السنة التاسعة / العدد الرابع والعشرون / كانون أول  2013م / صفر  1435هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

صبر علي (عليه السلام) يوم الدار (3)

السيد محمد رضا شرف الدين

 

نلتقي معكم في هذا العدد بالحلقة الثالثة من مقالة سماحة السيد محمد رضا شرف الدين، حول صبر الإمام علي (عليه السلام) يوم الدار.

 

الأسوة الحسنة 

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}([1]).

إنَّ النبي الخاتم محمدًا بنَ عبد الله المصطفى (صلى لله عليه وآله) هو التجلي الأعظم، والكلمة التامَّة، والمجلى الأتم، والمثل الأعلى؛ ومن ثَمَّ فإنّه المقياس والميزان في سائر شؤون عالم الإمكان، فهو قطب رحاه، وذروة علاه، وما به وجوده حدوثًا وبقاءً، وإذ كان مرآة الحق في الجلال والجمال فلا ولن يكون فوق كماله في الورى كمال. بذلك ندين ونعتقد مستندين إلى قاطع البرهان، لا يعرونا فيه شك ولا يدنو منا ارتياب.

وقد أُمِرنا في الكتاب الكريم إرشادًا لما دلَّت عليه فِطَر العقول بطاعته:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([2]). {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}([3]).

واتِّباعه: {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}([4]).

وتحكيمه والتسليم له: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}([5]).

ونُهينا عن مخالفته والتقدم بين يديه والاقتراح عليه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}([6])، ورفع الصوت فوق صوته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ *إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}([7]).

فسِيرَته وسنَّته فصل لا نملك بإزائها إلا اقتفاء أَثَرِه والسير إِثْرَه.

وما من مِلاك للفوز بمضارب الفضل والسبق في مضامير المعالي إلا انتهاج مسلكه وسلوك منهاجه، وما من تفاضل إلا على قدر محاكاة المرء لمعالمه، ولذلك كان قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه)([8]).

وها نحن نأتي اليوم في هذا الجزء من مقالنا نتلمَّس سنَّة رسول الله (صلى لله عليه وآله) في مواجهة الأذى، ونستشرف سيرته في الرد على من اعتدى؛ لنرى الأصل فيها أكان النكال والزجر أم الإمهال والأناة والصبر؟!؛ فنطابق بين مواقفه وموقف ربيبه وأخيه وصهره وابن عمه صلوات الله عليهما وعلى آلهما.

محجة الأذى

(ما أُوذيَ نبي مثل ما أوذيت)([9])، (ما أُوذيَ أحدٌ ما أوذيت)([10])..

كلماتٌ رُوِيَتْ عن النبي الحبيب المصطفى (صلى لله عليه وآله) في مصادر الفريقين.

وهي وإن كانت ضعيفة الإسناد إلا أن جملة من الأعلام أرسلوها منسوبة له إرسال المسلمات([11]).

وإنها على اختصارها تُعَدُّ وثيقةً ذاتَ رسالةٍ بالغةِ الأهمّيّة، شديدةِ الخطورةِ؛ لما تعكسه من واقعٍ مريرٍ كان يحيط بشخصِ مُشيّدِ مَجدِ هذه الأمةِ، بل باعثِها من جَدَثِ الذُّلِّ وحضيض الهوان.

ولَمّا لم يكن في المرحلة المكّية من حياته ما يُبرِّر صدور مثل هذا التصريح على لسانه الشريف؛ إذ ما لاقاه من إيذاء المشركين وإنْ كان في حدّ ذاته عظيمًا، لكنَّهُ يبقى دونَ ما نَزَلَ بإخوتِهِ مِنَ المُرسَلينَ.

كيف؟! وفيهم من ذاق حدَّ السيف، ومن جُرّعَ الموتَ نشرًا بالمناشير، ومن كُشِطَتْ فَروةُ رأسه حيًّا حتى قضى صبرًا([12]).

 وقد لاقوا الأهاويل من ألوان العذاب وفنون التنكيل، كل ذلك يمنع من أن تكون تلك المرحلة الزمنيّة من حياته الشريفة ظرفًا لما جاء في مفاد قوله (صلى لله عليه وآله) المتقدم؛ فلا يكونُ الإيذاء المذكور هو الذي انصبَّ عليه مِنَ المُجهرين بتكذيبه، المعلنينَ لعداوتِهِ، وهذا ما يَشُدُّ الأنظارَ نحو المرحلة المدنيّة، والإيذاء المعنوي المتوجّه إليه من قِبَلِ حَرَكَتَي: المنافقين، والذين في قلوبهم مرض ممن تجلبب بجلباب صحبته وتنكَّر بلبوس نصرته.

