حكم النظر الى ما يحرم النظر اليه في المرآة

___________________________

 (مسألة 2): الظاهر حرمة النظر إلى ما يحرم النظر إليه في المرآة والماء الصافي مع عدم التلذّذ، وأمّا معه فلا إشكال في حرمته(1).

___________________________

 (1)   ذهب بعضهم كما في المستند إلى الجواز، لانصراف النظر إلى الشائع المتعارف، ولأنّ الممنوع هو النظر إلى المرأة، وهذا لم يعلم كونه نظراًَ إليها، لجواز كون الرؤية في الماء والمرآة بالانطباع، فهذا نظر إلى العورة لا إلى نفس المرآة، ولا دليل على تحريم مثل ذلك.

ولكن هذه الدعوى غير مسموعة، لأنّ كون النظر بالانطباع أمر دقيق لا يلتفت إليه العرف إلاّ الخواص، فهو بحسب العرف يقال أنّه نظر إلى المرأة، فإنّه يصدق عندهم النظر سواء كان بواسطة أو بغير واسطة بلا عناية، ولا يحتمل أن تكون الروايات المانعة عن النظر إلى العورة، أو ما دلّ على وجوب سترها غير شاملة لمثل هذه الموارد، فالحرمة ثابتة على الظاهر.

لكن قد يقال: أنّ بعض الروايات قد دلّت على الجواز، وهي رواية موسى بن محمد أنّ يحي بن أكثم سأله: (أخبرني عن الخنثى وقول علي  (عليه السلام)تورث الخنثى من المبال، من ينظر إليه إذا بال ؟ فأجاب أبو الحسن الثالث (عليه السلام):.. وينظر قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة، إلخ..)[[1]].

إلاّ أنّ هذه الرواية ضعيفة السند لأنّ موسى ابن السيّد محمد أخا علي الهادي  (عليه السلام)، لم يرد فيه توثيق، والراوي عنه طريقان:

أحدهما: فيه محمد بن سعيد الأذربيجاني ولم يوثّق.

والثاني: فيه الحسن بن علي بن كيسان ولم يوثّق أيضاً.

هذا مضافاً إلى أنّه يمكن أن يقال: بأنّ النظر في الحقيقة إنّما هو إلى نفس الشاخص لا إلى المرآة، باعتبار أنّ المرآة بما أنّها جسم شفّاف فنور النظر ينكسر فيرى ما خلفه فيكون نظراً إلى نفس الشخص.

ويؤكّد ذلك أنّه لو وقف شخصان على جانبي المرآة التي لا تسع إلا مقدار رجل واحد، فإنّ كلاًّ منهما لا يرى نفسه، بل يرى صاحبه، فكيف ينطبع فيها مع عدم سعتها صورتان في آنٍ واحد، فلا بدّ أن يكون رؤيتهما معاً بنحو الانكسار وهو المطلوب، فإن تمّ هذا فهو، وإلاّ فهو نظر عرفي على كل حال، حتى لو كان بنحو الانطباع فيحرم، والله العالم.


 

[[1]] الوسائل م17 كتاب الفرائض ب3 ميراث الخنثى ح1.

رجوع