السنة العاشرة/ العدد السادس والعشرون /  كانون أول 2014م / ربيع أول 1436هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

 المدارس في جبل عامل

بين 1370-1914م

د. علي إبراهيم درويش

 

مقدمة:

الترابط قديم والعلاقة جدلية/ترابطية بين المدرسة والعلم. فالحديث عن المدرسة يقود إلى العلم، والحديث عن المدارس يؤدي إلى تتبّع الحراك العلمي الذي تنتقل من خلاله الأفكار والعلوم والأنماط الفكرية المتنوعة. وبالتالي الحديث عن الحياة العلمية.

لذا، نتناول في هذا البحث الحياة العلمية في جبل عامل عامة وبشكل خاص المدارس التي عمرت بها تلك البلاد منذ نهاية القرن الرابع عشر الميلادي وحتى مطلع القرن العشرين وتحديدًا بين الأعوام 1370-1914 م. واستكمالاً للفائدة نتعرض لعملية التدريس التي كانت قائمة في تلك المدارس.

تعرضت بلاد المسلمين عامة والدولة العباسية خاصة لهجمات المغول وأدى ذلك إلى إنهاء الخلافة العباسية في بغداد عام 1258م، وانتقالها (الخلافة) إلى كنف دولة المماليك الناشئة في القاهرة. وتزامن ذلك مع العقود الأخيرة من الصراع العسكري بين الفرنجة (أو ما تم التعارف عليه عند الأوروبيين باسم الحروب الصليبية) وشعوب وحكام البلاد التي تعرضت لهذا الغزو طوال الفترة الممتدة بين الأعوام 1095-1291م. ومع هذه التغيرات وضمن هذا السياق شهدت البلاد عامة موجة من التراجع والانحطاط في العديد من المجالات، وكانت العلوم والآداب والمجالات الفكرية واحدة من مظاهر هذا الانحطاط.

مع دخول العثمانيين إلى بلاد الشام، استمر الركود العلمي في بلاد الشام. ويذكر محمد كرد علي، أنه زاد انحطاط العلم في القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي. ولم تكن [أيام الترك ميمونة على المعارف في هذه الديار "بلاد الشام" مثل القرنين السالفين الثامن والتاسع الهجريين/الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين] ([1]).

واستمرت الحالة العامة كذلك، طيلة القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي، ودخل القرن الثاني عشر الهجري، الثامن عشر الميلادي، أيضًا حيث لا تجديد ولا جديد. إلا مناقشة قضايا وكتابات قديمة، لاكتها الألسن لا إبداع فيها ولا اختراع([2]).

تمايز عن الحالة العامة هذه بعض المناطق، ومنها بلاد عاملة، التي زخرت بالمدارس، التي خرّجت العديد من العلماء. فبينما كان الانحطاط والانحلال السياسي والاجتماعي يخيّمان على أرجاء العالم الإسلامي آنذاك، وبعد انحسار العلم والنشاط الفكري عن الكثير من العواصم الإسلامية، نتيجة الأحداث الدامية والغزوات المتتالية التي تعرضت لها بلاد المسلمين وبينما [كان الركود الفكري جاثماً على صدر العالم الإسلامي في ذلك العصر. كانت هناك واحات لا تزال مخضوضرة بالمعرفة والثقافة، يخصب فيها الفكر، ويعطي إنتاجاً رائعاً. وقد تبعثرت تلك الواحات هنا وهناك: وكان لإيران وجبل عامل النصيب الأكبر منها، وقد انطلقت منهما طاقات الإنسان في يقظة علمية رائعة في مختلف ميادين الثقافة، مما جعلتها غنيّة إلى حد بعيد برجالات كبار كانوا قُوّاد القافلة العلمية المنطلقة، وظهر في هذا الدور عدد وفير من العلماء النابغين من الشيعة الإمامية في جميع المعارف والفنون، ازدهر العلم وأعشب بهم الفكر، وأفادوا أجيالهم بما أعطوه من مدد علمي وفكري] ([3]).

هذا النشاط العلمي أدهش بعض المطلعين على تراث العامليين، الذي استغرب استمرار التحصيل العلمي العالي في مناطق ريفية فقيرة، محرومة من دعم السلطة الحاكمة، وبعيدة عن المدن الكبرى. ويفتش عن الأسباب، فيرد ذلك إلى قوة الإيمان التي تميز بها شيعة الإمام علي ×، بالإضافة إلى وجود المدن المقدسة في العراق التي أعطت دعمًا خارجيًا للعلم والمتعلمين([4]).

هذا الوضع الذي تميّز به العامليّون كانت له أسباب متعددة. وإذا تتبعنا النشاط العلمي والثقافي في جبل عامل نلاحظ أن هذا النشاط قد بدأ منذ وقت مبكر [لكن ذروة هذا النشاط ابتدأ في جزين بمدرسة الشهيد الأول، الشيخ محمد بن مكي العاملي المتوفى سنة 786 هـ/1384م. واستمر متمثلاً بعدد جمٍّ من العلماء المحققين والمؤلفين حتى مطلع القرن العشرين] ([5]).

وإذا حاولنا تتبع الأسباب التي ساعدت على قيام نهضة فكرية في جبل عامل، يمكن أن نجد بعض العوامل التي ساعدت على استمرار العلم وتقدمه وتطوره في ربوع عاملة، وأهمها: وجود عدد من المدارس في بلاد العامليين، واستقدام الصفويين للعديد من علماء عاملة، وكذلك الاضطهاد السياسي الذي لاقاه العامليون، إضافة إلى وجود مكتبات متعددة، ووجود علماء أفذاذ في تلك الفترة مثل الشهيد الثاني، وولده الشيخ حسن صاحب المعالم، والمحقق الكركي، والشيخ البهائي والحر العاملي([6]).

 هذه النهضة التي شهدتها بلاد عاملة كان للمدارس الدور الأبرز والأول فيها، حيث انتشرت المدارس في ربوع جبل عامل لتشمل مختلف الحواضر العامليّة داخلاً، وجبلاً وساحلاً، شمالاً (جزين و..) وجنوبًا (ميس الجبل و..) شرقًا (مشغرة و..) وغربًا ( حناويه و...).

الحياة العلمية في جبل عامل

قسّم الباحثون العامليون الحياة العلمية أو (الحالة العلمية) في جبل عامل إلى ثلاثة أدوار:

من أول زمنهم -أي منذ إنشاء مدرسة جزين في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي- إلى القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.

ومنه -أي من القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي- إلى آخر القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي.

ومنه -أي من آخر القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي- إلى الحرب العالمية الأولى.

وعليه نرى التصنيف التالي الذي تقاطع عليه، وأخذ به كل من الشيخ علي السبيتي في كتابه (جبل عامل في قرنين) ([7])، والمؤرخ العـاملي محمد جابر آل صفا في كتابه (تاريخ جبل عامل) ([8]). وتابعهما في ذلك العلامة الشيخ إبراهيم سليمان في كتابه (بلدان جبل عامل) ([9])، ويشمل التالي:

الدور الأول:

من بداية هذه النهضة في أواسط القرن الثامن الهجري إلى القرن الحادي عشر الهجري/الرابع عشر حتى السابع عشر الميلادي (755-1100 هـ/1354ـ1688،9م).

أي منذ عودة الشيخ محمد بن مكي الجزيني (734-786 هـ/1334-1384م) عام 755هـ/1354م إلى الربع الأخير من القرن السابع عشر الميلادي. برز في هذا الدور العلماء مثل الشيخ محمد بن مكي والمعروف بلقب الشهيد الأول، وكذلك الشيخ زين الدين بن علي الجبعي المعروف بالشهيد الثاني، والمحقق الكركي (علي بن عبد العالي الكركي) والشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، والشيخ محمد بن الحسين بن عبد الصمد البهائي العاملي، والشيخ علي بن يونس النباطي صاحب كتاب (الصراط المستقيم).

وبرزت النساء أيضًا ومنهن أم الحسن فاطمة بنت الشهيد الأول.

الدور الثاني:

امتد لمدة قرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين/الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين (1101-1300 هـ/1689-1882،3م).

كانت بدايته حروبًا امتدت من القرن الحادي عشر الهجري واستمرت في القرن الثاني عشر الهجري، حيث فقد العامليون القائد ناصيف النصار في 5 شوال عام 1195 هـ/1780م. تركت هذه الحروب بصماتها على الحالة العلمية حيث قلّ عدد العلماء ولكن لم تخلُ البلاد منهم. حيث برز العديد من العلماء في هذه الفترة ومنهم السيد حسين نور الدين والسيد حيدر نور الدين في النبطية والشيخ محمد مهدي الفتوني والشيخ إبراهيم يحيى الذي هجر جبل عامل إلى دمشق هربًا من بطش الجزار. والشيخ علي خاتون الذي برز في مجالات الطب والرياضيات والفقه. وابتلي بظلم الجزار الذي سجنه مرتين ولم يقبل الفدية منه وصادر ماله وأملاكه وأحرق مكتبته التي كانت تحوي خمسة آلاف مجلد من الكتب الخطية النادرة وذلك في عكا. وبرز كذلك السيد أبو الحسن بن حيدر الأمين صاحب مدرسة شقراء، وغيرهم من العلماء والشعراء.

