السنة التاسعة / العدد الثالث والعشرون / حزيران  2013م / رمضان  1434هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الهمزة (الألف)

شريف يحيى الأمين

 

توطئة طريفة

يبدو للناظر والباحث أن الأحرف الفرنسيّة قد اختارت عنوانًا لها، مأخوذًا من الأحرف العربية الثلاثة الأولى (ألف-باء-تاء)، وهو كما يلي [L`ALPHABET, order alphabétique]، وهذا العنوان موجود في كتاب مختص بقواعد اللغة الفرنسية (طبعة 1936) الصفحة الثامنة، صادر عن دار نشر شهيرة هي [Librerie Hachette]، ومما يعزز هذا الظن أن النطق بالأحرف الفرنسيّة، وبخاصة الأولى منها، جامد، ولا يشاكل أو يحاكي النطق بالأحرف العربيّة. فهم يلفظون A بنطق قريب من [آ] بالعربي، وb وc وd مثل بى وسى ودى، بالإمالة نحو الياء، أما بعض الأحرف الأخرى ومنها وM وN وF فإنها تلفظ مثل [إم وإن وإف]، بإمالة الهمزة قليلاً نحو الياء، ومما يدعم هذا الزعم أنّي بينما كنت أستمع منذ مدة لإحدى الإذاعات العالميّة أظنها الـ[بي بي سي] عن حوار لبعض المفكرين يتناول [الكوميديا الإلهيّة] للإيطالي [دانتي]، نفى أحد الإيطاليين أن يكون دانتي قد أخذ قواعد اللغة الإيطاليّة عن العربيّة، ونفهم من هذا القول أنه مساهم أو واضع هذه القواعد، وأن صلةً ما له بالعربية؟؟!

أما تأثير الأندلس، وبخاصة جامعة قرطبة، على الفكر الغربي وأهله، فيكفي أن نذكر أن أحد خريجيها اعتلى منصب البابويّة في روما تحت اسم [سلفستر الثاني] (عاش في النصف الثاني من القرن العاشر الميلادي).

تمهيد أوّلي

مقدار الهمزة بحساب الجمَّل واحد. ولها أهمية خاصة، فبها تبدأ الأحرف الهجائية، ويعبّر عنها بالألف المهموزة، كالحرف الصحيح، وهي أيضًا من حروف العلّة (ألف واو وياء)، ومن حروف الزيادة، ومن الحروف القمريّة أيضًا، غير أن لها حالات من التليين والحذف والإبدال، وقد يُتجَوَّز فيها فيقال "ألف".

فالألف كما هو واضح من حروف المدّ واللّين، فالليّنة تُسمّى "ألفا"، والمتحركة تسمى "الهمزة"، فإذا مَدَدْتَ نوَّنْتَ، مثل: وعاءٌ، ويُقصر فلا يُنوّن مثل: وفا.

والألف يُنادى بها القريب دون البعيد، نحو: [أَزَيْدُ أَقْبِلْ]، بألف مقصورة([1])،  أي: [يَا زَيْدُ أَقْبِلْ].

وهي في أول الكلام، وتعامل معاملة "أل التعريف" أو "ألف الأمر"، ولا تستعمل إلا كما وردت، مثاله: "الأب، الأبان" مثنّى على الأصل والقصر.

المقصور مثل: الوفا والصفا، الممدود: الوفاء، الصفاء، الخضراء والنساء.

وقد تكون الألف ضمير الاثنين في الأفعال نحو: فَعَلا ويَفْعَلانِ، وللتثنية في الأسماء نحو: زيدان ورجلان.

