الأمة كالحرة

___________________________

 (مسألة 7): الأمة كالحرّة في جميع ما ذكر من المستثنى والمستثنى منه، لكن لا يجب عليها ستر رأسها ولا شعرها ولا عنقها، من غير فرقٍ بين أقسامها من القنة والمدبرة والمكاتبة، والمستولدة(2).

___________________________

 (2)   الأمة تشترك مع الحرّة فيما ذكرناه لأنّها امرأة مثلها، فالروايات الدالة على أنّ المرأة تلبس كذا تشملها بالإطلاق، إلاّ أنّه قد استثنيَ من ذلك رأسها وشعرها وعنقها في عدّة روايات.

فتكون مخصّصة لصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديثٍ قال: (قلت الأمَة تغطّي رأسها إذا صلّت؟ فقال: ليس على الأمَة قناع).

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (ليس على الإماء أن يتقنّعن في الصلاة)[[1]].

وغيرهما من الروايات.

ومقتضى إطلاق هذه الروايات أنّه لا فرق بين أقسام الأمَة، فإنّ وجوب ستر المذكورات كان للروايات المتقدّمة، فإذا لم يجب القناع والخمار على الأمَة  بمقتضى الروايات فمعناه أنّه لا يجب ستر الشعر والرأس والرقبة.

ويدلّ على عدم الفرق في غير المستولدة صريحاً:

صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (ليس على الأمَة قناع في الصلاة ولا على المدبرة قناع في الصلاة ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدّي جميع مكاتبتها، ويجري عليها ما يجري على المملوك في الحدود كلّها. قال: وسألته عن الأمَة إذا ولدت عليها الخمار ؟ قال: لو كان عليها، لكان عليها إذا هي حاضت، وليس عليها التقنّع في الصلاة)[[2]].

فالحكم المذكور وكونه عاماً لا إشكال فيه.

وأمّا بالنسبة للمستولدة أي أمّ الولد:

فالمعروف والمشهور أنّ حكمها حكم سائر الإماء وإن كانت متشبّثة بالحريّة بسبب ولدها، فإنّه إذا مات مولاها تنعتق هي على ولدها، بل ادّعى عليه الإجماع في كلمات بعضهم، ويدلّ عليه ذيل صحيحة ابن مسلم الآنفة (وليس عليها التقنّع في الصلاة).

إلاّ أنّه قد استدلّ على استثنائها بصحيحة محمد بن مسلم الأخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له: (الأمَة تغطّي رأسها؟ قال: لا ولا على أمّ الولد أن تغطّي رأسها إذا لم يكن لها ولد)[[3]].

فإنّها تدلّ بمفهوم الشرط على أنّه إذا كان لها ولد تغطّي رأسها، ولأجل هذه الرواية ذكر صاحب المدارك أنّ مقتضى هذه الصحيحة لحوق أمّ الولد بالحرّة، لأنّ المفهوم حجّة.

وقد يقال: بمعارضة هذه الصحيحة بصحيحته الأخرى، حيث أنّ الصحيحة الدالّة على إلحاقها بالحرّة تدلّ بمفهومها على وجوب التستر على أمّ الولد، فهي خاصة بأمّ الولد، ومطلقة من حيث كون ذلك الحكم في الصلاة أو غيرها، والصحيحة الأخرى خاصّة بالصلاة ومطلقة من حيث أنّها أمّ ولد أم لا أو من حيث أنّ الولد من مولاها أو من غيره.

فيحصل بين الروايتين تعارض بنحو العموم من وجه، فتكون الصلاة من أم الولد هي مورد التعارض، فالصحيحة الدالّة على إلحاقها بالحرّة، تدلّ على وجوب التستّر عليها بإطلاق مفهومها للصلاة، والصحيحة الأخرى تدلّ على عدم الوجوب بإطلاقها لكلّ أمَة أو بإطلاقها من حيث كونها من مولاها أو غيرها، فيدور الأمر بين تقييد إطلاق الصحيحة للولد وغيره الملحقة بالأمَة بأمّ الولد المستفاد من الثانية، بحملها على صورة فقد الولد، فتنكشف في الصلاة، أو بتقييد اطلاقها لولد المولى وغيره بولد غير المولى المستفادة من الثانية، فتحمل على ولد المولى أو تقييد الملحقة بالحرّة لصورة الصلاة بالرواية الأخرى فتحمل على غير الصلاة فتقيّد بتلك الدالة على خصوص الصلاة.

