السنة الحادية عشرة / العدد الثامن والعشرون / نيسان  2016م / رجب  1437هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

عالِم من جبل عامل

الشهيد الثاني 1506 ـ 1558 م

د. علي إبراهيم درويش

 

يُعتبَر القرن السادس عشر قرنًا مميزًا في تاريخ العالم الإسلامي، على حد تعبير "هودجسون" الذي يذكر أنه القرن الذي "يشير إلى ذروة القوة السياسية الإسلامية"، فإنه شهد قيام الإمبراطوريات الثلاث: الصفوية في بلاد فارس، والمغولية في الهند، والعثمانية في الأناضول والبلقان، وكذلك الأوزبك في حوض "أموداريا" (جيحون)، والإمبراطورية الشريفية في المغرب. ويتحدّث هودجسون عن قانون "دولي" محكوم بالشريعة والعرف بين البلاد الإسلامية المترامية الأطراف([1]) في هذا القرن.

ففي مطلعه، وفي خضم الصراع القائم بين الصفويين والعثمانيين، تجاذبت البلاد صراعات عسكرية وعقائدية، أدّت إلى بلورة أفكار سياسية ترتكز إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، ومن أهمها تبرير العمل لدى السلطان، وتسويغ حكمه قبل ظهور الإمام المهدي (عج)، والتي كانت بمثابة بذرة ممارسة (ولاية الفقيه) التي لم تفارق أتباع مذهب الإمامية منذ الغيبة الكبرى للإمام الثاني عشر (عج)، وحتى يومنا هذا.

شكَّلت هذه الفترة بداية ما تمَّ التعارف على تسميته بـ(العصر الحديث)، حيث ودّعت أوروبا فترة (العصور الوسطى)، وانطلقت تؤسس نهضتها. أما في المشرق، فقد أفل نجم دولة المماليك، وبرزت الدولة العثمانية التي سيطرت على القسطنطينية عام 1453م، واتخذتها عاصمة لها تحت اسم (إسلامبول) أو (الأستانة) التي تُعرف اليوم بـ(إستانبول).

انطلقت أوروبا بحملاتها الاستكشافية خارج البحر الأبيض المتوسط، باحثة عن طرق ومنافذ بحرية جديدة تصل بها إلى الهند. فخاضت عباب المحيط الأطلسي، فكان اكتشاف العالم الجديد (أميركا لاحقًا). ودار البرتغاليون حول إفريقيا ووصلوا الهند.

عاش العالم متغيراتٍ جغرافية-اقتصادية وسياسية متنوعة. وأدّى ذلك إلى قيام نمط عالمي جديد، حيث انتقلت الحركة الاقتصادية إلى خارج البحر المتوسط، وحلَّت مكانها موجات من الصراع، قادها الأسبان والبرتغاليون عبر الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط، وفي الخليج العربي والمحيط الهندي.

أفرز هذا الواقع الجديد قوى جديدة، حافظ فيها الحكام المسلمون الجدد على مؤسسة الخلافة عبر رمزها الباقي المتمثل بالخليفة العباسي المقيم في حمى المماليك. واستمر الولاة والحكام المسلمون أينما وجدوا، سواء في مصر أو الهند يحافظون على شرعنة حكمهم عبر الحصول على قرار التولية من هذا الخليفة.

أما الصفويون، الذين اتبعوا نهجًا مستقلاً عن الخليفة العباسي، فقد أظهروا التشيع واعتبروا حكمهم موافقًا للنهج الإمامي، واستقدموا العلماء الشيعة الإمامية من جبل عامل والنجف والبحرين، لتركيز أركان حكمهم ونشر المعتقدات الشيعية في مناطق نفوذهم.

شكَّل هذا الواقع تحديًا للعلماء المسلمين، لا سيما علماء الإمامية منهم، الذين كانوا قد أخذوا بمناقشة مسائل العمل مع السلطان في زمن غيبة الإمام المعصوم، منذ الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عج). وزادت وتيرة النقاش في مطلع القرن السادس عشر الميلادي، وذلك مع بروز سلطان اعتبر مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية مذهبًا رسميًا لدولته، مما شكل تحديًا عمليًا لعلماء الإمامية في تلك الفترة.

في هذه الفترة عاش الشهيد الثاني زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمد بن جمال الدين بن صالح بن مشرف العاملي، حيث احتدم الصراع بين العثمانيين والصفويين. فكانت انطلاقة الإمبراطورية العثمانية وسيطرتها على بلاد ومناطق في آسيا وأوروبا وشمال إفريقيا، وكذلك تأسست الدولة الصفوية عام 1501م([2]) على يد الشاه إسماعيل الأول، وركَّز ابنه طهماسب الذي حكم بين الأعوام 1524 و1576م، أُسسَ هذه الدولة. وخاطب الشاه طهماسب أحد علماء الإمامية الأفذاذ، وهو الشيخ علي بن عبد العالي الكركي الشهير بـ (المحقق الكركي)، بلقب (نائب الإمام) المعصوم. وذلك في فرمان بتاريخ 16 ذي الحجة عام 939هـ/9 تموز عام 1533م، واعتبره "صاحب رتبة خاتم المجتهدين، ووارث علوم سيد المرسلين، وحارس دين أمير المؤمنين... مبيِّن الحلال والحرام، نائب الإمام (عليه السلام)"، وأمر الشاه السادات والأشراف والأمراء والوزراء وسائر أركان الدولة بالاقتداء به، والانقياد لأوامره، واعتبر معزولَ الشيخِ غيرَ مستخدمٍ، إلا إذا أعاد الشيخ توظيفه([3]).

وفي قراءة مفردات هذا الفرمان، نجد أن تعبير "نائب الإمام (عليه السلام)" والمقصود بـ(الإمام) الإمام المهدي، وهو الإمام الثاني عشر عند الشيعة الإمامية. وضمن هذا السياق يذكر الشيخ يوسف البحراني في كتابه "لؤلؤة البحرين" أن الشاه طهماسب "كتب رقيمًا إلى جميع الممالك بامتثال ما يأمر به الشيخ علي، وأن أصلَ الملك إنما هو له لأنه نائب الإمام (عليه السلام)"، ويذكر الشيخ نعمة الله الجزائري في كتابه "شرح غوالي اللآليء" حديثًا للشاه طهماسب أيضًا يخاطب فيه الشيخ الكركي عند قدومه إلى أصفهان وقزوين يقول فيه: [أنت أحق بالملك لأنك النائب عن الإمام، وإنما أكون من عمالك أقوم بأوامرك ونواهيك]([4]). وسلّم الشاه بذلك بخضوع السلطان السياسي لـ(نائب الإمام)، الذي سيُعرَف لاحقًا بـ(الولي الفقيه).