وبعد موت أحمد باشا الجزار والي عكا، أخذت الحركة العلمية بالتطور قياسًا لما شهدته في زمنه، ففتحت مدرسة الكوثرية بإدارة الشيخ حسن قبيسي، وتخرج منها حمد بن محمود بن نصار المعروف بـ (حمد البك) ابن أخي ناصيف النصار. وكان شاعرًا وأصبح مجلسه منتدى الأدباء، والتفّ حوله العديد من أهل العلم والأدب، ومنهم الشيخ علي بن محمد السبيتي صاحب كتاب (اليواقيت) و(العقد المنضد في شرح قصيدة علي بك الأسعد). ومنهم الشاعر علي بن ناصر زيدان والشيخ حبيب الكاظمي والشيخ إبراهيم صادق حفيد الشيخ إبراهيم يحيى.

عاد فتح المدارس في ربوع عاملة للانتشار مجددًا، فمع مدرسة الكوثرية التي تخرج منها السيد علي إبراهيم والشيخ عبد الله نعمة، تم افتتاح مدرسة جباع مع الشيخ نعمة نفسه. وبعد جباع ظهرت مدرسة حناويه بإدارة الشيخ محمد علي عز الدين.

ازداد في هذه الفترة التناغم بين أمراء آل علي الصغير ومنهم علي بيك والأدباء والشعراء والعلماء. ومنهم الشيخ محمد حسين مروة.

وفي هذا الدور كان للمرأة شأن، فتُذكَر أديبة اسمها منى في بنت جبيل، والأديبة زينب فواز في تبنين والتي هاجرت إلى مصر ونبغت فيها.

الدور الثالث: (1301ـ 1335هـ/1883ـ 1916م)

بدأ هذا الدور وبروز مدرسة بنت جبيل ورئيسها الشيخ موسى شرارة التي خـرّجت العديد من العلماء منهم الشيخ حسين مغنية، والسيد محسن الأمين، والشيخ عبد الحسين صادق، والسيد نجيب فضل الله، والسيد يوسف شرف الدين، والسيد حيدر مرتضى والشيخ موسى مغنية، والشيخ عبد الكريم الزين، والشيخ محمد دبوق. ومدرسة أنصار، ومدرسة النميرية، ونشأت مدارس في مجدل سلم وفي شقراء وجويا وكفرا وعيناثا، ومدرسة النبطية الصغرى التي تعرف بالمدرسة النورية نسبة لمؤسسيها من آل نور الدين، ومدرسة الحميدية التي أسسها السيد حسن يوسف الحسيني سنة 1309 هـ/1891م التي خرج منها العديد من العلماء والفضلاء ومنهم الشيخ أحمد رضا. والشيخ سليمان ظاهر، ومحمد جابر آل صفا، والشيخ أحمد عارف الزين، والشاعر محمد علي الحوماني، والأديب حسين مروة وغيرهم.

هذه الأدوار تميّزت عند مصنفيها بالمدارس، حيث شكلت البداية لتصنيف كل مرحلة، لما للمدارس من أهمية، في نشر العلم وتخريج العلماء.

المدارس:

كثرت المدارس في ربوع جبل عامل، وخرّجت العديد من العلماء والمحققين والمؤلفين منهم الشهيد الثاني زين الدين الجبعي، والمحقق الميسي، وبهاء الدين العاملي، والحر العاملي وغيرهم.

كان العامليون يقصدون العديد من المدارس خارج جبل عامل لتكميل تحصيلهم العلمي والتعمق في الدراسات الإسلامية. وكانت النجف والحلة من المراكز التي يقصدها العامليون. ويعتبر إسماعيل بن الحسين العودي الجزيني العاملي (580هـ/1190م) رائد الرحلة العلمية إلى العراق، فقد زار الحلة وأخذ عن حلقات العلماء، ثم رجع إلى بلده جزين. وكذلك قصدها (الحلة) الشيخ طومان المناري في أواسط القرن السابع الهجري، وأجازه علماؤها([10]).

وممن قصد الحلة أيضًا، الشيخ صالح بن مشرف جد الشهيد الثاني، وتتلمذ على العلاّمة الحلي. وكذلك جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي، وابن الحسام العاملي عز الدين، الذي أجازه الشيخ فخر الدين بن المطهر العلاّمة سنة 753 هـ/1352م([11]).

ولما أصيبت الحركة العلمية بنكسة بعد سقوط بغداد، وبعدما خبا نور العلم لفترة ما، حاول العامليون الاستمرار في تحصيلهم العلمي. وتنبّه العلماء لأهمية وجود المدارس التي يستطيع الطالب أن يتلقى فيها الدروس التي تؤهله لنيل المراتب العلمية والفقهية العليا. ولكي تسدَّ الفراغ الذي حصل بعد تخريب الحواضر العلمية في العراق.

وفي هذا المجال، يُعتبَر الشهيد الأول هو نقطة البدء بفتح المدارس في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر ميلادي. والشهيد الأول هو الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مكي العاملي الجزيني([12])، ارتحل إلى العراق ودرس بالحلة وبغداد، ودرس على بعض العلماء في مكة والمدينة ودمشق والقدس أيضًا ومنها عاد إلى جبل عامل([13]).

ويكاد يُجمِع كل من تناول النهضة الفكرية في جبل عامل، على أن الشهيد الأول (734-786هـ/1334-1384م) هو المؤسس الفعلي للنهضة الفكرية فبعدما طاف في البلاد باحثًا عن العلم واكتسابه [عاد إلى بلاده مجازًا من أساتيذه مبرزًا بمعلوماته، وشرع بتركيز قواعد التدريس، ونشر العلم. فاستطاع أن ينهض بالجبل نهضة جبارة هو رأسها وأساسها] ([14]) واعتبرت سنة 755هـ/1354م. مبدأ البعث العلمي والأدبي في جبل عامل وهي سنة عودة الشهيد الأول من العراق([15]).

ومما لا شك فيه، أن للمدارس أثرًا هامًا في نشر المعرفة، وشحذ العقول وإنارة الظلمات. لذا فقد [أنشئت في جبل عامل من عهد قديم عدة مدارس، كان أهمها في جزين، ومشغرة، وجباع، وعيناتا، وميس، والنباطية، وكرك نوح، وبعلبك. وهاتان الأخيرتان وإن لم تكونا داخلتين في جبل عامل، إلا أنه صار متعارفًا إدخالهما فيه]([16]). ومن المدارس التي قصدها وتعلم وعلّم فيها العامليون، مدارس جزين وميس الجبل، وعيناتا، وجبع، وكرك نوح، ومشغرة، والمدارس النورية في بعلبك.

هذه المدارس اتخذت طابع المدارس الدينية، شأنها في ذلك شأن معظم المدارس التي زخرت بها بلاد المسلمين طوال الفترة الممتدة منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى مجيء العثمانيين عام 1516م. واستمرت الحالة العلمية في المدارس كسابقاتها حتى الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، إلى أن أخذ العثمانيون بإصدار قوانين تعليمية جديدة متماشية مع التنظيمات التي أدخلت على الإمبراطورية العثمانية منذ العام 1839م، أي منذ إصدار فرمان كلخانه يوم الأحد 26 شعبان سنة 1255 هـ/3 تشرين الثاني سنة 1839م([17])، والإصلاحات الخيرية عام 1272هـ/1856م ([18]). حيث قام العثمانيون بإصدار قانون المعارف العمومية عام 1869م، والذي وزع التعليم في المدارس الرسمية على ثلاث مراحل: رشدية وإعدادية وعالية، التي توازي المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية في أيامنا([19]).

طالت هذه الإصلاحات المدارس في بلادنا، وعرفت بلاد جبل عامل بعض المدارس التي أدخلت بعض العلوم العصرية إلى جانب العلوم الدينية. فبرزت المدارس الإرسالية، والأهلية إضافة إلى المدارس ذات الطابع الديني.

وإذا حاولنا تتبع هذه المدارس سنجد أمامنا المراحل الزمنية التي تنظم هذه المدارس، حيث نعرض المدارس التي برزت بين الأعوام 1370-1757م، ثم المدارس التي تلتها وصولاً إلى مطلع القرن العشرين وبدايات الحرب العالمية الأولى.

وفي هذا الإطار نعرض للمدارس التالية:

أولاً: المدارس بين الأعوام 1370ـ1757م.

مدرسة جزين:(771 ـ1171 هـ/1370ـ 1757م):

كانت جزين مقصدًا للمعرفة، ومجمعًا للعلماء والمفكرين، ومشهورة بعلمائها ومجتهديها. وللتدليل على عظمة تلك الشهرة نذكر ما أورده عبد المجيد الحر في مجلة العرفان (أنه توفي أواخر القرن السادس الهجري مجتهد فقيه، هو العلاّمة إسماعيل بن الحسين العودي الأسدي الحلي (الجزيني) فشيَّعه إلى مثواه الأخير عشرون ألفًا وصلّى على جثمانه سبعون مجتهدًا، ورثاه الشاعر العاملي إبراهيم بن الحسام بقصيده منها قوله:

عرّج بجزين يا مستبعد النجف
 

ففضل مَن حلها ياصاح غير خفي ([20])

 

ومدرسة جزين أنشأها الشهيد الأول [بعد عودته من النجف، بعد تعطل واضطراب أمور الجامعة العلمية فيها على إثر غارات التتار ونكبة بغداد. فبات أمر الهجرة إلى النجف عسيرًا، فأنشأ الشهيد الأول مدرسة جزين]([21]).