إذا سكّنت الهمزة بعد غير الهمزة يكثُر قلبها حرفَ مدٍّ نحو [راس، وشوم، وتونس، وذيب، وبير]، وجاز إبقاؤها على أصلها، فيقال: [رأس، وشؤم، وذئب، وبئر]، أما إذا تحركت الهمزة في الطرف بعد واو أو ياء ساكنتين فالمختار قلبُها واوًا بعد الواو وياءً بعد الياء وإدغامها في ما قبلها نحو [الضَّو والنّبي والرزيّة] فأصلها [الضوء والنبيء والرزيئة]، بخلاف سوء وشيء فالمختار إثباتها.

وإذا سكَنت الهمزة بعد همزة متحركة، وجب قلبها حرف مد لتسهيل اللفظ، فتنقلب ألفًا بعد المفتوحة مثل [آتى]، وواوًا بعد المضمومة نحو [أوتِيَ]، وياء بعد المكسور مثل [إيتاء] وهذا من التليين. والألف اللينة لا حرف لها وإنما هي جزء من مدّة بعد فتحة.

قد تكون الألف منقلبةً عن الواو نحو: غزا من الغزو، وعن الياء مثل رمى من الرمي. وقد لا تكون كذلك مثل [إلى وحتى وإذا ومتى ولا ويا]. وقد تكتب ولا تلفظ بعد واو الجماعة مثل: [ساروا وذهبوا]. وألف لا تكتب ولكن تلفظ (الله -الرحمن - لكن - هذا وهذه).

والألف للتصغير: (اللَّذَيَّا واللَّتيّا) تصغير الذي والتي.

- الأجوف من الأفعال والألف اللينة مثل: (خاف وباعَ وسارَ)، أي من كانت عينه حرف علة، وهذه الألف لا تقبل الحركة، وفيها يقول الشاعر: [فكأنّني أَلِفٌ لا يمكنُ تحريكُهُ].

- تولّد الألف اللينة، مثاله لابن هَرْمَة: [ومِنْ ذمَِ الرِّجَالِ بِمُنْتَزاحِ]. تولّدت الألف اللينة حين أشبع فتحة الزاي.

- حذف ألف ما الاستفهامية المسبوقة بحرف جرّ، مثل: عمَّ وفيمَ وعَلامَ وبمَ ولمَ.

- الاكتفاء بهمزة النداء عن همزة الاستفهام: يورد النحويون شاهدًا على الاكتفاء بهمزة النداء عن همزة الاستفهام قول ثعلبة بن عمرو: [أَأَسْماءُ لَمْ تسألي عن أبيكِ].

- تخفيف الهمزة: تقول العرب: رَأَى يَرَى، والقياس يَرْأى كَيَنْعى، لكن العرب أجمعت على حذف الهمزة من مُضارعه فقالوا: يرى - يَرَيَان - يَرَوْن - ويَرَيْن. سال: سَأَلَ، مثاله لتأبّط شرًّا: [فمن سال أين ثوت جارتي]، الفار: الفأر، لعلقمة: [تري الفارَ] ومثلها الفارة: الفأرة. للعجلان: [يُبَارِكْنَ مِرآةً جَليّةً وفَارةً].

[تَمالَا على النُّعمان قَوْمٌ] للأعشى، أصلها: تمالأَ على النعمان، وله أيضًا: [هَؤُلَى ثم هَؤُلَى] أي هؤلاء. إِزايَ لأُحَيْحةِ الَجلاّح: [ولكنّي جَعَلْتُ إِزايَ مالي]، فخفّف إزائي أي أمامي.

- ألف التأنيث المقصورة: تختص بالأسماء، وهي ألف مُفْردة لازمة قبلها فتحة نحو [لَيْلَى وسَلْمَى] وعلى وزن فُعَلى (بضم ففتح) مثل: أُرَبَى للداهية، ورُحَبى وجُنَفَى وشُعَبى، لأمكنة بعينها.

وعلى وزن فُعْلى (بضم فسكون) فتكون اسمًا مثل [بُهْمَى] لنبت أو صفة مثل [حُبْلى وفُضْلى] أو مصدرًا مثل: [رُجْعى وبُشْرى]. وفَعَلَى (بفتحات) فتكون اسمًا مثل [بَرَدَى] (نهر بردى).

