ما يكره من اللباس حال الصلاة

___________________________

 

فصل

فيما يكره من اللباس

حال الصلاة[[1]]

وهي أمور :

(أحدهما): الثوب الأسود، حتى النساء عدا الخف والعمامة والكساء، ومنه العباءة، والمشبع منه أشد كراهة، وكذا المصبوغ بالزعفران أو العصفر، بل الأولى اجتناب مطلق المصبوغ.

(الثاني): الساتر الواحد الرقيق.

(الثالث): الصلاة في السروال وحده وان لم يكن رقيقاً، كما أنه يكره للنساء الصلاة في ثوب واحد وان لم يكن رقيقاً.

(الرابع ): الإتزار فوق القميص.

(الخامس): التوشح، وتتأكد كراهته للإمام، وهو إدخال الثوب تحت اليد اليمنى وإلقاؤه على المنكب الأيسر، بل أو الأيمن.

(السادس): في العمامة المجردة عن السدل  وعن التحنك أي: التلحي، ويكفي في حصوله ميل المسدول الى جهة الذقن، ولا يعتبر إدارته تحت الذقن وغرزه في الطرف الآخر، وان كان هذا ايضاً احدى الكيفيات له.

(السابع): اشتمال الصماء بأن يجعل الرداء على كتفه وإدارة طرفه تحت إبطه وإلقائه على الكتف.

(الثامن): التحزم للرجل.

(التاسع): النقاب للمرأة اذا لم يمنع من القراءة  وإلا أبطل.

(العاشر): اللثام للرجل اذا لم يمنع من القراءة.

(الحادي عشر): الخاتم الذي عليه صورة.

(الثاني عشر): استصحاب الحديد البارز.

(الثالث عشر): لبس النساء الخلخال الذي له صوت.

(الرابع عشر): القباء المشدود بالزرور الكثيرة أو بالحزام.

(الخامس عشر) الصلاة محلول الأزرار.

(السادس عشر): لباس الشهرة اذا لم يصل الى حد الحرمة، أو قلنا بعدم حرمته.

(السابع عشر): ثوب من لا يتوقى من النجاسة خصوصاً شارب الخمر، وكذلك المتهم بالغصب.

(الثامن عشر): ثوب ذو تماثيل.

(التاسع عشر): الثوب الممتزج بالابريسم.

(العشرون): ألبسة الكفار وأعداء الدين.

(الحادي والعشرين): الثوب الوسخ.

(الثاني والعشرون) السنجاب.

(الثالث والعشرون): ما يستر ظهر القدم من غير أن يغطي الساق.

(الرابع والعشرون): الثوب الذي يوجب التكبر.

(الخامس والعشرون): لبس الشائب ما يلبسه الشبان.

(السادس والعشرون): الجلد المأخوذ ممن يستحل الميتة بالدباغ.

(السابع والعشرون): الصلاة في النعل من جلد الحمار.

(الثامن والعشرون):الثوب الضيق اللاصق بالجلد.

(التاسع والعشرون): الصلاة مع الخضاب قبل أن يغسل.

(الثلاثون): استصحاب الدرهم الذي عليه صورة .

(الواحد والثلاثون): ادخال اليد تحت الثوب اذا لاصقت البدن.

(الثاني والثلاثون): الصلاة مع نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة، كالخاتم والتكة والقلنسوة ونحوها.

(الثالث والثلاثون): الصلاة في ثوب لاصق وبر الأرانب أو جلده مع احتمال لصوق الوبر به(1).

___________________________

 (1)   نذكر كما قلنا المكروهات التي تعرض لها السيد الأستاذ مما فيه قول بالحرمة:

فمنها: القباء المشدود في الوسط، فقد قيل بكراهته كما عن القواعد ونسب للمشهور ، وقد نسب القول بالحرمة الى المقنعة والوسيلة وظاهر النهاية والمبسوط.

إلا أنه لم يدل على ذلك دليل ولو خبر ضعيف، نعم نقل عن الشيخ في الخلاف كراهة أن يصلي الإنسان وهو مشدود الوسط.

واستدل عليه: بالإجماع.