وكانت هذه المدرسة أشبه بالمجمع العلمي لبعض العلماء المجتهدين والمشتغلين بالفقه. وأمّها الكثير من العلماء للاستزادة بعلومها المختلفة، (وتخرّج منها عدد وافر من العلماء والفقهاء نشروا العلم وأنشأوا المدارس في أنحاء جبل عامل) ([22])، وحول جزين يورد يوسف خطار أبو شقرا في كتاب "الحركات في لبنان" التالي:

[وكانت جزين في ذلك العهد قصبة مهمة محشودة بالسكان. وفيها جامع كبير ومنارة رفيعة. وكان في جزين اثنا عشر شيخًا من العلماء الأفاضل. ولذا كنتَ ترى جزين محطًا لرحال طلبة العلم ومنتجعي الآداب] ([23]).

ونبغ من جزين عدد كبير من العلماء والعالمات، وكانت من بين النساء أم الحسن فاطمة المدعوة بست المشائخ ابنة الشهيد الأول، وكان أبوها يثني عليها ويأمر النساء بالإقتداء بها والرجوع إليها([24]).

واستمرت هذه المدرسة في عطائها إلى حين خروج المتاولة من جزين سنة 1171هـ/1757م([25])، على إثر الحروب التي دارت بينهم وبين سكان الشوف. ثم استقدم الأخيرون (فلاحين من الطوائف المسيحية)، أقاموهم في مناطق إقليم التفاح التي أخذوها من المتاولة، ليعملوا في الزراعة (شركاء بالعمولة لاعتمار الأرض واستدرار بركاتها)([26]).

واستمرت مدرسة جزين بالعطاء حتى إجلاء الشيعة عن جزين عام 1757 م. ولما تضعضعت الأوضاع في مدرسة جزين، انتقلت الحركـة العلمية ومعظم العلماء إلى مدرسـة جبـع لقربها من جزين([27]).

مدرسة ميس الجبل:

أسسها العلاّمة الفقيه المحدّث الشيخ علي بن عبد العالي الميسي المتوفي سنة 933هـ/1526م. وهو المعروف بالمحقق الميسي صاحب (الرسالة الميسية في الفقه) ([28]). وكان الشيخ الميسي يتميز بهمة عالية ومن المعروف عنه (أنه كان ينقل الحطب ليلاً على حماره في قرية ميس لتلامذته وعياله)([29]).

ساعد على شهرة هذه المدرسة عاملان هامان [الأول الدرجة العلمية التي نالها مؤسسها والثاني (الحوزة) العلمية التي عرفت بها من خلال الدروس المنتظمة، وقيمتها]([30]).

هذا ما جعل طلاب العلوم من جبل عامل والعراق وإيران وسوريا يقصدونها، حتى (بلغ عدد طلابها في ذلك العصر أربعماية طالب) ([31]). وخرج من مدرسة ميس العديد من العلماء، كالعلاّمة الشهيد الثاني زين الدين بن أحمد بن علي الجبعي الذي استُشهد سنة 966 هـ/1558م، والعلاّمة أحمد بن تاج الدين العاملي الميسي (الذي قصده العالم الكبير محمود بن محمد الكيساني سنة 956 هـ/1548م قصد أخذ الإجازة منه) ([32]) وكالعلاّمة لطف الله الميسي الذي كان (الشيخ البهائي يعترف له بالفضل ويأمر بالرجوع إليه، كان في عصر الشاه طهماسب الصفوي، ومسجده المعروف بمسجد الشيخ لطف الله العاملي، لا يزال معمورًا إلى اليوم) ([33]) في أصفهان حسب ما ذكر السيد محسن الأمين.

مدرسة عيناتا:

أنشأ آل خاتون حوزة عيناتا في أواخر القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي ([34]). وكانت قرية عيناتا مقرًا لأعلى الدراسات الإسلامية، وكان الطلاب يفِدون إليها [لا من الجبل وحده، بل من أقصى البلاد (العربية). فجاءها فيمن جاء ناصر بن إبراهيم البويهي، وعكف على تلقي العلم فيها على الشيخ ظهير الدين بن الحسام] ([35]). وسكن بها حتى وفاته سنة 852/1449([36]). وخرج من عيناتا العديد من العلماء، مثل الشيخ أحمد بن خاتون العيناتي، والشيخ أحمد بن يوسف العيناتي، من تلامذة الشيخ محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني، والشيخ نعمة الله بن خاتون العيناتي، والشيخ أحمد بن نعمة الله بن خاتون العيناتي وغيرهم([37]).

ويذكرها البعض باسم مدرسة عيناثا الأولى تمييزًا لها من المدرسة التي انبعثت مجددًا في عيناثا والتي أسسها السيد نجيب فضل الله([38]).

مدرسة جبع:

برز اسم بلدة جبع على الصعيد العلمي، مع الشهيد الثاني زين الدين بن علي، وولده الشيخ حسن صاحب المعالم، واستمرت جبع بعد ذلك بالعطاء العلمي. وتخرّج من مدرستها العديد من العلماء، وأشهرهم الشهيد الثاني، ووالده الشيخ علي بن أحمد بن محمد العاملي الجبعي، وولده الشيخ حسن وأحفاده وذكر السيد الأمين أنه تعاقب من ذرية الشهيد الثاني (إثنا عشر عالمًا سمّوا بسلسلة الذهب) ([39]). ويسميها الشيخ إبراهيم سليمان باسم مدرسة جبع الأولى([40]).

هذه أهم وأشهر المدارس التي برزت في جبل عامل. ويجب الإشارة إلى أن معظم العلماء العامليين، الذين كانوا ينتشرون في ربوع جبل عامل كانت مجالسهم مقصدًا للطلاب. لذا يمكن القول أن مجالس العلماء العامليين كانت بالإضافة إلى المدارس العاملية مكانًا آخرًا لبعث النهضة وتلقيح الفكر وشحذه.

وبالإضافة إلى المدارس التي قامت في ربوع جبل عامل، فقد كان هناك عدد من المدارس خارج جبل عامل، قصدها العامليون حتى حُسِبت في عداد المدارس العاملية ومنها:

مدرسة كرك نوح:

تقع هذه المدرسة في كرك نوح في البقاع خارج حدود جبل عامل الجغرافية. أسسها الشيخ علي بن عبد العالي الكركي المعروف بالمحقق الثاني المتوفى سنة 940 هـ/1533م ([41]). [وكانت قرية الكرك في أوائل القرن العاشر الهجري رحلة العلماء وطلاب العلم، حتى إن الشهيد الثاني ارتحل إليها لطلب العلم كما أخبر عن نفسه مع كثرة المدارس العاملية في ذلك العهد] ([42])، وقرأ على السيد حسن بن جعفر الكركي الموسوي صاحب كتاب محجة البيضاء([43]).

وخرج من الكرك ونسب إليها العديد من العلماء منهم الشيخ إبراهيم بن عبد الصمد العاملي الكركي، والسيد حسن بن أيوب المشتهر بابن نجم الدين الأعرج، والسيد جعفر بن حسن، وولده السيد حسين المتوفى سنة 933 هـ/1527م الذي قرأ عليه الشهيد الثاني، وهو ابن خالة المحقق الكركي. ووالده السيد حسين، ثم السيد ميرزا حبيب الله بن حسين المذكور المعاصر للشيخ البهائي، وابنه ميرزا علي رضا (ت 1091هـ/1680م)، وابنه الآخر محمد مهدي بن ميرزا حبيب الله([44]) غيرهم.

المدرسة النورية (بعلبك):

وتقع هذه المدرسة خارج نطاق جبل عامل أيضًا، في مدينة بعلبك. يعود تاريخ تأسيس المدرسة النورية في بعلبك إلى نور الدين الأتابك زنكي (ت569هـ) حوالي سنة 552هـ/1157م عندما سيطر على المدينة ([45])، والذي دعا إلى إقامتها عندما زار بعلبك لتفقد أحوالها وتقرير أمر المستحفظين لها.

وكان نور الدين محبًا للعلم فأسس المدارس في دمشق وبعلبك وحمص وحماه ومنبج وعرفت كلها باسم النورية وجعل الإشراف عليها لقاضي القضاة من الشافعية.

والنورية مدرسة قديمة العهد ذات شهرة طائرة تولى الشهيد الثاني التدريس فيها بأمر من السلطان سـليمـان القـانوني، وباشـر التـدريس سنة 953 هـ/1546م ودرّس فيها الفقه على المذاهب الخمسة([46]).

وساهمت هذه المدرسة مع غيرها من مدارس جبل عامل في إرساء النهضة الفكرية في تلك الربوع.

مدرسة مشغرة:

اشتهرت بلدة مشغرة بما خرج منها من العلماء، مثل الشيخ محمد بن الحسين الحر، جد والد مؤلف كتاب (أمل الآمل)، والشيخ علي بن محمد الحر، والشيخ حسن بن الحر والد صاحب (أمل الآمل)، وعمه الشيخ حسين بن علي بن محمد، وغيرهم من آل الحر. والشيخ محمد بن علي بن محمود المشغري([47]). ولكثرة ما خرج من علماء ينسبون لمشغرة، اعتبرت بلدة مشغرة من ضمن المراكز العلمية في جبل عامل. حيث ذكر محمد كرد علي أنه [في جباع وميس وعيناتا وجزين ومشغرة... من جبل عامل مدارس دينية تخرج منها جلّة فقهاء الشيعة أدبائهم]([48]).