وفي المقلب العثماني، كان السلطان سليم الأول حاكمًا للإمبراطورية العثمانية، وخلفه ابنه سليمان المعروف بـ (القانوني)، واحتدم الصراع بين العثمانيين والصفويين، إلى أن تمَّ بينهما صلح "أماسيا" في 8 رجب عام 962هـ/29 أيار عام 1555م([5]).

وضعت معاهدة "أماسيا" حدًّا للصراعات الدموية بين الجارَين اللدودين. حيث تخلى الصفويون عن ولاية "قارص" وقلعتها للدولة العثمانية، واعتُبِرَت حدود ولاية "شهرزور" في عراق العرب حدًا فاصلاً بين الدولتين "منعًا لوقوع الحوادث المعكِّرة لصفو السلام بين الدولتين" على حد تعبير "نوار"، وتأمين سلامة الحجاج الصفويين المتوجهين لزيارة العتبات الشيعية المقدسة، أو لتأدية فريضة الحج في الحجاز. واعترف الصفويون بسيادة العثمانيين على عراق العرب والمناطق الواقعة إلى الشمال من أذربيجان مع بعض إقليم كردستان([6]).

وإذا عدنا إلى بنود معاهدة "أماسيا"، نرى تخلي الدولة الصفوية عن بعض الأراضي، مقابل تأمين سلامة الحجّاج الصفويين المتوجهين لزيارة العتبات المقدسة في الأراضي العراقية التي احتلها العثمانيون، وكذلك الذاهبين لتأدية فريضة الحج في الحجاز. هذا التنازل عن الأراضي، صاحَبَه اعترافٌ من أكبر قوة إسلامية في العالم الإسلامي السني بحرِّية ممارسة الشعائر الإسلامية الشيعية، أي بتعبير أوضح اعتراف رسمي سني بالجماعة الشيعية الإثني عشرية، وبالتعايش السلمي الودّي بين المذهبَين السني والشيعي. وهذا يؤكد تقديم الدعوة على مسألة الحدود الجغرافية، وهو ما قامت عليه كل الدول الإسلامية، ضمن مفهوم "دار الإسلام".

انسحب الاتفاق والمهادنة بين العثمانيين والصفويين على أتباع المذاهب التي اعتنقها حكام كِلا البلدين، فالشهيد الثاني الذي قُتِل في عام 1558م نتيجة التعصب المذهبي، تتحدث المصادر أن قاتله حوكم وقُتِل([7]). ويمكن أن تكون محاكمة القاتل وقتله من ذيول صلح "أماسيا" عام 1555م الذي ترك لأتباع المذهب الإمامي الإثني عشري -الذي يعتنقه الشاه طهماسب- حرِّية مزاولة مذهبهم بدون تعرُّض.

 كان الشهيد الثاني استمرارًا للنهج الذي اتبعه علماء الإمامية، حيث كان العلماء الإماميون بشكل عام يحافظون على استقلاليتهم عن السلطان. ويظهر ذلك جليًا في مواقف العلماء ومنهم عالم في النجف أصر على عدم الالتحاق بالشاه، وهو الشيخ أحمد بن محمد الأردبيلي (الذي يذكره الشهيد مرتضى مطهري بكثير من الإعجاب والتقدير، فيقول فيه: سكن في النجف الأشرف، وكان معاصرًا للشاه عباس الصفوي الكبير... وكلما أصرَّ الشاه على مجيئه إلى أصفهان لم يرض َ بذلك)([8])، وكان ذلك من أسباب استمرار الحوزة العلمية في النجف. ويربط مطهري بين هذا الموقف في النجف وسلسلة من المواقف المبدئية في الشام وجبل عامل، فيضيف: (كما أن امتناع الشهيد الثاني وابنه الشيخ حسن صاحب المعالم وسبطه السيد محمد صاحب المدارك عن الرواح من الشام وجبل عامل إلى أصفهان، كان هو السبب في دوام تلك الحوزة هناك وعدم انقراضها، وقد بلغ امتناعهم عن الانتقال عن الشام وجبل عامل إلى درجة أنهم انصرفوا عن زيارة حضرة الإمام الرضا (عليه السلام) مع شدة اشتياقهم إليها، مخافة أن يضطروا إلى الإجابة فيما إذا دعوا من قريب)([9]).

ولعل استقلالية علماء جبل عامل عن السلطة الحاكمة هي التي تفسر تعرض سكان جبل عامل، في العديد من أدواره، للاضطهاد والقهر والقمع الذي كانت السلطة الجائرة تمارسه بحق العامليين (لا سيما اتجاه علمائه البارزين، فمن الشهيد الأول إلى الشهيد الثاني يرتسم خط في الممارسة الفقهية مستقل عن الوصاية الرسمية والاحتواء السلطاني) ([10]).

هذه الاستقلالية أفادت العامليين في نواحٍ متعددة، حيث اندفع العلماء العامليون للمباشرة بأعمال التدريس والتحصيل العلمي دون انتظار هبات السلطان ومساعداته، مع تقديم الولاء للأرض والمجتمع أو الوطن الذي يقيمون فيه على ما عداه، ويقدِّمون ذلك على سائر المكاسب الآنية.

هذا الخط الذي هو امتداد لموقف الإمام علي (عليه السلام) والأئمة الأطهار، الذي استلهمه علماء الإمامية على مر العصور، حتى يومنا هذا، مرورًا بموقف الشهيد الأول في القرن الرابع عشر الميلادي، والشهيد الثاني في القرن السادس عشر الميلادي، هذا النهج الذي اتبعه علماء النجف في مطلع القرن العشرين، في وجه الدولة البريطانية الغازية، والخط الذي اعتمده علماء الإمامية في أماكن تواجدهم وعملهم.

اتبع الشهيد الثاني نهج أسلافه، فلم يغادر بلاد الشام، وبتحديد أكثر جبل عامل، بل درس وتعلم وبلغ المراتب الاجتهادية العليا، وأخذ بالتدريس في المدارس الشامية التابعة للدولة العثمانية، وعمل في سلكها (الوظيفي)، وخضع للواجبات المفروضة على الموظفين، كتقديم الأبحاث عندما أراد تولي وظيفة التدريس. كما أنه درس على علماء الشيعة والسنة، وشرح وعلَّق على كتابات من سبقه من العلماء، وفي مقدمهم الشهيد الأول.

