الكلام في اللباس المشكوك

 

(مسألة 18): الأقوى جواز الصلاة في المشكوك كونه من المأكول أو من غيره، فعلى هذا لا بأس بالصلاة في الماهوت، وأما إذا شكّ في كون شيء من أجزاء الحيوان أو من غير الحيوان فلا إشكال فيه (1).

___________________________

(1) اختلفوا في هذه المسألة على أقوالٍ أربعة:

القول الأوّل: عدم جواز الصلاة فيه على الإطلاق، وكان هذا القول هو المعروف بينهم، وعن المدارك أنّه المقطوع به بين الأصحاب.

القول الثاني: جواز الصلاة فيه على الإطلاق، نسب للأردبيلي والقمّي وجماعة قليلين، ومال إليه في المدارك على ما حُكي عنهم، ولكن هذا القول صار معروفاً بين المتأخّرين في الجملة على ما سنبين.

القول الثالث: التفصيل بين ما يكون مع المصلّي من أوّل صلاته فلا تصحّ الصلاة فيه، لعدم إمكان إحراز الصحّة من أوّل الأمر وبين ما يحدث في أثنائها فتصحّ الصلاة معه.

القول الرابع: التفصيل بين الشرطيّة والمانعيّة، فإن قلنا بشرطيّة المأكول أو غير محرّم الأكل فيجب إحراز الشرط، فلا تصح الصلاة مع اللباس المشكوك، وأمّا إذا قلنا بالمانعيّة وأنّ المعتبر أمر عدمي وهو أن لا يكون اللباس من غير المأكول أو ممّا حرّم الله أكله فتجوز الصلاة مع الشكّ فيه، واختار هذا التفصيل صاحب الجواهر، ولعلّه هو المعروف بين المتأخّرين.

وذكر المحقق النائيني في رسالته الخاصة بهذا الموضوع: أن هذا ليس تفصيلاً في المسألة، لأن النزاع في الجواز وعدمه مبني على المانعية، فقد يقال بالجواز وقد يقال بعدمه، وأما بناء على الشرطية فلا إشكال في عدم الجواز ولا يحتمل القول به، فما ذكره صاحب الجواهر ليس تفصيلاً في المسألة، بل هو اختيار للقول بالجواز على الإطلاق، لأنه يختار الجواز بناء على المانعية، ومحل النزاع مع القول بالمانعية.

ولكن هذا الاعتراض من المحقق النائيني في غير محله، لأنا سنبين أن بعض الوجوه التي يستدل بها للجواز لا يفرق فيها بين المانعية والشرطية، ويمكن القول بالجواز حتى على الشرطية.

فيكون كلام صاحب الجواهر تفصيلاً في المسألة.

هذه هي أقوال المسألة.

وتترتّب على القول الرابع -وهو التفصيل بين الشرطية والمانعية- تفصيلات أخرى:

منها: التفصيل بين اللباس وغيره كما اختاره صاحب الجواهر في نجاة العباد كما ذكر السيد الأستاذ، ففي اللباس المشكوك لا تجوز الصلاة، وأما ما على اللباس أو البدن فيجوز.

وابتناء هذا التفصيل على التفصيل المذكور واضح، فإنه في اللباس إن قلنا بالشرطية فلا تجوز الصلاة، وأما في غير اللباس، فحيث لا يحتمل الشرطية بل هو مجرد مانع فيقال فيه بالجواز.

واختار هذا التفصيل أيضاً الشيخ الأنصاري.

ومنها: التفصيل بين أن يكون اللباس ساتراً له يعني ليس عليه لباس غيره يستره فلا تجوز الصلاة فيه، وأما إذا كان له ساتر غيره فتجوز، حيث لا يكون المشكوك حينئذٍ ساتراً.

وهذا مبني على التفصيل المذكور، إذ لو كان المشكوك ساتراً وقلنا بالشرطية لا تجوز الصلاة فيه، وأما إذا لم يكن ساتراً فلا يحتمل فيه الشرطية، بل غايته المانعية فتجوز الصلاة فيه، ولذا لو شككنا في الساتر أنّه من المأكول أو غيره لا تصح الصلاة فيه، وإذا شككنا في غير الساتر كذلك وان كان لباساً لا بأس بالصلاة فيه.

ومنها: التفصيل الذي اختاره الماتن وجماعة، وهو التفصيل بين ما إذا علم أن اللباس من أجزاء الحيوان، وشك في كونه من المأكول أولاً، فيحكم فيه بالجواز على الأقوى كما ذكر في عبارته، وأما إذا شك في كونه من الحيوان أو من غيره فلا إشكال في الجواز، وهذا بحسب الحقيقة ليس تفصيلاً، لأنه حكم بالجواز فيهما، غايته استظهاراً في أحدهما وجزماً في الآخر، إلا أنه يختار على كل حال أن بينهما فرقاً.

هذه هي أقوال المسألة.

رجوع