وكان التدريس في هذه المدارس مستمرًا [وقلما تخلو في عصر من التدريس لتعاقب وجود العلماء الأعاظم فيها مع أنه ليس لها أوقاف كما هو الحال في سوريا وإيران والهند ومصر والعراق والمغرب وغيرها من بلاد الإسلام فإن جلّ المدارس فيها لها أوقاف تقوم بمؤنة الطلبة وتوجب رغبة الناس في طلب العلم. أما مدارس جبل عامل فخالية من ذلك إلا نادرًا، ومع هذا كان الإقبال عليها عظيمًا]([49]).

ونخلص إلى القول أن المدارس انتشرت في هذه الفترة (1370-1757م) بكثرة في ربوع جبل عامل، من ميس الجبل إلى جباع وجزين إلى مشغرة وكرك نوح وبعلبك. هذه المدارس التي كانت من الواحات الخضراء التي استمرت بالعطاء في صحراء الركود الفكري والأدبي الذي ساد العالم الإسلامي آنذاك. وكانت الأرض الخصبة للنهضة العلمية التي ستلي فترة الركود التي سيطرت على جبل عامل في فترة الصراع بين الجزار والحكام المحليين، والتي كانت انعكاسًا للصراع الناشب بين الدولة العثمانية والخارج، متمثلاً بالحروب الروسية-العثمانية شرقًا، والحروب العثمانية-الأوروبية غربًا. والتي استمرت متواترة طوال الفترة الممتدة بين القرن الثامن عشر ومطلع القرن العشرين.

ثانيًا: الفترة الممتدة بين الأعوام 1757ـ 1914م.

استمرت المدارس في هذه الفترة ويمكن التمييز بين المدارس التي أسسها العلماء والتي تعتبر امتدادًا للفترة السابقة، ثم المدارس التي أسسها غير العلماء سواء الأشخاص أو الجمعيات وكذلك الإرساليات، والجدير بالذكر أن هناك بعض المدارس التي أسسها الحكام/البكوات لتعليم أبنائهم وألحقوا فيها بعض الطلاب إضافة لأولادهم ولم يرد ذكرها لأنه كما يبدو أنها تنتهي ببلوغ الغاية التي أقيمت لأجلها.

ومن هذه المدارس مدرسة تبنين التي أسسها علي بك الأسعد داخل قصور تبنين سنة 1859م. وكان مركز هذه المدرسة داخل قلعة تبنين نفسها. وجمعت العديد من التلامذة وطلاب العلم وكانت المصاريف على نفقة منشئها، وعيّن الشيخ جعفر مغنية مديرًا لها([50]).

ويبدو أنها واحدة من المدارس التي كان يقيمها الزعماء لأبنائهم فتأفل بنهاية تدريسهم، حيث يذكر شبيب الأسعد في كتابه العقد المنضد ويقول ذلك صراحة [وداعي اتخاذ تلك المدرسة هو لمجرد تعليم هذا العاجز [شبيب] وأخي نجيب بك]([51]). لذا لم يرد ذكرها كغيرها من المدارس التي انتشرت في ربوع جبل عامل واستفاد منها طلاب عاملة.

ونعرض لهذه المدارس على النحو التالي:

أ ـ المدارس التي أسسها العلماء:

مدرسة شقراء :

مؤسسها السيد موسى الحسيني (الأمين) في أواخر القرن الثاني عشر الهجري/الثامن عشر الميلادي، وضمّت ما يزيد على أربعين غرفة، وطلابها أكثر من أربعمائة طالب. ازدهرت في عهد مؤسسها وخمدت بعد وفاته عام 1780 م. وكانت تعتمد على أوقاف خاصة بها.

جددها علي الأمين حفيد المؤسس، لكن الضعف الاقتصادي أثر على حالة طلابها فتركها الكثيرون وتخرب أجزاء من بنائها. جددها علي محمود الأمين وأقفلت نهائيًا بوفاته. تخرج منها العالم السيد حسين بن موسى الحسيني والشاعر إبراهيم بن يحيي العاملي وغيرهما([52]).

مدرسة الكوثرية:

ظهرت هذه المدرسة بعد نهاية أحمد باشا الجزار (1804م). وكان تأسيسها في العقد الرابع من القرن الثالث عشر الهجري ([53]) (1231 هـ/1816م) أسسها الشيخ حسن قبيسي (ت 1258 هـ) ويبدو أن إنشائها كان بإيعاز من علماء جامعة النجف الأشرف([54]). وكانت عامرة بالطلاب. قصدها الطلاب من مختلف الأماكن وتخرج منها كبار العلماء ورجال الفكر والسياسة ومنهم علي بن إبراهيم الحسيني المفتي في جبل عامل والعالم اللغوي علي السبيتي (1883م) والشاعر علي بن ناصر بن زيدان (1872م)، والشيخ محمد علي عز الدين مؤسس مدرسة حنويه، وحمد البيك النصار الذي أصبح زعيم جبل عامل لاحقًا([55]).

مدرسة كفره :

أسسها العلامة الشيخ علي بن محمد السبيتي، وكان الشيخ محمد علي عز الدين يدرس فيها قبل مدرسة حنويه، التحق فيها العديد من الطلاب([56]).

مدرسة حنويه (حناويه):

أسسها الشيخ محمد بن علي عز الدين (ت 1885م) بعد عودته من النجف، وأدخل بعض المواد العصرية كعلم النفس والأخلاق. زار هذه المدرسة "لورته" عميد معهد الطب في ليون عام 1297هـ/1880م خلال رحلته التي دامت من 1875 حتى 1880. حيث قام ببعض الحفريات وقال حول التعليم في بلاد عاملة وحول مدرسة حنويه التالي: [والتعليم منتشر جد الانتشار بينهم [الشيعة]. وفي حنويه، وهي قرية صغيرة لا يكاد عدد سكانها يبلغ أربعمائة نفس، مدرستان: مدرسة إبتدائية يذهب إليها الذكور ومدرسة عليا يتردد إليها الشبان) ([57]).

ويذكر "لورته" الشيخ عز الدين بـ (الرجل الجليل)، ويصف غرفة التدريس وينعتها بالواسعة التي [قعد إلى جدرانها ثلاثون شابًا يعلمهم الشيخ العلوم الدينية العليا. وكان يبدو على وجوه هؤلاء التلامذة الذين تراوح سنون أكثرهم بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، سمات الانتباه الشديد، والاحترام العظيم]([58]).

وطلب "لورته" من الشيخ عز الدين عندما زار مدرسته معلومات عن المتاولة، أصلهم، ديانتهم وعاداتهم. وكان الشيخ يخشى أن يشوّه الترجمان ما يريد أن يعطيه من تفاصيل، (فتناول دواة وقلمًا من القصب) كما يذكر "لورته" حرفيًا وأمده بخلاصة تاريخية عن الموضوع([59]).

خرج من هذه المدرسة العديد من الطلاب الذين كان لهم أثر بالحركة الفكرية في جبل عامل، ومنهم محمد علي إبراهيم (ت1915م) ومهدي شمس الدين (ت1915م). بعد وفاة مؤسسها عام 1885م تولاها حفيده إبراهيم عز الدين بعد إنهاء تحصيله العلمي في النجف. وبعد وفاته عام 1914م، خفَتَ نور هذه المدرسة وذلك بسبب قيام الحرب العالمية الأولى([60]).

مدرسة بنت جبيل:

أسسها موسى شرارة (ولد 1297هـ/1851م توفي 1304-1886) وهو أحد طلبة مدرسة حنويه سابقًا سنة 1298هـ/1881م. وجذبت إليها العديد من أفاضل الطلاب، وتوافد إليها تلامذة مدرسة حنويه التي ضعفت بعد وفاة مؤسسها. وتعتبر من المدارس المهمة. تخرج منها العلامة محسن الأمين صاحب كتاب (أعيان الشيعة) وكذلك الشيخ محمد دبوق والشيخ عبد الحسين صادق والشيخ عبد الكريم الزين وغيرهم. وارتادها الشيخ إبراهيم سليمان وعمه الشيخ طالب سليمان([61]).

مدرسة جبع (جباع) :

وتعرف بمدرسة جبع الثانية للتمييز بينها وبين المدرسة الأولى التي كانت في عهد الشهيد الثاني. أسسها الشيخ عبد الله نعمة (1219-1303 هـ/1804ـ1886م) ودعمه في الأموال بذلك سليمان الزين. أوكل الشيخ عبد الله إدارة المدرسة والتدريس فيها إلى غيره، واقتصر دوره على إعطاء دروس الفقه فيها لشيوخ الأساتذة الطلبة فقط، لذلك لم يستفد الطلاب منها كثيرًا.

تخرج منها العديد من العلماء منهم: السيد حسن يوسف مكي مؤسس المدرسة الحميدية في النبطية. والشيخ موسى شرارة مؤسس مدرسة بنت جبيل([62]).

المدرسة النورية (النبطية):

عرفت أيضًا بمدرسة النبطية الفوقا، أو (مدرسة النبطية الصغرى المعروفة بالفوقا) ([63])، ويذكرها الشيخ إبراهيم سليمان باسم مدرسة النبطية الفوقا الأولى ويميز بين مدرستين حمَلَتا اسم النبطية الفوقا الأولى والثانية. حيث يطلق صفة الأولى على المدرسة التي عاشت حتى زمن العالم السيد محمد نور الدين وتخرج منها العديد من العلماء ومنهم الشيخ علي بن يونس النباطي. والثانية هي التي تعرف باسم مدرسة النبطية الصغرى التي أسسها السيد محمد نور الدين.