ولما كان روّادُ تلك الحركة رموزًا محاطة بِهالاتِ التَّقديسِ في الذهنية العامة لجمهور أهل القبلة، وكان أولئك وأتباعهم يُشَكّلون الجهةَ الحاكمةَ الرَّسميةَ طيلةَ قرونٍ ماضيةٍ متصلةٍ بعصرنا الحاضر؛ لذلك ولغيره تعرّض الحديث المذكور لوابل الطعن والتكذيب الممطَّر من أقلام أئمة الجرح والتعديل في معسكر الخلافة الحاكم.

ولقد فات هؤلاء ما في الكتاب الكريم من آياتٍ هي شواهد صدق خالدة تعضده بل تغني عنه بلا مزيد عليه، آياتٌ كفَّ الله أيديهم عنها فخلدت بخلود الذكر الحكيم، سنعرض لها إن شاء الله لاحقًا في محلها.

ِثم يشهد لذلك ما ورد من الأحاديث الشريفة المروية لدى الفريقين مما ظاهره دورانُ الابتلاءِ شدّةً وضعفًا مدارَ الأمثَليَّةِ عُلوًّا ودُنوًّا([13])، بضميمة صغرى أفضليّة النبي الأعظم (صلى لله عليه وآله) على سائر الخلق بلا استثناء ولا ريب؛ فيتشكَّل قياس من الشكل الأول يُنتِج بداهة أنه -بأبي هو وأمي- أشدُّ الناس ابتلاء على الإطلاق، بما في ذلك أذى الناس.

وإذا أضفنا إلى ذلك أن صنوفَ الأذى فنونٌ، ووقعها على الإنسان يختلف باختلاف رهافة مشاعره ورقَّة أحاسيسه وسموِّ نفسه ورفعة مقامه، أدركنا أن الأذى المعنوي لو نزل بأرهف الناس شعورًا وأرقهم إحساسًا وأسماهم نفسًا وأرفعهم مقامًا فإن وقعه عليه يجلُّ عن القياس دونه حزّ الشفار والتقلّب بين ألسنة النار وليس للقذى على اليد وقعه على العين.

وبناءً على كلِّ ما تقدَّم فإنَّه (صلى لله عليه وآله) محجة الأذى، وكعبة الرزايا، في ما مضى وما يأتي، -لم ولا ولن- يلقَ أحدٌ ما لاقاه من الأذى.

فدوننا عطف النظر إلى محطات من سيرته لنرى كيف واجه تلكم الأذيات وقابل تيك الرزايا، ونحدد سنَّته الغالبة في تفاعله وانفعالاته وردود فعله بإزاء معتصفات الجفاء التي أحاطته وألمت به.

المرحلة المكّيّة

شمس تتوهج مكرمة وتشع جلالاً، وبدر يتلألأ نبلاً وجمالاً، لم يسبق لأم القرى أن أحنت هامها وبخعت بأكابرها وأصاغرها لسواه، مجمع نيرين نسبًا وحسبًا، يُمَثّلُ الذروةَ في سلالةٍ حازت منتهى الهيبةِ لا لبطشٍ قاهر، وغاية السؤدد لا لثروةٍ كاثِرةٍ، استجمع المحامد كلّها فكان دون الخليقة مُحَمَّدًا.

في مجتمع جاهليٍّ قَبَليٍّ يُدمِنُ الرذيلةَ ويمتهنُ الغارات ويتخذُ من الصحراء طبيعتها الخشنة القاحلة، روّض طغيانها هذا الفتى اليتيمُ بمكارم أخلاقه ومحاسن صفاته؛ فما تمالكت ألسنتهم أن تنطلق بنبز -وهم المتقنون لفن التنابز-، بل لهجت بمدحته مُلقّبَةً إيّاه بالصادق الأمين، تحتكم إليه في مهماتها، وتلوذ بحكمته عند مُلمّاتها.

حتى إذا بلغ أشُدَّهُ وبلغ أربعين سنة جاءهم بخير الدنيا وسعادة الآخرة، فانقلبت عليه على حين غرّة تَسِمَه بالجنون والشعر تارة، وتَصِمَه بالكذب والسحر تارة أخرى.

لقد جاءهم بسيادة المعمورة وريادة الأمم وقدّم لهم أسُسَ حضارة لا تُبارى، فقابلوه بألسنة حداد ينهشونه لينثني عما أراد.

