العدد الحادي عشر/ خريف 2007م  / ذو الحجة 1428هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الشيخ نصير الدين الطوسي وسقوط بغداد*

تمهيد

سألتم عن دور الحكيم الإلهي الشيخ المحقق العظيم الخواجة نصير الدين الطوسي في سقوط بغداد على يد هولاكو. لأنه قد ينسب في بعض الكتب أن للشيخ نصير الدين الطوسي ضلعًا في سقوط بغداد في يد المشركين، وما ترتب على هذه الحادثة من آثار سيئة بالنسبة إلى الإسلام والمسلمين، من قتل النفوس، وتخريب البلاد، والمدارس العلمية، وسائر ما ترتب على هذه الحادثة العظيمة من الآثار السيئة.

افتراء ابن تيمية على الشيخ نصير الدين الطوسي

لعل من أشد الناس تحاملاً على الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه الله واتهامًا له في هذه القضية هو ابن تيمية، مما يثير الشك ويدعو إلى البحث عما إذا كان السبب الأصلي للتحامل عليه واتهامه بهذا الأمر هو الاختلاف العقائدي، وما كان للشيخ نصير الدين الطوسي من دور في نشر المذهب الشيعي، ودعمه بالأدلة والبراهين، ولا سيما بتأليفه كتاب تجريد الاعتقاد، والذي أصبح من المتون الأصلية والأولية للتدريس في الحوزات العلمية، ولذا كثرت عليه الشروح والحواشي من علماء الشيعة والسنة، حتى أن كتاب المواقف للقاضي الإيجي، وكتاب المقاصد للسعد التفتازاني، إنما أُلّفا على نسق ما كتبه الخواجة نصير الدين في كتاب التجريد، وإن لم يصرّح باسمه إلا نادرًا، وقد عثرنا على مورد في شرح المقاصد صُرّح فيه باسم الشيخ نصير الدين الطوسي إنما مع التهجم عليه وسبّه.

وأما ابن تيمية، فإنما يتعرّض للخواجة نصير الدين الطوسي بمناسبة أن العلامة الحلي - تلميذ الخواجة - ينقل عن أستاذه استدلالاً لدعم المذهب الشيعي وإثبات عقيدة الإمامية، وهو استدلال مؤسس على حديثين صحيحين واردين في كتب الفريقين، حيث ينقل العلامة رحمه الله عن أستاذه الطوسي أنه سئل عن المذهب الحق بعد رسول الله، فأجاب بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أخبر في الحديث المتفق عليه بأن الأمة ستفترق من بعده على ثلاث وسبعين فرقة، وهذا الحديث متفق عليه. قال: فمع كثرة هذه الفرق قال رسول الله: فرقة ناجية والباقي في النار. ثم إن رسول الله عين تلك الفرقة الناجية بقوله: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا.

وهذا الاستدلال لا يمكن لأحد أن يناقش فيه، لا في الحديث الأول، ولا في الحديث الثاني، ولا في النتيجة المترتبة على هذين الحديثين. وحينئذ نرى ابن تيمية العاجز عن إظهار أيّة مناقشة أو إبداء أي إيراد علمي في مقابل هذا الاستدلال، نراه يتهجم على الشيخ نصير الدين، ويسبه بما لا يتفوه به مسلم بالنسبة إلى فرد عادي من أفراد الناس.

نص افتراء ابن تيمية

قال ابن تيمية : "هذا الرجل - ويعني المحقق الطوسي رحمه الله - قد اشتهر عند الخاص والعام أنه كان وزيرًا للملاحدة الباطنية الإسماعيلية في الألموت، ثم لما قدم الترك المشركون إلى بلاد المسلمين، وجاؤوا إلى بغداد دار الخلافة، كان هذا منجما مشيرا لملك الترك المشركين هولاكو، أشار عليه بقتل الخليفة وقتل أهل العلم والدين، واستبقاء أهل الصناعات والتجارات الذين ينفعونه في الدنيا، وأنه استولى على الوقف الذي للمسلمين، وكان يعطي منه ما شاء الله لعلماء المشركين وشيوخهم من البخشية السحرة وأمثالهم. وأنه لما بنى الرصد الذي بمراغة على طريقة الصابئة المشركين، كان أبخس الناس نصيبا منه من كان إلى أهل الملل أقرب، وأوفرهم نصيبا من كان أبعدهم عن الملل، مثل الصابئة المشركين ومثل المعطلة وسائر المشركين.