وكلتا المدرستين تم تأسسيهما على يد آل نور الدين منذ عهد قديم في النبطية الفوقا، وذلك بعد مجيئهم من سكيك في الجولان. وعاشت المدرسة الأولى حتى زمن العلامة السيد محمد نور الدين الذي توفي عام 1325هـ/1907م. أما الثانية فقد استمرت حتى وفاته عام 1907، ودرس في هذه المدرسة العلامتان الفاضلان أحمد رضا وسليمان ظاهر (عضوَا المجمع العلمي في دمشق) المرحلة الابتدائية من تحصيلهما([64]).

وآل نور الدين تركوا كفرحونا سابقًا في جبل الريحان ليسكنوا في سكيك في الجولان. وذلك إثر خلاف بينهم وبين بعض أمراء جبل لبنان. حيث خطب أحد الأمراء إحدى بناتهم (فأبوا تزويجها له وهجروا وطنهم خوفًا من الأذى بناتهم ى إلى سكيك، ومنها إلى النبطية)([65]).

المدرسة الحميدية

أسست هذه المدرسة في النبطية التحتا، وعرفت باسم مدرسة النبطية التحتا أيضاً، وسميت بـ (الحميدية) نسبة للسلطان عبد الحميد الثاني جريًا مع العادة المتبعة في ذلك العهد تيمنًا بإسمه. ويذكرها السيد الأمين باسم مدرسة النبطية التحتا([66])، بينما يذكرها الشيخ إبراهيم سليمان تحت اسم (مدرسة النبطية التحتا الثانية)([67]).

أسسها العلامة السيد حسن يوسف مكي (1260-1324 هـ/1844-1906م) بعد عودته من النجف سنة 1892 م. وهو من طلبة مدرسة جباع. بنى هذه المدرسة نفر من ابناء النبطية ولمع اسمها وذاعت شهرتها وضمت ما يزيد على الثلاثماية طالب. وكان مؤسسها يسهر على دراستهم وتوجيههم ويتم الاعتناء بالطلبة وتقديم المساعدة المالية للفقراء منهم. أدَّت هذه المدرسة خدماتها العلمية طيلة أربعة عشر عامًا من حياة مؤسسها حتى وفاته عام 1906م فأغلقت المدرسة وتفرق طلابها.

وفي العام 1923م، باشر يوسف بك الزين وأخوه تعميرها مجددًا. وتولى التدريس فيها العلامة محمد رضا زين الدين. وتغيَّر اسم المدرسة وانقلب إلى المدرسة الدينية العاملية، واتبع التدريس فيها الأساليب الحديثة.

وحاولت السير مع نظام التعليم الرسمي المتبع ورعتها المفوضية الفرنسية ومنحتها مساعدة مالية قدرها 8000 فرنك فرنسي لتنفق على معلمي اللغة الفرنسية فيها([68]).

مدرسة أنصار

أنشأها السيد حسن بن السيد علي إبراهيم ( مؤسس مدرسة النميرية ) ثم تولاها من بعده ولده محمد وبعده أفل نجمها وطمس أثرها. تولى رئاسة التدريس فيها العلامة السيد حسن علي إبراهيم (ت 1329هـ/1911م)([69]).

مدرستا جويا الأولى والثانية:

مدرسة جويا الأولى:

 يذكر الشيخ إبراهيم أن مؤسسها الشيخ علي سلمان الجوياني.

مدرسة جويا ( الثانية )

لآل خاتون، وكانت برئاسة العلامة الشيخ محمد علي خاتون وهي مدرسة قديمة عاشت زمانًا طويلاً وتخرج منها جماعة من العلماء([70]).

مدرسة طيردبا

أنشأها العالم الشيخ حسين مغنية المعاصر للسيد محسن الأمين، استمرت زمانًا واستفاد منها الطلاب ثم أقفلت أبوابها([71]).

مدرسة عيثا الزط

أنشأها السيد جواد مرتضى وتعلم فيها السيد محسن الأمين وخَفَتَ نورها بعد ذهاب مؤسسها إلى العراق، وانتعشت بشكل مؤقت مع أخيه السيد حيدر ثم خبا ذكرها([72]).

مدرسة عيناثا الثانية

أنشأها السيد نجيب بن محيي الدين فضل الله الحسيني، وأفل نجمها بوفاته([73]).

مدرسة مجدل سلم

أنشأها الشيخ مهدي شمس الدين، وخفتت حركتها بعد مؤسسها([74]).

مدرسة مزرعة مشرف

كانت تدعى مدرسة البياض، كان الشيخ حمزة بن سليمان بن علي بن محمد بن سليمان يدرس تلامذته فيها([75]).

مدرسة النميرية

أسسها الفقيه السيد علي إبراهيم المعاصر للسيد محسن الأمين.

يذكر محمد جابر آل صفا أن مؤسسها هو حسن علي إبراهيم وتجمعه لهذا السيد صفة تأسيس مدرسة أنصار ورئاسة التدريس فيها وفي مدرسة النميرية أيضًا.

تخرج منها العديد من العلماء ومنهم: السيد محمد إبراهيم، والشيخ عبد المطلب مروة، والشيخ باقر بن محمد حسين مروة، والشيخ طالب سليمان عم الشيخ إبراهيم سليمان، والشيخ حسن بن محمد علي قبيسي، والشيخ خليل كوثراني، وغيرهم([76]).

مدرسة الخيام

ذكرها الشيخ إبراهيم سليمان في كتابه([77]).

مدرسة شحور

أنشأها السيد يوسف شرف الدين والد السيد عبد الحسين شرف الدين([78])، لدى عودته من العراق حوالي العام 1880 م. فأخذ بتدريس العلوم الدينية وتتلمذ عليه العديد من أبناء القرى المجاورة، ثم توسعت مدرسته لتشمل من رغب (في تعلم القراءة والكتابة والقرآن) ([79]).

ب ـ المدارس التي أسسها غير العلماء

ومن المدارس التي أسسها غير العلماء يمكن تصنيفها ضمن مدارس أسسها أبناء البلاد المحليون أفرادًا أو مؤسساتٍ، ومدارس البعثات الإرسالية. ويمكن ذكر المدارس التالية:

ـ المدارس التي أسسها السكان المحليون:

المدرسة الحديثة في النبطية:       

مدرسة أهلية أسست عام (1300هـ-1882م) في عهد رضا الصلح عندما كان مديرًا لناحية النبطية. وأدارها مصطفى العكاري من طرابلس وكانت هذه المدرسة تحت رعاية جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية. وانتقلت بعدها لوزارة المعارف: وكان رضا الصلح يعتني بها ويلقي بعض الدروس فيها. وبعد استقالة مديرها مصطفى العكاري تولى التدريس فيها محمد علي إبراهيم أحد تلامذة مدرسة حنويه سابقًا. ووسّع التدريس فيها ودامت الحال في هذه المدرسة علي الرغم من العوامل المعاكسة من التعصب والحكام([80]).

مدرسة نمونة رشدي:

أنشأتها الحكومة التركية في صيدا حوالي عام 1873م، اعتنت بتعليم الخط والعربية واللغة الفرنسية([81]).

مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية:

تأسست في صيدا في 26 ربيع الثاني 1296هـ/1879م، وكان لهذه الجمعية في مطلع القرن العشرين أربعة مكاتب للإناث والذكور تضم 618 طالباً و532 طالبة.

المدرسة الوطنية في صيدا:

أنشأها الخوري إلياس عطية، وكيل النائب الأسقفي لطائفة الموارنة في صيدا سنة 1878م، ولقيت اهتمامًا من الوالي مدحت باشا لمّا وفد إلى صيدا.

ـ المدارس الأجنبية في جبل عامل :

بدأ اهتمام الغرب بمنطقة الشرق الأدنى لا سيما بعد عودة النشاط الاقتصادي والتجاري وتشابك المصالح السياسية-الاستعمارية بين بلدان أوروبا وأميركا، فاحتدم الصراع فيما بين الدول الاستعمارية كفرنسا وبريطانيا وألمانيا وأميركا وغيرها من الدول. وكانت الثقافة وجهًا من وجوه هذا الصراع، وترجم ذلك عبر اهتمام هذه الدول بإيفاد بعثات تبشيرية وتعليمية، قامت الإرساليات بتعزيز وجودها التعليمي بعد عام 1869م وهو العام الذي أصدر فيه العثمانيون قانون التعليم وبدأت المزاحمة والتنافس بين البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس في بلادنا فكان تعدد المدارس الإرسالية أحد وجوه هذا الصراع، وكان توجه الإرساليات نحو المسيحيين بادئ الأمر قبل الانتقال والاهتمام بأبناء المسلمين.

 وقامت هذه الإرساليات بافتتاح المدارس التابعة لها ومن هذه المدارس التي عرفت في بلاد عاملة يمكن ذكر المدارس التالية:

مدرسة الأخوة المريميين:

قامت هذه المدرسة على أنقاض المدرسة اليسوعية، وحلَّت في بنائها، وكان اليسوعيّون قد جاؤوا صيدا من مدة تناهز الثلاثة قرون، وغادروها عام 1909م، ليحولوا مركزهم إلى جزين. ومنذ هذا التاريخ نزل الأخوة المريميّون صيدا وأقاموا ديرهم، وقد اهتموا بتعليم سائر العلوم، وما تزال هذه المدرسة في رقي ونشاط([82]).

