عدم الفرق بين الصلوات في شرطية الستر

وحكم ستر العورة في الطواف

___________________________

 (مسألة 9): لا فرق في وجوب الستر وشرطيّته بين أنواع الصلوات الواجبة والمستحبّة(1)، ويجب أيضاً في توابع الصلاة من قضاء الأجزاء المنسيّة(2)، بل سجدتي السهو على الأحوط(3).

نعم لا يجب في صلاة الجنازة وإن كان هو الأحوط فيها(4) أيضاً، وكذا لا يجب في سجدة التلاوة وسجدة الشكر(5).

(مسألة 10): يشترط ستر العورة في الطواف أيضاً(6).

___________________________

 (1)   لعدم الفرق في الروايات، لا في الحرّة من حيث وجوب الستر ولا في الأمَة من حيث عدم وجوبه، فكلا الحكمين يجري في جميع أقسام الصلوات.

(2)   لأنّها ليست من القضاء المصطلح ليقال بأنّها واجب مستقل وليست بصلاة بل هي جزء من الصلاة تبدّل محلّه.

(3)   لأنّها واجب مستقل عن الصلاة كما تقدّم لإرغام أنف الشيطان، ولا دليل على وجوب الستر فيها ولا الطهارة، فالاحتياط حسن كما ذكر الماتن.

(4)   لأنّها ليست بصلاة حقيقيّة لتشملها الأدلّة، والتعبير عنها بالصلاة مسامحة وهي في الحقيقة دعاء للميّت.

(5)   لأنّها ليست بصلاة، ولا دليل على أنّ كل سجدة حتى في غير الصلاة مشروطة بالستر، فالسجدة المستقلّة لا يجب فيها ما يجب في الصلاة.

(6)   لم يتعرّض لهذه المسألة إلاّ القليل من المتقدّمين والمتأخرّين، واستشكل في ذلك (المختلف) كما في الجواهر، وأنّ شرطيّة الستر في الطواف غير مرويّة من طرقنا.

ولكن الظاهر أنّه لم يطلّع على رواياتنا في هذه المسألة وهي ثمان روايات، ستة منها منقولة عن تفسير العياشي ولكنّها مراسيل لأنّ أسانيده محذوفة، وروايتان مسندتان ولكن في أسانيدهما ضعفاً.

 فدعوى التواتر كما عن كشف اللثام من طرقنا وطرق العامة غريبة جداً، فإنّ الراوي هو العياشي وحده، فلا تعدّد في الرواة في كل طبقة، وهذه الروايات لم يذكرها المشايخ الثلاثة.

واحدة من هذه الروايات المرويّة عن تفسير علي بن إبراهيم لم يذكرها الكليني مع أنّ علي بن إبراهيم شيخه، وكذلك الشيخ الطوسي والصدوق، فهذه من شواذ الروايات لا من المتواترات.

والمناقشة في دلالتها كما عن الجواهر بأنّ النهي عن الطواف عارياً أعمّ من ستر العورة وهو أجنبي عن محل الكلام، فقد أجاب عنها هو نفسه بأنّ المراد العراء مقابل ستر العورة للإجماع على صحّة طواف الرجل عارياً مع ستر العورة، وهو جواب صحيح.

والروايات مذكورة في كتاب الحج[[1]]، وروايات العياشي مرسلة، وأمّا رواية الصدوق في العلل ففيها محمد بن علي بن ماجيلويه وهو مجهول، عن عمّه وهو مجهول، عن عدّة مجاهيل. 

والرواية الثانية: ما عن تفسير علي بن إبراهيم وفيها محمد بن الفضل، وهو مردّد بين الأزدي الضعيف ومحمد بن القاسم بن الفضيل الذي يعبّر عنه بحذف اسم أبيه وهو ثقة وهما في طبقة واحدة، ولم يعلم المراد منهما في هذه الرواية.

فالاستدلال بالروايات المذكورة لا يتم، والاستدلال بأنّ الطواف بالبيت صلاة لا يتم، لأنّ هذا من كلمات الفقهاء لا لسان روايات.

نعم يمكن الاستدلال برواية يونس بن يعقوب قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رأيت في ثوبي شيئاً من دم وأنا أطوف؟ قال: فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ثمّ عد فابن على طوافك)[[2]].

رواها الصدوق بإسناده إلى يونس بن يعقوب، وفيه الحَكَم بن مسكين الموجود في أسانيد كامل الزيارات "فإذا صحّ السند تكون حجّة".