أما ألف التأنيث الممدودة على وزن فَعْلاء (بفتح فسكون) فتكون اسمًا مثل صحراء وبيداء، أو مصدرًا مثل رَغْبَاء، أو صفة مثل حَسْناء وديمة هَطْلاء، ومنها على وزن فَاعُولاء مثل تاسُوعاء وعاشُوراء.

- رسم الألف مثل الياء: إذا تجاوزت الأربعة ترسم الألف مثل الياء: [مصطفى ومرتضى ومجتبى ومقتضى]، أو كان أصلها ياء نحو [الهُدَى والنُّهى والفَتَى والدُّجى]، وألفًا في غيرها مثل: [القفا والعصا والخنا والشذا].

- انقلاب الياء ألفًا: قال تعالى: {يَا حَسْرَتَى}([2])؛ وقوله تعالى {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}([3])، وقولهم: يا غُلامَا. قلبت الكسرة التي قبل الياء المفتوحة فتحةً، فانقلبت الياء ألفًا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فالأصل: يا حسرتي ويا أسفي ويا غلامي. وقال الشاعر: [يا أبَتَا أَرَّقَني القُذانُ] أي يا أبتي، ومثلها للأعشى: [يا أَبَتَا لا تزالُ عِنْدَنا].

قلبُ الهمزة واوًا وألفًا وياءً: أُوْمِن أصله أُؤْمِن، بهمزة مضمومة هي همزة المضارعة ضُمِّنَت للبناء للمجهول، وهمزة بعدها ساكنة هي فاء الكلمة، فقلبت الهمزة الثانية واوًا، لأن كل همزتين اجتمعتا في أول كلمة وثانيتهما ساكنة، تقلب الثانية حرف مدّ من جنس حركة الأولى، أما إذا اجتمعت همزتان في أول كلمة وثانيتهما ساكنة تقلب الثانية حرف مدٍّ من جنس حركة الأولى، فإذا كانت الأولى مفتوحة قلبت الثانية ألفا نحو: آدم وآثر وآمن. أما إذا كانت الأولى مكسورة قلبت الثانية ياءً، نحو: إيمان وإيثار وإيذاء.

حالات الهمزة

الألف المجتلبة:

هي همزة بعد ألف ساكنة مثل همزة طائف وزائف ورائق، وفي الجمع مثل كتائب وسرائر وجزائر وحرائر، وقد تكون الهمزة مبدلة من الياء والواو مثل همزة السماء والبكاء والعلاء والدعاء، ومنها التي تزاد لئلا يجتمع ساكنان نحو اطمأنّ واشرأبّ واشمأزّ، أصلها الثلاثي (طمن وشرب وشمز).

والهمزة الأصلية في آخر الكلمة مثل الخفاء والبواء والداء والياء.

أما إذا تطرّفت الهمزة وكان ما قبلها ساكنًا فتعتبر أصلية ظاهرة، وكتبت بصورة علامة الفصل، مثل: الجُزْء، والبَدْء، والبُطْء والعِبْء.

الإعلال والإدغام:

إذا اجتمع في كلمة ما يقتضي الإعلال والإدغام يقدّم الإدغام، كما في أَيِمَّة أصله أَأْمِمَة، فتنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الساكنة وتدغم الميم ثم تقلب الهمزة ياء.

حذف الهمزة من أنا وإدغامها بالنون في قوله تعالى {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي}([4]) أصله: لكن أنا، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على نون "لكن"، فتلاقت النونان فكان الإدغام.

- قلب بعض الأحرف ألفًا مقصورة: كما في قولهم: تقضّى وتظنّى وتصدّى، أصلها تقضَّضَ وتظنَّنَ (إعمال الظن) وتصدَّدَ من الصدَّد.

