فروع تحصيل الظن بالقبلة

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 2): عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد في تحصيل(1) الظنّ، ولا يجوز الاكتفاء بالظنّ الضعيف مع إمكان القوي، كما لا يجوز الاكتفاء به مع إمكان الأقوى.

ولا فرق بين أسباب حصول الظنّ(2) فالمدار على الأقوى فالأقوى، سواء حصل من الأمارات المذكورة أو من غيرها، ولو من قول فاسق بل ولو كافر، فلو أخبر عدل ولم يحصل الظنّ بقوله، وأخبر فاسق أو كافر بخلافه وحصل منه الظنّ من جهة كونه من أهل الخبرة يعمل به.

(مسألة 3): لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى والبصير، غاية الأمر أن اجتهاد الأعمى هو الرجوع إلى الغير في بيان الأمارات أو في تعيين القبلة(3).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   الوجه فيما ذكره هو الأمر بالتحري المتقدم في النصوص، وهذا هو الوجه في عدم الاكتفاء بالضعيف مع إمكان الأقوى، لعدم صدق التحري.

(2)   لإطلاق قوله: يجزي التحري أبداً بلا فرق بين أسباب التحري وأفراده.

(3)   الوجه في عدم الفرق هو إطلاق أدلة الاجتهاد الشاملة للأعمى والبصير وهي وجوب التحري، وما في كلامهم من أن الأعمى يعوِّل على غيره، إن أريد منه التعويل الذي هو نوع من الاجتهاد والتحري فهو في محله.

وإن أريد منه التعويل الذي هو من باب التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم تعبداً وإن لم يحصل منه ظن، فهو مما لا دليل عليه، وإن ذكر في الجواهر أنه المشهور.

وما دل على جواز الائتمام بالأعمى إذا كان له من يوجهه[[1]]، فهذا أجنبي عن المقام لوروده في مقام آخر، مع أن الظاهر منه التوجـه علــى سبيـــل اليقــين بالاستقبال لا مجرّد التوجه تعبّداً ولو مع الظن بالخلاف.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (مسألة 4): لا يعتبر إخبار صاحب المنزل إذا لم يفد الظن، ولا يكتفي بالظن الحاصل من قوله إذا أمكن تحصيل الأقوى(1).

(مسألة 5): إذا كان اجتهاده مخالفاً لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم(2) ومذابحهم وقبورهم، فالأحوط تكرار الصلاة إلا إذا علم بكونها مبنيّة على الغلط.

(مسألة 6): إذا حصر القبلة في جهتين بأن علم أنّها لا تخرج عن إحداهما، وجب عليه تكرار الصلاة (3) إلا إذا كانت إحداهما مظنونة
ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   لعدم صدق التحري إذا لم يفد الظن أو أمكن تحصيل الأقوى، وما دل على حجيّة إخبار ذي اليد مختص بصورة عدم وجود ما يوجب اتهامه ولو في المعرفة، ومختص بأحكام ما في اليد من الطهارة والنجاسة للأشياء التي عنده، فلا يشمل المقام الراجع للقبلة، ولا دخل له بما في يده، كما إذا أخبر بأن باب داره على القبلة.

(2)   قد تقدّم أنه يجوز له العمل على اجتهاده الأقوى لأنه من التحري الواجب.

(3)   عملاً بالعلم الإجمالي، ومع كون إحداهما مظنونة تجب لصدق التحري، ومع تساوي الظنين فحالهما حال العلم.

إلا أن يقال: بأن الثابت هو حجيّة الظن التفصيلي الذي يحصل به التحري، وأما غيره فيرجع فيه إلى ما دل على وجوب الصلاة إلى أربع جهات، كما يظهر من الجواهر وجعله المصنّف أحوط، كما إذا عيّن القبلة في أحد الطرفين بالظن، فهل يكفي أن يصلي إلى هذين الطرفين أو لا بد له من تكرار الصلاة إلى أربع جهات كما ذكر المصنّف ؟

قالوا: الظاهر من قوله (عليه السلام): (يجزي التحري أبداً) الأخذ بما هو الأحرى، وهذا ينطبق على الظن التفصيلي لا على الظن الإجمالي ولا دليل على حجيته، فيدخل في المتحير، فيجب عليه تكرار الصلاة.. هكذا قالوا.

