حكم ما لا تتم فيه  الصلاة من الذهب

___________________________

ولا فرق بين ما تتم فيه الصلاة وما لا تتم كالخاتم والزر ونحوهما (1).

___________________________

(1)   أما حرمة ما لا تتم فيه الصلاة تكليفاً فالظاهر أنه لا إشكال فيه، لصدق اللبس عليه كصدقه على ما تتم وهو مورد الروايتين اللتين هما العمدة.

وأما عدم جواز الصلاة فيه فهو المشهور وعليه الأكثر كما في الحدائق، وإن نسب إلى المعتبر التردد لرواية النميري.

والصحيح: هو البطلان لإطلاق الموثق (لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه) بل إن اللباس الذهبي الذي تتم به الصلاة لم يتعارف وجوده، وحينئذٍ فننزّل الموثقة الناهية عن لبس الذهب على النهي عن المتعارف وهو ما لا تتم به الصلاة كالقلادة والخلخال والسوار ونحو ذلك.

ويؤيد ذلك برواية الخصال الدالة على أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن لبس الخاتم والصلاة فيه[[1]]، ولضعفها كانت مؤيدة.

ولا فرق في ذلك أيضاً بين الخالص والمغشوش بل قد قيل إن الذهب الخالص لم يتعارف لأن الذهب من جهة ليونته غير قابل للصنع إلا إذا أمزج.

نعم، لو كان الغش بنحو يسلبه اسم الذهب حتى الذهب المغشوش فهذا لا بأس به.

ثم إن التزين بالذهب الذي لا يصدق عليه أنه لبس هل هو محرّم أو لا ؟ وعلى تقدير الحرمة هل تبطل به الصلاة أو لا ؟

أما الحرمة فهي المشهور ظاهراً ادعى عليه الإجماع محصلاً ومنقولاً، فإن تمّ هذا الإجماع فهو، وإلا فإثباته بالروايات مشكل.

وقد استدل له بثلاث روايات:

الأولى: موثقة روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): لا تختم بالذهب فإنه زينتك في الآخرة)[[2]].

فإن العنوان هو التزين في الدنيا لأنه زينة الآخرة.

الثانية: رواية أبي الجارود عن أبي جعفر: (أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام): إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي لا تتختم بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة)[[3]].

الثالثة: رواية حنان بن سدير عن أبي عبد الله قال: (سمعته يقول: قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): إياك أن تتختم بالذهب فإنه حليتك في الجنة وإياك أن تلبس القسي)[[4]].

قد يستدل بهذه الروايات ويدعى بأنها وإن كانت ضعيفة إلا أنها منجبرة بالعمل، ولكن الجبر لا نحتاج إليه، لأن الأولى منها معتبرة لأن غالب بن عثمان قد وثقه النجاشي وكذا روح، فلا تحتاج من هذه الجهة إلى دعوى الإنجبار، ولكن الاستدلال بها لا يتم.

أولاً: إنها خاصة بأمير المؤمنين (عليه السلام)، لا سيما بملاحظة قوله فإنه زينتك وبملاحظة ما تقدّم من قوله (نهاني ولا أقول نهاكم) ومع قوله (أحب لك) و(أكره لك) فالتعدي إلى غيره بلا دليل.

وثانياً: أن الاستدلال بها إنما يتم لو قلنا بالتعدي لغيره إذا كان المقصود بالزينة فيها هو التزين بالمعنى المصدري، وليس كذلك بل المراد ما يتزين به وهو
نفس الحلية والخاتم، فالمنهي عنه قسم الملبوس الذي يتزين به لا نفس التزين والضمير في قوله (فإنه) يرجع إلى الخاتم أي الخاتم زينتك وهو من الملبوس، بل المعنى المصدري لا يمكن، لأن المعنى المصدري وهو التزين لا يصح حمله على الجامد وهو الخاتم كما هو واضح.

فمتعلق النهي هو اللبس فكيف يتعدى إلى التزين وإن لم يكن لبساً، ثم إنه على تقدير الحرمة فهي حرمة تكليفية ولا دلالة في هذه الروايات لو تمت على عدم جواز الصلاة فيه، ولا تعرض فيها لذلك، والعمدة الموثقة وهي مختصة باللباس الذي لا يصدق على التزين.

ولا يخفى أن الماتن (قده) ذكر في الملحم والمموّه والمطلي: (أن الأقوى الاجتناب إذا صدق عليه لبس الذهب)، مع أنه يلزم أن يقول: (أو إذا صدق عليه التزين)، لأنه يختار فيما بعد في عبارته حرمة التزين.


 

[[1]] الوسائل م3 ب16 لباس المصلي ص275 ح6.

[[2]] الوسائل م3 باب 30 لباس المصلي ح1.

[[3]] نفس الباب السابق ح6.

[[4]] الوسائل م3  ب30 لباس المصلي ح11نفس الباب.

رجوع