فصـــلٌ

فـيما يستقبـل لـه

الصلاة الواجبة في الأصل وتوابعها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجب الاستقبال في مواضع:

أحدها: الصلوات اليوميّة(1) أداءً وقضاءً،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)  هذا الحكم متسالم عليه عند عامة المسلمين بل هو إجماعهم، وضروري كما قيل.

ويدلّ عليه قوله تعالى: {فولّ وجهك شطر المسجد الحرام..الآية}[[1]] وغيرها بضميمة الروايات الواردة في تفسيرها وأنها وردت في الصلوات اليوميّة، حيث كان (صلى الله عليه وآله)  يصلّيها إلى بيت المقدس ثم نسخ بهذه الآيات.

والمسألة من الواضحات خصوصاً بملاحظة الروايات الكثيرة في الأبواب المتفرّقة في حكم الصلاة إلى غير القبلة متعمّداً أو جاهلاً، وصحيح (لا تعاد الصلاة) حيث عدّ القبلة مما تعاد منه الصلاة وغير ذلك.

هذا بالنسبة لأداء الصلاة.

وأما بالنسبة لقضائها فالأمر أيضاً ظاهر، لأن القضاء هو الإتيان بالصلاة على ما هي عليه، غايته خارج الوقت مع التحفظ على جميع شرائطها الأخرى.

ويدلّ عليه صحيح زراره الآتي: (لا صلاة إلاّ إلى القبلة)[[2]]، حيث نفى تحقّق حقيقة الصلاة بدون القبلة أداءً كانت أو قضاءً، وهذه الأدلّة تعم جميع الصلوات الواجبة بلا اختصاص لها باليوميّة بمقتضى إطلاقها.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

وتوابعها من صلاة الاحتياط للشكوك(1)، وقضاء الأجزاء المنسية (2)،

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   لا ينبغي الإشكال في وجوب الاستقبال لصلاة الاحتياط، لأنّ تشريعها إنما هو لأجل احتمال النقص في الصلاة، فتكون هي متمّمة لها، سواءٌ قلنا بأنّها جزء منها أو عمل مستقل، فإنّ تشريعها لتدارك النقص، فلا بد من كونها واجدة لشرائط الصلاة، إذ لو أتى بها إلى غير القبلة، فلا يحصل الجزم بالصلاة وفراغ الذمة ولا تكون صلاة احتياط.

وكونها على تقدير عدم نقص الصلاة نافلة، فلا يضر باشتراطها بالقبلة، حتى لو قلنا بعدم شرطيّة القبلة في النافلة، لأنّ فرض وقوعها نافلة مع عدم النقص إنما هو في فرض صحّتها على كل تقدير، أي أنّ الصلاة الواجدة للشرائط التي فيها قابليّة تتميم الصلاة على تقدير نقصها مثل هذه الصلاة، تكون نافلة مع عدم نقص الفريضة، ومعلوم أنّها حينئذٍ لا بدّ من كونها جامعة لشرائط الفريضة ومنها القبلة.

(2)   ويعتبر الاستقبال أيضاً في الأجزاء المنسيّة، لأنّ الظاهر من أدلّة قضائها الإتيان بها بما أنّها جزء صلاتي، لا بما أنّها واجب مستقلٌّ، فهي جزء للصلاة وقع في غير محلّه، فلا بُدّ من مطابقتها للجزء الفائت بجميع خصوصيّاته ومنها القبلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

بل وسجدتي السهو(1)، وكذا فيما لو صارت مستحبة بالعارض، كالمعادة جماعةً أو احتياطاً(2)، وكذا في سائر الصلوات الواجبة كالآيات، بل وكذا في صلاة الأموات.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1)   سجدتا السهو حسبما يظهر من رواياتها أجنبية عن الصلاة فلو تركهما عمداً لا تبطل الصلاة، وإن كان يجب الإتيان بهما إلا أنّه وجوب مستقل، بل في بعض الروايات أن هذه السجدة إرغام لأنف الشيطان لأن أصل السهو منه، فلا دليل على اعتبار الاستقبال فيها لأنها ليست من الصلاة في شيء.

نعم عن بعض الروايات: (أن النبي (صلى الله عليه وآله)  سها فاستقبل القبلة وكبّر وهو جالس ثم سجد سجدتين)، وهذه لو سلّمت سنداً ومتناً من حيث تجويز السهو عليه (صلى الله عليه وآله)  فلا تدلّ على المطلب، بل غايته أنه استقبل حال السجدتين، واستقبال القبلة حسن على كل حال.

(2)   فإن الاحتياطيّة لا بُدّ فيها من الاستقبال لأنّه مقتضى كونها احتياطيّة.

وأما المعادة فكذلك لأنّ الإعادة هي الوجود الثاني للطبيعة، فلا بد فيها من اعتبار جميع ما اعتبر في الأولى الواجبة وإلا لما كانت إعادة، بل في بعض الروايات إعادة الصلاة جماعة، وأن الله يختار أحبهما إليه، وهذا يدلّ على كونهما كليهما صحيحتين في أنفسهما.

وأما صلاة الأموات فلا يتم الاستدلال لها بالصحيحة المذكورة، لأنها ليست بصلاة كما تقدّم في الأموات.

نعم يكفينا في اعتبار الاستقبال فيها عدّة روايات تقدّمت في مبحث الجنائز.

 


 

[[1]] سورة البقرة الآيات: 144ـ149ـ150 .

[[2]] الوسائل م 3 كتاب الصلاة ب 9 القبلة ح2 وب10 منه ح 2 .

رجوع