضًا صالحة لتقبّل عقيدة أهل البيت (عليهم السلام)، فألقى بذور التشيع في هذه الأرض فتلقفتها قلوب أهلها وعقولهم، وأخلصوا الولاء لها.

الثانية: إن الوجود الشيعي في زمن بني عمار لم يكن منحصرًا بطرابلس فقط، بل كان الشيعة ينتشرون في أكثر المدن كبعلبك وصيدا وصور وغيرها، وهذه مسألة قد بحثها العديد من العلماء والمفكرين كالسيد محسن الأمين وغيره.

(4) اعتبر ابن خلدون أن قبيلة كتامة واحدة من أهم بطون البرانس من قبائل الأمازيغ أو البربر ما يعرفون تاريخيًـا بالمغرب العربي، وهي عند نسابة البربر منحدرة من كتام بن برنس.

أما عند النسابة العرب فيقولون بأنها واحدة من فروع قبيلة حَمْيَر القادمة مـن جنوب شبه الجزيرة العربية، وقد ذكر ذلك المؤرخان العربيان الكلبي والطبري، وأول ملوك هذه القبيلة، حسب هذه الرواية هو أفريقش بن صيفي الذي سميت بلادهم باسمـه، والذي صار يطلق اليـوم على سائر إفريقيا، وهو من ملوك التبابعة باليمن، وهو أول من فتح إفريقيا وقتل ملكها جرجير. راجع مقدمة ابن خلدون ص 128.

(5) الأمازيغ: هم شعب كان يسكن شمال أفريقيا في المنطقة الممتدة من غرب النيل إلى المحيط الأطلسي، وقد عُرف الأمازيغ قديمًا في اللغات الأوروبية بأسماء عديدة منها: "المور" (Moors/Mauri)، وتشبه في مخارجها كلمة (مغربي)، واشتقت منها كلمة "موريطانيا". وأطلق اليونان عليهم المازيس (Mazyes)، أما المؤرخ اليوناني هيرودوتس فأشار إلى الأمازيغ بالكلمة ماكسيس (Maxyes).

وأطلق المصريون القدماء على جيرانهم الأمازيغ اسم "المشوش"، أما الرومان فقد استعملوا ثلاث كلمات لتسمية الشعب الأمازيغي وهي النوميديون، الموريتانيون، والريبو (Ribow).

وكان العرب غالبًا يطلقون عليهم اسم المغاربة وأهل المغرب أو البربر. انظر: (بعض الديانات عند الأمازيغ عبر التاريخ ، محمد بودواهي، ص17).

(6) البربر في العربية كلمة منقولة عن الجذر اللاتيني الإغريقي باربار (Barbar)، وهي كلمة استعملها اللاتينيون لوصف كل الشعوب التي لا تتكلم اللاتينية أو الإغريقية اعتقادًا منهم بتفوق الحضارة اليونانية والرومانية على كل الحضارات، كما كان يسمي الهنود غيرهم "مليج"، ويسمي العربُ غيرَ المتكلمين بالعربية بالعجم، وجدير بالذكر أن لقب البرابر أطلقه الرومان أيضًا على القبائل الجرمانية والإنكليزية المتمردة عليهم أيضًا وليس فقط على القبائل الأمازيغية. انظر: (الطوارق، د. أحمد علو، ص32، بيروت، 2012).

(7) الأغالبة، بنو الأغلب: سلالة عربية حكمت في إفريقية (شرق الجزائر، تونس، غرب ليبيا) مع جنوب ايطاليا وصقلية، وكان مقرها القيروان، ينسبون إلى الأغلب بن سالم بن عقال التميمي الذي كان قائدًا لجيش العباسيين، أسس دولتهم ابنه إبراهيم الذي كان واليًا على إفريقية من طرف هارون الرشيد ثم استقل بالأمر سنة 800م بعد أن حوّل العباسيون اهتماههم إلى ناحية المشرق، عرفت دولة الأغالبة أثناء عهدها الأول عدة ثورات قاد أغلبها دعاة من البربر. استقر أمر الدولة في عهد عبد الله بن إبراهيم (812-817 م)، وفي زمن زيادة الله بن إبراهيم (817-838م) بلغت أوج قوتها. انتهت دولتهم على أيدي الفاطميين سنة 909م. راجع: (تاريخ الحكام والسلالات الحاكمة، د. فراس الطيب، ص109).