وفي هذا السياق يشكِّل الشهيد الثاني، معلَمًا هامًا على طريق هذا المبدأ حيث سيقوم بشرح كتاب الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني، والذي يحمل عنوان (اللمعة الدمشقية) الذي أرسله للأمير علي بن المؤيد السربداري (763-783هـ/1361-1381م)، عندما طلب منه المجيء إلى بلاد السربداريين، فأرسل له كتابه هذا. هذا الشرح الذي يحمل عنوان (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية)، حيث يضمّنه شروحًا وتعليقات على آراء الشهيد الأول. فلنتعرف على هذا الشهيد ونتاجه.

 

1 ـ نسبه وحياته:

هو الشيخ زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن محمد بن جمال الدين بن صالح بن مشرف العاملي([11]) الشامي الطلوسي، المعروف بابن الحجة النحاريري، الشهير بالشهيد الثاني، والطلوسي نسبة إلى طلوسة قرية عاملية، والظاهر أنه وصفٌ لجده([12]) لا له لأن وطنه الأصلي جبع، والنحاريري نسبة إلى (النحارير)، والظاهر أن النحارير اسم لقرية بني حيان، أو طلوسة، أو لأرض أو جهة واقعة بالقرب منهما([13]).

وكان بعض العلماء يقول إن النحارير هي المعروفة اليوم بوادي الشحارير وحرِّفت، أو أنها منسوبة إلى النحارير جمع نحرير لأن جماعة من العلماء النحارير كانوا يستغلونها فنُسبت إليهم([14])، وقال البعض التحارير (بالتاء) ولكن الذي وُجِد النحارير بالنون([15]).

وقد ترجم حياته تلميذه الشيخ محمد بن العودي الجزيني في كتاب أسماه (بغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ زين الدين الشهيد وسوانحه وتواريخه من ولادته إلى شهادته)، ذكر فيه أحوال الشهيد الثاني عن رسالة كان الشهيد نفسه قد ألّفها في ذكر أحواله .

وذكر أن مولده ثالث عشر شوال سنة 911هـ/1506م، وختم القرآن وعمره تسع سنين، وقرأ على والده في فنون العربية والفقه إلى أن توفي والده سنة 925هـ/1519م ، فارتحل تلك السنة مهاجرًا في طلب العلم إلى ميس، واشتغل على الشيخ علي بن عبد العالي الميسي في مدرسة ميس إلى أواخر سنة 933هـ/1527. ثم ارتحل بعد ذلك إلى كرك نوح وقرأ بها على السيد حسن بن جعفر جملة من الفنون، ثم انتقل إلى جبع سنة 934هـ/1528م.

ثم ارتحل إلى دمشق واشتغل على الشيخ شمس الدين محمد بن مكي وعلى الشيخ أحمد بن جابر، ثم عاد إلى جبع.

ورحل إلى مصر سنة 942هـ/1535م لتحصيل ما أمكن من العلوم، وقرأ على جماعة من علماء العامة (السنة)، وذكر أنه قرأ بمصر على ستة عشر رجلاً من أكابر علمائهم، ثم ارتحل سنة 944هـ/1538م إلى الحج فحجّ ورجع إلى جبع.

ثم سافر إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام سنة 946هـ/1539م، ورجع تلك السنة إلى جبع أيضًا([16]).

ثم سافر إلى بلاد الروم (مقر السلطان العثماني) سنة 952هـ/1545م ودخل الأستانة في 17 ربيع الأول ولم يجتمع مع أحد من الأعيان إلى ثمانية عشر يومًا، كتب خلالها رسالة في عشرة مباحث من عشرة علوم أوصلها إلى قاضي العسكر محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي، فأعجبته هذه المباحث، ودارت بينهما مباحثات عدة.

ثم إن قاضي العسكر بعث إليه الدفتر المشتمل على الوظائف والمدارس وبذل له ما اختاره. فاختار المدرسة النورية ببعلبك التي وقفها السلطان نور الدين، ونال براءةً بذلك وجعل له في كل شهر ما شرطه واقف المدرسة.

وأقام في القسطنطينية بعد ذلك قليلاً واجتمع فيها بالسيد عبد الرحيم العباسي، وخرج من الآستانة في 11 رجب متوجهًا نحو العراق.

وبعد زيارة الأئمة رجع إلى جبع في صفر سنة 953هـ/1546م، وأقام في بعلبك يدرِّس في المذاهب الخمسة، واشتهر أمره وصار (مرجع الأنام ومفتي كل فرقة بما يوافق مذهبها) ثم انتقل بعد خمس سنين 958هـ/1551م إلى جبع وأقام فيها مشتغلاً بالتدريس والتصنيف، وبقي في جبع حتى سنة 965هـ/1557-1558م([17]) وفي هذه السنة كان استشهاده.

سبب شهادته

أما سبب قتله فهو أنه ترافع إليه رجلان فحكم لأحدهما على الأخر، فغضب المحكوم عليه وذهب إلى قاضي صيدا واسمه "معروف"، فأرسل في طلب الشيخ الذي كان مشغولاً في تلك الأيام بتأليف شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الأول. فقال له بعض أهل البلد: إنه مسافر. فخطر في بال الشيخ أن يسافر إلى مكة بقصد الاختباء، فسافر في محمل مغطى.

ثم كتب القاضي معروف إلى السلطان العثماني أنه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع خارج عن المذاهب الأربعة. فأرسل السلطان رجلاً في طلب الشيخ وقال له: (ائتني به حيًا حتى أجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحثوا معه ويطلعوا على مذهبه ويخبروني، فأحكم عليه بما يقتضي مذهبي).

فجاء الرجل فأُخبر أن الشيخ توجه إلى مكة، فذهب في طلبه إلى مكة. حيث صحبه من هناك واتجه به نحو بلاد الروم، فلما وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشيخ فقال: رجل من علماء الشيعة الإمامية أريد أن أوصله إلى السلطان. فقال: أما تخاف أن يُخبرَ السلطانَ بأنك قد قصرت في خدمته وآذيته، وله هناك أصحاب يساعدونه فيكون سببًا لهلاكك، بل الرأي أن تقتله وتأخذ برأسه إلى السلطان. فقتله في مكانه من ساحل البحر([18]) بالقرب من قرية تسمى "بايزيد" في طريق الآستانة يوم الجمعة من شهر رجب سنة 965 أو 966هـ/1557 أو 1558م([19]).