ومن المشهور عنه وعن أتباعه الاستهتار بواجبات الإسلام ومحرماته، لا يحافظون على الفرائض كالصلوات، ولا ينزعون عن محارم الله من الفواحش والخمر وغير ذلك من المنكرات، حتى أنهم في شهر رمضان يذكر منهم من إضاعة الصلوات وارتكاب الفواحش وشرب الخمور ما يعرفه أهل الخبرة بهم. ولم يكن لهم قوة وظهور إلا مع المشركين الذين دينهم شر من دين اليهود والنصارى، ولهذا كان كلما قوي الإسلام في المغل وغيرهم من الترك ضعف أمر هؤلاء، لغرض معاداتهم للإسلام وأهله.... وبالجملة فأمر هذا الطوسي وأتباعه عند المسلمين أشهر وأعرف من أن يعرَّف ويوصف.

ومع هذا فقد قيل: إنه في آخر عمره يحافظ على الصلوات الخمس، ويشتغل بتفسير البغوي وبالفقه ونحو ذلك، فإن كان قد تاب من الإلحاد، فالله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، والله تعالى يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً}([1]).

لكن ما ذكره هذا([2])، إن كان قبل التوبة لم يقبل قوله، وإن كان بعد التوبة لم يكن قد تاب من الرفض، بل من الإلحاد وحده، وعلى التقديرين فلا يقبل قوله([3]).

والأظهر أنه - أي العلامة الحلي - إنما كان يجتمع به - أي بالمحقق الطوسي - وبأمثاله لما كان منجمًا للمغل المشركين، والإلحاد معروف من حاله إذ ذاك.

فمن يقدح في مثل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ويطعن على مثل مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وأتباعهم ويعيّرهم بغلطات بعضهم في مثل إباحة الشطرنج والغناء، كيف يليق به أن يحتج لمذهبه بقول مثل هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرّم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق، من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويستحلون المحرمات المجمع على تحريمها، كالفواحش والخمر في شهر رمضان، الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وخرقوا سياج الشرائع، واستخفوا بمحرمات الدين، وسلكوا غير طريق المؤمنين....

لكن هذا حال الرافضة دائما يعادون أولياء الله المتقين، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، ويوالون الكفار والمنافقين... إلى آخر كلامه([4]).

هذا جوابه على استدلال العلامة بكلام أستاذه، وهو ينمّ عن عجزه عن مقارعة الحجة بالحجة، حيث لا سبيل إلى ردّ الحجة التي ذكرها المحقق الطوسي لأنه اعتمد فيها على حديثين متفق عليهما عند كل المسلمين، فلجأ إلى حجة العاجز الضعيف وهو السباب والشتم والافتراء.

نعود إلى أصل المسألة وهو اتهام المحقق الطوسي بضلوعه في سقوط بغداد، وهي قضية وقعت في أواسط القرن السابع، فلا بد أن نرجع فيها إلى من شهد تلك الواقعة أو من كان قريب العهد بها من المؤرخين من أهل السنة أنفسهم.

الرجوع إلى المؤرخين

حادثة سقوط بغداد في تاريخ ابن الفوطي

لعل خير كتاب يمكننا الرجوع إليه بالدرجة الأولى هو كتاب الحوادث الجامعة من تأليف العلامة ابن الفوطي الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 723 ه‍،

ترجم له الذهبي قائلاً: ابن الفوطي العالم البارع المتفنن المحدث المفيد، مؤرخ الآفاق، مفخر أهل العراق، كمال الدين أبو الفضائل عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن أبي المعالي الشيباني ابن الفوطي، مولده في المحرم سنة 642 ببغداد، وأسر في الوقعة - أي وقعة بغداد - وهو حَدث، ثم صار إلى أستاذه ومعلمه خواجة نصير الدين الطوسي في سنة 660هـ، فأخذ منه علوم الأوائل، ومهر على غيره في الأدب، ومهر في التاريخ والشعر وأيام الناس، وله النظم والنثر، والباع الأطول في ترصيع تراجم الناس، وله ذكاء مفرط، وخط منسوب رشيق، وفضائل كثيرة، سمع الكثير، وعني بهذا الشأن([5]).

وعبّر عنه ابن شاكر الكتبي صاحب فوات الوفيات، بالشيخ الإمام المحدث المؤرخ الأخباري الفيلسوف([6]).

وأما ابن كثير، فيذكر ابن الفوطي في تاريخه قائلاً: الإمام المؤرخ كمال الدين ابن الفوطي أبو الفضل عبد الرزاق، ولد 642 ببغداد، وأسر في واقعة التتار، ثم تخلص من الأسر، فكان مشرفا على الكتب بالمستنصرية، وقد صنف تأريخا في خمس وخمسين مجلدا، وآخر - أي كتابا آخر - في نحو عشرين، وله مصنفات كثيرة، وشعر حسن، وقد سمع الحديث من محيي الدين ابن الجوزي، وتوفي في ثالث المحرم في السنة التي ذكرناها([7]).