وإذا بمحمد الصادق الأمين في أمسِهم يوصف -معاذ الله وحاشا لرسوله (صلى لله عليه وآله)- بالمذمم الكذاب الأشر الساحر في يومهم، وقديمًا قيل:

جراحات السنان لها التيام
 

 

ولا يلتام ما جرح اللسان
 

ولم تتوقف الوقاحة والإمعان بالإيذاء منهم تجاهه عند الحرب الإعلامية ومحاولة الاغتيال الاجتماعي، بل تصاعدت لتصل إلى حدِّ الإهانات الماديّة المتكررة من إلقاء العَذَرَة بباب داره، ونثر الروث والقذارات على شخصه الشريف، ووضع الأشواك في طريقه، بل لامست مرحلة العنف الجسدي، والحصار الاقتصادي والاجتماعي، ولمَّا انتقل حامي حماه وكفيله وناصره سيدنا أبو طالب صلوات الله عليه إلى الملأ الأعلى بلغ الأمر بالقوم إلى الضرب والإدماء بل المباشرة بالتصفية الجسدية.

فكيف واجه قومه؟

وبأيّ شيء بادلهم سوء صنيعهم وشنيع فعالهم؟

إنَّ في المرويِّ عن أميرِ البيانِ لغنىً عن كلِّ بيانٍ، واختزالاً لمطولاتِ ما جاءَ في صحائفِ التاريخِ ومُتونِ السِّيَرِ، مُختَصَرٌ مِنَ المقالِ يعكسُ لنا المشهدَ برُمَّته حيث قال:

(..النبي (صلى لله عليه وآله) صَبَرَ في ذاتِ اللهِ وأعذَرَ قومَه، إذ كُذِّبَ وشُرِّدَ وحُصِبَ بالحصاةِ وعَلاهُ أبو جهلٍ بِسَلا شاةٍ فأوحى الله إلى جاجائيل مَلَكِ الجبالِ أنْ شُقَّ الجبالَ وانتهِ إلى أمرِ مُحمَّدٍ، فأتاه فقال له: قد أُُمِرتُ لك بالطاعة فإنْ أمَرْتَ أطبقتُ عليهمُ الجبالَ فأهلكتُهُم بها، قال: إنّما بُعِثْتُ رحمةً، اللهم اهدِ قومي فإنَّهم لا يعلمون)([14]).

ولما أَذِن الله له أن يخرج من مكة بعد تضييق قريش الخناق عليه إثر وفاة عمه، وافى الطائف فأقام فيها عشرة أيام، وقيل: شهرًا، لا يدع من أشرافهم أحدًا إلا جاءه، وكَلَّمَه، فلم يجيبوه، وخافوا على أحداثهم؛ فطلبوا منه أن يخرج عنهم، وأغروا به سفهاءهم؛ فجلسوا لـه في الطريق صَفين يرمونـه بالحجارة، وعلي (عليه السلام) يدافع عنه، حتى شُجَّ في رأسه، أو أنَّ الذي شُجَّ في رأسه هو زيد بن حارثة، فما فرغ من أرضهم إلا وقدماه تشخب دمًا، فعمد لحائط من كرومهم، وجلس مكروبًا، فقال:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي، وقلّةَ حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملَّكته أمري؟!

إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي، ولكنَّ عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك) ([15]).

كانوا يكيلون له ما لا يطاق من مبرزات العداء ويستشرسون بكل ما أوتوا من قوة ويبطنون له ما هو أعظم حقدًا عليه لا لذنب أو جريرة وإنما لأنه جاءهم بنسخة الشفاء التي فيها نجاتهم من كل داء، وكان كلما ارتفع لديهم منسوب حدَّة الضغائن واشتد بأس الحرب الضروس عليه عاقلها منه ما يفوقها من إخلاص وإشفاق يورثه حسرات حارقة في قلبه الأقدس تتأجج حرصًا عليهم حتى نزل قوله تعالى مخففًا عنه:

 {..فإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}([16]).

فلم يسجل له التاريخ في مرحلته المكية مَطلَعًا وختامًا وما بينهما مبادلةً بالمثل عنفًا يواجه به عنفهم وردًّا يسانخ فعلهم، بل كان مصداقًا لقول الشاعر: (أريد حياته ويريد قتلي..)([17]).

