___________________________
وأما السمور، والقاقم، والفنك، والحواصل: فلا يجوز الصلاة في أجزائها على الأقوى (1).
___________________________
(1) أمّا السمور فقد تقدّم.
وأمّا القاقم : فيقال أنّه أكبر من الفأر ويأكله وهو من فصيلته، وهذا الوزن ليس من الأوزان العربيّة، فلعلّ الكلمة أعجميّة استعملت في لغة العرب، وظاهر عدم الجواز على الأقوى في عبارة المتن وجود قائل بالجواز، مع أنّه لم ينسب القول بالجواز لأحد.
أمّا أنّه محرّم الأكل فلا إشكال فيه على الظاهر، لأنّه من الحشرات التي تحت الأرض وكلّها محرمة فهو منها. "ولعلّ المراد به الخِلد في الاصطلاح العامي".
وأمّا من حيث الروايات فعن كتاب قرب الإسناد وكتاب المسائل عن علي بن جعفر: (سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنك والقاقم قال (عليه السلام): لا يُلبَس ولا يصلّي فيه إلاّ أن يكون ذكيّاً)[[1]].
إلاّ أنّ هذه الرواية لم توجد في الكتاب المذكور كما قيل، والرواية المذكورة في الوسائل في الباب الرابع حديث: 6 غير مشتملة على القاقم، على أنّها ضعيفة السند بعبد الله بن الحسن.
وأمّا الفنك : فالمعروف بينهم عدم جواز الصلاة فيه وادّعي عليه الإجماع، ونسب صاحب الحدائق إلى الصدوق في الأمالي والمقنع أنّه ذهب للجواز في الفنك، وكذلك نسبه للعلاّمة في المنتهى.
وأمّا الروايات فقد دلّت عدّة منها على جواز الصلاة فيه وعمدتها صحيحة أبي علي بن راشد المتقدّمة، ورواية بشير بن بشّار ويحي بن عمران وقد عرفت ما فيها.
وعمدتها صحيحة ابن راشد، وليس هنا ما يدلّ على عدم الجواز ليعارض هذه الصحيحة سوى موثّقة ابن بكير المتقدّمة الظاهرة في عدم الجواز، وهذه الصحيحة نص في الجواز، فتحمل الموثّقة على أنّها غير ناظرة لما ذكر فيها، وأنّ ما ذكر فيها كان أمثلة لما لا يؤكل.
وإعراض المشهور عن هذه الصحيحة لا يضرّ ولو تمّ صغرى وكبرى، فالحقّ مع الماتن.
وأمّا الحواصل : فقيل أنّها طيور عظيمة من سباع الطيور تأكل اللحم والسمك ولها حواصل كبيرة، وقد قيل بجواز الصلاة فيها، ونسب إلى المبسوط أنّه لا خلاف فيه، ويدلّ على الجواز عدّة روايات.
وعمدتها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: (سألته عن اللحاف "الخفاف" من الثعالب أو الجرز "الخوارزمية" منه أيصلّي فيها أم لا ؟ قال: إن كان ذكيّاً فلا بأس به)[[2]].
والجرز من لباس النساء، والخوارزمية هي الحواصل، فبناءً على نسخة الاستبصار يستدلّ بها على الجواز لأنّ الخوارزمية هي الحواصل، وبناءً على نسخة التهذيب الجرز تكون مختصّة بالسؤال عن لباس النساء.
إلاّ أنّه لا يمكن الاستدلال بها لتردّد النسخة، فلا يمكن الجزم بالجواز ليستثنى من عموم المنع، على أنّ دلالتها بذاتها لا تتم لأنّها لا تدلّ على الجواز على الإطلاق، بل على قسم من الحواصل وهي الخوارزمية فالدليل أخص من المدعى.
هذا مضافاً إلى عدم تماميّة سندها، لأنّ علي بن السندي لم يثبت توثيقه، ونقل الكشّي عن نصر بن الصباح أنّه علي بن إسماعيل الثقة، إلاّ أنّ نصر نفسه ضعيف.
ومنها: رواية بشير بن بشّار قال: (سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو بلاد الإسلام أن أصلّي فيه لغير تقيّة قال: فقال: صلِّ في السنجاب والحواصل الخوارزمية، ولا تصلّ في الثعالب ولا السمور)[[3]].
ودلالتها غير تامّة لأنّها تدلّ على جواز الصلاة حتّى لو كانت ميتة تصاد ببلاد الشرك، فتُحمل على التقيّة، على أنّها خاصّة بالخوارزمية، وسندها غير تام لأجل بشير وداوود بقطع النظر عن كامل الزيارات.
وأمّا رواية الاحتجاج فهي مرسلة لا يصحّ الاستدلال بها.
تبقى هنا روايتان صحيحتان:
الأولى: صحيحة علي بن يقطين قال: (سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال: لا بأس بذلك)[[4]].
الثانية: صحيحة الريان بن الصلت قال: (سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقزّ والخفاف من أصناف الجلود، فقال: لا بأس بهذا كلّه إلا بالثعالب)[[5]].
والرواية الأولى سئل فيها عن لبس الأمور المذكورة فلا علاقة لها بجواز الصلاة فيها، وكذلك الرواية الثانية، نعم يحتمل أن يكون استثناء الثعالب في الثانية قرينة على أنّ السؤال والجواب عن الصلاة لأنّ مجرّد اللبس من الثعالب جائز، إلاّ أن يكون الاستثناء لمرجوحيّة لبسه بالنسبة إلى سائر غير المأكول.
وحاصل الكلام: أنّه لا دليل على استثناء الحواصل من عدم الجواز فلا تجوز الصلاة فيها.
هذا تمام الكلام في حكم غير المأكول وما استثني ؛ ويقع الكلام في:
{اللباس المشكوك].
[[1]] مستدرك الوسائل م 3 ب 3 لباس المصلي ح 2.
[[2]] باب: 7 لباس المصلي حديث: 11.
[[3]] باب: 3 لباس المصلي حديث: 4.
[[4]] باب: 5 لباس المصلي حديث: 1.
[[5]] نفس الباب حديث: 2.