فهذا العالم المؤرخ، الذي شاهد القضية، وحضرها، وأسر فيها، يذكره علماء أهل السنة بالثناء الجميل، ويعتمدون على تاريخه، يتعرض في كتابه "الحوادث الجامعة" لقضية سقوط بغداد على يد هولاكو، وليس لخواجة نصير الدين اسم في هذه القضية ولا ذكر أبدًا، مع أنهم يذكرون أنه قد ألّف كتابه هذا بعد الواقعة بسنة واحدة، أي في سنة 657هـ.

حادثة سقوط بغداد في تاريخ ابن الطقطقي

ثم بعد ابن الفوطي نرى ابن الطقطقي المولود سنة 660هـ والمتوفى سنة 709هـ، صاحب كتاب "تاريخ الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية"، يروي حوادث بغداد بواسطة واحدة فقط دون أن يرد ذكر للمحقق نصير الدين في هذه القضية أصلاً، لا من قريب ولا من بعيد. نعم يذكر اسم المحقق الطوسي مرة واحدة حيث يبيّن أن دخول ابن العلقمي والذي كان وزيرًا للمستعصم العباسي على هولاكو كان بواسطة المحقق الطوسي (رحمه الله)([8])، حيث يقول: "وكان الذي تولى ترتيبه في الحضرة السلطانية الوزير السعيد نصير الدين محمد الطوسي قدس الله روحه"([9]).

حادثة سقوط بغداد في تاريخ أبي الفداء

ثم ننتقل إلى تاريخ أبي الفداء وهو قريب العهد من الواقعة حيث ولد سنة 672هـ وتوفي سنة 732هـ، يقول:

"في أول هذه السنة - سنة 656هـ - قصد هولاكو - ملكُ التتر - بغداد، وملكها في العشرين من المحرم، وقتل الخليفة المستعصم بالله، وسبب ذلك أن وزير الخليفة مؤيد الدين ابن العلقمي كان رافضيًا، وكان أهل الكرخ أيضًا روافض، فجرت فتنة بين السنة والشيعة ببغداد على جاري عادتهم([10]). فأمر أبو بكر ابن الخليفة وركن الدين الدوادار - رئيس العسكر - العسكر، فنهبوا الكرخ، وهتكوا النساء، وركبوا منهن الفواحش، فعظم ذلك على الوزير ابن العلقمي، وكاتب التتر وأطمعهم في ملك بغداد، وكان عسكر بغداد يبلغ مائة ألف فارس، فقطعهم المستعصم ليحمل إلى التتر متحصل اقطاعاتهم، وصار عسكر بغداد دون عشرين ألف فارس، وأرسل ابن العلقمي إلى التتر أخاه يستدعيهم، فساروا قاصدين بغداد في جحفل عظيم، وخرج عسكر الخليفة لقتالهم ومقدمهم ركن الدين الدوادار، والتقوا على مرحلتين من بغداد، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم عسكر الخليفة، ودخل بعضهم بغداد وسار بعضهم إلى جهة الشام.

ونزل هولاكو على بغداد من الجانب الشرقي، ونزل باجو - وهو مقدم كبير - في الجانب الغربي، على قرية قبالة دار الخلافة، وخرج مؤيد الدين الوزير ابن العلقمي إلى هولاكو، فتوثق منه لنفسه، وعاد إلى الخليفة المستعصم وقال: إن هولاكو يبقيك في الخلافة كما فعل بسلطان الروم.

فخرج إليه المستعصم في جمع من أكابر أصحابه، وأنزل في خيمته، ثم استدعى الوزير الفقهاء والأماثل، فاجتمع هناك جميع سادات بغداد والمدرسون، وكان منهم محيي الدين ابن الجوزي وأولاده، وكذلك بقي يخرج إلى التتر طائفة بعد طائفة، فلما تكاملوا قتلهم التتر عن آخرهم، ثم مدوا الجسر وعدا باجو ومن معه، وبذلوا السيف في بغداد، وهجموا على دار الخلافة وقتلوا كل من كان فيها من الأشراف، ولم يسلم إلا من كان صغيرا، فأخذ أسيرا، ودام القتل والنهب في بغداد نحو أربعين يوما، ثم نودي بالأمان.

أما الخليفة فإنهم قتلوه، ولم يقع الاطلاع على كيفية قتله، فقيل خنق، وقيل وضع في عدل ورفسوه حتى مات، وقيل غرق في دجلة، والله أعلم بحقيقة ذلك.