أما عن كيفية اقتياده ومقتله فهناك اختلاف في رواية الحادثة. ففي أمل الآمل أن الرجل أدركه في الطريق إلى مكة، فقال له: تكون معي حتى نحج بيت الله ثم أفعل ما تريد. فَرَضِيَ بذلك، ولما فرغ من الحج سافر معه إلى بلاد الروم إلى الموضع الذي قتله فيه. وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة أنوارًا تنزل من السماء وتصعد، فدفنوه هناك وبنوا عليه قبة. وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان فأنكر عليه وقال: أمرتك أن تأتيني به حيًا فقتلته. وسعى السيد عبد الرحيم العباسي في قتل ذلك الرجل فقتله السلطان([20]).

وفي رواية منقولة عن خط الشيخ بهاء الدين العاملي، ذُكرت في لؤلؤة البحرين([21])، أنه كان القبض عليه بالمسجد الحرام في 5 ربيع الأول سنة 965هـ/1557م، بعد فراغه من صلاة العصر وأخرجوه إلى بعض دور مكة، وبقي محبوسًا هناك شهرًا وعشرة أيام. ثم ساروا إلى طريق البحر إلى القسطنطينية وقتلوه بها في تلك السنة، وبقي مطروحًا ثلاثة أيام ثم ألقوا جسده الشريف في البحر([22]). والأرجح هو العام 1558م، كما يروي "النهروالي" في مخطوطه.

ولم يترك الشهيد الثاني من الأبناء الذكور إلا ولده الشيخ حسن صاحب المعالم. وقد أصيب الشهيد الثاني بفقد الأبناء، وكان ذلك سببًَا من أسباب تأليفه كتاب (مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد) ([23]). فرجا الله أن يرزقه ولدًا ويدفعه إلى أحد تلامذته السيد علي بن الحسين الصائغ الحسيني العاملي الجزيني -وكان له فيه اعتقاد- ليكون مربِّيه ومعلِّمه، فحقق الله رجاءه ورزقه ابنه حسنًا. وتولى السيد علي الصائغ تعليمه([24]). والشيخ حسن بن زين الدين هو الذي ألّف كتاب (معالم الدين) حتى اشتهر باسم "الشيخ حسن صاحب المعالم". ومن الشيخ حسن صاحب المعالم كان نسل الشهيد الثاني الذي أُطلق عليهم لقب (سلسلة الذهب)([25]).

2 ـ صفاته وأحواله:

أثنى العلماء -الذين ذكروا الشهيد الثاني- عليه وذكروه بأحسن الأوصاف والمزايا. ففي أمل الآمل ذكر في حقه: (أمرُه في الثقة والعلم والفضل والزهد والعبادة والورع والتحقيق والتبحر وجلالة القدر وعظم الشأن وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يُذكر، ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تُحصى وتُحصر، ومصنفاته كثيرة ومشهورة)([26]).

وفي كتاب روضات الجنات: (لم ألقَ إلى هذا الزمن -الذي هو من حدود ثلاث وستين ومائتين بعد الألف [1263هـ/1847م]- أحدًا من العلماء الأجلّة يكون بجلالة قدره، وسعة صدره، وعظم شأنه، وارتفاع مكانه، وجودة فهمه، ومتانة عزمه، وحسن سليقته، واستواء طريقته ونظام تحصيله، وكثرة أساتيذه، وظرافة طبعه، ولطافة صنعه، ومعنوية كلامه، وتمامية تصنيفاته، وتأليفاته، بل كاد أن يكون في التخلق بأخلاق الله تبارك وتعالى تاليًا لتلو المعصوم)([27]).

وللشهيد الثاني أحوال وغرايب، فيُروى أنه مرَّ على الموضع الذي قُتل فيه وبصحبته الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي العاملي، فقال: يوشك أن يقتل في هذا الموضع رجل له شأن، أو قال شيئًا قريبًا من هذا المعنى، ثم إنه استشهد هو نفسه في ذلك الموضع ولا ريب أن هذه من كراماته([28]).

ومن أحواله أيضًا عن بعض مؤلفات البهائي قال: أخبرني والدي، أنه دخل في صبيحة بعض الأيام على شيخنا، فوجده متفكِرًا فسأله عن سبب تفكره، فقال: يا أخي، أظن أني أكون ثاني الشهيدين. وفي رواية (ثانية شيخنا الشهيد (الأول) في الشهادة)، لأني رأيت البارحة في المنام أن السيد المرتضى عمل ضيافة جمع فيها علماء الإمامية بأجمعهم في بيت. فلما دخلت، قام السيد المرتضى ورحّب بي، وقال لي: يا فلان إجلس بجنب الشيخ الشهيد فجلست بجنبه، فلما استوى بنا المجلس انتبهت من المنام. ومنامي هذا دليل على أني أكون تاليًا له في الشهادة([29]).

وقال عنه تلميذه ابن العودي (حاز من صفات الكمال ومحاسنها ومآثرها، وتروّى من أصنافها بأنواع مفاخرها، كانت له نفس علَِيَّة تزهو بها الجوانح والضلوع، وسجية سَنِيَّة يفوح منها الفضل ويضوع، كان شيخ الأمة وفتاها، ومبدأ الفضائل ومنتهاها، لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة، ووزع أوقاته على ما يعود نفعه في اليوم والليلة)([30]). وكان يقوم بمهام التدريس والتأليف، وقضاء حوائج المحتاجين، وتلقّي الأضياف بوجه مُسفِر وكرم وبشاشة، ومع ذلك كان ينقل الحطب بالليل على حمار لعياله([31]). وكان يحرس الكرم ليلاً ويطالع الدروس، وفي الصباح يلقي الدروس على الطلبة، وكان يشتغل بالتجارة أحيانًا، فيتاجر بالشريط ويحمله إلى البلاد النائية، وكان يباشر بناء داره ومسجده الذي يقع إلى جانب داره في قرية جبع([32]). وذكر أنه: (خلَّف أكثر من ألفَي كتاب، منها مائتا كتاب بخطه من مؤلفاته وغيرها) ([33]).

 

3 ـ طلبه للعلم، أساتذته وتلاميذه:

أ ـ طلبه للعلم:

ابتدأ الشهيد الثاني تلمذته على والده، فحفظ القرآن الكريم وعمره تسع سنين 920هـ/1514م، وقرأ على والده العربية، ولما توفي والده سنة 625هـ/1519م ارتحل إلى ميس، فقرأ على الشيخ علي بن عبد العالي الميسي "الشرايع والإرشاد وأكثر القواعد" -وكان الشيخ علي زوج خالته- وتزوج الشهيد من ابنته. ثم ارتحل إلى كرك نوح وقرأ على السيد حسن بن جعفر الكركي "قواعدَ ميثم البحراني والتهذيب والعمدة"، وكلاهما في أصول الفقه ومن مصنفات السيد المذكور، والكافية في النحو وغير ذلك.