وترجيح الثاني وهو تقييد الملحقة بالحرّة وحملها على غير الصلاة فلا تنكشف، وأمّا فيها فتنكشف، موقوف على كون المراد من قوله إذا ولدت أنّها ولدت من مولاها، أو أنّ لها ولداً بالفعل، وهو غير ظاهر، بل المراد مجرّد الولادة في قبال عدمها، لأنّ السائل توهّم أنّ الولادة دخيلة في إجراء حكم الأمَة لأنّها من أمارات البلوغ وصيرورتها امرأة، فأجابه (عليه السلام) بأنّه لو كان ذلك دخيلاً، لكان الحيض دخيلاً فالترجيح المذكور لا يتم.

والصحيحة الثانية ظاهرة في وجوب التستّر على أمّ الولد، ولا يمكن رفع اليد عنها بما ذكر، فالعمدة في رفع اليد عنها هو الإجماع على عدم الفرق بين أقسام الأمَة هكذا قد يقال.

إلاّ أنّ الظاهر أنّه لا تعارض، لأنّ الصحيحة الثانية الملحقة بالحرّة غير تامّة لا سنداً ولا دلالةً.

أمّا سنداً فلأنّها مرويّة بطريق الصدوق في الفقيه إلى محمد بن مسلم وفيه علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، والشخصان اللذان قبل البرقي لم يوثّقا، نعم روي هذا الحديث بسندين صحيحين في الكافي والعلل للصدوق ولكن إلى قوله (في الحدود كلّها).

وأمّا العبارة الأخيرة التي استدلّ بها وتوهّم منها المعارضة فغير موجودة في ذلك السند الصحيح، هذا من حيث السند.

وأمّا من حيث الدلالة فلأنّه لا عموم فيها للصلاة وغيرها، بل هي خاصة بالصلاة، وذلك لعدم وجوب التغطية بعنوانه في غير الصلاة لا على الأمَة ولا على الحرّة، غايته يجب التستّر بأي شيء كان ولو بدون تغطية، فهذه خاصة بالصلاة، وخاصة بمن كان لها ولد.

 وتلك وإن كانت خاصة بالصلاة، ولكنها عامة من حيث أنّ لها ولداً أو من حيث أنّه ولد المولى أو غيره، فهي أعمّ من هذه، فتخصّص بها وتحمل على صورة فقد الولد فإنّه يجوز التكشّف، أو على صورة كونه ولد المولى لأنّ النسبة حينئذٍ تكون هي العموم المطلق.

على أنّ السؤال في الصحيحة الأولى ليس ناظراً إلى كونها أمّ ولد لتطابق السؤال والجواب في الرواية بل إلى مجرّد الولادة، فلا تعارض هذه.

على أنّه لو تمّ التعارض والحمل المذكور فمعناه أنّ المتولّدة لا يجب عليها التستّر إذا لم يكن لها ولد في غير الصلاة ويجب إذا كان لها ولد في غير الصلاة، فكيف يمكن الالتزام بعدم وجوب التستّر في غير الصلاة إذا لم يكن لها ولد.

فإنّ هذا لا يمكن الالتزام به لعدم الفرق في حرمة النظر للمرأة بين الحرّة والأمَة، فلا بدّ من حملها على صورة الصلاة، وأنّها إذا كان لها ولد تتقنّع في الصلاة، والصحيحة الأخرى متعرّضة إلى أنّ الولادة لا أثر لها في التستّر وعدمه، لأنّها كالحيض، بل العمدة على وجود الولد.

والحاصل: أنّ الأمَة المستولدة إذا كانت أمّ ولد تجري عليها أحكام الحرّة في الصلاة، ولكن لا بنحو الفتوى بل بنحو الاحتياط اللزومي من جهة الصحيحة الدالّة على وجوب الاختمار عليها "ودعوى الإجماع المنقول على عدم الفرق".

المبعّضة كالحرة

___________________________

وأمّا المبعّضة فكالحرّة مطلقاً (1).

___________________________

(1)   وذلك لأنّ عنوان المرأة في الروايات الدالّة على وجوب الستر على المرأة يشملها بالإطلاق، والروايات الدالّة على أنّ الأمَة يجوز لها أنّ تتكشّف لا تشملها، فتبقى داخلة تحت إطلاق تلك الروايات، لأنّ الظاهر من تلك الروايات من كانت كلّها أمَة.