وكان المستعصم ضعيف الرأي، قد غلب عليه أمراء دولته لسوء تدبيره، وهو آخر الخلفاء العباسيين"([11]).

انتهى كلامه. وأنت ترى أنه لم يأت فيه على ذكر المحقق الطوسي أبدًا.

وأما ما ذكره أبو الفداء عن ابن العلقمي ففيه نظر تعرف وجهه بالرجوع إلى ما ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة وأشرنا إليه في الحاشية رقم (8).

حادثة سقوط بغداد في فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي

المولود سنة 686هـ، أي بعد الواقعة بثلاثين سنة، والمتوفى سنة 764هـ، يترجم في كتابه كلاً من الخليفة العباسي ونصير الدين الطوسي، ولا يذكر شيئًا من ضلوع المحقق الطوسي في حوادث بغداد أبدًا.

يقول في ترجمة الخليفة: "كان متينًا متمسكًا بمذهب أهل السنة والجماعة على ما كان عليه والده وجدّه، ولم يكن على ما كانوا عليه من التيقظ والهمة، بل كان قليل المعرفة والتدبير والتيقظ، نازل الهمة، محبًا للمال، مهملاً للأمور، يتكل فيها على غيره، ولو لم يكن فيه إلا ما فعله مع الملك الناصر داوود في الوديعة لكفاه ذلك عارًا وشنارًا، والله لو كان الناصر من الشعراء، وقد قصده وتردّد عليه على بعد المسافة ومدحه بعدة قصائد، كان يتعيّن عليه أن يُنعم عليه بقريب من قيمة وديعته من ماله، فقد كان في أجداد المستعصم بالله من استفاد منه آحاد الشعراء أكثر من ذلك"([12]).

إلى أن يقول : "فكانت هذه الأسباب كلها مقدمات لما أراد الله تعالى بالخليفة والعراق وأهله، وإذا أراد الله تعالى أمرا هيأ أسبابه".

ولم يذكر سائر أعمال هذا الخليفة وأسلاف هذا الخليفة، من الخلاعة والمجون والاستهتار بالدين والسكر وشرب الخمر ومجالس اللهو واللعب، إلى غير ذلك من أسباب انقراض الحكومات.

ثم قال : "واختلفوا كيف كان قتله، قيل: إن هولاكو لما ملك بغداد أمر بخنقه، وقيل رفس إلى أن مات، وقيل كذا إلى آخره والله أعلم بحقيقة الحال. وكانت واقعة بغداد وقتل الخليفة من أعظم الوقائع"([13]). انتهى

ولم يذكر شيئًا يتعلق بالمحقق نصير الدين الطوسي أبدًا.

حادثة سقوط بغداد في الوافي بالوفيات للصفدي

المولود في سنة 696هـ أي بعد أربعين سنة من الواقعة، والمتوفى سنة 764هـ.

يقول في ترجمة الخليفة المستعصم: "كان حليمًا كريمًا، سليم الباطن، حسن الديانة، متمسكًا بالسنة، ولكنه لم يكن كما كان عليه أبوه وجده من الحزم والتيّقظ، وكان الدوادار والشرابي لهم الأمر... جاء هولاكو البلاد في نحو مائتي ألف فارس، وطلب الخليفة وحده فطلع ومعه القضاة والمدرسون والأعيان نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحريبة جاء الأمر بحضور الخليفة وحده، ومعه سبعة عشر نفسا، فساقوهم مع الخليفة وأنزلوا من بقي عن خيلهم وضربوا رقابهم، ووقع السيف في بغداد، وعمل القتل أربعين يوما، وأنزلوا الخليفة في خيمة وحده والسبعة عشر في خيمة أخرى، ثم إن هولاكو أحضر الخليفة وجرت له معه ومع ابنه أبي بكر محاورات وأخرجا ورفسوهما إلى أن ماتا، وعفي أثرهما"([14]).

حادثة سقوط بغداد في تاريخ ابن خلدون

المولود سنة 732هـ، والمتوفي سنة 808هـ، ذكر في تاريخه خبر المستعصم آخر ملوك بني العباس ببغداد، فلم يصف الخليفة بما وصفه به غيره من الصفات الدنيئة الموجبة للعار والشنار، والمسببة لما وقع به وبأهل بغداد، بل وصفه بقوله: كان فقيها محدثا... ثم ذكر ما كان من السنة ضد الشيعة في الكرخ بأمر من الخليفة وابنه أبي بكر وركن الدين الدوادار، ثم ذكر زحف هولاكو إلى العراق ودخول بغداد وقتل الخليفة وغيره. وليس في شيء مما ذكره ذكرٌ للمحقق نصير الدين الطوسي أبدًا، فلاحظوا تاريخه([15]).