- تبادل الألف والهاء: بيَّنَ الجوهري أن الألف من مخرج الهاء ولذلك تبادلا نحو هَيَّا من حروف الندا أصلها أيَّا، أراق، وهَراق كما قال: [وهَرَاقَ الماء واتبع السَّرايا] ماه وماء، إيَّاك هِياكَ، وقولهم: لَهِنَّك (بفتح اللام وكسر الهاء) فأبدلت الهمزة هاء: لَأِنَّك وإنما جاز أن يجمع بين اللام وإنَّ وكلاهما للتوكيد لأنه لما أَبْدَلْتَ الهمزة هاءً زال لفظ إنَّ فصار كأنها آخر، كما قال الشاعر: [لَهِنَّك من عَبَسيِّة لَوَسِيمَةٌ].

قال الخليل: أصل هَاتِ من آتى يُؤْتى فقلبت الألف هاءً، وللاثنين: هاتِيا مثل آتِيا، وآجر لغة من هَاجَر، وآل: أهل، العمى والعمَه -مَهْما أصلها ماما- هَيْهات: أَيْهات، أَجيج: هَجيج.

- قلب الضمة همزة: الثوب يجمع في القلّة على أَثْوُب، وبعض العرب يقول: أَثْؤُب، لأن الضمة على الواو تستثقل والهمزة على احتمالها أقوى قال الراجز: [لَبِسْتُ لِكُلِّ دَهْرٍ أَثْؤُبا]، وكذلك دار أَدْؤُر.

حالات تبدّل الهمزة بغيرها

إبدال العين بالهمزة، مثاله للمازني: [يَدَأُ العَدُوَّ زَئيرُهُ للزائِر] يَدَأ: يَدَع، أبدل العين بالهمزة.

قلب الهمزة عينًا: عُنْفُوَان على فُعْلُوان، أصله أُنْفُوان. وهذا كقولهم: أَعَنْ تَرَسَّمْتَ، في موضع أَأَنْ ترسّمْتَ، ولامرئ القيس: [لَأَنَّنَا نبكي الديار] لغة في لَعَلّنا. الأُرْبون: العُرْبون.

قلب الواو ألفًا، مثل: لم يَدَعِ الثلجُ لها وَجَاجَا فقالوا: أَجَاج وإِجاج. كلُّ مال أَدَّيتَ زَكاتَهُ فقد ذَهَبَتْ أَبَلَتُهُ، وأصله وَبَلَتُهُ من الوَبال، فَأَبْدل بالواو. والأَحَد أصله وَحَد، وحادي عشر مقلوب من واحد، لأن تقدير واحد فاعل فأخّر الفاء وهو الواو، فقلبت ياءً لانكسار ما قبلها، وقدّم العين فصار وزنه "عالف".

قلب الهمزة ألفًا مثل مِنْسَأَة: مِنسَاة، وعَبَاءَة: عَبَايَة.

- الشاة في معنى الجمع لأن الألف واللام للجنس، فإذا كثرت قُلْتَ: هذه شاء كثيرة، كما يقال: فلان كثير الشاة، وقال تعالى: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}([5])، رعاء جمع راعٍ مقصور وممدود، وقال الشاعر: [أَمَرْتُ بها الرّعاءَ لِيُكْرِموها]، وكتاب الشاء للأصمعي. والنَّجاء والنَّجاة، ولآخر: نجوت من كذا نَجاءً، ممدود، ونَجاةً مقصور. ونشيد الرِّعاء لشاعر:

[فَصُرنا بَعْدَ هُلْكِ أبي قُبَيْس     كمثل الشَّاءِ في اليوم المطيرِ]