ويدلّ عليه أيضاً صحيحة ابن مسلم المتقدّمة حيث قال فيها: (ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها قناع في الصلاة، وهي مملوكة حتى تؤدّي جميع مكاتبتها.. إلخ)، فإنّه يعلم أنّها إذا كانت مطلقة غير مشروطة فوجوب القناع لا يتوقّف على أن تؤدّي جميع مكاتبتها.

نعم، هنا رواية واحدة وهي رواية يونس بن يعقوب (أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي في ثوبٍ واحد ؟ قال: نعم، قال: قلت فالمرأة؟ قال: لا، ولا يصلح للحرّة إذا حاضت إلاّ الخمار إلاّ أن لا تجده)[[4]].

فهذه الرواية الوحيدة التي قيّدت بالحرّة، فقد يقال حينئذٍ بأنّ عنوان الحرّة لا يصدق عليها كما لا يصدق عليها عنوان الأمَة فتبقى بلا دليل، فيرجع فيها إلى البراءة أو الاشتغال على الخلاف في مسألة الشك في الشرطيّة.

إلا أنّ هذا لا يتم لأنّ عنوان الحرّة لم يؤخذ في رواية واحدة، غاية الأمر أنّ هذه الرواية لا تشمل المبعّضة، وأمّا بقيّة الروايات فإنّها تشملها، إذ ليس لهذه الرواية مفهوم الوصف أو القيد خصوصاً وأنّ القيد هنا غير معتمد على موصوف، وهذه الرواية رواها الصدوق بإسناده إلى يونس بن يعقوب وفي طريقه إليه الحكم بن مسكين، وهو وإن لم يوثّق إلاّ أنّه موجود في أسانيد كامل الزيارات.

ثمّ إنّه لم يظهر وجه للإطلاق في قول الماتن أنّ المبعّضة كالحرّة مطلقاً، فإنّه ليس هنا قول بالتفصيل أو احتمال تفصيل حتى يُنفى هذا ويقال بأنّ المبعّضة كالحرّة مطلقاً.

لو أعتقت أثناء الصلاة

___________________________

ولو أعتقت في أثناء الصلاة وعلمت به ولم يتخلّل بين عتقها (1) وستر رأسها زمان صحّت صلاتها، بل وإن تخلّل زمان إذا بادرت إلى ستر رأسها للباقي من صلاتها بل بلا فعل منافٍ، وأمّا إذا تركت سترها حينئذٍ بطلت، وكذا إذا لم تتمكّن من الستر إلاّ بفعل المنافي، ولكن الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

___________________________

(1) هذه المسألة على صوَر:

الصورة الأولى: أن نفرض أنّه لم يتخلّل زمان بين الستر والإنعتاق، وفي هذا لا إشكال في الصحّة، كما لو فرض أنّه تستّرت من قبل نفسها قبل العتق فتصحّ صلاتها، أمّا الأجزاء الماضية فلأنّه لم يكن يجب عليها الستر حيث كانت أمَة، وأمّا الأجزاء الباقية فلأنّها واجدة للشرط.

الصورة الثانية: أن تتسامح بعد العتق زماناً ما تؤخّر الستر، وفي هذه لا إشكال في البطلان كما ذكر الماتن، لأنّها تركت الشرط عمداً، وحالها حينئذٍ حال الحرّة لو تسامحت في ذلك، واستصحاب عدم وجوب الستر محكوم بأدلّة التستّر على الحرّة.

الصورة الثالثة: أن تبادر إلى الستر، ولكن ذلك يتوقّف على فعل المنافي من الالتفات إلى غير القبلة أو التكلّم أو غيرهما، وقد حكم الماتن فيها بالبطلان واحتاط بالإتمام والإعادة.

ففي هذه الصورة قد يقال: بأنّ الأمر دائرٌ بين فوات التستّر وبين فعل المنافي، وكلاهما قادح بمقتضى إطلاق دليلها، فلا دليل على الصحّة حينئذٍ.

وقد يقال بالصحّة لأنّ وجوب التستّر ساقط في هذا الحال حيث أنّها ممنوعة عن الاختمار شرعاً، لاستلزامه فعل المنافي، والممنوع شرعاً كالممنوع عقلاً، وقد انعقدت الصلاة صحيحة، ولعموم لا تبطلوا أعمالكم ولأصالة البراءة عن وجوب التستّر، كذا عن جامع المقاصد.