ووجه الاستدلال بها: أنّ الأمر بمعرفة الموضع ليس وجوبياً لجواز قلع الطواف، بل هو إرشاد إلى شرطيّة اللباس الطاهر مع أنّ الخروج من المطاف اختياراً غير جائز، فظاهر الأمر إرشاد إلى لزوم الساتر الطاهر حال الطواف، فيستفاد منها اشتراط الطواف بالثوب الطاهر وأنّ حاله حال الصلاة، وإلاّ لم يجب الخروج بل يلقي ثوبه ويطوف عارياً إذا لم يفرض وجود ناظر محترم.

" ولا يخفى أنّ صحّة الرواية مبنيّة على صحّة من في سند كامل الزيارات، وقد عدل عنه السيّد الأستاذ أخيراً، وأيضاً عدم فرض الناظر المحترم صحيح، ولكن لم يفرض خلو البيت للطائف المذكور وحده، فالستر قد يكون لأجل الستر الواجب في نفسه حتى لا يقع في المعصية، فما ذكره السيّد الأستاذ من أنّ الستر إن لم يكن أقوى فلا أقل من أنّه أحوط، مبني على صحّتها ودلالتها، وقد عرفت ما في كل منهما".

نعم، ذكر بأنّه لا يمكن الرجوع إلى أصالة البراءة لأنّه شكّ في صحّة الطواف، ولا إشكال في أنّ الستر أحوط على كل تقدير.

حكم ما اذا بدت العورة في الصلاة

___________________________

 (مسألة 11): إذا بدت العورة كلاًّ أو بعضاً لريحٍ أو غفلة لم تبطل الصلاة، لكن إن علم به في أثناء الصلاة وجبت المبادرة إلى سترها وصحّت أيضاً، وإن كان الأحوط الإعادة بعد الإتمام خصوصاً إذا احتاج سترها إلى زمان معتدّ به(1).

___________________________

 (1)   تارةً لا يعلم بالانكشاف إلاّ بعد الفراغ من الصلاة، ولا إشكال في صحّتها لحديث لا تعاد ولصحيح ابن جعفر المتقدّم الذي مورده الجاهل.

وأخرى يعلم في الأثناء بالانكشاف فيجري فيه ما تقدّم في الأمَة التي أُعتقت أثناء الصلاة حرفيّاً.

حكم نسيان ستر العورة ابتداء او بعد التكشف

ووجوب الستر من جميع الجوانب

___________________________

(مسألة 12): إذا نسي ستر العورة ابتداءً أو بعد التكشّف في الأثناء، فالأقوى صحّة الصلاة، وإن كان الأحوط الإعادة، وكذا لو تركه من أوّل الصلاة أو في الأثناء غفلة، والجاهل بالحكم كالعامد على الأحوط(1).

(مسألة 13): يجب الستر من جميع الجوانب بحيث لو كان هناك ناظر لم يرها،إلاّ من جهة التحت فلا يجب(2)

___________________________

(1)   أمّا الناسي الغافل لو علم بعد الصلاة فلا تجب عليه الإعادة، لأنّه القدر المتيقّن من حديث لا تعاد، وشرطيّة التستّر مختصّة بحال الذكر، لأنّ حديث لا تعاد حاكم على جميع أدلّة الأجزاء والشرائط، وكذلك الغافل، وما نسب لجماعة من القول بالبطلان في هذه الصورة لم يعلم له وجه.

وأمّا لو انكشف في الأثناء ثمّ غفل أو نسي فالكلام فيه هو الكلام في الأمَة التي أعتقت أثناء الصلاة فتبطل صلاته لأنّه التفت آناً ما، فلا يشمله حديث لا تعاد.

وأمّا الجاهل بالحكم فقد تقدّم الكلام فيه.

ويعلم حكم هذه الفروع من كبرى الحديث عن حديث لا تعاد.

(2)   هذا الذي ذكره هو الظاهر من الروايات لأنّ الوجوب شرطي لا نفسي، والوجوب النفسي يتوقّف على وجود الناظر المحترم دون الوجوب الشرطي.

والحاصل: أنّ الروايات قد صرّحت بأنّ المرأة تصلّي في ثوبين والرجل يصلّي في ثوب واحد، ومن الواضح أنّ القميص لا يستر من جهة التحت، فالوجوب الشرطي من جهة التحت غير ثابت وبمقتضى الإطلاق لا يجب.

وذكر صاحب الجواهر أنّ هذا هو المعروف بالسيرة القطعيّة في جميع الأعصار.

والظاهر أنّ عبارة المتن الصحيحة "وأمّا من جهة التحت".

 


 

[[1]] من الوسائل م9 كتاب الحج ب 53 من أبواب الطواف .

[[2]] الوسائل م9 كتاب الحج ب 52 الطواف ح1 .

رجوع