وفيه: أن هذا خارج عن محل الكلام لأنه أعم من المدعى الذي هو القباء، فلا يمكن تعدية الحكم إليه، على أنهم لم يلتزموا بكراهة الشد مطلقاً، نعم نقل عن الشهيد في الذكرى أن العامة رووا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لا يصلي أحدكم وهو محزم)، فتدل على النهي عن الشد بحزام.

إلا أن هذا النبوي مع ضعفه وارساله معارض بنبويين ناهيين عن الصلاة بغير حزام، فحينئذ يتساقطان، واحتمل بعضهم استحباب الأمرين: الحزام وبدونه بمقتضى أدلة التسامح.

ولكنه بعيد: أولاً: لعدم ثبوت القاعدة  وعدم تسريتها للمكروهات، ولو سلم ذلك في ذلك فهي ظاهرة  بما كان متمحضاً بالرجحان والمرجوحية ولا تشمل ما كان ينطبق عليه كلا العنوانين.

ومنها: الصلاة بإزار محلول الأزرار، وقد يستدل على حرمته بموثقة غياث بن ابراهيم عن ابي جعفر  (عليه السلام) قال: (لا يصلي الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه أزار)[[2]]، ولكن لا يخفى انه بقرينة قوله  (عليه السلام) (إذا لم يكن عليه أزار) أن النهي من جهة انكشاف العورة، وخاصة حال الركوع، وإذا فرض أنه لا بد من التمسك بالإطلاق الشامل لصورة ما اذا انكشفت العورة أم لم تنكشف ، تعارض برواية زياد بن المنذر عن أبي جعفر  (عليه السلام) في حديث: (أن حل الأزرار في الصلاة من عمل قوم لوط)[[3]]، فهذا ظاهر في الجواز، ومقتضى الجمع هو الكراهة لا الحرمة.

وأما صلاة الرجل متلثماً: فبعد الفراغ عن كونه غير مانع من القراءة والا لحرم، فقد قيل بكراهته وهو المشهور والمدعى عليه الإجماع، والروايات هنا على طائفتين:

الطائفة الأولى: المانعة عن ذلك: فمنها: صحيحة محمد بن مسلم قلت لأبي جعفر  (عليه السلام): (أيصلي الرجل وهو متلثم فقال: أما على الأرض فلا، وأما على الدابة فلا بأس)[[4]]، ولعله  (عليه السلام) جوز من جهة البرد.

الطائفة الثانية: منها: صحيحة الحلبي قال: (سألت أبا عبد الله  (عليه السلام): هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه ؟ فقال: لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة)[[5]].

وموثقة سماعة قال: (سألته عن الرجل يصلي فيتلوا القرآن وهو متلثم، فقال: لا بأس به وإن كشف عن فيّه فهو أفضل، قال: وسألته عن المرأة تصلي متنقبة قال: إن كشفت عن موضع السجود فلا بأس به، وإن أسفرت فهو أفضل)[[6]].

وهذه صريحة في الجوار بقرينة الذيل، فمقتضى الجمع هو الكراهة، ويحمل تفصيل الرواية الأولى على خفة الكراهة، ولا وجه للقول بالحرمة.

ومنها: الصلاة في الحديد البارز:

فقد نسب الى المشهور الكراهة، سواء كان ملبوساً أو غير ملبوس، ونسب الى ظاهر المشايخ الثلاثة المنع لدلالة عدة روايات على ذلك:

مثل: خبر النميري عن أبي عبد الله  (عليه السلام): (في الحديد أنه حلية أهل النار.. الى أن قال: وجعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن والشياطين، فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة إلا أن يكون قبال عدو فلا بأس به، قال: قلت: فالرجل يكون في السفر معه السكين في خفه لا يستغني عنها "عنه" أو في سروايله مشدوداً، والمفتاح  يخشى إن وضعه ضاع، أو يكون في وسطه المنطقة من حديد، قال: لا بأس بالسكين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة، وكذا المفتاح.. وفي غير ذلك لا يجوز الصلاة في شيء من الحديد فإنه نجس ممسوخ)[[7]].