ثم ارتحل إلى جبع سنة 935هـ/1528م وأقام فيها مشتغلاً بمطالعة العلم والمذاكرة حتى سنة 937هـ/1531م. ثم ارتحل إلى دمشق وقرأ على الشيخ شمس الدين بن محمد بن مكي من كتب الطب (الموجز النفيسي) (وغاية القصد في معرفة الفصد) من تصانيفه، وفصول الفرغاني والهيئة وبعض حكمة الإشراق، وقرأ على الشيخ أحمد بن جابر "الشاطبية" في علم القراءات، ثم رجع إلى جبع سنة 938هـ/1532م. ثم ارتحل إلى دمشق يريد مصر واجتمع بالشيخ شمس الدين بن طولون حيث قرأ عليه جملة من الصحيحين في الصالحية بالمدرسة السليمية وأجيز منه روايتهما. وسافر من دمشق إلى مصر يوم الأحد منتصف ربيع الأول سنة 942هـ/1535م واشتغل على جماعة من العلماء، منهم الشيخ أبو الحسن البكري صاحب كتاب الأنوار في مولد النبي (ص). ثم ارتحل إلى الحجاز 943هـ/1537م، ومنها عاد إلى جبع سنة 944هـ/1537 م. ثم سافر سنة 946هـ/1540م إلى العراق لزيارة الأئمة ورجع إلى جبع([34]). ثم سافر إلى بيت المقدس في ذي الحجة سنة 949هـ/1542م، واجتمع بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطف المقدسي وقرأ عليه بعض صحيح البخاري، وبعض صحيح مسلم، وأجازه إجازة عامة، ثم رجع إلى جبع واشتغل بمطالعة العلوم ومذاكراته. وفي سنة 952هـ/1545م قصد الآستانة لينال وظيفة التدريس، وعاد منها سنة 953هـ/1546 م بعدما نال مهمة التدريس في المدرسة النورية ببعلبك([35]).

وهكذا نرى أن الشهيد الثاني قد درس على علماء الشيعة في جبل عامل وكرك نوح والعراق، ولم يكتفِ بذلك، بل درس على علماء السُنّة في دمشق ومصر وبيت المقدس. أي أنه لم يكن في تعلمه مقتصرًا على علماء الشيعة. بل تعلّم ونهل من تعاليم المذاهب الإسلامية الأخرى، إذ درس على علماء من المذهب الحنبلي والشافعي والحنفي والمالكي بالإضافة إلى علماء المذهب الإمامي الإثنى عشري.

لذلك اعتُبر الشهيد الثاني علمًا مهمًا من أعلام الشيعة في القرن السادس عشر الميلادي، ويُرى ذلك في كثرة مؤلفاته وتنوّع الموضوعات التي تناولها. ويذكر السيد محسن الأمين أن الشهيد الثاني أول من صنَّف من الإمامية في دراية الحديث([36])، ونقل الاصطلاحات من كتب العامة ([37]).

ب ـ أساتذته وشيوخه:

تتلمذ الشهيد الثاني على عدد من العلماء من مختلف المذاهب الإسلامية.

ومن هؤلاء المشايخ:

- والده الشيخ علي بن أحمد العاملي الجبعي.

- الشيخ علي بن عبد العالي الميسي.

- السيد بدر الدين حسن بن جعفر الأعرجي الكركي.

- الشيخ الفيلسوف شمس الدين محمد بن مكي.

- الشيخ شمس الدين بن طولون الدمشقي الحنفي.

- الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي الشافعي.

- الشيخ شهاب الدين بن النجار الحنبلي.

- الشيخ المحقق ناصر الدين الملقاني المالكي. وغيرهم([38]).

ج ـ تلامذته والراوون عنه:

تتلمذ على الشهيد الثاني عدد كبير من الأعلام، نذكر بعضهم:

1- الشيخ أحمد بن سليمان العاملي النباطي.

2- الشيخ أحمد بن نعمة الله بن خاتون العاملي.

3- السيد حسين بن نور الدين الحسيني الشقطي العاملي.

4- الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي.

5- الشيخ حسين بن مشرف العاملي العيناتي.

6- أخوه الشيخ عبد النبي بن علي بن أحمد بن محمد العاملي (أخو الشهيد الثاني).

7- السيد علي بن الحسين الصائغ الحسيني العاملي الجزيني، وهو الذي كان يعتقد فيه، ونذر إن رُزِقَ بولدٍ ذكرٍ سيدفعه للسيد الصائغ فيعلّمه، فرُزِقَ بولده حسن.

8- الشيخ علي بن زهرة العاملي الجبعي.

9- الشيخ محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي الجزيني.

10- السيد محمد بن ناصر الدين العاملي الكركي.

11- الشيخ محي الدين بن أحمد بن تاج الدين العاملي الكركي.

12- الشيخ مكي الجبيلي.

13- السيد نور الدين بن فخر الدين بن عبد الحميد العاملي الكركي([39]). وغيرهم من العلماء العامليين.

كما تتلمذ على الشهيد الثاني جماعة من غير العامليين ومنهم:

1- الشيخ حسين بن سالم.

2- الشيخ محمد بن علي بن هارون الأسدي الجزائري.

3- المولى محمود بن محمد بن علي اللاهجي الكيلاني([40]). وغيرهم العديد من العلماء([41]).

إجازات الشهيد الثاني:

 1- (إجازته) للشيخ ظهير الدين إبراهيم بن علي بن عبد العالي الميسي، وهي إجازة متوسطة، تاريخها سنة 957هـ/1550م.

2- (إجازته) للشيخ تاج الدين بن هلال الجزائري، متوسطة، تاريخها ذي الحجة 964هـ/1557م.

3- (إجازته) للشيخ محي الدين أحمد بن عبد العالي الميسي.

4- (إجازته) للشيخ حسين بن زمعة المدني، مختصرة، تاريخها شوال 948هـ/1541م.

5- (إجازته) للشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي، تاريخها جمادى الآخرة 941هـ/1535م.

6- (إجازته) للشيخ سلمان بن محمد بن محمد الجبعي العاملي، مختصرة، تاريخها ذي القعدة 954هـ/1547م.

7- (إجازته) للسيد عطاء الله بن بدر الدين حسن الحسيني الموسوي، متوسطة، تاريخها جمادى الأولى 950هـ/1543م.

8- (إجازته) للسيد نور الدين علي بن حسين الشهير بابن الصائغ، تاريخها جمادى الأولى 958هـ/1551م.