حادثة سقوط بغداد في تاريخ الخلفاء السيوطي

المتوفى سنة 911هـ، ذكر أخبار التتر، وورودهم إلى بغداد، وقتل الخليفة وغير ذلك، في صفحات كثيرة، وليس فيها ذكرٌ لنصير الدين الطوسي أبدًا([16]).

نقول بعد هذا كله

أين ما ذكره ابن تيمية حول نصير الدين الطوسي رحمه الله فيما يتعلق بقضية سقوط بغداد.

الرجوع إلى أصحاب ابن تيمية

حينئذ ننتقل إلى أصحاب ابن تيمية والمقربين منه، وهم ثلاثة: الذهبي، وابن كثير، وابن القيم.

أما الذهبي : فهو تلميذ ابن تيمية وإن كان يخالفه في بعض الآراء، وقد لخص كتاب منهاج السنة لأستاذه ابن تيمية وسمّاه منهاج الاعتدال.

يقول الذهبي في حوادث سنة 656: "كان المؤيد ابن العلقمي قد كاتب التتر، وحرّضهم على قصد بغداد، لأجل ما جرى على إخوانه الرافضة من النهب والخزي... ثم ذكر الواقعة كما تقدم عن أبي الفداء، وليس فيها ذكر لنصير الدين الطوسي أصلاً([17]).

وكذا في ترجمته للمستعصم في "سير أعلام النبلاء"، نجد أنه ذكر الواقعة ناقلاً شرحها عن جمال الدين سليمان بن رطنين الحنبلي، والظهير الكازروني، وغيرهما، وليس في ذلك ذكرٌ لنصير الدين الطوسي أبدًا([18]).

أما ابن كثير: المولود سنة 700هـ أي بعد الواقعة بخمسين سنة تقريبًا والمتوفى سنة 774هـ، فقد ترجم لنصير الدين الطوسي، ولم ينسب إليه شيئًا مما نسبه إليه ابن تيمية من الإخلال بالصلوات وشرب الخمر وارتكاب الفواحش، وإنما ذكر ما نُسب إليه من الإشارة على هولاكو بقتل الخليفة، بعبارة ظاهرة جدا في التشكيك في ذلك، فقد قال في تاريخه في هذه القضية:

"ومن الناس من يزعم أنه - أي المحقق نصير الدين - أشار على هولاكو خان بقتل الخليفة، فالله أعلم".

ولعله كان يقصد بقوله: "ومن الناس من يزعم" ابن تيمية نفسه.

ثم يقول تعقيبًا على ذلك : "وعندي أن هذا لا يصدر من عاقل ولا فاضل، وقد ذكره بعض البغاددة - أي أهالي بغداد - فأثنى عليه وقال: كان عاقلاً فاضلاً كريم الأخلاق، ودفن في مشهد موسى بن جعفر، في سرداب كان قد أعد للخليفة الناصر لدين الله"([19]).

وهذا من جملة المواضع التي لا يوافق فيها ابن كثير شيخه ابن تيمية.

أما ابن قيم الجوزية: فلم يتبع شيخه ابن تيمية فحسب، بل زاد عليه أشياء أخرى أيضًا، حيث قال عند ذكر المحقق الطوسي رحمه الله: "نصير الشرك والكفر والإلحاد، وزير الملاحدة النصير الطوسي، وزير هولاكو، شفى نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه، فعرضهم على السيف حتى شفى إخوانه من الملاحدة واشتفى هو، فقَتَلَ الخليفةَ المستعصم والقضاة والفقهاء والمحدثين([20]).

واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبايعيين والسحرة، ونقل أوقاف المدارس والمساجد والربط إليهم، وجعلهم خاصته وأولياءه.

ونصر في كتبه قدم العالم وبطلان المعاد وإنكار صفات الرب جل جلاله من علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره، واتخذ للملاحدة مدارس، ورام جعل إشارات إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن، فلم يقدر على ذلك فقال: هي قرآن الخواص وذلك قرآن العوام، ورام تغيير الصلاة وجعلها صلاتين، فلم يتم له الأمر، وتعلم السحر في آخر الأمر فكان ساحرا يعبد الأصنام". انتهى.

واللافت أن ابن تيمية نسب إلى المحقق الطوسي في آخر عمره التوبة كما مرّت معنا عبارته في أول البحث. وأما تلميذه ابن القيم فأحب أن يزيد على افتراءات أستاذه ابن تيمية، فنسب إلى المحقق الطوسي في آخر عمره أنه : "تعلم السحر في آخر الأمر، فكان ساحرًا يعبد الأصنام !!".