وهذه الرواية بعد الغض عن سندها لم تفرق بين البارز وغيره، ومحل الكلام هو البارز.

نعم هنا روايتان: إحداهما: رواية السكوني: (قال رسول الله  (صلى الله عليه وآله): لا يصلي الرجل وفي يده خاتم حديد)[[8]].

وموثقة عمار الساباطي: (في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال: لا، ولا يتختم به الرجل فإنه من لباس أهل النار)[[9]].

وفيه: أنها لم تفرق بين البارز وغيره، فالإلتزام بالمنع في الحالين لا يمكن المصير إليه، إذ لم يقل به أحد من الشيعة، فلا بد من حمله على الكراهة، هذا مضافاً الى كون هذه الروايات معارضة بما دل على الجواز في السيف، كصحيح عبد الله بن سنان قال: (سئل أبو عبد الله  (عليه السلام) عن رجل ليس معه الا سراويل، قال: يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه ويصلي، قال: وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائماً)[[10]]، والسيف من الحديد.

ومقتضى الجمع بين الطائفتين الحمل على الكراهة مطلقاً في الصلاة وغيرها، نعم ترتفع هذه الحزازة  فيما اذا لم يكن عليه قميص.

ودعوى: أن الجمع  بينهما يقتضي حمل نصوص المنع على  الحديد  البارز  ونصوص  الجواز على الحديد المستور.

مدفوعة: أولاً: بأنه لا شاهد لهذا الجمع إلا مرسل ضعيف.

وثانياً: بعدم إمكان حمل الأخبار المجوزة على ذلك، لأنه لو فرض أن السيف عادة لا يكون مجرداً بل في غمده، إلا أن قبضته حديد لا محالة، ويندر كونها خشباً، ومعه كيف يمكن حمل هذه الروايات على الحديد المستور.

والحاصل: أن كراهة الصلاة في الحديد البارز لا دليل عليه كلية، بل ولا دليل علىكراهة الحديد في الصلاة فقط إنما اقتضته الصحيحة والموثقة في الصلاة وفي غيرها بارزاً كان أم مستوراً.

ومن جملة المكروهات:

الصلاة في الثوب الذي فيه تماثيل، أو الخاتم الذي فيه صورة، على المشهور، وقد نسب المنع في الثوب الى الشيخ، وفي الخاتم فقط لابن البراج.

كصحيحة ابن بزيع قال: (سألت أبا الحسن  (عليه السلام) عن الصلاة في الثوب الديباج فقال: ما لم يكن فيه التماثيل فلا بأس)[[11]].

وموثقة سماعة قال: (سألت أبا عبد الله  (عليه السلام) عن لباس الحرير والديباج، فقال: أما في الحرب فلا بأس به وإن كان فيه تماثيل)[[12]].

وعلي بن جعفر عن أبيه  (عليه السلام)في حديث قال: (.. وسألته عن الثوب يكون فيه التماثيل أو في علمه أيصلي فيه ؟ قال: لا يصلي فيه)[[13]].

وهذه الروايات واضحة الدلالة، ولكن في قبالها طائفة أخرى عبرت بالكراهة:

منها: صحيح ابن سنان عن ابي الله  (عليه السلام): (أنه كره ان يصلي وعليه ثوب فيه تماثيل)[[14]].

وصحيح ابن بزيع: (سأل الرضا  (عليه السلام) عن الصلاة في الثوب المعلم، فكره ما فيه التماثيل)[[15]].

فإن كان المراد بالكراهة هنا الكراهة المصطلحة، يكون مقتضى الجمع بين الطائفتين هو الكراهة، ولكن هذا الإصطلاح مستحدث، ومعنى الكراهة لغة الحرمة، فلا يمكن الجمع المذكور، بل تكون دالة على المنع.

ودعوى: أن فهم الأصحاب قرينة على الجمع المذكور كما عن المحقق الهمداني.

مدفوعة: أولاً: أن فهمهم بنفسه ليس حجة.

وثانياً: أنه لم يعلم استنادهم الى هذه الروايات ليلتزم فيها بهذا الجمع.