ولما تحوّل إلى المدينة المنورة وأسس فيها دولته المباركة، ولم يسلم من أذى قريش والأحزاب، إذ أقحموه في معارك دفاعية أودت بِثُلَّة من أحبته وأرحامه، والخلص من أصحابه، وكادت أن تودي بحياته؛ حيث كان سعيهم الدؤوبُ مُنصَبًّا على تحقيق هذا الهدف لإنهاء دعوته لم يَحِد -بأبي هو و أمي- عن سيرته تلك، بل كان يتّخذ الحرب وسيلة دفاعية لا يصار إليها إلا عند الضرورة القصوى، خالية عن الغضب الشخصيّ ودفائنِ الأحقاد.

 وبحسبنا من ذلك عيّنتان كافيتان لإثبات مُدَّعانا:

الأولى: في أُحُد وما أدراك ما أُحد، بعد أن استشهد عمه أسد الله وأسد رسوله الحمزة بن عبد المطلب (عليه السلام) اغتيالاً في قلب المعركة بإيعاز آكلة الأكباد، وسقط جملة من خاصته وحامّته مضرجين بسيف الشرك والغدر، وولى معظم الصحابة الأدبار فلم يثبت إلا نفر يسير ممن امتحن الله قلوبهم للإيمان صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وبلغ منه الأذى كل مبلغ حتى كاد يزين ركب الشهداء لحاقًا بالرفيق الأعلى، نظر إليه بعض من معه -وقد جلَّلت الدماء محيّاه الأزهر- قائلاً: يا نبيّ الله، أُدعُ عليهم!

فأجاب (صلى لله عليه وآله) بذات الدعاء الذي كان يدعو به قبل هجرته: (اللهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون)([18]).

والعينة الأخرى يوم فتح مكة:

مكة التي كذَّبه أهلها، وآذوه، وطردوه، وحَمَّلوا ذاكرتَهُ أفظع الصور وأقسى المشاهد، وتتبعوه إلى دار هجرته عازمين على مداهمة عاصمته وإفناء أمره، جيّشوا الجيوش ضده، واستألبوا الأحزاب عليه، ثم عاهدوه فنكثوا عهده، فلما علا بكعبه فوق هامهم، وأرغم الله بالذل أنوفهم، وهم حانقون يعضّون عليه الأنامل من الغيظ، ولولا أن جُذّت أيديهم لأنزلوا به النوازل، نراه وقد جاس ديارهم يهتف بنداء الرحمة والغفران والأمن والأمان: (اليوم يوم المرحمة)([19]).

وإذ قد ظفر يومها بهم عفا وصفح عنهم، ولم يتعدَّ قوله لهم أن اذهبوا فأنتم الطلقاء..

وقد أطلعه الله على سرائرهم وما يختلج في ضمائرهم فحدَّثهم به وأبداه لهم: يا فلان قد قلت في نفسك كذا ، ويا فلان قلت في نفسك كذا.

وأرى أنَّ أبا سفيان أوجس في نفسه خيفة أن يفتضح أمره كما كان من غيره فاستبق الحدث وقال: أنت تعلم أني لم أقل شيئًا.

فعاد النبي إلى دعائه المعهود: (اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعملون)([20]).

وقد يرى البعض أن صبره وصفحه يقتصر على ما يتعلق بحقِّه الشخصي المقتصر على نفسه دون ما يتعلق بما ينزل بمن يلوذ به وينتمي إليه خصوصًا إذا كانوا من المستضعفين الذين لا يملكون حولاً ولا طولاً كما هو الحال بالنسبة للهجوم على الدار وتعرض الزهراء (عليها السلام) للعنف الجسدي وصغارها للترويع، لكننا إذا ما نظرنا إلى سيرته المكيّة وردة فعله بإزاء ما تعرض له المسلمون من عظيم النكال وفنون التعذيب على يد المشركين والصور المأساوية التي نقلها لنا التاريخ عن تلك الحقبة أدركنا عدم اقتصاره في صبره على الجهة الشخصية.

فمن تلك الصور مأساة شِعْب أبي طالب حيث أجمع أكابر قريش على نفي بني هاشم قاطبة فأخرجوهم من مكة وحاصروهم في شِعْب أبي طالب حصارًا شاملاً يمنع عنهم كل حراك اقتصادي أو اجتماعي، فلا بيع ولا شراء، ولا هدية ولا هبة، ولا زواج ولا تزويج، وكانوا يمنعون الطعام من عام إلى عام، ولم يؤمد الحصار بأمد معين يُعين المحاصرين على حزازة ضنكه؛ فذاق بنو هاشم الجوع والأذى وأشدّ ما في البين الحرب النفسيّة الضروس التي شنت عليهم بفعل العزل التام والنبذ المقيت بما يقصر عنه الوصف.