ولكن هذا الكلام غير تام لأنه لم يؤخذ في موضوع التحري أن يكون الظن تفصيلياً، فإطلاق الرواية يشمله.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

والأخرى موهومة، فيكتفي بالأولى.

وإذا حصر فيهما ظنّاً فكذلك يكرّر فيهما، لكن الأحوط إجراء حكم المتحيّر فيه بتكرارها إلى أربع جهات.

(مسألة 7): إذا اجتهد لصلاة وحصل له الظن، لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة أخرى ما دام الظنّ باقياً (1).

(مسألة 8): إذا ظنّ بعد الاجتهاد أنّها في جهة فصلّى الظهر مثلاً إليها، ثمّ تبدّل ظنّه إلى جهة أخرى، وجب عليه إتيان العصر إلى الجهة الثانية، وهل يجب إعادة الظهر أو لا؟ الأقوى وجوبها إذا كان مقتضى ظنّه الثاني وقع الأولى مستدبراً، أو إلى اليمين (2) أو إلى اليسار، إذا كان مقتضاه وقوعها ما بين اليمين واليسار لا يجب الإعادة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   لأن المقصود من الاجتهاد هو الظن وهو حاصل، ولا موضوعيّة للاجتهاد، ولعل هذا هو المشهور، ولكنه إنما يتم إذا لم يعلم أو يحتمل تجدد اجتهاد مخالف، إذ مع ذلك لا يحرز تحقق التحري حسب الجهد، كما في الصحيح والموثق ولا مجال لاستصحاب حكم الاجتهاد الأول لمنافاته لدليل وجوب التحري، الظاهر في وجوب التحري حال الصلاة.

(2)   في المقام صورتان:

الصورة الأولى: أن يتبيّن الانحراف بعد الفراغ إلى ما بين اليمين واليسار، ولا خلاف كما في الحدائق في صحة الصلاة في هذه الصورة لقولهمi: (ما بين المشرق والمغرب قبلة)[[2]].

وذلك أن الظن إما أن يكون له موضوعيّة بمعنى أن واقع المكلف  يتبدّل بالظن، ومعه لا تجب عليه الإعادة، ولكن هذا الاحتمال ساقط ولا دليل عليه.

وإما أن يكون الظن له طريقية، فإذا تبيّن خطأ هذا الطريق فلا بد من الإعادة، لأنه لم يوصل إلى القبلة الواقعيّة، وهذا هو الذي قوّاه المصنّف.

وإما أن يكون الظن معتبراً في حال الجهل، ومقتضى ذلك عدم وجوب الإعادة إذا ظن أن القبلة في طرف آخر غير الطرف الذي صلّى إليه أولاً، فلا نحكم ببطلان الصلاة الأولى، لأن هذا الظن ليس طريقاً إلى إثبات الواقع حتى يترتب عليه لازمه وهو البطلان مع انكشاف المخالفة، لأن معنى هذا الاحتمال ترتيب آثار القبلة على الظن.

هذا فيما إذا تبيّن كون الانحراف إلى ما بين اليمين واليسار.

الصورة الثانية: أن يتبيّن بعد الفراغ وقوع الصلاة مستدبراً أو إلى اليمين واليسار.

والمشهور هنا كما في الحدائق الإعادة في الوقت، وأما القضاء فبحثٌ آخر، لأنه أخل بشرط الواجب مع بقاء الوقت.

ولكن الصحيح: أنه إن قلنا بأن الظن طريق، فالإعادة واجبة لأنه انكشف خطأ الطريق، وأما إن قلنا بأنه معتبر حال الجهل فلا تجب الإعادة إذ لا دليل عليها.

وقد يقال: بوجوب الإعادة كما في المتن، لأن المكلّف لمّا لم يجز له إلا العمل بالاجتهاد الثاني صار عالماً إجمالاً ببطلان إحدى الصلاتين، فلا بد له من إعادة الأولى فراراً عن مخالفة العلم المذكور، وعليــه فـوجوب الإعـــادة مدلــول التزامي لما دل على وجوب الاجتهاد، لا لنفس الاجتهاد.