(8) الزيريون أو بنو زيري: سلالة أمازيغية من قبيلة صنهاجة الأمازيغية، حكمت في شمال أفريقيا: تونس والجزائر ما بين 971-1152م، وكان مقر حكمها في الناصرية "بجاية حاليًا" منذ عام 971م، ثم القيروان منذ عام 1048م، ثم المهدية منذ عام 1057م، كان بنو زيري وكبيرهم "زيري بن مناد" من أتباع الفاطميين منذ 935م، تولى الأخير سنة 971م الحكم في قلعة آشير (الجزائر)، تمتع ابنه من بعده بلكين بن زيري (971-984م) باستقلالية أكبر عندما حكم بلاد تونس والشمال الجزائري (شرق البلاد ابتداءً من قسنطينة)، وتمكن من أن يمد في دولته غربًا حتى سبتة، دخل الزيريون بعدها في صراع مع أبناء عمومتهم. انظر: (مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر، مريم قاسم طويل، ص22، دار الكتب، بيروت 1994).

(9) الحماديون: فرع من الزيريين حكام أفريقية، أسس دولتهم حماد بن بلكين (1007-1028م)، تولى عمل أشير (في الجزائر) من قبل بني أعمامه الزيريين حكّام تونس، وبنى مقره في القلعة عام 1007م، ثم أعلن الدعوة العباسية سنة 1015م واستقل بالحكم، إلا أنه لم يتم الاعتراف بدولته إلا بعد حروب كثيرة خاضها ابنه القايد (1028-1054م) مع الزيريين. راجع: (دولة بني حماد، د. عبد الحليم عويس، ص167، دار الصحوة، ط2، القاهرة 1991).

(10) الدولة الموحدية: دولة إسلامية بالمغرب، أسسها الموحدون وهم أتباع حركة محمد بن تومرت، أسسوا دولة حكمت في شمال إفريقيا وامتد سلطانهم إلى الأندلس ما بين عام (1130- 1269م)، وقد بلغت هذه الدولة أوجها في عهد أبي يعقوب يوسف (1163-1184م)، ثم أبي يوسف يعقوب المنصور (1184-1199م)، وعمل على النهوض بالمغرب والاندلس علميًا وثقافيًا. انظر: (دولة بني حماد، صفحة رائعة في تاريخ الجزائر، د. عبد الحليم عويس، ص193-194 بتصرف، دار الصحوة، ط2، القاهرة 1991م).

(11) جاء في (الدولة الصنهاجية تاريخ إفريقيا في عهد بني زيري من القرن10 إلى القرن12م)، أدريان ميسونوف، ج1، ص40، نقله إلى العربية حمادي الساحلي، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1992م: [والجدير بالذكر أن صانعي هذا النصر المذهل الذي سرعان ما تتوج بقيام خلافة شيعية مضادة للخلافة السنية هم أولئك الكتاميون من سكان جبال القبائل الصغرى بالمغرب الأوسط فهؤلاء البربر الحضريون الذين اعتنقوا المذهب الشيعي منذ عهد قريب قد انضموا بحماس إلى الفاطميين في ظل رايتهم البيضاء، وأصبحوا يمثلون القوة العسكرية والهياكل الأساسية للدولة الجديدة التي حافظت في الظاهر على أهم عناصر النظام الإداري القائم].

(12) أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين، ج1 ص632، دار التعارف بيروت.

(13) سفرنامه، ناصر خسرو، ترجمة د. يحيى خشاب، ص58، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2، 1993.

