حكم الصبية غير البالغة

___________________________

 (مسألة 8): الصبيّة غير البالغة حكمها حكم الأمَة في عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها، بناءً على المختار من صحّة صلاتها وشرعيّتها، وإذا بلغت في أثناء الصلاة فحالها حال الأمَة المعتقة في الأثناء في وجوب المبادرة إلى الستر، والبطلان مع عدمها إذا كانت عالمة بالبلوغ(2).

___________________________

 (2)   هذا الحكم ذكر في الجواهر الإجماع عليه محصلاً ومنقولاً، ولا يخفى أنّ هذا الكلام إنّما يتأتّى بناءً على شرعيّة عبادات الصبي والصبيّة، وأمّا إذا لم نقل بشرعيّة عبادتهما فلا موضوع لهذا الكلام لأنّه لا أمر بالصلاة ليقال بالشرط وعدمه.

 ولا وجه لإشكال الحدائق على استثناء الصبيّة بأنّها غير مكلّفة، فإنّه بناءً على شرعيّة عباداتها فاستثناؤها في محلّه.

ويترتّب على مشروعيّة عباداتها أنّها إذا بلغت في أثناء الصلاة، فحالها كما ذكر الماتن حال الأمَة المعتقة في الأثناء وتأتي فيها جميع الصور المتقدّمة من المبادرة للستر ونحوها، وهذا إنّما يتم لو قلنا بشرعيّة عباداتها، إذ لو تمّ لم تكن عباداتها شرعيّة وكانت تمرينيّة، فلا وجه للبناء على الأجزاء السابقة إذا بلغت في الأثناء، لأنّها لا تكون مجزية عن الواجب لأنّها غريبة.

ويدل على كون الصبيّة كالأمَة عدّة روايات كلّها ضعيفة عدا واحدة منها فإنّها معتبرة بناءً على تصحيح من ورد في أسانيد كامل الزيارات، فلو قلنا بأنّ هذه الروايات كلّها ضعيفة ولم نعتبر كامل الزيارات في تصحيح من ورد في أسانيده، فلا دليل على أنّ الصبيّة حكمها حكم الأمَة، ويحكم حينئذٍ باعتبار الستر في تماميّة عباداتها.

وذلك لأنّ حال هذا الشرط حال سائر الشرائط في كونه معتبراً في الصلاة، لأنّ الصلاة المطلوبة من غير الصبيّة هي بعينها المطلوبة من الصبيّة، فيعتبر فيها منها ما يعتبر فيها من البالغة، ما لم يدلّ دليل على عدم الاعتبار، ولا فرق بينهما بناءً على شرعيّة عباداتها إلاّ بالوجوب والاستحباب.

وأمّا لو قلنا باعتبار أسانيد كامل الزيارات  فبعض هذه الروايات تكون صحيحة ويتمّ إلحاق الصبيّة بالأمَة، وهذه الروايات أربعة:

الأولى: رواية يونس بن يعقوب أنّه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) حيث قال: (ولا يصلح للمرأة إذا حاضت إلاّ الخمار.. إلخ) وقد تقدّمت، فإنّها تامّة الدلالة حيث يفهم منها أنّها إذا لم تحض لا يجب عليها ما ذكر، ومعلومٌ أنّه لا خصوصيّة للحيض إلاّ اعتبار البلوغ، والحكم بن مسكين الذي في سندها موجود في أسانيد كامل الزيارات.

الثانية: رواية الصدوق أيضاً قال: (وقال النبي (صلى الله عليه وآله): ثمانية لا يقبل الله لهم صلاة منهم المرأة المدركة تصلّي بغير خمار)[[1]].

ورواه البرقي مرسلاً، وسنداً عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعاً عن الصادق، وهذه الرواية المرسل منها واضح، والمسند ضعيف بأنس وأبيه حيث لم يوثّقا.

الثالثة: رواية عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن السندي بن محمد عن أبي البختري وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال: (إذا حاضت الجاريّة فلا تصلّي إلاّ بخمار)[[2]].

وهي ضعيفة السند بأبي البختري الذي قيل إنّه أكذب البريّة.

الرابعة: رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: (على الصبي إذا احتلم الصيام وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار إلاّ أن تكون مملوكة فإنّه ليس عليها خمار إلاّ أن تحب أن تختمر وعليها الصيام)[[3]].

وفي سندها القاسم بن محمد الظاهر أنّه الجوهري وهو وارد في أسانيد كامل الزيارات، وفيها أيضاً علي بن أبي حمزة البطائني وهو واقفي ضعيف متعصّب.

فالعمدة هي الروايات الأولى، ولولاها لا نلحقها بالأمَة لأنّه لا وجه له إلاّ شهرة الفتوى.


 

[[1]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب 28 لباس المصلّي ح 6 .

[[2]] الوسائل م3 ب 28 لباس المصلّي ح 13 .

[[3]] الوسائل م3 ب 29 لباس المصلي ح3 .

رجوع