ولو كانت الصلاتان مترتبتين كان الحال أوضح، لأنه يعلم تفصيلاً ببطلان الثانية على كل حال، إما لفوات الترتيب أو لفوات الاستقبال، وهذا يتوقف على كون الاجتهاد طريقياً.

وأورد عليه: بأن هذا العلم الإجمالي لا يتم أبداً، لأن مقتضاه وإن كان حرمة المخالفة القطعيّة، إلا أنه أيضاً يقتضي وجوب الموافقة القطعيّة، وهو غير حاصل لو أتى بالفرضين إلى الجهة التي أدّى إليها ظنّه أخيراً، إذ الإتيان بها إلى تلك الجهة لا يحصل به الامتثال القطعي بل  يكون احتمالياً، ولا تحصـل الموافقـة القطعيّة إلا بالإتيان بها مرتين، مرّة إلى الطرف الذي ظنّ أنه القبلة ومرّة إلى الطرف الأوّل، فالعلم الإجمالي لا يمكن أن يكون هو المدرك في المقام.

والصحيح الذي يظهر من الدليل: هو كون الظن طريقاً، وحينئذٍ فإذا تبيّن خطأ الطريق لا بد من الإعادة، بأن يعيد الصلاة الأولى ويأتي بالصلاة الثانية.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

      (مسألة 9): إذا انقلب ظنّه في أثناء الصلاة إلى جهة أخرى، انقلب إلى ما ظنّه، إلا إذا كان الأوّل إلى الاستدبار أو اليمين أو اليسار بمقتضى ظنّه الثاني، فيعيد (1).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   الظاهر كما في الحدائق أنه لا خلاف في أنه يستدير إلى القبلة ويمضي على صلاته، لقولهم: (ما بين المشرق والمغرب قبلة).

وأما إذا كان الظن الأول مستدبراً أو منحرفاً إلى اليمين أو اليسار لا بينهما، فقد ذكر في الحدائق أنه ذكر الأصحاب أن الحكم فيهما هو الاستئناف في الوقت للعلم بفسادها على كل حال إما لخطأ الظن الأول أو الثاني.

واستدل عليه بموثّقة عمّار التي قال فيها: (وإن كان متوجّهاً إلى دبر القبلــة فليقطع الصلاة  ثمّ يحوّل وجهه إلى القبلة ثمّ يفتتح الصلاة )[[3]]، هذا مضافاً إلى أنه إخلال بشرط الواجب مع بقاء وقته، والإتيان به ممكن فيجب.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (مسألة 10): يجوز لأحد المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء بالآخر إذا كان اختلافهما يسيراً، حيث لا يضرّ بهيئة الجماعة(1) ولا يكون بحدّ الاستدبار أو اليمين أو اليسار.

(مسألة 11): إذا لم يقدر على الاجتهاد أو لم يحصل له الظن بكونها في جهة وكانت الجهات متساوية، صلّى إلى أربع جهات إن وسع الوقت، وإلا فبقدر ما وسع (2).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)  لقوله (عليه السلام) : (ما بين المشرق والمغرب قبلة)، فصلاة الإمام صحيحة واقعاً بنظره ونظر المأموم، حيث لا يضر الاختلاف اليسير بهيئة الجماعة، إلا أن يشكك في صحّة الاقتداء حينئذٍ.

ولا إطلاق في باب الجماعة يرجع إليه لنفي الشك في الشرطيّة والمانعيّة، ومقتضى الأصل الفساد، ولكن الشك من هذه الحرمة منفي بالنص الدال على صحة الاقتداء مع اختلاف الإمام والمأموم اجتهاداً أو تقليداً كما يأتي في موضعه.

نعم إذا كان الاختلاف كثيراً يضر بهيئة الجماعة فسدت الجماعة لفوات الهيئة المعتبرة فيها، ففي مثله لا يجوز لأحدهما أن يأتمّ بالآخر، للعلم التفصيلي ببطلان صلاته أو صلاة الإمام.