إلى هنا تبين أن ما ينسب سابقًا ولاحقًا إلى الخواجة نصير الدين الطوسي ليس عليه أيّ دليل، وبالتالي فليس له سبب سوى أن هذا الرجل العظيم استفاد من تلك الظروف لصالح هذا المذهب المظلوم، وتمكن من تأليف كتابه تجريد الاعتقاد، الذي يطرح أفكار الإمامية والذي أصبح يدرس في الأوساط العلمية([21]).

ومنذ ذلك الوقت أصبح الآخرون عيالاً على الخواجة نصير الدين الطوسي في علم الكلام والعقائد بمن فيهم علماء الكلام من السنة أنفسهم - كما أشرنا إليه في أول البحث -، فألفوا كتبهم في العقائد على نسق التجريد وتبعًا له، فكان هذا سببًا كافيًا ليغتاظ ابن تيمية وأمثاله، وهذا هو السبب الرئيسي في نسبة كل هذه الافتراءات إلى المحقق الطوسي رحمه الله.

نتيجة البحث

ثبت بما تقدم أن كل ما نسب إلى المحقق الطوسي في قضية سقوط بغداد هو باطل، ولا أساس له من الصحة، وذلك بالاستناد إلى كلمات المؤرخين من أهل السنة أنفسهم، من ابن الفوطي الذي عاصر القضية وكان من الأسرى في الواقعة، ثم ابن الطقطقي، ثم ابن كثير، ثم الذهبي، والصفدي، وابن شاكر الكتبي، وأبو الفداء، وغيرهم، ولم ننقل شيئا لتبرئة ساحة هذا الشيخ العظيم عن أحد من علماء الشيعة.

الثناء على الشيخ نصير الدين الطوسي

ولا بأس بذكر بعض النصوص في الثناء الجميل على هذا الشيخ العظيم من كتب القوم.

لاحظوا عبارة ابن كثير حيث يقول: "النصير الطوسي محمد بن عبد الله - لكن والده محمد فهو محمد بن محمد - كان يقال له المولى نصير الدين، ويقال الخواجة نصير الدين، اشتغل في شبيبته، وحصل علم الأوائل جيدا، وصنف في ذلك في علم الكلام، وشرح الإشارات لابن سينا"...

إلى أن قال: "وهو الذي كان قد بنى الرصد في مراغة، ورتب فيه الحكماء من الفلاسفة والمتكلمين والفقهاء والمحدثين والأطباء، وغيرهم من الفضلاء، وبنى له فيه قبة عظيمة، وجعل فيه كتبا كثيرة جدًا.

توفي في بغداد في الثاني عشر من ذي الحجة من هذه السنة، وله خمس وسبعون سنة.

وله شعر جيد قوي، وأصل اشتغاله على المعين سالم بن بدران بن علي المصري المعتزلي المتشيع، فنزع فيه حروب كثيرة منه حتى أفسد اعتقاده"([22]).

هذا كله ذكره في ترجمة نصير الدين الطوسي، وفيه الثناء الجميل على علمه، إلا أنه يعرض به لأجل مذهبه.

وقال الذهبي في وفيات سنة 672: "كبير الفلاسفة خواجة نصير الدين محمد بن محمد بن حسن الطوسي صاحب الرصد".

وقال أيضا: "خواجة نصير الدين الطوسي أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحسن، مات في ذي الحجة ببغداد، وقد نيف على الثمانين، وكان رأسا في علم الأوائل، ذا منزلة من هولاكو"([23]).

وقال أبو الفداء: وفيها - أي في السنة المذكورة - في يوم الاثنين 18 ذي الحجة، توفي الشيخ العلامة نصير الدين الطوسي، واسمه محمد بن محمد الإمام المشهور، وكان يخدم صاحب الألموت، ثم خدم هولاكو، وحظي عنده، وعمل رصدا بمراغة وزيجا وله مصنفات عديدة كلها نفيسة، منها أقليدس يتضمن اختلاط الأوضاع، وكتاب المجسطي، والتذكرة في الهيئة لم يصنف في فنها مثلها، وشرح الإشارات، وأجاب عن غالب إيرادات فخر الدين الرازي، وكانت ولادته في الحادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكانت وفاته ببغداد، ودفن في مشهد موسى والجواد([24]).

وقال الصفدي: نصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين الطوسي، الفيلسوف، صاحب علم الرياضي، كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما في الأرصاد والمجسطي، فإنه فاق الكبار، قرأ على المعين سالم بن بدران المعتزلي الرافضي وغيره.

وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند هولاكو، وكان يطيع على ما يشير عليه، والأموال في تصريفه، وابتنى بمراغة قبة ورصدا عظيما، واتخذ في ذلك خزانة عظيمة، فسيحة الأرجاء وملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة، حتى تجمع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد، وأقر بالرصد المنجمين والفلاسفة، وجعل لهم الأوقاف.