9- (إجازته) للشيخ محمود بن محمد اللاهجي، مختصرة، تاريخها رجب 953هـ/1546م.

 مؤلفاته:

ترك الشهيد الثاني عددًا كبيرًا من المؤلفات، تضمنت الإجازات والرسائل والحواشي والفتاوى، وهي كما ذكرها الطهراني في كتابه (الذريعة إلى تصانيف الشيعة):

1- (آداب الصلاة) وهو غير أسرار الصلاة للشهيد نفسه.

2- (وظائف يوم الجمعة) طبع مع رسالته أعمال الجمعة([42]).

3- (الأربعون حديثًا) في الفضائل([43]).

4- (أسرار الزكاة والصوم والحج).

5- (الأسطنبولية في الواجبات العينية).

6- (الاعتقادية).

7- (أعمال الجمعة) مختصرة مطبوع.

8- (الاقتصاد) في معرفة المبدأ والمعاد وأحكام أفعال العباد والإرشاد إلى طريق الاجتهاد.

9- (أنوار الهدى) في مسألة البَداء([44]).

10- (بداية الدراية) وشرحه طبع ضمن شرحه بطهران سنة 1310هـ/1892-1893م.

11- (البداية في سبيل الهداية) ذكرها الحر العاملي في أمل الآمل بعد ذكره بداية الدراية([45]).

12- (تخفيف العباد في بيان أحوال الاجتهاد)، مختصر يقرب من مائتي بيت.

13- (ترجمة الشيخ زين الدين) الشهيد الثاني.

14- (تفسير آية البسملة) يقرب من ماية وخمسين بيتًا.

15- (تفسير آية والسابقون الأولون) من سورة التوبة آية 101.

16- (تقليد الميت).

17- (تمهيد القواعد الأصوليّة والعربية لتفريع الأحكام الشرعية). طبع بإيران مع "الذكرى" سنة 1272هـ/1856م.

18- (التنبيهات العلِيَّة) على وظائف الصلاة القلبية وأسرارها. وهو الموسوم أيضًا باسم أسرار الصلاة. طبع بإيران عدة مرات منها سنة 1305هـ/1888م و1325هـ/1907م([46]).

19- (جوابات ابن فرّوج)، وابن فرّوج هو الشيخ زين الدين بن إدريس.

20- (جوابات الشيخ أحمد العاملي) الشهير بالمازحي.

21- (جوابات بعض الأفاضل)، وهي جوابات عن ثلاث مسائل سئل عنها.

22- (جوابات سبع مسائل) مختصرة تقرب من خمسين بيتًا.

23- (جوابات ستين مسألة).

24- (جوابات المسائل الخراسانية).

25- (جوابات المسائل الشامية).

26- (جوابات المسائل النجفية).

27- (جوابات المسائل الهندية).

28- (جواز الحكومة الشرعية) لغير المجتهد عند تعذّر المجتهد الجامع للشرائط، حكى عنه الشيخ سليمان الماحوزي في (الفوائد النجفية)، ونقل عنه الشيخ يوسف في كشكوله.

29- (جواهر الكلمات في صيغ العقود والإيقاعات) ([47]).

30- (الحاشية على إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان)، المتن للعلاّمة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (ت 726 هـ/1326م).

31- (الحاشية على ألفية الشهيد الأول) (ت 786 هـ/1384 م).

32- (الحاشية على خلاصة الأقوال في علم الرجال) تأليف العلاّمة الحلي.

33- (الحاشية على الروضة البهية من شرح اللمعة الدمشقية)، اللمعة في الفقه للشهيد الأول والشرح للشهيد الثاني.

34- (الحاشية على شرايع الإسلام)، المتن تأليف المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي (ت 676 هـ/1277م). يوجد نسخة منها في المكتبة الرضوية.

35- (الحاشية على قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام) في قواعد الفقه الكلية للعلاّمة الحلي.

36- (الحاشية على المختصر النافع) أي كتاب النافع في مختصر الشرايع. الأصل ومختصره كلاهما للمحقق الحلي.

37- (الحاشية على مسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام). الشرايع للمحقق الحلي والشرح للشهيد الثاني والحاشية للشهيد الثاني أيضًا.

38- (الحبوة).

39- (الحث على صلاة الجمعة) طبعت مع رسالته في وجوب الجمعة.

40- (حجية الإجماع) ([48]).

41- (حقايق الإيمان) في بيان حقيقة الإيمان والإسلام وأجزائهما وشروطهما، ويعرف هذا الكتاب أيضًا بعنوان (الإيمان والإسلام)، أو (تحقيق الإسلام والإيمان). طبع مع (كشف الفوائد) للعلاّمة سنة 1305هـ/1888م.

42- (خصايص يوم الجمعة) طُبِع مستقلاً في صيدا كما طُبِع منضمًا إلى بعض رسائله في طهران([49]).

43- (ذم التقليد واتباع الآباء وترك الاستدلال). يقرب من مائتين وثلاثين بيتًا.

44- (رجال الشيخ زين الدين الشهيد) ([50]).

45- (رسالة في الاجتهاد).

46- (رسالة في إرث الزوجة).

47- (رسالة في البئر وعدم انفعاله).

48- (رسالة في بطلان الصلاة بلا ولاية).

49- (رسالة في تيقن الطهارة والحدث، والشك في المتأخر منهما) طبعت ضمن مجموعة إفاداته سنة 1313هـ/1896م.

50- (رسالة في الحدث أثناء الغسل) طبعت ضمن مجموعة من رسائله سنة 1313هـ/1896م.

51- (رسالة في خروج المقيم عن محل الإقامة).

52- (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية) طبع مرارًا.

53- (روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان) طبع بإيران ومعه منية المريد 1307هـ/1890م([51]).

54- (شرح بداية الدراية) الشرح والمتن للشهيد الثاني، طبع بإيران.

55- (شرح حديث الدنيا مزرعة الآخرة) ([52]).

56- (شرح المنظومة في النحو) لناظمها الشهيد الثاني([53]).

57- (رسالة في صلاة الجمعة).

58- (رسالة في صلة الرحم) وأنها تزيد العمر.

59- (رسالة في طلاق الحائض الحاضر زوجها وتحريمه).

60- (رسالة في طلاق الحامل الحاضر زوجها المدخول بها).

61- (رسالة في طلاق الغائب)، طبعت ضمن مجموعة عشر رسائل له في 1312هـ/1895م.

62- (رسالة في العدالة).

63- (رسالة في عدم انفعال البئر بملاقاة النجاسة).