إلاّ أنّ هذا غير تام بل هو عجيب، لأنّ الواجب هو طبيعي الصلاة بين الحدّين المبدأ والمنتهى لا خصوص هذه الصلاة التي شرع فيها، فيمكنه التدارك بلا فعل المنافي فليس ممنوعاً، وعموم لا تبطلوا أعمالكم لا ينطبق هنا لأنّها لم تبطلها وإنّما بطلت، وأصالة البراءة لا مجال لها مع الدليل على وجوب التستّر على الحرّة في طبيعي الصلاة كما ذكرنا.

الصورة الرابعة: أن تبادر عندما تعلم بالإنعتاق إلى تحصيل الخمار بلا توانٍ، ولكنّ لا بدّ من زمان ما لأجل ذلك ولم تفعل المنافي، فهل مثل هذا الفاصل يبطل الصلاة أو لا ؟ فعن الجواهر بلا خلاف يعرف في الصحّة.

وكيف كان فالصحّة هي المشهور.

والوجه في الصحّة: أما في الأجزاء الماضية فواضح، وأمّا في اللاحقة فكذلك لأنّها تستّرت، وأمّا في الآن المتخلّل فالأدلّة الدالة على اشتراط الصلاة بالستر لا تشمله، لا لأجل أنّها لا تدلّ إلاّ على الشرطيّة في الأكوان الصلاتيّة، ولا تدل في مطلق الأكوان فيكون الأصل هو البراءة، فإنّ هذا لو تمّ لجاز للمرأة التكشّف في أثناء الصلاة اختياراً إذا لم تفعل فعلاً صلاتيّاً مع أنّه لا يجوز، بل الأدلّة المذكورة لا تشمل هذا الآن لأجل أنّ دليل الشرطيّة لا يقتضي أزيد من ذلك، وشموله لمثل هذا الفرض تكليف بما لا يُطاق.

وهذا ما أصرّ عليه المحقّق الهمداني.

وناقشه السيّد الأستاذ: بأنّ هذا إنّما يتم لو كان المأمور به هو الصلاة الشخصيّة التي بيدها، لأنّ هذا حينئذٍ غاية قدرتها، إلاّ أنّه هو نفسه في هذا المقام يعترف بأنّ المأمور به هو الطبيعي، والمفروض أنّها قادرة على إيجاد الطبيعي واجداً لشرطه في جميع الإناث، فلا دليل على الاجتزاء بهذا الفرد،ودليل الشرطيّة قاصر الشمول لمثل هذا الفرد، فلا يقال بأنّه لا يشمل هذا الآن، فالظاهر على هذا هو البطلان.

وقد يستدلّ على الصحّة بصحيح (لا تعاد) بناءً على شموله لمطلق الخلل، ولو كان عن غير سهو، وبناءً على جواز تطبيقه على الخلل في أثناء الصلاة، فإنّه أيضاً تصدق الإعادة لو أراد أن يقطعها ويعيد، ومقتضى إطلاق الصحيح عدم وجوب الإعادة في الفرض لأنّه ليس من الخمسة، فيحكم بصحّة الصلاة.

ولكنّه لا يتمّ، لأنّ الحديث منصرف إلى الفعل المأتي به بعنوان الامتثال، أي مع كون المكلّف معتقداً صحّته وغير ملتفت للنقصان، فلا يشمل ما لو كان الفعل في نظره ناقصاً لأنّه ليس وارداً للترخيص بالإخلال بالأجزاء والشرائط غير الخمس، بل هو مختص بمن أخلّ نسياناً بلا كلام وجهلاً على الأظهر، ثمّ يلتفت فيقال في حقّه لا تعيد.

وفي مقامنا أعتقت الأمَة وهي عالمة بالتكشّف وفقدان الشرط وتتمكّن من فردٍ آخر واجد للشرط، فلا يشملها الحديث.

وقد يستدلّ أيضاً بصحيح علي بن جعفر عن أخيه  (عليه السلام) قال: (سألته عن الرجل صلّى وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال: لا إعادة عليه وقد تمّت صلاته)[[5]].