وكان حسن الصورة، سمحًا كريمًا جوادًا حليمًا حسن العشرة غزير الفضل.

حكي أنه لما أراد العمل بالرصد رأى هولاكو ما يقدم عليه، فقال له: هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته، أيدفع ما قدر أن يكون ؟ فقال: أنا أضرب لك مثلا، يأمر القان من يطلع إلى هذا المكان، ويرمي من أعلاه طشتا نحاسا كبيرا من غير أن يعلم به أحد، ففعل ذلك، ولما وقع كان له وقعة عظيمة هائلة روعت كل من هناك، وكاد بعضهم يصعق، فأما هو وهولاكو فإنهما ما حصل لهما شئ لعلمهما بأن ذلك يقع، فقال له: هذا العلم النجومي له هذه الفائدة، يعلم المتحدث فيه ما يحدث، فلا يحصل له من الروعة ما يحصل للذاهل الغافل عنه، فقال له: لا بأس بهذا، وأمره بالشروع فيه، إلى آخره.

ومن دهائه ما حكي: أنه حصل لهولاكو غضب على علاء الدين الجويني صاحب الديوان، فأمر بقتله، فجاء أخوه إلى النصير وذكر له، فقال النصير... إلى آخره فسعى في خلاص هذا الشخص.

ومما وقف له عليه أن ورقة حضرت إليه عن شخص من جملة ما فيها: يا كلب يا بن الكلب، فكان الجواب منه أما قوله: يا كلب، فليس بصحيح، لأن الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار، وأما أنا فمنتصب القائمة بادي البشرة عريض الأظفار ناطق ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص، وأطال في نقض كل ما قاله ذلك القائل.

هكذا رد عليه بحسن طوية وتأن غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة.

ثم ذكر تصانيفه، ثم ذكر بعض القضايا الأخرى([25]).

إلى أن قال : "وكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم، وكان يبرهم ويقضي أشغالهم ويحمي أوقافهم، وكان مع هذا كله فيه تواضع وحسن ملتقى، وكان نصير قدم من مراغة إلى بغداد، ومعه كثير من تلامذته وأصحابه، فأقام بها مدة أشهر ومات، ومولد النصير بطوس سنة كذا ووفاته سنة كذا، وشيعه صاحب الديوان والكبار، وكانت جنازته حفلة، ودفن في مشهد الكاظم".

وجاء في فوات الوفيات: "الخواجة نصير الدين الطوسي محمد بن محمد بن الحسن نصير الدين، كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما في الأرصاد والمجسطي، وكان يطيعه هولاكو فيما يشير عليه، والأموال في تصريفه"... إلى أن يقول: وكان حسن الصورة سمحا كريما جوادا حليما حسن العشرة غزير الفضائل جليل القدر داهية".... إلى أن ذكر تصانيفه وهي كثيرة جدا. وذكر كلمات بعض العلماء في حقه.. ثم قال: "ودفن في مشهد الكاظم رحمه الله.

وكذا تجدون الثناء عليه في النجوم الزاهرة([26])، وفي غيره من الكتب والتآليف.

فأين ما ذكره ابن تيمية أو ما زاد عليه تلميذه ابن قيم الجوزية ؟ والعمدة ما ذكرناه.

كلمة لا بد منها

والعجيب أنكم لو قرأتم كتب علمائنا في التراجم وسير العلماء وفي التواريخ، لن تجدوا في حق علماء السنة لفظة واحدة من هذه الألفاظ التي تصدر من بعض هؤلاء في حق علماء الشيعة، فإن ذكروا شيئا عن بعض علماء أهل السنة، فإنما يذكرونه بأدب ومتانة، فكيف وأن ينسبوا إلى أحد منهم ما ليس فيه، وما لا يجوز نسبته إليه، لاحظوا الكتب، قارنوا بين كتبنا وكتبهم، قارنوا بين أساليب علمائنا وأساليب شيخ إسلامهم، لتعرفوا الحق وتكونوا من أتباع الحق. إذا عرفتم الحق تعرفون أهله، وإذا عرفتم الحق تتبعونه بلا تردد([27]).

 


 

* من محاضرة لسماحة العلامة المحقق السيد علي الحسيني الميلاني ، حرّرها فضيلة الشيخ حسين عباس.


 

الهوامش

[1] - سورة الزمر من الآية53

[2] - الظاهر أنه يقصد ما ذكره العلامة الحلي من استدلال أستاذه المحقق على أحقية المذهب الإمامي (التحرير).