ولَفَتني أن يكون بدء الحصار القرشي في مستهل شهر محرم الحرام ليتطابق التاريخ عودًا على بدء،حيث جرى التالون على ما أسسه الأولون، فشهد حصارًا آخر فرضه أبناء المحاصِرين على أبناء المحاصَرين في مستهل محرم الحرام وذلك في أرض كربلاء، مع الفرق الفارق بين الحصارين ختامًا فانتهى الأخير عن جثامين نهبتها السيوف ومزقتها الرماح وسحقتها الخيول، وكان للأطفال فيها فطام مُبتَكَرٌ نُصولاً تفري نواعم النحور، وللنساء فيها هتك الأستار وذل الأسار.

أما حصار الشِعْب فقد استمر لأعوام ثلاثة أو أربعة حتى أكلت الأرضة صحيفة المشركين المشتملة على قرارهم، فأُسقِط في يد الطاغين وظهر أمر الله وهم كارهون([21]).

هذا ورسول الله (صلى لله عليه وآله) يرى أرحامه وعشيرته بفتيانهم وفتياتهم وشيوخهم وأطفالهم ونسائهم يعانون الأمرَّين، يدفعون ثمن وفائهم له وعدم تخليهم عنه؟!

ولا ينقضي العجب والإعجاب بذلك القلب الكبير الذي هو مستقر الرحمة والرأفة كيف استقر بين حنايا أضالعه وهو ينظر إلى براعم دوحته تلفحهم هاجرات الجوع، وشيوخها يتململون تململ السليم، تُقلّبُهُم الأسقام؟!

ولله تلك الروح الرقيقة الرحمانية الرحيمية لم تغادر رداءها الترابي، وهي تسمع أنين الأمهات وتلحظ لآلئ العبرات تسحُّ على وجنات رياحين هاشم أسى وفَرَقًا.

لقد عضَّ على الجراح بنواجذ الصبر ملتزمًا بالصمود، مُحتَسِبًا الأذى في سبيل الله، مُعرِضًا عن خيار العنف والمواجهة، يعينه على مهمته المضنية عمه أبو طالب مَعنويًّا، وزوجته خديجة مادّيًّا حتى نفد مالها، وذوت زهرة عمرها ومضت إلى ربها لا تملك من حطام الدنيا شيئًا بعد أن كانت من أثرياء مكة.

وأما الصورة الأخرى فهي ما حلّ ببعض المسلمين خاصة ممن توجه إليهم الأذى دون نبيهم (صلى لله عليه وآله)([22]).

لقد كان المسلمون من أبناء العشائر والقبائل يتمتّعون في مكّة بحصانة نسبيّة تمنع من وصول يد المشركين إليهم في حدود الممارسات الخطرة الجادة التي تهدد حياتهم.

 أما المستضعفون من الذين آمنوا فكانوا بمعزل عن مثل هذه الحصانة؛ مما يجعلهم غَرَضًا لنبال التنكيل بل الاستئصال، إذ وَثَبَتْ كلُّ قبيلةٍ على من فيها من الموالي والعبيد، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش ورمضاء مكة والنار ليفتنوهم عن دينهم، نأتي بصورٍ منها:

بلال بن رباح الحبشي: كان أميّة بن خلف إذا حميت الشمس وقت الظهيرة يلقيه في الرمضاء على وجهه وظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتلقى على صدره ويقول: لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى..

ومنهم أبو فكيهة: واسمه أفلح وقيل يسار، وكان عبدًا لصفوانَ بن أميّةَ بن خَلَف الجمحي، أسلم مع بلال فأخذه أمية بن خلف وربط في رِجلِهِ حَبلاً، وأمَرَ به فَجُرَّ ثُمَّ ألقاهُ في الرَّمضاء، ومر به "جُعَل"، فقال له أمية: أليس هذا ربك، فقال: الله ربي وربك ورب هذا. فخنقه خنقًا شديدًا ومعه أخوه أُبَي بن خلف يقول: زده عذابًا حتى يأتي محمد فيخلّصه بسحره. ولم يزل على تلك الحال حتى ظنوا أنه قد مات..

ومنهم خباب بن الأرت: أخذه الكُفّار وعذَّبوه عذابًا شديدًا، فكانوا يُعرّونَه ويُلصِقون ظهرَهُ بالرمضاء، ثم بالرضف وهي الحجارةُ المحمّاة بالنار، ولَوَوا رأسَه.