(2)   قد تقدّم سقوط اشتراط القبلة في هذا الحال، ولكن المشهور بنوا على التكرار، فإن تمكّن من الأربع فهو، وإلا فبقدر ما وسع، ونسب إلى بعضهم أنه إذا لم يسع الوقت يصلّي إلى جهة واحدة.

وهذه المسألة داخلة في مسألة الاضطرار إلى بعض أفراد الشبهة الوجوبيّة المحصورة غير المعيّن.

فمن ذهب هناك إلى أن الاضطرار رافع للتكليف واقعاً ولا يكون العلم الإجمالي معه منجزاً، فـلا يُوجب الاحتياط في باقي الأطراف، ولعل من ذهب إلى كفاية الجهة الواحدة ذهب إلى هذا.

ومن ذهب إلى أن الاضطرار لا يحتمل أنه مُسقط للتكليف، لأن متعلَّق الاضطرار غير متعلِّق التكليف، فالواجب الواقعي هو التوجه نحو القبلة التي هي معيّنة واقعاً، غايته أن المكلّف عندما يصلّي لا يميّزه، وأما الاضطرار فإنه متعلّق بترك الصلاة إلى أحد هذه الأطراف لا بترك الصلاة إلى القبلة.

فمتعلّق أحدها غير متعلّق الآخر، فلا يكون الاضطرار مُسقِطاً للتكليف ولا نحتمله، بل هو مُسقط لجهة واحدة غير معيّنة، لأن متعلّق الاضطرار هو الجامع، وحينئذٍ فكل طرف يحتمل كون القبلة إليه يجب التوجه إليه، لأن الاحتمال احتمالٌ لتكليفٍ واصل واحتمال المخالفة للتكليف الواصل احتمال للعقاب، فيجب دفعه عقلاً.

نعم الطرف المتعذّر لا يجب التوجه إليه، لأن هذا الطرف الرابع لا يجب التوجه إليه، لأن القبلة إن كانت في غيره فقد صلى إليها، ولا موجب للصلاة فيه لأنه غير القبلة، وإن كانت القبلة فيه فهو ساقط بالاضطرار والوقت غير كافٍ.

هذا حقّ الكلام في المسألة بناءً على مذهب المشهور من وجوب الصلاة إلى أربع جهات عملاً برواية خراش.

وأما بناء على ما سلكناه فلا فرق بين المتمكن من الأربع وغير المتمكن لأنه يصلّي حيث يشاء، لرواية (يجزي التحري ويصلّي أينما توجه) الموجب لسقوط شرطيّة القبلة.

نعم هنا كلام، وهو أنّه بناءً على مذهب المشهور من الصلاة إلى الجهات الأربع، لو لم يتمكّن من الأربع وصلّى إلى جهتين فقط لضيق الوقت، فهل يجب القضاء بعد الوقت أو لا ؟

احتمالات بل أقوال ثلاثة:

الأوّل: أنه لا يجب القضاء، بلا فرق بين وجود العذر في التأخير وعدمه، بل في الجواهر بلا خلاف صريح أجده، لأنه عمل بوظيفته الفعليّة، فلا مقتضي للقضاء، وقيّده في الجواهر بعدم تقصيره في التأخير.

الثاني: وجوب القضاء على الإطلاق، لأصالة عدم الإتيان بالصلاة إلى القبلة الواقعيّة، حيث لم يصلّ إلى جميع الجهات، فمع الاحتمال فالأصل عدم الصلاة إلى القبلة الواقعيّة، لأن الإتيان أمر حادث مسبوق بالعدم، فهو مجرى الأصل.

الثالث: التفصيل بين انكشّاف عدم كون الصلاة التي صلاّها في الوقت إلى القبلة فيجب القضاء لأن القبلة ركن، وبين عدم الانكشاف فلا تجب الإعادة.

والكلام هنا مبني على ما ذكره المشهور.

وأما بناءً على ما ذهبنا إليه فلا يجب القضاء، فنقول:

الظاهر أن الصحيح هو التفصيل بين الانكشاف وعدمه، فإن الإتيان بالصلاة إلى الجهات الممكنة لم يكن لأجل سقوط شرطيّة القبلة، بل هي باقية.