مدرسة الفنون الأميركية في صيدا:

وهي معهد علمي، أنشأتها الإرسالية الأميركية، في صيدا، برئاسة وليم إدي سنة 1880م، ولم يكن لهذه المدرسة بناء مستقر حتى شيدت بناءها في عهد مديرها الجديد دكتور "فورد".

تطورت هذه المدرسة ففي سنة 1895م، أضيف لها فرعان جديدان غير التعليم، فرع صناعي يهتم بصناعات النجارة، الخياطة، البناء، والأحذية. أما الفرع الآخر فهو للأيتام.

وقد تخرج منها الفوج الأول، نائلاً شهادتها سنة 1889م. ومنذ هذا التاريخ بدأت تعطي شهادتها للمنتهين الذين كان باستطاعتهم دخول الجامعة الأميركية دون امتحانات، وكانت تدرس العربية والفرنسية والإنكليزية([83]). وخرَّجت عددًا وافرًا من متعلمي الجنوب.

مدارس الإناث في صيدا:

كان في مطلع القرن العشرين مدرسة واحدة للمرسلين الأمريكان وكان فيها 65 تلميذة، وهناك مدرسة لراهبات القديس يوسف وهي قديمة العهد في صيدا، وكان فيها 30 تلميذة([84]).

مدرسة دير المخلص في صيدا:

وهي قديمة العهد منذ تأسيس الدير عام 1709م في عهد المطران "أفتيموس الصيفي" أسقف صيدا، المولود في دمشق سنة 1648م. وتوالى على رئاسته حتى عام 1928م سبعة وعشرون رئيسًا. وصادف خلال هذه المدة نكسات عديدة، ونكبات كثيرة، أولاها كانت على عهد الجزار سنة 1777م. وفي الدير مكـتبة ومدرسـة ثانويـة اليوم خرجت الكثير من أبناء الجنوب، وفيه مطبعة أيضًا([85]).

مدارس في مرجعيون:

كان هناك جملة مدارس رسمية في مطلع القرن العشرين ترعاها الحكومة العثمانية، لكنها كانت عديمة الفائدة ضئيلة القيمة أمام نشاط مدرسة الروم الأرثوذكس فيها، وكانت الحكومة الروسية تشرف على هذه المدرسة، والجمعية الفلسطينية تدفع رواتب المدرسين، بينما كانت طائفة الروم الأرثوذكس هي التي أشادت البناء، وقد عملت الحكومة الروسية على إخراج الترخيص للمدرسة من قبل الحكومة العثمانية؛ وقد قامت مكاتب للبروتستانت للذكور والإناث في مرجعيون([86]).

المدارس في جزين:

في الربع الأول من القرن العشرين، كان في جزين ثلاث مدارس للصبيان والبنات بإدارة الرهبنة اليسوعية، وقلبَي يسوع ومريم، ومدرسة للصبيان بإدارة الأميركان([87]).

مدارس الإرساليات في صور:

كان في صور مدارس للفرنسيسكان، ومكاتب لطائفة الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك ومكتبان للإنكليز أحدهما للذكور والآخر للإناث، كما أنشأوا مكتبًا لتعليم العميان([88]).

مدارس الإرسالية الإنكليزية:

في مدينة صور كانت مدرسة "فيكتوريا أوغستا" عام 1868م التي لاقت معارضة من قبل الأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس على السواء. لكنها استمرت وفي العام 1882م تولت السيدة "كارولين طوميسون" الإشراف على عمل هذه المدرسة ومديرة المعهد التدريبي للمعلمات أيضًا.

مدرسة العميان في صور:

وفي العام 1872م فتحت أبواب مدرسة العميان في صور واستمرت تقوم بمهمتها على أكمل وجه حتى سنة 1906م حيث أقفلت أبوابها بسبب نقص الأموال وتخفيض المساعدات الخارجية.

مدرسة الصبيان:

إفتتحتها البعثة الإنكليزية عام 1880م وبقيت تقدم خدماتها حتى العام 1914م فتوقفت بسب الحرب العالمية الأولى([89]).

مدراس الإرسالية الأميركية:

 أسست الأنسة "فورد" الواعظة الأميركية عام 1875م مدرسة في منزل في بلدة عين إبل، لكن اليسوعيين عملوا على إغلاقها وأفلحوا بذلك "الأب جبرايل هافا". وسعت الإرسالية الأميركية إلى فتح مدراس لها في دبل ورميش وكفر برعم وغيرها من قرى أبرشيات صور ولكنها جوبهت بمعارضة من رهبان المشرق، فاكتفت الإرسالية الأميركية بالاعتناء بالمتعلمين الراغبين في إتمام تعليمهم الثانوي وترسلهم إلى مدرستها في صيدا([90]).

مدرسة الأرض المقدسة للأباء الفرنسيسكان (اللاتين)

فتحت أبوابها في مدينة صور منذ العام 1868م في نفس الدير.

مدرسة راهبات القديس يوسف:

منذ عام 1859 م في صور ويتبعون لمؤسسة راهبات القديس يوسف في صيدا([91]).

مدرسة الروم الارثوذكس في صور:

عاودت عملها منذ العام 1886م([92]).

مدارس الأسقفية للروم الكاثوليك:

وشملت المدارس التالية:

_ مدرسة صور

_ مدرسة في قانا: أسسها رئيس أساقفة صور للروم الكاثوليك المطران "أثناسيوس صباغ" سنة 1858م لجمع أبناء طائفة الروم الكاثوليك وتعليمهم فيها.

_ مدرسة في علما الشعب: عام 1858م أسسها المطران "أثناسيوس".

_ مدرسة في يارون.

_ مدرسة في تبنين.

ويبدو أن هذه المدارس قامت للوقوف بوجه مدارس البروتستانت التي بدأت تنتشر بأسلوب حديث، داخل قرى الأبرشية([93]).

التدريس في جبل عامل:

إذا حاولنا أن نتتبع المتعلمين والمعلمين في جبل عامل، فنجد أن خير معين لنا هو كتاب الشهيد الثاني الذي يحمل عنوان "منية المريد في آداب المفيد والمستفيد".

ففي هذا الكتاب يتناول الشهيد موضوع المعلم والمتعلم (المفيد والمستفيد). فيعدد المزايا والصفات التي يجب أن تتوفر في المعلم: كأن يكون كفؤاً للمهمة التي انتدب نفسه لها، وأن يكون حسن الخلق، وتطابق أفعاله أقواله. ويؤدب طلابه ويرغبهم في العلم، ويزجرهم عن سوء الأخلاق وارتكاب المحرمات والمكروهات، وأن لا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين لهم ويتواضع. ولا يفضل بعضهم على بعض عنده (في مودة واعتناء مع تساويهم في الصفات من سن أو فضيلة أو ديانة. فإن كان بعضهم أكثر تحصيلاً وأشد اجتهادًا وأحسن أدبًا، أكرمه وفضّله وبيّن أن زيادة إكرامه لتلك الأسباب فلا بأس بذلك)، وأن يبدأ مجلسه ويختمه بالدعاء([94]).

أما المتعلم فيجب أن تتوفر فيه شروط منها (أن يحسن نيته ويطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول العلم وحفظه واستمراره)، وأن يكون عالي الهمة، ويجعل نفسه تبعاً لمعلمه و(أن يعتقد في شيخه [معلمه] أنه الأب الحقيقي والوالد الروحاني)، وينظره بعين الاحترام، ولا يقطع عليه كلامه، وأن ينصت لما يقوله حتى ولو كان يعرف ذلك. وأن يبتدئ بحفظ القرآن وتفسيره وأن يطالع ما يفهمه، ويصحح درسه الذي يحفظه قبل حفظه تصحيحًا متقنًا على الشيخ أو على غيره ممن يعينه. ومَن أتقن علمًا عليه (أن يرشد رفقته ويرغبهم في الاجتماع والتذاكر والتحصيل ويهون عليهم مؤونته، ويذكر لهم ما استفاده من الفوائد والقواعد والغرائب على جهة النصيحة والمذاكرة)([95]).

أما العلوم التي يجب أن يتقنها المتعلم فتتدرج كالآتي:

يبدأ المتعلم بحفظ كتاب الله تعالى وتجويده، ثم ينتقل إلى تعلم العلوم العربية لأنها أول (آلات الفهم وأعظم أسباب العلم الشرعي، فيقرأ أولاً علم التصريف ويتدرج في كتبه من الأسهل إلى الأصعب والأصغر إلى الأكبر حتى يتقنه ويحيط به علمًا). ثم ينتقل إلى النحو ومنه إلى بقية العلوم العربية.