وقد نقل عنه في عهد الحاكم الثاني بعد رسول الله (صلى لله عليه وآله) يجيب عن سؤاله واصفًا له ما جرى عليه في صدر الدعوة المباركة:

(لم يكن لي أحد يمنعني؛ فلقد رأيتَني يومًا أخذوني، وأوقدوا لي نارًا، ثم سلقوني فيها، ثم وَضَعَ رَجُلٌ رِجْلَهُ على صدري، فما اتَّقَيتُ الأرضَ -أو قال: بَرْدَ الأرض- إلا بظهري.

قال: ثم كشف عن ظهره فإذا هو قد برص)([23]).

 وهو الذي روي عنه قوله:

(شكونا إلى رسول الله -صلى عليه وسلم- وهو متوسدٌ بُردةً له في ظِلِّ الكعبة، قلنا: ألا تستنصرُ لنا؟! ألا تدعو الله لنا؟!

 قال فجلس -النبي (صلى لله عليه وآله)- محمرًّا وجهه قال: كان الرجل فيمن قبلكم يُحفرُ لهُ في الأرض فيُجعَلُ فيه، فيُجاءُ بالمنشارِ فيوضع على رأسه فيُشَقُّ باثنتين، وما يَصُدُّهُ ذلك عن دينه، ويُمشَطُ بأمشاطِ الحديدِ ما دونَ لحمِهِ مِن عَظمٍ أو عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلك عن دينه، والله لَيَتِمَّن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله عز وجل أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)([24]).

ومنهم "زِنّيْرَة: الرومية و"لُبَينَة": جاريتان لبني عدي بن كعب، وكان عمر بن الخطاب يعذبهما، والأخيرة منهما كان يجهد في تعذيبها فيدعها ويقول: إني لم أدعكِ إلا سآمة، فتقول: كذلك يفعل الله بكَ إن لم تسلم..([25]).

وهذه نتركها برسم من يستبعد ضرب الرجال للنساء لكونه عارًا عند العرب تشكيكًا بما ورد من تعرض الزهراء البتول - صلوات الله عليها- للضرب واللطم من قبل المهاجمين، ونقول إن كان في ذلك حاجز عرفي في المجتمع العربي فإنه يختص بعُلْيَةِ القوم وأشرافهم ومن ينزّه نفسه عن المعرات.

ومنهم النهدية: مولاة لبني نهد صارت لامرأة من بني عبد الدار فأسلمت وكانت تعذبها وتقول: والله لا أقلعتُ عنكِ.

ومنهم آل ياسر العنسي: حليف مخزوم، فاستشهد ياسر تحت وطأة التعذيب. وامرأته سمية عُذِّبت عذابًا شديدًا.

وذات عشية جاء أبو جهل وجعل يشتمها و يفحش في القول لها، ثم أخذ حربة فطعنها في قَلْبِها -أو قُبُلها كما جاء في بعض المصادر وهو المرجح بشهادة الرواية الآتية- فاستشهدت رضوان الله تعالى عليها، وهي أول شهيدة في الإسلام.

وجاء في كتاب الجوهرة لمحمد بن أبي بكر الأنصاري التلمساني البري -وقد أنهى كتابه سنة 645 للهجرة- روى أبو رزين عن عبد الله بن مسعود قال: إن أبا جهل طعن بحربة في فخذ سمية، أم عمار حتى بلغت فرجها، فماتت. فقال عمار: يا رسول الله، بلغ منا العذاب كل مبلغ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صبرًا أبا اليقظان، اللهم لا تعذب من آل ياسر أحدًا بالنار)([26]).

ولنا وقفة مع هذا الحديث ههنا تنبيهًا للغافلين وتبكيتًا للمعاندين:

بناءً على هذا النقل وما أشرنا إليه من ذكر موضع الطعنة في بعض المصادر وكونه في ملمس العفة وموضع الشرف، فإنَّ الخطب لأفظع مما يغضي عليه الغيور جفنه؛ لمكان الهتك الذي يستثير الحفائظ ويستفزّ النفوس بأضعاف ما يستثيره مجرد القتل، ومع ذلك يأمر رسول الله (صلى لله عليه وآله) عَمَّارًا بالصبر على هذه الداهية الدهياء والجريمة النكراء.

وإن الذي يوصي عمارًا بالصبر على شنيع ما نزل بأمِّه ألا يمكن أن يوصي عليًا بالصبر على ما حلَّ بزوجته؟!

أم أنه (صلى لله عليه وآله) يرضى بذلك لغيره ويأمر الناس بالبر صبرًا ثم يأباه لابن عمه وابنته فيكيل الأمور بمكيالين؟!