غاية الأمر أنّه لا يجب الاحتياط الكلي لأجل الاضطرار بل الساقط هو الموافقة القطعيّة لفرض التعذّر، وأما التكليف الواقعي فهو باقٍ على حاله، وحينئذٍ لو انكشف الخلاف فلا بد من القضاء، لأن القبلة ركن، فإذا فات الركن فكأنّه لم يصلِّ.

وأما إذا لم ينكشف الخلاف، فالظاهر عدم وجوب القضاء، لأن القضاء مترتّب على عنوان الفوت، وهذا العنوان لا يمكن إحرازه بأصالة عدم الإتيان، لأن الفوت غير مسبوق باليقين حتى نستصحبه، بل هو عنوان مترتّب على عدم الإتيان في مجموع الوقت، فهو ملازم لعدم الإتيان بالصلاة لا عينه، وأصالة عدم الإتيان لا تثبت الفوت لأنه أصل مثبت، وأصالة البراءة عن وجوب القضاء محكمة.

فهـذا التفصيل بناءً على ما ذهب إليه المشهور من الوجوب للجهات الأربع في محلّه.

بقي هنا شيء

وهو أن وجوب القضاء مع الانكشاف بنحو الاستدبار واجب، إلا أن هذا الفرض لا يتحقق إذا صلّى إلى ثلاث جهات أو جهتين، لأن غاية ما يفرض أنه ينحرف عن القبلة بمقدار ربع الدائرة، فهو متيامن أو متياسر وليس خارجاً عن اليمين أو اليسار فضلاً عن الاستدبار، وكذا إلى جهتين، لأنه لا يعقل تحقق الاستدبار إذا صلّى إلى جهتين متقابلتين، إذ غايته أن تكون القبلة في الشمال أو الجنوب، والبُعد بينه وبين القبلة لا يزيد على ربع الدائرة وهو تسعون درجة، فهو متيامن أو متياسر فلا يجب القضاء.

فمن حيث الكبرى يجب القضاء مع انكشاف الخلاف، إلا أن الصغرى لا تتحقق مع الجهتين أو الثلاث جهات.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

      ويشترط أن يكون التكرار على وجه يحصل معه اليقين بالاستقبال في إحداهما، أو على وجه لا يبلغ الانحراف إلى حدّ اليمين واليسار، و الأولى أن يكون على خطوط متقابلات (1).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   الوجه فيما ذكر أنّه لا موضوعيّة للصلاة إلى أربع جهات، بل المقصود منها تحصيل القبلة، بل دليل الصلاة إلى الأربع ـ وهو مرسلة الخراش ـ تدل على أنّه لتحصيل القبلة، فلا بد من اليقين بذلك.

وأما كونه على خطوط متقابلات، بأن يحدث من تقسيم الدائرة إلى خطّين مستقيمين أربع زوايا قوائم، فلأنّه حينئذٍ لو فرض البعد عن الكعبة فهو لا يزيد على خمسة وأربعين درجة نصف الزاوية القائمة، لأن الفاصل بين كل جهة وجهة تسعون درجة.

فإذا كانت الصلاة قريبة من إحدى الجهتين فالبعد أقل من خمسة وأربعين درجة، وإذا كانت في وسطهما فهو خمسة وأربعون درجة، فهو بين اليمين واليسار، وهو يكفي لأن ما بين المشرق والمغرب قبلة.

وأما لو لم تكن الخطوط متقابلة، فيمكن أن يكون البعد أكثر من ذلك، إلا أنّه مع ذلك لا يجب كون الخطوط متقابلة وإن كان أولى، لأنّه حتى لو صلّى إلى جهات مختلفة فلا يبلغ البعد تسعين درجة، حتى تكون القبلة إلى اليمين أو اليسار، وما دام البعد أقل من تسعين درجة فهو إما إلى القبلة أو يبعد عنها أقل من تسعين، وهو ما بين اليمين واليسار، وهذا لا مانع منه، بل عرفت أن الصلاة إلى الجهات الثلاث على ما تقدّم تكفي.


 

[[1]] الواردة في الوسائل م3 كتاب الصلاة ب7 القبلة .

[[2] ] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب10 القبلة .

[[3]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب10 القبلة ح4 .

رجوع