فإذا فرغ منها أجمع، اشتغل بالمنطق. ثم ينتقل إلى علم الكلام (ليحصل بذلك ملكة البحث والاطلاع على مزايا العوالم وخواصها). ثم ينتقل إلى أصول الفقه متدرجاً في كتبه ومباحثه. ثم ينتقل منه إلى علم دراية الحديث، فيطالعه ويحيط بقواعده ومصطلحاته. فإذا وقف على مقاصده، انتقل إلى قراءة الحديث بالرواية والتفسير والبحث والتصحيح. ثم ينتقل منه إلى البحث عن الآيات القرآنية المتعلقة بالأحكام الشرعية، وينتقل بعدها إلى قراءة الكتب الفقهية ( فيقرأ منها أولاً كتابًا، يطلع فيه على مطالبه، ورؤوس مسائله، وعلى مصطلحات الفقهاء وقواعدهم... ثم يشرع ثانيًا في قراءة كتاب آخر بالبحث والاستدلال واستنباط الفرع من أصوله ورده إلى ما يليق به من العلوم، واستفادة الحكم من كتاب أو سنّة من جهة النص. أو الاستنباط من عموم لفظ أو إطلاقه، ومن حديث صحيح أو حسن أو غيرهما). فإذا فرغ من ذلك كله (شرع في تفسير الكتاب العزيز بأسره، فكل هذه العلوم له مقدمة. وإذا وفق فلا يقتصر على ما استخرجه المفسرون بأنظارهم فيه، بل يكثر من التفكر في معانيه، ويصفي نفسه للتطلع على خوافيه. ويبتهل إلى الله تعالى في أن يمنحه من لدنه فهم كتابه وأسرار خطابه، فحينئذ يظهر عليه من الحقائق ما لم يصل إليه غيره من المفسرين).

وعندما يفرغ من ذلك وإذا أراد الترقي وتكميل النفس (فليطالع كتب الحكمة من الطبيعي والرياضي، والحكمة العليا المشتملة على تهذيب الأخلاق... ثم ينتقل بعده إلى العلوم الحقيقية والفنون الخفية، فإنها لُباب هذه العلوم ونتيجة كل معلوم، وبها يصل إلى درجة المقربين ويحصل على مقاصد الواصلين)([96]).

أما التدريس فكان يتم على ما ذكره السيد الأمين: عند الصباح يأتي الطلاب إلى المدرسة محضّرين دروسهم التي سيقرؤونها. فيجلس الطلاب، ومع كل واحد منهم كتاب يحوي الدرس الذي يريدون قراءته. فيفتحون كتبهم، ويبدأ أحدهم بالقراءة والباقون ينظرون. وعادة يبدأ الشيخ درسه بتلاوة ما يتيسر من القرآن تيمنًَا وتبركاًً ثم تبدأ تلاوة الدروس (فإذا وصل إلى موضع له فيه رأي يخالف رأي صاحب الكتاب بينّه لهم. وإذا لم يفهم أحدهم ما قرره الأستاذ طلب منه إعادته حتى يفهمه. وإذا كان لأحدهم اعتراض على تفسير الشيخ للعبارة أو على اعتراض يعترضه على المؤلف أبداه. فيجيبه الشيخ حتى يُقنع أحدهما الآخر فيرجع إلى رأيه أو يبقى مصرًا عليه. ويشترك معهما في المناقشة باقي الطلبة أحيانًا حسب مقتضى الحال... حتى ينتهي الدرس. فإذا انتهى الدرس قرأوا الفاتحة وأهدوا ثوابها لأموات الشيخ، خصوصًا أبويه) ([97]).

ويجتمع الطلاب عند العصر ليتذاكروا الدرس الذي قرأوه ذلك اليوم ليرسخ في أذهانهم وفي اليوم الثاني يبتدئ قراءة عبارة الدرس تلميذًا غير الذي قرأ في اليوم الأول وهكذا. وإذا كان يوم الجمعة جمعهم الشيخ وسألهم عن ماضي دروسهم كل في العلم الذي يقرأ فيه. فيكون ذلك بمثابة امتحان أسبوعي([98]).

وعندما ينتهي الطالب من قراءة كتاب على معلم ينتقل إلى كتاب آخر حتى ينتهي من ذلك المعلم والعلوم التي يدرسها. فينتقل إلى معلم آخر وعلوم أخرى. وهكذا حتى ينال المراتب العلمية العليا. وصولاً إلى مرتبة الاجتهاد.


ـــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) محمد كرد علي: خطط الشام. ط3. بيروت: دار العلم للملايين، 1983: 6 ج. ج4 / 51 و52.

([2]) نفس المرجع ج4/54 و57.

([3]) عبد الله نعمة: فلاسفة الشيعة حياتهم وآراؤهم، ط1. بيروت: دار الفكر اللبناني، 1987. ص441.

([4])Albert Hourani: From Jabal Amel to Persia Bulletin of the School of Oriental and African studies (BSOAS) University of London VoXLIX , part 1 , 1986 , PP: 133 - 140. . P: 134.

([5]) حسين زيدان: الاتجاهات الشعرية في جبل عامل خلال قرنين 1700-1900 أطروحة دكتوراه حلقة ثالثة في اللغة العربية. بيروت: جامعة القديس يوسف، 1982 (غير منشور)، ص57.

([6]) للإطلاع على أسباب هذه النهضة في بلاد عاملة راجع علي إبراهيم درويش: جبل عامل بين 1516-1697، الحياة السياسية والثقافية. ط1. بيروت دار الهادي، 1993، ص123-174.

([7]) علي سبيتي: جبل عامل في قرنين، نشر في كتاب تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر، د. ط. بيروت: دار الأضواء، 1986. ص449-465.

([8]) محمد جابر آل صفا: تاريخ جبل عامل تاريخ جبل عامل. ط2. بيروت: دار النهار للنشر، 1981. ص231-300.

([9]) إبراهيم آل سليمان: بلدان جبل عامل. د. ط. مؤسسة الدائرة 1995، ص510-545.

([10]) محمد كاظم مكي: الحركة الفكرية والأدبية في جبل عامل. ط2. بيروت: دار الأندلس، 1982، ص25.

([11]) نفس المرجع ص25، ومجلة العرفان مج 31/ 123.

([12]) محمد بن الحسن الحر العاملي: أمل الآمل تحقيق أحمد الحسيني. ط2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983: جزءان ، ج1/181.

([13]) عباس القمي: الكنى والألقاب. ط2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1981: ثلاث أجزاء ، ج2/ 377.

([14]) حسن الأمين: عصر حمد المحمود والحياة الشعرية في جبل عامل. د. ط. بيروت: دار أحياء التراث الإسلامي، 1974. ص15.

([15]) نفس المرجع ص15.

([16]) محسن الأمين: خطط جبل عامل. حققه وأخرجه حسن الأمين، ط1. بيروت الدار العالمية، 1983. ص182.

([17]) فرمان كلخانه: قرار سلطاني يتضمن إصلاحات ستطبقها الدولة العثمانية. محمد فريد: تاريخ الدولة العلية العثمانية. د. ط . بيروت: دار الجيل، 1977، ص254.

([18]) الاصلاحات الخيرية صدرت بعد انتهاء الحرب الروسية-العثمانية وتضمنت إدخال لإصلاحات متماشية مع ما أعلنه السلطان سابقًا في خط كلخانه. فريد: المرجع نفسه. ص256.

([19]) طلال المجذوب: تاريخ صيدا الاجتماعي 1840-1914 د. ط. بيروت، صيدا: المكتبة العصرية، 1983، ص304.

([20]) عبد المجيد الحر: الجديد المنسي من الأدب العاملي: مجلة العرفان مج 71، ع 10، ص 28.

([21]) محمد كاظم مكي: المرجع نفسه ص 29-30. والعرفان مج 27/462.

([22]) محمد جابر آل صفا: تاريخ جبل عامل ص 235.

([23]) يوسف خطار أبو شقرا: الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية. الراوي حسين غضبان أبو شقرا، تحقيق عارف أبو شقرا (د. ط، د. ن.)، 1952. ص151.

([24]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج1/193.

([25]) أبو شقرا: المصدر نفسه ص152.

([26]) أبو شقرا: المصدر نفسه ص157.

([27]) علي مروة: تاريخ جباع، ماضيها وحاضرها. ط1 بيروت: دار الأندلس، 1967. ص33.

([28]) جابر: المرجع نفسه ص 236.

([29]) محسن الأمين: أعيان الشيعة بيروت: دار التعارف، 1960-1963، 56 ج. والمجلد 7: الطبعة الجديدة، دار التعارف، 1986. ج 41/295.

([30]) عبد المجيد الحر: نفس المرجع ص81.

([31]) جابر: المرجع نفسه ص237.

([32]) عبد المجيد الحر: المرجع نفسه، ص81.

([33]) الأمين: خطط جبل عامل ص363.

([34]) جعفر شرف الدين: من دفتر الذكريات الجنوبية. العرفان مج 71، ع 10 ص75.

([35]) حسن الأمين: المرجع نفسه ص17.

([36]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج1/188.

([37]) الأمين: خطط جبل عامل ص 328-329.

([38]) محسن الأمين: خطط جبل عامل ص185. وإبراهيم سليمان: بلدان جبل عامل ص528.

([39]) الأمين: خطط جبل عامل ص256.

([40]) سليمان: المرجع نفسه ص515.

([41]) جابر: نفس المرجع ص 237. والأمين: أعيان الشيعة ج 41/174.

([42]) الأمين: خطط جبل عامل ص 341-342.

([43]) عباس القمي: الكنى والألقاب ج2/ 381-382.

([44]) الأمين خطط جبل عامل ص342.

([45]) ابن الأثير، علي بن أحمد: الكامل في التاريخ. د. ط. بيروت: دار صادر 1982: 13 جزءًا، ج 11/ 227-228.

([46]) جابر: المرجع نفسه ص 237-238.