ألف الإطلاق

تكون في آخر الكلمة ولا محل لها من الإعراب، وقد تلحق الفعل والاسم المعرّف: [يا ناق سيري.. إلى سليمان فنَسْتَرِيحَا]، هنا الألف للإطلاق ولا محل لها من الإعراب، وتأتي بدل نون التوكيد الخفيفة كقوله تعالى {لَنَسْفَعًا}([6])، وكقوله تعالى {وَلَيَكُونًا}([7])، وقف الجميع عليها بالألف. وقال الشاعر: [ولا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فَاْعبُدَا] قوله: اعْبُدا، فإن أصله: اعْبُدَنْ بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا لأجل الوقف، وقوله: [فما راءٍ كَمَنْ سَمِعَا] هنا الألف للإطلاق بسبب الوقف وليس بدلاً من نون التوكيد الخفيفة، ومثلها: [إِنْ يَظْعِنُوا فَعَجيبٌ عَيْشُ مَنْ قَطَنَا].

أما في الاسم كقول امرئ القيس:[ القَاتِلين المَلِكَ الحُلاحِلاَ] هنا الألف للإطلاق ولا محل لها من الإعراب، ومثلها ألف الإلحاق أو الوقف مثاله: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}([8])، وللشاعر: [أقلّي اللوم عاذل والعتابا].

همزة الوصل

لا تقع همزة الوصل في أوائل الكلم، بخلاف همزة الفصل.

أولاً: ألف التعريف [أل]، ونستهلها باسم الجلالة عزّ وعلا [الله]، فهي همزة وصل في كل لفظة ترد بها إلا أن تكون في أول الكلام [ألله ولي الأمر والتدبير]، أو عند الدعاء بالياء [يا ألله]، وفيما عدا هذا فهي همزة وصل كما وردت في القرآن الكريم من البسملة إلى النهاية.

وأما إذا بدأنا الكلام بأل التعريف فتكون عندها همزة فصل كقولنا: [ألسلام عليكم] وتصبح همزة وصل بالجواب [وعليكم السلام].

- همزة فعل الأمر من ماضي الثلاثي الصحيح اللازم للمخاطب في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث: اذهب - اذهبا - اذهبوا...

إذا كانت فاء الفعل ألفًا مثل: أخذ وأكل فيقال في الأمر: خُذْ وكُلْ، وأصله: أُؤْخُذْ وأُؤْكُل، إلا أنهم استثقلوا الهمزتين فحذفوهما تخفيفًا.

أما فعل الأمر من أَمَرَ فيقول الجوهري بأن ألفه تحذف فيقال: [مُرْ] ولكن جاء في القرآن مع بقاء الألف، والظاهر أن الحالتين جائزتان.

أما فعل سأل، فقد حذفت الهمزة فقيل [سَلْ]، ومن الواضح أن فعل غَنِيَ هو فعل لازم فيقال في المضارع يَغْنَى، وفي الأمر [اغْنَ]، أما إذا صار متعديًا فيجب أن تسبقه ألف الفصل فيقال: أَغْنَى [أَغْنَاهُ الله] فيكون حينئذ رباعيًا.

أما فعل رَجَعَ فكان لازمًا ومتعديًا، وهذا ظاهر في كل آيات القرآن الكريم، وتعليل ذلك أن التعدي جاء بصيغة [رَجَعَهُ] لا [أَرْجَعَهُ]، إلا في لغة هُذَيْل.

وكذلك فعل أتى فقد ورد بمعنى جاء {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}([9])، وبمعنى التعدي {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}([10]).

تتصدر همزة الوصل الفعلين الخماسي والسداسي في الماضي والأمر وما يلحقها، ففي الخماسي مثلاً [انْطَلَقَ] للماضي، وفي الأمر [انْطَلِقْ]، والسداسي للماضي [اسْتَخْرَجَ] وفي الأمر [اسْتَخْرِجَ]، والمصدر للخماسي والسداسي [الانطلاق والاستخراج] والكثير مما يتفرع منها، وما يشابهها، ومنها الاستقلال والاستفهام والازدحام، ومنها الطريف: [اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ]، فهي تستوعب كل الأفعال.

