بسم الله الرحمن الرحيم
روي عن الإمام أبي
جعفر (عليه السلام) أنه قال :
"حديثنا
صعب
مستصعب ، لا يحتمله إلا ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن
ممتحن أو مدينة حصينة ، فإذا وقع أمرنا وجاء مهديّنا كان
الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان ، يطأ عدونا برجليه ،
ويضربه بكفيه ، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد".
وروي عن النبي الأكرم
(صلى الله عليه
وآله)
أنه قال :
"يا عليّ ما عرف الله إلا أنا وأنت ، وما عرفني
إلا الله وأنت ، وما عرفك إلا الله وأنا" .
وما أردنا من ذكر هذين الحديثين سوى عرض نموذج سريع لمقام
آل بيت النبي
(صلى الله عليه
وآله)،
مدللين بذلك على مقدار الصعوبة ومدى القصور اللذين
يعتريان الكاتب أو الشاعر حين يتصدى للكلام على أصحاب ذلك
المقام ، عنيت بهم العترة الطاهرة (عليهم السلام) .
وهذا ما عبر عنه الكثيرون من الكتّاب والبحّاثة ،
والمبدعين على اختلاف مشاربهم وتباين مللهم ونحلهم . ولو
شئنا الاستقصاء لاقتضانا ذلك إلى تأليف سفر كبير يجمع
كلماتهم ويصوّر مواقفهم .
غير أننا ولضيق المقام سنكتفي
بإشارة عابرة إلى نصوص بعض الأدباء المبدعين ، والتي
يبيّنون فيها مدى صعوبة الحديث حول آل بيت النبوّة (عليهم
السلام) ، أو يصوّرون فيها غرابة أمرهم بحيث أن محبة الخلق
إياهم قد تعدّت النوع الإنساني لتصل إلى كل العوالم . وقد
اقتصرنا
على انتقاء كلمات بعض النصارى دون المسلمين ، بغية التدليل
على أن أمر آل البيت (عليهم السلام)
لم يختص بأهل دين واحد ، أو بأصحاب ملّة معيّنة .
يقول الشاعر سعيد عقل ، متحدثًا حول الإمام علي
(عليه السلام)
:
كلامي على ربّ الكلامِ هوىً صعبُ
|
|
تهيّبتُ إلا أنني السيفُ لم ينبُ
|
ويقول الشاعر خليل فرحات مخاطبًا الإمام عليًا
(عليه السلام)
:
وتستغفر الأعمارُ عندك
جهلها...
وتبقى كما يا أنت
في العِلم والغَفر !..
ويقول الشاعر زبينا بن إسحق النصراني الرسغي :
وما تعتريني في عليّ ورهطه
يقولون ما بال النصارى تحبُّهم
فقلت لهم إني لأحسب حبّهم
|
|
إذا ذكروا في الله لومةُ لائم
وأهل النُّهى من أعرب وأعاجم
سرى في قلوب الخلق حتى البهائم
|
إننا وانطلاقًا من ذلك كله رأينا أن نُخصّص ملف هذا العدد
بموضوع غيبة الإمام المهدي
(عجل الله فرجه الشريف)
، وهو الإمام الأخير في سلسلة النور من آل بيت النبوة
(عليهم
السلام)
، وهو أمل أهل الأرض في قيام الدولة العادلة ، ونحن إذ
نفعل ذلك فإننا نعترف سلفًا بالقصور ، ونقرّ بالعجز عن
وفاء الموضوع بعض حقه ، أو حتى عن مقاربته مقاربةً معقولة
، غير أن هذا الأمر وإن كان صعبًا مستصعبًا ، إلا أنه لم
يحُل دون فعل الميسور .
هذا فيما يتعلق بملف العدد ، وأما فيما يتعلّق بالمقالات
الأخرى ، فنأمل أن يجد فيها القارئ دراسات قيّمة لما تتميز
به من لفتات نادرة وأطروحات جديدة. والله ولي القبول .
|