64- (عشرة مباحث مشكلة في عشرة العلوم)، ألفها في أستانبول([54]).

65- (غنية القاصدين في معرفة اصطلاحات المحدثين).

66- (فتاوى الإرشاد).

67- (فتاوى الشرايع).

68- (فتاوى المختصر النافع).

69- (فتوى الخلاف من اللمعة).

70- (فوائد في الدراية).

71- (الفوائد الملية في شرح الرسالة النقلية)، طبع مع المقاصد العلية بطهران سنة 1312هـ/1895م.

72- (فهرست تمهيد القواعد) طبع سنة 1272هـ/1856م([55]).

73- (القصر في السفر) رسالة موجزة في صلاة المسافر([56]).

74- (كشف الريبة في أحكام الغيبة والنميمة)، مطبوع بإيران([57]).

75- (ما خالف شيخ الطائفة إجماعات نفسه) وشيخ الطائفة هو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي ت 460 هـ/1068 م، طبعت مع (الألفية) و(النفلية).

76- (ما لا يسع المكلف جهله من الأصول والفروع) موجود في مكتبة الطهراني بسامراء([58]).

77- (مختصر خلاصة الأقوال).

78- (مختصر مسكِّن الفؤاد في فقد الأحبة والأولاد)، المختصر والأصل للشهيد الثاني.

79- (مختصر منية المريد) كأصله للشهيد الثاني.

80- (مسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام).

81- (مستثنيات الغيبة).

82- (مسكِّن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد) طبع بإيران.

83- (المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية الشهيدية) طبع بإيران سنة 1312هـ/1895م.

84- (مقالة في الحث على صلاة الجمعة) طبعت مع رسالته في صلاة الجمعة.

85- (مقالة في قبلة الشامات) وميلها عن الجنوب، مختصر في 25 بيتًا.

86- (منار القاصدين في أسرار معالم الدين).

87- (مناسك الحج الكبير).

88- (مناسك الحج الصغير).

89- (منتخب مشيخة الحسن بن محبوب) ([59]).

90- (منظومة في النحو).

91- (منية المريد في آداب المفيد والمستفيد) طبع مكررًا في النجف وغيرها.

92- (رسالة في ميراث الزوجة غير ذات الولد) ([60]).

93- (نتايج الأفكار في حكم المقيمين في الأسفار) في حكم المسافر إذا نوى الإقامة في غير وطنه.

94- (النية) وهي غير التي تليها.

95- (نية الحج والعمرة) وهي غير مناسكه مختصرة تزيد على مائة بيت([61]).

 

وفي الختام نقول إن الشهيد الثاني انخرط في مجتمعه فكان عالمًا ومرجعًا، وقدم نموذجًا للعالم العامل، وكان مثالاً. ونقول مع الخوانساري إنه كاد أن يكون (تاليًا لتلو المعصوم).

مراجع البحث

باللغة العربية:

- الأصبهاني، الميرزا عبد الله أفندي (1066-1130هـ/1655-1718م): رياض العلماء وحياض الفضلاء. باهتمام محمود المرعشي. تحقيق احمد الحسيني. قم مطبعة الخيام. د.ط -1980. 5ج.

- الأمين، محسن: أعيان الشيعة. بيروت: دار التعارف، 1960-1963، 56ج. والطبعة الجديدة، بيروت: دار التعارف، 1986-1987، 12ج.

- الأمين، محسن: خطط جبل عامل. حققه وأخرجه حسن الأمين ط1. بيروت الدار العالمية، 1983.

- الأميني، عبد الحسين: شهداء الفضيلة. ط2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983.

- الحر العاملي، محمد بن الحسن: أمل الآمل تحقيق أحمد الحسيني ط2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983: 2ج.

الخوانساري، محمد باقر الموسوي: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات. د.ط. طهران، قم، مكتبة إسماعيليان 1390هـ/1970م. 8ج

- الطهراني، آقا بزرك: الذريعة إلى تصانيف الشيعة. ط3. بيروت: دار الأضواء، 25ج.

- القمي، عباس: الكنى والألقاب. ط2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1981: 3ج.

- المطهري، مرتضى: الإسلام وإيران. ترجمة محمد هادي اليوسفي. بيروت: دار التعارف للمطبوعات ودار التبليغ الإسلامي. د.ط ـ د.ت.

- كوثراني، وجيه: المجتمع والسلطة والعالم، مجلة الثقافة الإسلامية، ع5 - 1406هـ/1986م.

- نوار، عبد العزيز سليمان: الشعوب الإسلامية. بيروت: دار النهضة العربية. د.ط ـ 1973.

 

باللغة الفارسية:

- بيرنيا، حسن (مشير الدولة) وعباس اقبال اشتيانى: تاريخ إيران از آغاز تا انقراض قاجاريه ]تاريخ إيران منذ أقدم العصور حتى سقوط الدولة القاجارية[. تهران: كتابفروشى خيام. د.ط ـ د.ت. تاريخ المقدمة 1364هـ.ش/1985. (جزءان في مجلد واحد).

- پارسادوست، منوچهر: شاه تهماسب أول. شركت سهامى انتشار. جاب1- 1377 هـ.ش/ط1 -1998.

 

باللغة الإنكليزية:

- Hodgson, Marshall. G.S: The Venture of Islam: the Gunpowder Empires and Modern Times, Chicago, London: University of Chicago press, 1974. Volume 3.

- Roemer, H.R: The Early Safavid Empire, in (CHI). volume 6

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش


([1])Hodgson, Marshall. G.S: The Venture of Islam: the Gunpowder Empires and Modern Times, Chicago, London: University of Chicago press, 1974. Volume 3 p.47

([2]) إقبال عباس:: تاريخ إيران از آغاز تا انقراض قاجاريه ]تاريخ إيران منذ أقدم العصور حتى سقوط الدولة القاجارية[. تهران: كتابفروشى خيام. د.ط ـ د.ت. تاريخ المقدمة 1364هـ.ش /1985. (جزءان في مجلد واحد).. ص 663.

([3]) الأصبهاني: رياض العلماء وحياض الفضلاء، باهتمام محمود المرعشي، تحقيق أحمد الحسيني، قم مطبعة الخيام، د.ط ـ 1980،5ج، ج3/456 و460.

([4]) الخوانساري: روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات تهران، قم: مكتبة إسماعيليان، د.ط، د.ت. 8ج، ج4/360-361.