ألف التسوية

مثاله الآية 6 من سورة البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}، والآية رقم 6 من سورة المنافقون {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ}.

وكذلك كما ورد في قصة التردد: [آخُذُهَا، لا آخُذُها] أي: [أأخذها، لا أأخذها].

وهمزة الاستفهام تفيد المعادلة والتعيين لأحد الشيئين المسؤول عنهما كما تفيد "أم".

وفي النهاية: يُشار إلى همزة الوصل السَّماعية في بضعة أسماء، في الإفراد والتثنية، ما عدا ما جاز جمعه: وهو اسم - ابن - است (بمعنى الأساس)- است (بمعنى المؤخرة) من فعل سته - ابنة - امرؤ - امرأة - ابنمٌ - ايمُ - ايمُن - اثنان واثنتان. أما ما صح جمعه: أسماء وأبناء وأسْتَاهٌ.

همزة الوصل هي التي تلفظ في أول الكلام وتسقط أثناءه، مثل: [إجلس يا رجل، ويا رجل اجلس].

- تحذف همزة الوصل من أل التعريف بعد اللام الداخلة على الاسم نحو [للرجل].

- تحذف همزة الوصل المكسورة أو المضمومة إذا وقعت بعد همزة استفهام، نحو: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}([11])،{أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ}([12])، ومثله [وأَضْطُرَّ]. وتحذف أيضًا من ابن [أَبْنُكَ هذا].

- حذف النون وهمزة الوصل كقول تأبّط شرًا: [... وَلَمّا... يَنْجُ مِلَحَيَّيْنِ إِلا الأَقَلُّ] يريد من الحيّين.

وحذف أل التعريف والألف اللينة من [على] كقول حسان:

[علْخَيْرِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ لا شِبْهُهُ * * بَشَرٌ يُعَدُّ من البَرِيَّةِ جُلُّهَا]

يريد على الخير.

همزة الفصل

همزة الفصل أصلية، وتقع في أوائل الكلم، في الاسم مثل: أسد وإصبع وأرنب، وفي الفعل مثل أكل وأخذ، وأواسطه مثل دأب وسأل، وأواخره مثل: قرأ وبدأ ودرأ.

تفتح همزة الفصل الزائدة على الفعل الثلاثي في أوله، قياسًا في ماضيه وأمره، مثل أَنْزَلَ وأَنْزِلْ، وأَكْرَمَ وأَكْرِمْ به.

وتبقى همزة فصل مع ما يتفرع عنها، نحو: إحسان وإكرام وإنزال.

وحيثما وردت الهمزة تلفظ فإنها تعتبر همزة فصل مهما كان أصلها، مثل عين فيقال أعين وأعيان، ومثل عنق وأعناق.

ومن الضروري الإشارة إلى كثير من الأسماء الأعجمية التي تبدأ بألف الفصل ومنها إستبرق وإسحاق وإبراهيم وإسماعيل وإسرائيل وإفريقيا والأندلس وكثير غيرها.

ــــــــــــــــــــــ

الهوامش
 

([1]) قال في تاج العروس : "ويقالُ في النِّداءِ للقَريبِ : آزَيْدُ أَي أَزَيْدُ . والذي في الصِّحاحِ : والألِفُ يُنادَى بها القَرِيبُ دُونَ البَعيدِ تقولُ : أَزَيْدُ أَقْبِل بأَلِفٍ مَقصورَة" انتهى. (التحرير).

([2]) الزمر: من الآية56.

([3]) يوسف: من الآية84.

([4]) الكهف: من الآية38.

([5]) القصص: من الآية23.

([6]) العلق: من الآية15.

([7]) يوسف: من الآية32.

([8]) الأحزاب من الآية 10.

([9]) النحل: 1.

([10]) طـه: 9.

([11]) صّ: من الآية63.

([12]) المنافقون: من الآية6.

 

 

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثالث والعشرون