ــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعتبر العلم بالمحاذاة مع الإمكان، ومع عدمه يرجع إلى العلامات والأمارات المفيدة للظن(1)، وفي كفاية شهادة العدلين مع إمكان تحصيل العلم إشكال، ومع عدمه لا بأس بالتعويل عليها إن لم يكن اجتهاده على خلافها، وإلا فالأحوط تكرار الصلاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بعدما ثبت وجوب التوجه إلى الكعبة في الصلاة، فلا بد في مقام الامتثال من الخروج عن عهدة هذا التكليف، إما بالعلم الوجداني أو العلم التعبّدي لقاعدة الاشتغال.
أما العلم الوجداني فأمره واضح.
وأما من حيث الدليل التعبدي: لم يرد شيء مما يصح جعله علامة على القبلة إلا الجدي وهو مختص ببعض المناطق، فلا يمكن جعله أمارة لجميع المسلمين في كل مكان.
فمع فرض التمكن من تحصيل القبلة فهل يمكن الاعتماد على الأدلة الشرعيّة الثابتة حجتها وإن لم تكن واردة في خصوص القبلة، وفرض الكلام مع التمكن من تحصيل القبلة أو في نفس الكعبة، فهل يمكن أم لا ؟
الظاهر جواز الاعتماد على أية حجة لأنها علم تعبدي، والامتثال حاصل، ومورد هذا مثل البينة التي هي حجة على الإطلاق إلا ما خرج بالدليل، فلا مانع من العمل بها حتى مع التمكن من العلم لأجل الحكومة، وعدم اختصاص الحجيّة بعدم التمكن من العلم، وكذا خبر الثقة لعدم اختصاص حجيته بالأحكام بل تعم الموضوعات.
فالذي يخبر عن حس يؤخذ بقوله إذا كان ثقة، وأما إذا أخبر عن حدس فلا دليل على حجية خبره، وإن حصل له الحدس من مقدمات موجبة للقطع بنظره، فـلا يعتمد على إخبار مثل هذا حتى مع عدم التمكن من تحصيل الكعبة، لأن القبلة من الأمور الحسيّة التي يمكن معرفتها لكل أحد.
نعم لو أن الإخبار عن حدس أوجب له الظن، وكانت وظيفته أن يعمل بالظن لعدم التمكن، ففي مثله يعمل بالخبر الحدسي، لأن الظن وظيفته لا لحجية الخبر عن حدس.
ولو كان ظنه الشخصي على خلاف البينة أو خبر الثقة الحسي أو الحدسي، ففي مثل دليل البينة وخبر الواحد فإنه حاكم على ما دل على اعتبار ظنه، ومخالفة ظنه لا يسقط حجيّة الحجّة.
وأما إذا كان ظنه مخالفاً للخبر الحدسي، فلا بد من العمل بظنه، لأن الخبر الحدسي حجة لأنه يفيد الظن، فإذا كان الظن بخلافه فلا حجية له، والعمل بهذا الظن من مصاديق التحري.