([5]) منوچهر پارسادوست: شاه تهماسب أول، شركت سهامى انتشار، جاب1-1377هـ.ش/ط1-1998، ص236؛ حول هذه المعاهدة راجع الفصل الثالث: العلاقات الصفوية العثمانية. من دراستنا: السياسة والدين في مرحلة تأسيس الدولة الصفوية 1501-1576م. (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة وبيروت، ط1، 2013م).

([6]) پارسادوست: المرجع السابق ص 227-237؛ وعبد العزيز سليمان نوار، تاريخ الشعوب الإسلامية، (بيروت: دار النهضة العربية، د.ط-1973) ص240؛ وRoemer, H.R: The Early Safavid Empire, in (Cambridge History of Islam). volume 6 pp., 240 -241.

([7]) الحر العاملي: أمل الآمل، تحقيق أحمد الحسيني بيروت، مؤسسة الوفاء، ط2-1983، جزءان، ج1 ص91.

([8]) وجيه كوثراني: العصر العثماني: المجتمع والسلطة والعالم، مجلة الثقافة الإسلامية ع5، ص118؛ ومرتضى المطهري: الإسلام وإيران، ص339.

([9]) مرتضى مطهري: الإسلام وإيران، ترجمة محمد هادي اليوسفي، بيروت، دار التعارف للمطبوعات ودار التبليغ الإسلامي، د.ط -د.ت، ص339.

([10]) كوثراني: المرجع السابق ص 115.

([11]) عباس القمي: الكنى والألقاب. ط2، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1981: 3 ج. ج 2/381.

([12]) محسن الأمين: خطط جبل عامل، حققه وأخرجه حسن الأمين ط1. بيروت الدار العالمية، 1983. ص318.

([13]) نفس المرجع ص366.

([14]) محسن الأمين: أعيان الشيعة. بيروت، دار التعارف، 1960-1963، 56 ج. ج 44/309.

([15]) الأمين: خطط جبل عامل ص366.

([16]) الحر العاملي: المصدر نفسه. ج 1 / 88 ـ 89.

([17]) القمي: نفس المرجع ج 2 / 383.

([18]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج 1 /90 ـ 91.

([19]) محسن الأمين: أعيان الشيعة، ط جديدة (بيروت: دار التعارف، 1986ـ 87) 12 ج. مج 7/ 143.

([20]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج1/ 91.

([21]) آقا بزرك الطهراني: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ط 3، بيروت: دار الأضواء، 1983. 25ج. ج 18 / 379. والكتاب هو (لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتَي العين) تأليف الشيخ يوسف البحراني ت 1186هـ/ 1772م.

([22]) عبد الحسين الأميني: شهداء الفضيلة، ط 2. بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983.ص 142 ـ 143.

([23]) الطهراني: المرجع نفسه ج 21/ 20.

([24]) الأمين: أعيان الشيعة ج 41/ 167.

([25]) الأمين: خطط جبل عامل ص 256.

([26]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج 1/ 85.

([27]) محمد باقر الموسوي الخوانساري: المصدر نفسه. ج 3/ 352.

([28]) الأميني: المرجع نفسه ص 143.

([29]) المرجع نفسه ص 144. والقمي: الكنى والألقاب ج 2/ 384 ـ 385.

([30]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج 1/ 88.

([31]) المصدر نفسه، المكان نفسه.

([32]) الأمين: أعيان الشيعة مج 7/ 147.

([33]) الحر العاملي: أمل الآمل ج1/ 90.

([34]) الحر العاملي: المصدر نفسه ج1 / 88 ـ 89. الكنى والألقاب ج2/ 381 ـ 382.

([35]) الأميني: الكنى والألقاب ج2/ 382 ـ 383.

([36]) ويعرِّف صاحب الذريعة دراية الحديث كالآتي: هو العلم الباحث فيه عن الأحوال والعوارض اللاحقة لسند الحديث، أي الطريق إلى متنه المتألف ذلك الطريق عن عدة أشخاص مرتبين في التناقل. يتلقى الأول منهم متن الحديث عمن يرويه له، ثم ينقله عنه لمن بعده حتى يصل المتن إلينا بذلك الطريق. فإن نفس السند المتألف عن هؤلاء المتناقلين تعرضه حالات مختلفة مؤثرة في اعتبار السند وعدمه مثل كونه متصلاً أو منقطعًا، مسندًا أومرسلاً، معنعنًا أو مسلسلاً، عاليًا قريبًا صحيحًا حسنًا موثقًا ضعيفًا، إلى غير ذلك من العوارض التي لها مدخلية في اعتبار السند وعدمه. فعلم دراية الحديث كافل للبحث عن تلك العوارض. الطهراني: الذريعة ج8/ 54.

([37]) راجع أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين ج 7/ 145.

([38]) الأمين: أعيان الشيعة مج 7/ 153 ـ 154.

([39]) الحر العاملي: أمل الآمل ج 1/ 33 و40 و68 و74 و80 و 116 و119 و 120 و166 و 184 و185 و189.

([40]) المصدر نفسه ج 2/ 93 و291 و317.

([41]) للمزيد راجع إجازات الشهيد الثاني في هذه الدراسة.

([42]) المرجع نفسه ج 25/ 114.

([43]) الطهراني: الذريعة ج 1/ 22 و193 و194 و416.

([44]) الذريعة ج 2/ 45 و59 و228 و244 و268 و448.

([45]) المرجع نفسه ج 3/ 58.

([46]) المرجع نفسه ج 4/ 4 و 325 و326 و327 و392 و433 و452.

([47]) الذريعة ج 5/ 196 و199 و201 و205 و206 و219 و224 و239 و240 و243 و278.

([48]) الذريعة ج 6/ 15 و23 و82 و94 و106 و171 و193 و198 و243 و248 و268.

([49]) المرجع نفسه ج 7/ 30 و175.

([50]) الذريعة ج 10/ 42 و117.

([51]) المرجع نفسه ج 11/ 30 و55 و126 و130 و159 و170 و180 و290 و275.

([52]) المرجع نفسه ج 13/ 124 و198.

([53]) الذريعة ج 14/ 92.

([54]) المرجع نفسه ج 15/ 71 و87 و175 و176 و225 و234 و268.

([55]) الذريعة ج 16/ 68 و101 و102 و103 و121 و355 و360 و381.

([56]) المرجع نفسه ج 17/ 100.

([57]) المرجع نفسه ج 18/ 36.

([58]) الذريعة: ج 20/ 195 و209 و212 و 378.

([59]) الذريعة: ج 21/ 20 و382 و400 و403.

([60]) المرجع نفسه ج 23/ 141 و209 و303.

([61]) المرجع نفسه ج 24/ 45 و439 و441.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثامن والعشرون