(14) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، المستشرق آدم متز، تعريب محمد عبد الهادي أبو ريده، دار الكتاب العربي، ج1، ص121، ط5، بيروت لبنان. وراجع كتاب مذاهب الشرق الأوسط قبل الإسلام وبعده، يسرى الأيوبي، ج3، ص6.

(15) د. عبد السلام تدمري، المغاربة في ساحل الشام تاريخهم السياسي والحضاري في العصر الفاطمي، ص75.

([16]) راجع: تاريخ الجزائر في القديم والحديث، الشيخ مبارك الميلي، ج2، ص216-217، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986م؛ وراجع: تحفة الأحباب وبغية الطلاب في الخطط والمزارات والتراجم والبقاع المباركات، لأبي الحسن نور الدين علي بن أحمد السخاوي، ص70، مؤسسة العلوم والآداب، القاهرة، ط1، 1936م.

([17]) تاريخ دولة آل سلجوق، العماد الأصفهاني"، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، ص67، ط3، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1980م.

([18]) القبائل الأمازيغية، بوزياني دارجي، ج1 ص45 دار الكتاب العربي 1999م.

([19]) تاريخ الجزائر ج1 ص94-95.

([20]) دولة بني حماد، صفحة رائعة في تاريخ الجزائر، د. عبد الحليم عويس، ص27، دار الصحوة، ط2، القاهرة 1991م).

([21]) المواعظ والاعتبار، المقريزي، ج2 ص140، بتصرف.

([22]) موسى بن علاوة لقبال: دور قبيلة كتامة في تاريخ الدولة الفاطمية، ص96، رسالة دكتوراة، جامعة عين شمس 1972م، وقد تناول فيها الباحث دور قبيلة كتامة على مسرح الأحداث في المغرب، وعلاقتها بالحركة الإسماعيلية منذ القرن الثالث الهجري حتى رحيلها إلى مصر.

([23]) ذيل تاريخ دمشق، ابن القلانسي، ص 48ـ بيروت 1908؛ ذيل تجارب الأمم، الروذراوري، ج 3، ص224، مصر 1916.

([24]) المغاربة في ساحل الشام تاريخهم السياسي والحضاري في العصر الفاطمي، د. عمر عبد السلام تدمري، ص63-70 بتصرف.

([25]) مرآة الزمان، ابن الجوزي، مخطوط مصور محفوظ بدار الكتب المصرية، ج12، ق1، رقم551.

([26]) اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، المقريزي، ج3، ص78.

([27]) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، ج1، ص123، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان.

([28]) راجع المغاربة في ساحل الشام: تاريخهم السياسي والحضاري في العصر الفاطمي، د. عمر عبد السلام تدمري، مقال نشر في مجلة التاريخ العربي ص492 وما بعدها إلى ص503.

([29]) الغدير في الكتاب والسنة والأدب، العلامة الشيخ عبد الحسين أحمد الأمينيّ (ت1390هـ)، ج1، ص155، بيروت 1967م.

([30]) تاريخ ابن الفرات، ج8، ص77، بيروت 1939.

([31]) الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، ابن شداد، ص107، دمشق 1962.

([32]) راجع: النجوم الزاهرة، ابن تغري بردي، ج5، ص 116، القاهرة.

([33]) راجع: "تاريخ آل سلجوق للعماد الأصفهاني"، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة، ص67، ط3، بيروت، 1980م.

([34]) الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب، أبو الفضل محمد ابن شحنة، ص63، دار التراث العربي سورية، 1984م.

([35]) صفحات من ماضي الشيعة وحاضرهم في لبنان، الشيخ يوسف عمرو، ص266، نقلاً عن مجلة المنهاج العدد الأول، السنة الأولى، 1416هـ-1996م، بيروت - لبنان.

([36]) الوطن الإسلامي بين السلاجقة والصليبين، السيد حسن الأمين، ص300، مركز الغدير، لبنان 1996م، بتصرف.

([37]) المصدر نفسه، بتصرف.

([38]) المصدر نفسه.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني والعشرون