فالذي يمكن أن يقال في وجه الجمع المذكور: هو خبر علي بن جعفر أنه سأل أخاه  (عليه السلام) عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير يصلي فيه ؟ قال: لابأس)[[16]]، وكلها ضعيفة، وعلى هذا فلا مناص من العمل بالروايات المانعة.

يبقى الكلام فيما هو المراد من التمثال: فهل المراد كل صورة وان لم تكن صورة ذي روح، أو مختصة بتصوير ذوات الأرواح:

فعن أقرب الموارد: أن التمثال انما يطلق على صورة ذي الروح فقط دون غيره، فإن صح هذا فهو، والا فلا أقل من أنه القدر المتيقن فيقتصر عليه، ويحرم في تمثال ذي الروح، وأما ما عداه فيبقى على جواز الصلاة فيه

هذا مضافا ً الى تصريح الروايات بالجواز في غير ذوات الأرواح:

منها: صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا  (عليه السلام) في حديث: (أنه أراه خاتم أبي الحسن  (عليه السلام) وفيه وردة وهلال في أعلاه)[[17]]، واحتمال انه كان ينزعه حال الصلاة  بعيد.

ومنها: صحيحة محمد بن مسلم قال: (سألت أبا عبد الله  (عليه السلام) عن تماثيل الشجر والشمس والقمر ؟ فقال: لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان)[[18]].

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): (قال: لا بأس بتماثيل الشجر)[[19]].

 والحاصل: أن المحذور في ذوات الأرواح، وفي غيرها لا مانع.

ما يستحب من اللباس

___________________________

فصل

فيما يستحب من اللباس

 

وهي أيضاً أمور :

(أحدهما): العمامة مع التحنك.

(الثاني): الرداء، خصوصاً للإمام، بل يكره له تركه.

(الثالث): تعدد الثياب، بل يكره في الثوب الواحد للمرأة كما مرّ.

(الرابع): لبس السراويل.

(الخامس): ان يكون اللباس من القطن او الكتان.

(السادس): ان يكون ابيض .

(السابع): لبس الخاتم من العقيق.

(الثامن): لبس النعل العربية .

(التاسع):  ستر القدمين للمرأة.

(العاشر): ستر الرأس في الأمة والصبية، وأما غيرهما من الإناث فيجب كما مر.

(الحادي عشر): لبس أنظف ثيابه.

(الثاني عشر):استعمال الطيب، ففي الخبر ما مضمونه: الصلاة مع الطيب تعادل سبعين صلاة.

(الثالث عشر): ستر ما بين السرة والركبة.

(الرابع عشر): لبس المرأة  قلادتها.

___________________________

 


 

[[1]] ذكر السيد الأستاذ في هذا الفصل من المكروهات ما فيه قول بالحرمة فقط، ولم يتعرض للباقي لعدم الدليل عليها أو لابتنائها على قاعدة التسامح.

    ونحن نذكر المتن حرفياً استكمالاً لنص العروة ثم نذكر بعد ذلك ما ذكره في مجلس الدرس.

[[2]] الوسائل م3 ب23 لباس المصلي ح3.

[[3]] نفس الباب السابق ح6.

[[4]] الوسائل م3 ب 35 لباس المصلي ح1.

[[5]] نفس الباب السابق ح3.

[[6]] نفس الباب السابق ح 6.

[[7]] الوسائل م3 ب32 لباس المصلي ح6.

[[8]] نفس الباب السابق ح1.

[[9]] نفس الباب السابق ح5.

[[10]] ب53 لباس المصلي ح3.

[[11]] الوسائل م3 ب11 لباس المصلي ح10.

[[12]] ب12 لباس المصلي ح3.

[[13]] ب45 لباس المصلي ح16.

[[14]] ب45 لباس المصلي ح2.

[[15]] ب45 لبا المصلي ح4.

[[16]] ب45 لباس المصلي ح23.

[[17]] ب46 لباس المصلي ح1.

[[18]] الوسائل م3 ب 3 أحكام الملابس ح17.

[[19]] الوسائل م12 ب94 ما يكتسب به ح2.

رجوع