السنة التاسعة / العدد الرابع والعشرون / كانون أول  2013م / صفر  1435هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الافتتاحية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

حين ينظر المرء إلى عملية الكتابة والنشر على أنها رسالة مقدسة، غرضها خدمة الوجود الإنساني، وتعميق إنسانية الإنسان، فيكرّس لأجلها حياته، وينفق في سبيلها رصيد أيامه.

ثم يلقي نظرة على ما يجري حوله فيجد أن الإنسانية قد بلغت أقصى درجات التردّي والانحطاط، سواء على مستوى العلاقات الاجتماعية والقيم الخلقية، أو على مستوى طبيعة السلوك البشري وماهية الفعل.

والأمثلة على ذلك مشهودة وكثيرة، تُرى بأم العين، وتتناقلها وسائل الإعلام. حتى لم يعد يخفى على أحد حقيقة الظلم الدولي، والنفاق السياسي، والتسلط والطغيان... كما لا يخفى عليه أيضاً صور جرائم قتل الأبرياء بما في ذلك الأطفال والشيوخ والنساء، ولا صور أكل الإنسان لحم أخيه الإنسان -بالمعنى الحقيقي لا المجازي- ، وكذلك صور نبش القبور، واسترقاق بني الإنسان، حتى المنتسبين منهم إلى العرق نفسه أو الدين ذاته.

وكل ذلك يجري بمرأى ومسمع من مختلف الدول والمنظمات الدولية، وسائر البشر. وبموافقة ودعم مسبقين، أو برضى، وصمت مطبق.

فحينذاك يضطر المرء إلى إعادة النظر في فائدة الرسالة التي نذر لها نفسه، متسائلاً عن جدوى الكتابة والنشر، حتى يكاد يهمّ بالتخلّي والاستسلام، لولا أنه قد رأى برهان ربه، واستلهم تعاليم كتابه المنزل، ومن أَجَلّ تلك التعاليم –وكل تعاليمه جليلة- قوله تعالى : {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.

فيتجدد حينئذ عنده الأمل، ويدرك أن جهده لن يذهب سدى، بل سيبقى معذرة إلى الله، فيما لو لم يتسنّ له أن يؤتي ما يرتجى منه من الأُكُل.

فيسِّرْ اللهم لجهودنا أن تكون ذات نفع لعبادك، وإلا فتقبلها منا معذرة إليك.

أعلى الصفحة     محتويات العدد الرابع والعشرون