[3] - وهذا من عجائب الأمور، إذ حتى لو سلمنا بما قاله من إلحاد المحقق الطوسي والعياذ بالله، فكيف يجعل الاعتقاد الباطل مانعًا من قبول حديث رسول الله المتفق عليه عند كل المسلمين؟! ونترك للقارئ الكريم التأمل في سخافة هذا الرد الصادر عن (شيخ الإسلام!) بزعمهم (التحرير).

[4] - منهاج السنة 3 / 445 - 451.

[5] - تذكرة الحفاظ 4 / 1493.

[6] - فوات الوفيات 2 / 319.

[7] - البداية والنهاية 14 / 106.

[8] - نسب إلى ابن العلقمي من قبل بعض كتّأب السنة أن له يدًا في سقوط بغداد، وقد كفانا العلامة السيد محسن الأمين رحمه الله مؤونة البحث عن براءة ساحته في كتابه أعيان الشيعة، فراجع أعيان الشيعة : 9/82-101، طبعة 1983، دار التعارف بيروت لبنان. حيث يقول ص101: (ويبدو أن إلصاق تهمة سقوط بغداد بالوزير إنما غايتها تبرير الإهمال والتسيُّب اللذين سيطرا على إدارة العراق منذ بداية الغزو المغولي لدولة خوارزم سنة 616 هـ 1219م، وقد كانت الخطة الصحيحة المناسبة آنذاك هي محاربة المغول منذ أول ظهورهم في بلاد ما وراء النهر وخراسان وليس التفرّج على هجماتهم وفظائعهم وانتظارهم عند أسوار بغداد ثم اتهام الوزير بأنه السبب في سقوط المدينة).

[9] - الفخري في الآداب السلطانية: 338.

[10] - يذكر التاريخ وقوع حوادث متكررة بين الشيعة والسنة في بغداد في محلة الكرخ وما يقابلها، راجع : صراع الحريات في عصر الشيخ المفيد للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضى (التحرير).

[11] - المختصر في أحوال البشر 3 / 193 - 194.

[12] - يظهر من كلامه هذا أن الخليفة كان عنده وديعة لمن يسميه بالملك الناصر، وقد تصرّف فيها الخليفة ولم يرجعها إلى صاحبها، إلى غير ذلك من الأمور التي كانت تصدر عنه مما لا يناسب منصب الخلافة ولم يتخلّق بها الخلفاء قبله.

[13] - فوات الوفيات 2 / 230.

[14] - الوافي بالوفيات 17 / 641.

[15] - تاريخ ابن خلدون 6 / 1104.

[16] -) تاريخ الخلفاء: 467 - 477.

[17] - العبر في خبر من غبر 3 / 277.

[18] - سير أعلام النبلاء 23 / 181. (

[19] - البداية والنهاية 13 / 267.

[20] - بما أن كلمة (المحدثين) منصوبة فالفعل (قتل) مبني للفاعل، أي أن المحقق الطوسي هو الذي قام بقتل هؤلاء. اللهم إلا إذا أرجعنا ضمير (قتل) إلى هولاكو، أي بأمر من المحقق الطوسي.

[21] - كان التضييق قد أخذ مأخذه الكبير في عدم إعطاء فرصة لتلك الأفكار بأن تطرح في الأوساط العلمية وخصوصًا بعد الفتنة الكبرى التي حصلت في أيام شيخ الطائفة الشيخ الطوسي رضوان الله عليه، وما نتج عنها من إحراق مكتبته وفراره إلى النجف وتأسيس الحوزة العلمية وتشييدها هناك، والتي ما زالت منارة إشعاع للفكر حتى يومنا هذا (التحرير).

[22] - البداية والنهاية 13 / 276.

[23] - العبر في خبر من غبر 3 / 326، دول الإسلام

[24] - المختصر في أخبار البشر 4 / 8.

[25] - الوافي بالوفيات 1 / 179.

[26] - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 7 / 245.

[27] - وطبعًا نحن لا ندعي بأن هذا الأسلوب هو سيرة جارية عند علمائهم، ولكن نقول بأن هذا الأسلوب الذي اشتهر فيه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وبرعا فيه وسار عليه بعض أتباعهم من المعاصرين له الأثر الكبير في نشوء الجماعات التكفيرية التي كانت سببًا في تمزيق الأمة وتشتيتها وابتعادها عن مناقشة قضاياها بروح علمية وموضوعية رصينة.

ولعل هذا الأمر يحتاج إلى بحث مستقل مفصل حول مصادر الفكر التكفيري عند هذه الجماعات المتطرفة.

(التحرير)

أعلى الصفحة     محتويات العدد الحداي عشر