حكم المحمول من الذهب

___________________________

نعم لا بأس بالمحمول منه مسكوكاً أو غيره (1).

___________________________

(1)   أما جواز الحمل في نفسه، فالظاهر أنه لا إشكال فيه لأنه لا يعد لبساً ولا يسمى لباساً ولا زينة.

وأما جواز الصلاة فيه، فقد يقال بعدم الجواز لأن قوله في الموثقة (لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه)، والظاهر منها أن الضمير يرجع إلى الذهب لا إلى اللباس، فالذهب موضوع لحكمين: حرمة اللبس، وعدم الصلاة فيه.

فإذا كان الموضوع هو الذهب لباساً كان أو غيره يكون المحمول مشمولاً لهذا الحكم وأنه لا يصلي فيه، والظاهر من كلمة (في) معنى المصاحبة والمعية لاستعمالها في هذا المعنى في عدّة موارد كموثقة ابن بكير المتقدمة فإنه لا يمكن أن يفرض في بول وروث ما لا يؤكل لحمه إلا المصاحبة والمعية.

فالنهي عن الصلاة في الذهب هنا مثل النهي هناك يشمل النهي عن الحمل والمصاحبة، ويدل على ذلك أيضاً أن مدخول (في) وهو الذهب لا يعقل أن يكون ظرفاً للفعل وهو الصلاة فلا بد أن يكون المراد المعية.

إلا أن للمناقشة فيه مجالاً:

أولاً: أن الموثقة في نفسها لا دلالة لها على المعية، بل هي ظاهرة في الظرفية، لكن باعتبار المصلي وأنه في حال الصلاة يكون ظرفه الذهب مثلاً، فمن هذه الجهة لا مانع من الظرفية، باعتبار أن المصلي يشترط أن لا يكون حال الصلاة في الذهب، فهي بمعنى الظرفية.

نعم في موثقة ابن بكير علمنا بأن المعنى المراد أعم من الظرفية، فنرفع اليد عن ظهورها في الظرفية فقط وأما هنا فلا قرينة على ذلك.

وثانياً: أنه لو فرضنا دلالتها على النهي حتى عن المحمول، لكن يكفينا في جواز الصلاة في المحمول من الذهب: السيرة القطعية التي كانت موجودة في زمن الأئمة i، وفيما قارب زماننا أيضاً، حيث كان الذهب هو مدار المعاملات والبيع والشراء، ولم يكن هناك أوراق نقدية، فلو كان مع تعارفه وحمل الناس له وابتلائهم به مبطلاً للصلاة لشاع ذلك واشتهر، مع أنه لم يوجد من المتقدمين قائل بعدم الجواز.

حكم شد الأسنان بالذهب

___________________________

كما لا بأس بشدّ الأسنان به (1).

___________________________

 (1)   إن بنينا على أن الحرام هو اللبس، فجواز شد الأسنان واضح حتى لو لبّست بالذهب لا مجرد الشد، لأنه ليس لبساً.

وأما إذا بنينا على حرمة التزين أيضاً فلا بد من التفصيل، بينما إذا كان شد الأسنان يعدّ زينة فيقال بحرمته، وبين ما إذا لم يكن كذلك.

وأما الاستدلال عليه بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر  (عليه السلام): (أن أسنانه استرخت فشدّها بالذهب..)[[1]].

فهذا لا يتم ولا يدل على الجواز على نحو الإطلاق، لأنه نقل فعل من المعصوم وليس كلاماً ليتمسك بإطلاقه، فلعل شدّه لم يكن على نحو التزين، فلو كان على نحو التزين، فالصحيحة لا تدل على جوازه لو سلم حرمة التزين، على أن فعله من موارد العذر لأن أسنانه استرخت فشدّها، فلعله كان مضطراً، فلا يدل على الإطلاق.

فالصحيح في الاستدلال للجواز هو التمسك بعدم الدليل على التحريم.

حكم لبس السلاح المحلى بالذهب

___________________________

بل الأقوى أنه لا بأس بالصلاة فيما جاز فعله فيه من السلاح كالسيف والخنجر ونحوهما، وإن أطلق عليهما اسم اللبس، ولكن الأحوط اجتنابه(1).

___________________________

 (1)   أما تحلية السيف بالذهب في نفسه: فالظاهر أنه لا خلاف فيه ظاهر، ولا يحتمل حرمته في نفسه، بل هو كغيره من بقية الأجسام، إنما الكلام في لبس السيف المحلّى بالذهب والصلاة فيه.

أما لبسه: فلا إشكال في جوازه، أما بناءً على أن المحرم هو اللبس، فهذا لا يصدق عليه إلا أنه لبس السيف لا الذهب، فالمقتضي للحرمة قاصر.

وأما بناءً على حرمة التزين أيضاً، فلبس السيف أيضاً جائز للأدلة الدالة على جواز تحليته بالذهب، فإن الظاهر منها جواز التحلية لأجل لبسه لا لمجرد التحلية وهجرِه، فإن هذا ليس محل شكّ ليسأل عنه، فغلبة الابتلاء بلبسه مع التصريح بجواز تحليته يدل بالالتزام العرفي على جواز لبسه وهو محلّى، فهو وإن كان تزيناً، إلا أنه لو قلنا بحرمة التزيين فهذا يخرج بالتخصيص.

وأما الصلاة فيه: فهي مبنية على أن الممنوع في الصلاة هل هو لبس الذهب أو مصاحبته ؟ فإن قلنا بالأول جاز لبسه في الصلاة، وإن قلنا بالمنع عن المصاحبة فهذا لا يجوز في الصلاة.

والروايات الدالة على جواز تحليته مطابقةً وجواز لبسه التزاماً كما تقدم، لا يستفاد منها الجواز في الصلاة، لأن الصلاة فيه ليس أمراً متعارفاً حتى يكون مما يغفل عن وجوب نزعه حين الصلاة.


 

[[1]] الوسائل م3 باب 31 لباس المصلي ص302 ح1.

رجوع