بدعوى أنّه مطلق شامل لصورة الالتفات في الأثناء بعد الجهل، فيدلّ بالملازمة العرفيّة على عدم قدح التكشّف من زمان العلم إلى زمان وقوع التستّر ويتعدّى منه إلى المقام.

إلاّ أنّ الاستدلال بهذا أضعف ممّا سبق، إذ لم يفرض في الصحيحة أنّه علم في الأثناء عندما كان منكشف العورة، بل الرواية ناظرة إلى حكم الجاهل إلى آخر الصلاة، أو أنّه التفت بعدما سترت عورته لتغيّر حالته الصلاتيّة التي أوجبت انكشافها مثلاً.

والحاصل: أنّ الصحيح لا يشمل صورة فوات التستّر في الأثناء حال علمه وبقاء الانكشاف، لأنّها قاصرة الشمول، فيحكم ببطلان الصلاة ووجوب الإعادة.

لو لم تعلم بالعتق الا بعد الصلاة

___________________________

نعم لو لم تعلم بالعتق حتى فرغت صحّت صلاتها على الأقوى (1)، بل وكذا لو علمت لكن لم يكن عندها ساتر، أو كان الوقت ضيّقاً.

___________________________

 (1)   وجه الحكم بالصحّة لو لم تعلم بالعتق إلاّ بعد الفراغ هو حديث لا تعاد، فإنّه ينطبق عليها، ولا يتمّ الاستدلال له بصحيح ابن جعفر، لأنّه وارد في الجهل بالموضوع، وهي هنا عالمة بالتكشّف ولكن جاهلة بالعتق وجاهلة بحريّتها، فالتعدّي بالصحيحة إلى هذا المورد يحتاج إلى عناية.

فالأَوْلى الاستدلال بحديث لا تعاد، لأنّه يشمله بلا عناية.

وأمّا في ضيق الوقت أو عدم إمكان التستّر، فكذا تصحّ صلاتها، إذ الفاقدة تصح لها الصلاة منكشفة ابتداءً كالحرّة إذا كانت لا تتمكّن منه، وكذا الحال في ضيق الوقت فإنّ الشرطيّة تسقط معه.

اذا علمت بالعتق وكانت جاهلة بالحكم

___________________________

وأمّا إذا علمت عتقها لكن كانت جاهلة بالحكم -وهو وجوب الستر- فالأحوط إعادتها(1).

___________________________

 (1)   هذه المسألة مبنيّة على أنّ حديث لا تعاد هل يختص بالناسي أو يعم الجاهل، فقد خصّه جماعة ومنهم النائيني وأصرّ عليه بالنسيان.

وعلى تقدير شموله للجاهل فهل يختصّ بالجهل العذري أي الجهل بالموضوع

أو بالحكم عن قصور أو يشمل الجهل بالحكم ولو عن تقصير.

فقد يقال: كما اختاره السيّد الأستاذ باختصاصه بالجاهل بالموضوع أو بالحكم عن قصور، إذ تعميمه لغيرهما يلزم منه تخصيص أدلّة أجزاء الصلاة وشرائطها بصورة العلم والعمد، ومعلوم أنّ الإخلال بها عن علم وعمد قليل ونادر، فهو من تخصيص الأكثر المستهجن، فإذا اتّضحت هذه المسألة في محلّها اتّضح حكم الأمَة الجاهلة هنا، وذلك فإنّ الأمَة إذا علمت بعتقها فهي عالمة بالموضوع، إلاّ أنّها لا تعلم بوجوب الستر عليها بعد عتقها فهي جاهلة بالحكم، فإذا فرضنا أنّ جهلها عن عذرٍ وقصور فلا مانع من شمول دليل (لا تعاد) لها.

وأمّا إذا كان جهلها عن تقصير كما هو الغالب لأنّهم لا يسألون، فحينئذٍ لا يشمله حديث (لا تعاد)، ولو شمله لزم تخصيص الحديث بمن كان عالماً عامداً، وهو تخصيص بالمورد النادر وهو غير صحيح، ومن هنا علمنا بأنّ الجاهل بالحكم عن تقصير حاله حال العالم العامد من جهة العقاب وغيره.


 

[[1]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب 29 لباس المصلّي ح1-2.

[[2]] نفس الباب .

[[3]] المصدر السابق نفس الباب ح7 .

[[4]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب 28 لباس المصلّي ح4.

[[5]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب 27 لباس المصلّي ح1 .

رجوع