السنة التاسعة / العدد الثالث والعشرون / حزيران  2013م / رمضان  1434هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الافتتاحية

 

إنَّ بعضَ العظماءِ لا يكفيهم أن يكونوا مُشارِكين فاعلين في صناعةِ ما يُعايشونه من الأحداث، كما أنَّهم لا يَكتفون بأن يُجسِّدوا خيرَ الخصالِ والقِيَم في فترةِ حياتهم فقط، وإنَّما يُحالفُهم التوفيقُ الإلهيّ لِيَكونوا شهداءَ على الحقِّ والباطل حتَّى بعدَ رحيلِهم وعلى مرِّ العصور.

ويُمثِّلُ الصحابيُّ الجليلُ حجرُ بن عدي (رحمه الله) خيرَ مصداقٍ لهؤلاءِ العظماء، فهو وكما تصفُه المصادرُ المعتبرة:

كان راهب أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)..

وحُجْر الخير..

وأنه مجاب الدعوة..

وأنَّه هو وأصحابُه كأصحابِ الأخدود..

إلى غير ذلك من الخصائصِ والخصالِ التي يضيقُ عنها المجالُ.

وهو إلى جانب ذلك كان قد شارك مشاركةً فعَّالةً في أحداثِ عصره، وفي صناعةِ مستقبلِ أمَّتِه، حتَّى قام ابنُ آكلةِ الأكبادِ معاويةُ بن أبي سفيان بقتلِه مع ثلَّةٍ من أصحابِه.

وتلك صفحةٌ لم تُطوَ من التاريخ، إذ استمرَّ صراعُ الحقِّ والباطل بين أتباع علي (عليه السلام) وبين أحفاد آكلة الأكباد حتَّى حدث ما حدث في الأيام الأخيرة، حيث قام بعضُ أكلةِ لحومِ البشر من أحفاد هند بِشَيِّ بعض رؤوس الرجال، بل قام بعضُهم بأكلِ أعضاء بشرية، كما قاموا بنبش قبر ذلك العظيم حجر بن عدي، الأمر الذي أتاح لجثمانه المبارك أن يكون مشاركًا في أحداث عصرنا أيضًا -وبعد هذه القرون المتطاولة التي مرّت على استشهاده- حتى كأنَّ الموت لم يَطوِ حضورَه كما طوى حضور غيره.

ولذا برز هذا الجثمان الطاهر ليشهدَ على أهل الباطل الذين خالفوا سُنَّة الله ورسوله  (صلى الله عليه وآله) ، كما كان صاحبُه شاهدًا حيًّا على انحراف معاوية وعلى جرائمه..

ولعل فصولَ القصَّة لم تنتهِ هنا، إذ ربما نشهد في مقبل الأيام، أو تشهد الأجيال الآتية معجزاتٍ أخرى لهذا الوليّ العظيم الموالي لسيِّد الأوصياء عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) .

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثالث والعشرون