حاشاه وهو أبو الأمة على الحقيقة كما وصف نفسه وأخاه أمير البررة عليًا صلى الله عليهما وآلهما: (أنا وأنت أبَوا هذه الأمة) ([27]). وله من جائش العطف وفيض الحنان ومشاعر الإشفاق عليهم ما للأب على أولاده كما أشار إليه حفيده الرضا (عليه السلام) بقوله: (إن شفقة النبي على أمّته شفقةُ الآباء على الأولاد)([28]).

وقد وصف الباري عزَّ وعلا علاقته بالمؤمنين وما يختلج في قلبه الأقدس تجاههم بقوله:

{قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ}([29]).

فإذا جازت الوصية بالصبر والكف هناك فلا محالة جازت فيهما هنا.

يتبع =

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) الأحزاب 21.

([2]) النساء 59.

([3]) النساء 80.

([4]) الأعراف 158.

([5]) النساء 65.

([6]) الحجرات 1.

([7]) الحجرات 2.

([8]) نهج البلاغة ص 300، تحقيق صبحي الصالح، ط بيروت، سنة 1967م.

([9]) مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص42 وعنه بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج39 ص56.

([10]) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج7 ص126.

([11]) منهم المحدث السروي ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب ^ ج3 ص42، والسيوطي في جامعه الصغير ج2 ص488، والمتقي الهندي في كنز العمال ج3 ص130 وج11 ص461، والمناوي في فيض القدير ج5 ص550، وفخر الدين الرازي في التفسير الكبير ج4 ص175، وابن عربي في تفسيره ج1 ص151 و239 وج2 ص82، وأبو حيّان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ج7 ص242، والذهبي في تاريخ الإسلام ج41 ص333 والصفدي في الوافي بالوفيات ص285 كلاهما عن أبي الحسن سنان بن سليمان بن محمد الملقب راشد الدين صاحب قلاع الإسماعيلية، والإربلي في كشف الغمة ج3 ص346، والباعوني الدمشقي في جواهر المطالب ص320.

([12]) هو إسماعيل بن حزقيل، وقد جاء ذكره في الكتاب الكريم دون نسبة بحسب ما نصَّت عليه أحاديثنا المروية عن أهل بيت العصمة والرسالة بعد موسى وقبل إدريس، انظر: ابن قولويه في كامل الزيارة ص137، والصدوق في علل الشرائع ج1 ص78.

([13]) التمحيص لمحمد بن همام الإسكافي ص4،35،39؛ الكافي ج2 ص252،253،259؛ علل الشرائع للصدوق ج1 ص44؛ أمالي الطوسي ص659؛ دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي ج2 ص140؛ تحف العقول لابن شعبة الحرّاني ص39؛ صحيح البخاري ج7 ص3 حيث عقد بابًا بعنوان: أشدُّ الناس بلاء الأنبياء ثم الأول فالأول؛ مسند أحمد بن حنبل ج6 ص369؛ سنن الدارمي ج2 ص320؛ السنن الكبرى للبيهقي ج3 ص372؛ مسند ابن راهويه ج5 ص260؛ السنن الكبرى للنسائي ج4 ص352؛ صحيح ابن حبان ج7 ص160.

([14]) الاحتجاج للطبرسي ج1 ص315 وعنه بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج10 ص30، وج16 ص404، وج17 ص276؛ وحلية الأبرار للسيد هاشم البحراني ج1 ص342؛ وقد وردت غير منسوبة في مناقب ابن شهر آشوب ج1 ص185؛ وراجع: إقبال الأعمال للسيد ابن طاوس ج1 ص385؛ الخرائج والجرائح للقطب الراوندي ج1 ص164؛ الدر المنثور للسيوطي ج6 ص281.

([15]) السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص286؛ تاريخ الطبري ج2 ص81؛ الكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 ص91؛ تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص 285؛ سيرة المصطفى ص221 و222؛ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص97 ؛ إمتاع الأسماع للمقريزي ج8 ص306؛ وراجع: بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج19 ص22؛ البرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني ج4 ص113 في تفسيره لسورة الفرقان؛ والصحيح من سيرة النبي | للسيد جعفر مرتضى العاملي.

([16]) فاطر 8.

([17]) من أبيات لعمرو بن معدي كرب على ما جاء عن الأغاني للإصفهاني والعور للصفدي، وقد تمثل بهذا البيت سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ناظرًا لأشقى الآخرين ابن ملجم المرادي كما في كثير من المصادر منها: روضة الواعظين للشهيد الفتال النيسابوري ص132؛ مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الإصفهاني ص18؛ شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ج2 ص445؛ مناقب ابن شهر آشوب ج3 ص93؛ مصنف الصنعاني ج10 ص125؛ مصنف ابن أبي شيبة ج6 ص175؛ الاستيعاب لابن عبد البَر ج3 ص1126 وما يليها؛ شرح النهج الشريف لابن أبي الحديد المعتزلي ج6 ص114.

