___________________________
والأحوط سترها عن المحارم من السرّة إلى الركبة مطلقاً (1)، كما أن الأحوط ستر الوجه والكفين عن غير المحارم مطلقاً.
___________________________
(1) يدلّ على كون العورة هي ما بين السرّة والركبة:
خبّر الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال: (إذا زوّج الرجل أمتَه فلا ينظرنّ إلى عورتها، والعورة ما بين السرّة والركبة)[1].
أمّا سندها فالظاهر أنّه معتبر كما ذكر السيّد الأستاذ، لأنّها مرويّة في كتاب قرب الأستاذ عن الحسن بن ظريف وهو ثقة، وهو الحسن بن علوان فقد وثّقه ابن عقدة عن أخيه الحسين بن علوان وقد وثّقه النجاشي.
ودلالتها تامّة على تحديد العورة، وعلى كونه مختصّاً بعورة المرأة فينبغي الفتوى به، ولكن حيث لم يصرّح به الفقهاء فقد احتاط الماتن لزوماً وهو في محلّه.
وأما عورة الرجل فهل هي كذلك أيضاً ومختصّة بالقُبُل والدُبر ؟
ذهب بعضهم إلى الأوّل، والمشهور هو الثاني وادّعى عليه الإجماع.
ولا دليل على كونها من السرّة إلى الركبة في الرجل، لأنّ الرواية المتقدّمة مختصّة بالنساء، حيث فسّر العورة التي تقدّم ذكرها بما بين السرّة إلى الركبة، على القاعدة المعروفة من أنّ المعرفة إذا أُعيدت كانت عين الأولى، فالمراد بها عورة المرأة.
نعم هنا روايتان، قد يُستدلّ بهما على كون عورة الرجل بين السرّة والركبة:
الأولى: رواية الخصال للصدوق، بإسناده عن عليٍّ (عليه السلام) في حديث الأربعمائة قال: (إذا تعرّى أحدكم "الرجل" نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا، ليس للرجل أن يكشف ثيابه عن فخذيه ويجلس بين قوم)[[2]].
وذكر السيّد الأستاذ أنّه فحص عن هذه الرواية في كتاب الخصال فحصاً غير دقيق فلم يجدها، وذكر أنّ الظاهر أنّها موجودة والله العالم، ولكن في سندها القاسم بن يحي ولم يوثّق، عن الحسن بن راشد ولم يوثّق، وقد ضعّفه ابن الغضائري، وكلا الرجلين موجود في أسانيد كامل الزيارات.
على أنّه يناقش في دلالتها، لأنّ النهي فيها يرجع إلى جهات الأدب وأنّ التكشّف غير مناسب، وهذا الكتاب أكثره في الآداب والخصال، فالمنع منعٌ عن الجلوس متكشّفاً وفي غيره لا منع، ولا يحتمل حرمته حال الجلوس دون غيره، فهو محمول على الأدب، لأنّ هذا منافٍ لوقار المؤمن بأن يجلس بين قومٍ وفخذاه مكشوفتان.
الثانية: رواية بشير النبّال في حديثٍ: (أنّ أبا جعفر (عليه السلام) دخل الحمّام فأتزر بإزار وغطّى ركبتيه وسرّته ثمّ أمر صاحب الحمّام فطلى ما كان خارجاً من الإزار ثمّ قال أخرج عنّي ثمّ طلى هو ما تحته بيده ثمّ قال: هكذا فافعل)[[3]].
إلا أنها ضعيفة السند بجملة من رجالها كسهل وإسماعيل بن يسار وغيرهما، ويؤيّد ما ذكرناه من جواز نظر الرجل إلى ما بين سرّة الرجل وركبته غير العورة عدّة روايات دلّت على أنّ العورة هي القُبُل والدُبر إلا أنّها كلّها ضعيفة السند كمرسل الواسطي وخبر الصدوق وخبر محمد بن حكيم[[4]] وغيرها وخبر علي بن جعفر[[5]].
إلا أنّ هذه لضعفها تكون مؤيّدة.
ويدل على ما ذكرناه السيرة المستمرة في الزارعين والفلاّحين والعمّال بنحو يقطع اتّصالها بالمعصوم، فإنّهم لا يسترون هذا الموضع قطعاً وكانوا بمرأى من المسلمين وهذا شيء لا يحتمل حدوثه، ولم يكن في زمن المعصومين (عليهم السلام)، وهذه السيرة تكشف عن جواز ذلك وإن كان الأولى هو الستر.
[[1]] الوسائل م14 كتاب النكاح ب44 نكاح العبيد والإماء ح 7 .
[[2]] الوسائل م3 كتاب الصلاة ب10 أحكام الملابس ح 3 .
[[3]] الوسائل م1 كتاب الطهارة ب31 آداب الحمّام ح1 .
[[4]] الوسائل م1 كتاب الطهارة ب 4 آداب الحمّام ح1 .
[[5]] الوسائل م1 كتاب النكاح ب130 مقدّماته ح3- 4 .