([47]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج 1/173 .

([48]) كرد علي: المرجع نفسه ج6/128.

([49]) الأمين: خطط جبل عامل ص 182.

([50]) حسن محمد صالح: أنطولوجية الأدب العاملي ج1. ط1. دار الجمان، 1997، ص208.

([51]) شبيب الأسعد: العقد المنضد في ديوان أشعار شبيب بك الأسعد ومقدمات أدبية مع فصول تاريخية. الآستانة: دار الطباعة العامرة، 1309 هـ/1891م. ص 4.

([52]) الأمين: خطط جبل عامل ص 183. جابر: المرجع نفسه ص 239 و247. سليمان: المرجع نفسه ص 526.

([53]) سليمان ظاهر: مجلة العرفان مج 8/ 763.

([54]) مجلة العرفان مج 49/ 952.

([55]) الأمين: المرجع نفسه ص 184. جابر: المرجع نفسه ص 241-242. سليمان: المرجع نفسه ص 529-530.

([56]) الأمين: المرجع نفسه ص 184. جابر: المرجع نفسه ص 247. سليمان: المرجع نفسه ص 529.

([57]) لورته، لويس: مشاهدات في لبنان، ترجمة كرم البستاني. د. ط. بيروت: دار نظير عبود، 1995. ص110.

([58]) لورته: المصدر نفسه ص107.

([59]) لورته: نفسه ص 107. وترجم لورته هذه (الوثيقة) كما اسماها ونشرها حرفياً في كتابه ص 107-109.

([60]) جابر: المرجع نفسه ص 244-245. سليمان: المرجع نفسه ص 521-524.

([61]) الأمين: المرجع نفسه ص 185. جابر: المرجع نفسه ص 246. سليمان: المرجع نفسه ص 514.

([62]) الأمين: المرجع نفسه ص184. جابر: المرجع نفسه ص242-244. سليمان: المرجع نفسه ص516-517.

([63]) جابر: المرجع نفسه ص248.

([64]) الأمين: المرجع نفسه ص184. جابر: المرجع نفسه ص248-249. سليمان: المرجع نفسه 533-534.

([65]) سليمان: المرجع نفسه ص534.

([66]) الأمين: خطط جبل عامل، ص185.

([67]) سليمان: المرجع نفسه: ص535.

([68]) جابر: المرجع نفسه ص249-252 و 269. سليمان: المرجع نفسه 535-545.

([69]) جابر: المرجع نفسه ص247-248.

([70]) الأمين: المرجع نفسه ص184؛ جابر: المرجع نفسه ص247؛ سليمان: المرجع نفسه ص520-521.

([71]) الأمين: المرجع نفسه ص186؛ سليمان: المرجع نفسه ص527.

([72]) الأمين: المرجع نفسه ص185؛ سليمان: المرجع نفسه ص527-528.

([73]) الأمين: المرجع نفسه ص185-186؛ جابر: المرجع نفسه ص247؛ سليمان: المرجع نفسه ص528.

([74]) الأمين: المرجع نفسه ص185؛ جابر: المرجع نفسه ص247؛ سليمان: المرجع نفسه ص531.

([75]) سليمان: المرجع نفسه ص531-532.

([76]) جابر: المرجع نفسه ص 247-248؛ سليمان: المرجع نفسه ص 545.

([77]) سليمان: المرجع نفسه ص524.

([78]) الأمين: المرجع نفسه ص186؛ سليمان ص524.

([79]) خليل أرزوني: تاريخ شحور الاجتماعي 1900-2000، خطط دار العز. ط1. بيروت: الدار الإنسانية، 2001. ص302-303.

([80]) مجلة العرفان مجلد8 / ص656.

([81]) عارف الزين: تاريخ صيدا. مطبعة العرفان ص122. تميمي وبهجت: ولاية بيروت د. ط. بيروت: دار لحد خاطر، 1979: جزءان. ج1/ 157.

([82]) تاريخ صيدا ص 116. ولاية بيروت ج1/ 160.

([83]) تاريخ صيدا ص 117-118.

([84]) تاريخ صيدا ص 121.

([85]) مجلة العرفان مج 16/ 64.

([86]) ولاية بيروت ج1/ 182.

([87]) مجلة العرفان مج 8/ 773.

([88]) تميمي وبهجت: ولاية بيروت، ج 1/ 160 .

([89]) ميشال ثابت الخوري: تاريخ أبرشيات صور، 1800 ـ 1914، ط1. بيروت: دار المواسم، 2003. ص208-210.

([90]) الخوري: المرجع نفسه ص 206.

([91]) الخوري: المرجع نفسه ص 205.

([92]) الخوري: المرجع نفسه ص 203.

([93]) الخوري: المرجع نفسه ص 199-200.

([94]) الشهيد الثاني، زين الدين بن أحمد العاملي الجبعي: منية المريد في آداب المفيد والمستفيد د. ط. بيروت: دار الكتاب الإسلامي، د. ت. ص 73-100.

([95]) الشهيد الثاني: المصدر نفسه ص 100-134.

([96]) الشهيد الثاني: المصدر نفسه ص 200-203.

([97]) محسن الأمين: خطط جبل عامل ص 189-190.

([98]) الأمين: المرجع نفسه ص 191.

* * * *

مكتبة البحث

ابن الأثير، علي بن أحمد: الكامل في التاريخ. د. ط. بيروت: دار صادر 1982: 13 ج.

أبو شقرا، يوسف خطار: الحركات في لبنان إلى عهد المتصرفية. الراوي حسين غضبان أبو شقرا، تحقيق عارف أبو شقرا (د. ط، د. ن)، 1952.

أرزوني، خليل: تاريخ شحور الاجتماعي 1900-2000 خطط دار العز. ط 1. بيروت: الدار الإنسانية، 2001.

الأسعد، شبيب: العقد المنضد في ديوان أشعار شبيب بك الأسعد ومقدمات أدبية مع فصول تاريخية. الآستانة: دار الطباعة العامرة، 1309 هـ/1891.

الأمين، حسن: عصر حمد المحمود والحياة الشعرية في جبل عامل. د. ط. بيروت: دار إحياء التراث الإسلامي، 1974.

الأمين، محسن: أعيان الشيعة. بيروت: دار التعارف، 1960-1963 56 ج. والمجلد 7: الطبعة الجديدة، دار التعارف، 1986.

الأمين، محسن: خطط جبل عامل. حققه وأخرجه حسن الأمين ط 1. بيروت الدار العالمية، 1983.

التميمي، رفيق. وبهجت، محمد: ولاية بيروت. د. ط. بيروت: دار لحد خاطر، 1979: 2 ج.

جابر آل صفا، محمد: تاريخ جبل عامل. ط 2. بيروت: دار النهار للنشر، 1981.

الحر العاملي، محمد بن الحسن: أمل الآمل تحقيق أحمد الحسيني ط 2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983: 2 ج.

الخوري، ميشال ثابت: تاريخ أبرشيات صور 1800-1914 . ط 1. بيروت: دار المواسم، 2003.

درويش، علي إبراهيم: جبل عامل بين 1516- 1697 الحياة السياسية والثقافية. ط 1. بيروت دار الهادي، 1993.

زيدان، حسين علي: الاتجاهات الشعرية في جبل عامل خلال قرنين 1700 - 1900 أطروحة دكتوراه حلقة ثالثة في اللغة العربية. بيروت: جامعة القديس يوسف، 1982 (غير منشور)

الزين، عارف: تاريخ صيدا. مطبعة العرفان.

سليمان، إبراهيم: بلدان جبل عامل. د. ط. مؤسسة الدائرة 1995.

الشهيد الثاني، زين الدين بن أحمد العاملي الجبعي : منية المريد في آداب المفيد والمستفيد د. ط. بيروت: دار الكتاب الإسلامي، د. ت.

صالح، حسن محمد: أنطولوجية الأدب العاملي. ط 1. دار الجمان، 1997: 1 ج.

الصدر، حسن: تكملة أمل الآمل. د. ط. بيروت: دار الأضواء، 1986.

فريد، محمد: تاريخ الدولة العلية العثمانية. ( د. ط ). بيروت: دار الجيل، 1977.

القمي، عباس: الكنى والألقاب. ط 2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1981: 3 ج.

كرد علي، محمد: خطط الشام. ط 3. بيروت: دار العلم للملايين، 1983: 6 ج.

لورته، لويس: مشاهدات في لبنان، ترجمة كرم البستاني. د. ط. بيروت: دار نظير عبود، 1995.

المجذوب، طلال ماجد: تاريخ صيدا الاجتماعي 1840 - 1914. د. ط. بيروت، صيدا: المكتبة العصرية، 1983.

مروة، علي: تاريخ جباع، ماضيها وحاضرها. ط 1 بيروت: دار الأندلس، 1967.

مكي، محمد كاظم: الحركة الفكرية والأدبية في جبل عامل. ط 2. بيروت: دار الأندلس، 1982.

نعمة، عبد الله: فلاسفة الشيعة حياتهم وآراؤهم، ط1. بيروت: دار الفكر اللبناني، 1987.

مجلة العرفان: مجلدات: 8 ـ 16 ـ 27 ـ 31 ـ 49 ـ 71.

Hourani , Albert: From JABAL Amel to PERSIA Bulletin of the School of Oriental and African studies (BSOAS) University of London VoXLIX , part 1 , 1986 , PP: 133-140.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد السادس والعشرون