([18]) مناقب ابن شهر آشوب ج1 ص166؛ العقد النضيد لمحمد بن الحسن القمي ص51؛ صحيح ابن حبان ج3 ص255؛ المعجم الكبير للطبراني ج6 ص120؛ تحفة الأحوذي للمباركفوري ج8 ص401؛ سنن سعيد بن منصور المكي ج2 ص304؛ مسند ابن حنبل ج1 ص441 و453.

([19]) المغازي للواقدي ج2 ص822؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج17 ص272؛ الاستيعاب لابن عبد البَر الأندلسي ج2 ص597؛ اُسد الغابة لابن الأثير ج2 ص284؛ تاريخ دمشق لابن عساكر ج23 ص454.

([20]) الخرائج والجرائح للقطب الراوندي ج1 ص164.

([21]) روضة الواعظين للشهيد الفتال النيسابوري ص53؛ الخرائج والجرائح للقطب الراوندي ج1 ص85؛ الدر النظيم لابن حاتم الشامي ص111 و206؛ السير والمغازي لابن إسحاق ص140؛ السنن الكبرى للبيهقي ج6 ص366؛ عمدة القاري ج9 ص230؛ المعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي ص88؛ الدرر لابن عبد البَر ص54؛ الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص209؛ انساب الأشراف للبلاذري ج1 ص233 إلى 236؛ تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص221 إلى 224؛ البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص105 وج6 ص206؛ وسيرته النبوية ج2 ص43 إلى 46؛ إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص44؛ الخصائص الكبرى للسيوطي ص151؛ وراجع بحار الأنوار لفخر الأمة العلامة المجلسي ج19 ص18؛ والصحيح من سيرة النبي (صلى لله عليه وآله) للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ج3 ص327.

([22]) سيرة ابن إسحاق ج4 ص174؛ مجمع البيان للطبرسي ج3 ص400 وعنه بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج18 ص411؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج13 ص255؛ الكامل لابن الأثير ج2 ص66؛ البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص74؛ أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص156؛ الرياض النضرة للمحب الطبري ج1 ص133؛ تفسير البغوي ج4 ص496؛ الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي ج1 ص179؛ السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص209؛ سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي ج2 ص357؛ السيرة الحلبية ج1 ص479؛ الاستيعاب لابن عبد البَر ج4 ص1865؛ تاريخ اليعقوبي ج2 ص28؛ وراجع الصحيح من سيرة النبي | للعلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ج3 ص209.

([23]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص165؛ أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص178؛ المنتظم لابن الجوزي ج5 ص138؛ تاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص563؛ إمتاع الأسماع للمقريزي ج9 ص103.

([24]) ورد الحديث المذكور باختلافات يسيرة في جوامع وكتب أئمة الحديث وأهل السير، منها: صحيح البخاري ج4 ص179 و ج8 ص56؛ مسند أحمد بن حنبل ج5 ص110؛ صحيح ابن حبان ج15 ص91؛ المعجم الكبير للطبراني ج4 ص62؛ السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص5؛ دلائل النبوة لإسماعيل الإصفهاني ج2 ص787؛ رياض الصالحين للنووي ص81؛ تخريج الحديث والآثار للزيلعي ج3 ص40؛ إمتاع الأسماع للمقريزي ج14 ص177؛ دلائل النبوة لأحمد بن الحسين البيهقي.

([25]) المحبر لمحمد بن حبيب البغدادي ص184؛ الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص 256؛ الدر المنثور للسيوطي ج6 ص40؛ فتح القدير للشوكاني ج5 ص19؛ الإصابة لابن حجر ج8 ص150؛ أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص195.

([26]) الجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص99 وقد أرسلها الصفدي في الوافي بالوفيات ج15 ص279.

([27]) رواه الشيخ الصدوق في الأمالي ص411 و755 وعلل الشرائع ج1 ص127 وكمال الدين ج261 ومعاني الأخبار ص52؛ والشهيد الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ص322؛ والثقفي في الغارات ج2 ص717؛ والسروي في مناقب آل أبي طالب ج2 ص300؛ وابن البطريق في العمدة ص345.

([28]) عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج2 ص92.

([29]) التوبة 128.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الرابع والعشرون