الفقيه

تعريفه. واجتهاده. وأوصافه

لا بدَّ أن نعرف:

من هو الفقيه الذي نبحث عن ثبوت الولاية له ؟

ومتى يكون مجتهدًا ؟

وما هي أوصافه ؟

فنقول : إنَّ كلَّ مَنْ تعلَّم الأحكام الشرعية فهو مُتَفَقِّه وفقيه.

والفقيه: يجب عليه أن يفتي بما أَدَّى إليه نظره من الأحكام،كما أن المتفقه وطالب الحكم الشرعي يجب عليه سؤاله والالتزام بفتواه.

وقد دلَّنا على ذلك الآية الكريمة في قوله-عزَّ مِنْ قائل-: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}([1])، حَيْثُ دَلَّتْ على وجوب النَّفْر لأَجْل التفقُّه، وعلى وجوب الإنذار بعد التفقُّه، وعلى وجوب الحذَر بعد الإنذار من قِبَل المتفقِّه، فالآية الكريمة لها دلالات:

منها : دلالتها على وجوب التقليد في الأحكام، لأنها تدلُّ على وجوب الحذر عند إنذار الفقيه بالعمل على طِبْق إنذاره وفتواه.

ومنها: دلالتها على وجوب الإفتاء، لدلالتها على وجوب الإنذار بالتضمن، لأنَّ إفتاء المجتهد بالحكم يتضَمَّن الإنذار باستحقاق العقاب عند ترك الواجب أو فعل الحرام.

ومنها: دلالتها أيضًا على حُجيَّة فَتْوى الفقيه، إذ لو لم تكن فَتْواه حجَّة، فلا مقتضي عند المستفتي لوجوب الحذر بالإنذار، لأنه يمكنه الاستناد إلى القاعدة العقلية، وهي قاعدة قُبْح العقاب بلا بيان.

فالآية دالَّة على حُجيَّة قَوْل الفقيه بما هو فقيه ومُلْتفِت إلى الحكم، لا بما هو ناقل للرواية، إذ الناقل الثقة يُؤْخَذ قَوْلُه بحرفيَّة الرواية وإنْ لم يفهم الناقل معناها، بينما الفقيه لا ينقل ألفاظ الرواية بل ينقل ما فَهِمَه وأدَّى إليه نَظَرُه من الرواية.

لأنَّ التفقُّه والاجتهاد في الأعصار السابقة والعصور المتأخِّرة واحد، حيث إن معناه استخراج الحُكْم من الدليل، سواء أكان رواية أم آية أم غيرهما، غاية الأمر: تتفاوت الحال بالسهولة والصعوبة، حيث إن السابقين كان الدليل بين أيديهم، وهم من أهل اللُّغة واللِّسان، وحُجيَّة الخبر وحجية الظهور كانت عندهم من المُسَلَّمات، ولم يكونوا بحاجة إلى كلِّ هذه المقدِّمات التي نقضي فيها الوقت الطويل والجُهْد الكثير.

ويدلُّنا على ذلك بوضوح، الروايات الكثيرة جدًا الدالة على حجية الفتوى والعمل بالتقليد، فإنها على اختلاف عناوينها تدلُّ على تسمية الرّواة في ذلك الوقت بـ(الفقهاء)، وتسمية ما يعلمونه (بالفتوى والإفتاء).

بعضها دلَّ على إرجاع الناس إلى أشخاص مخصوصين، أو عناوين تنطبق عليهم، مثل ما رواه أحمد إسحاق عن أبي الحسن (عليه السلام)  قال: (سألته وقلْتُ: مَنْ أعامل وعَمَّنْ آخذ وقَوْل مَنْ أقبلُ ؟ فقال (عليه السلام) : العمري ثقتي، فما أَدَّى إليك عني فَعَنِّي يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأَطِعْ؛ فإنه الثقة المأمون).

قال: وسألْتُ أبا محمد عن مثل ذلك فقال: العمري وابنه ثقتان، فما أَدَّيَا إليْك فعَنِّي يُؤَدِّيان، وما قالا لك فعَنِّي يقولان، فاسْمَعْ لهما وأَطِعْهُما ؛ فإنهما الثِّقتان المَأْمونان..)([2]).

وفي رواية حمزة بن حمران قال: (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: مَنْ استأكل بعِلْمه افتَقَر، قلْتُ: إنَّ في شِيعَتِكَ قَوْمًا يتحمَّلون علومكم ويبثُّونها في شيعتكم فلا يَعْدمون منهم البِرَّ والصِّلَة والإكرام، فقال (عليه السلام) : ليس أولئك بمستأكلين، إنما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هُدًى مِنَ الله ليبْطل به الحقوق طَمَعًا في حُطام الدُّنيا )([3]).

وفي رواية ابن أبي عمير عن جَميل بن درَّاج قال: ( سمعْتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: بشِّر المُخْبِتِين بالجنَّة: بريد بن معاوية العجليّ، وأبو بصير لَيْثُ بن البخْتري المراديّ، ومحمد بن مسلم، وزُرَارة ؛ أربعة نجباء أمناءُ الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انْقَطَعَتْ آثارُ النُّبوَّةِ وانْدَرَسَتْ)([4]).

ومثلها غيرها في خصوص هؤلاء، كرواية سليمان بن خالد قال: (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما أجد أَحَدًا أَحْيا ذِكْرَنا وأحاديثَ أبي إلا زرارة وأبو بصيرٍ لَيْثٌ المراديُّ ومحمَّدُ بنُ مسْلِم وبريدُ بنُ معاويةَ العجليُّ، ولَوْلا هؤلاء ما كان أَحَد يستنبط هذا، هؤلاء حُفّاظ الدِّين وأُمَناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة)([5]).

ومثلها ما دلَّ على أنَّ يونس بن عبد الرحمن ثِقة تُؤْخَذُ منه معالمُ الدِّين([6])، وكذلك زكريا بن آدم المأمون على الدِّين والدنيا([7]).

وفي بعضها عن الصادق (عليه السلام) : (اعْرِفُوا منازِلَ شيعتِنا بِقَدْرِ ما يحسنون مِنْ رِوَاياتهم عنَّا، فإنَّا لا نعُدُّ الفقيهَ منهم فقيها حتَّى يكونَ محدَّثًا..)([8]).

وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)  قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يحْمِلُ هذا الدِّين في كلِّ قَرْنٍ عُدُولٌ ينفُون عنه تأويلَ المبْطِلِين وتحريفَ الغالين وانتحال الجاهلين ؛كما ينفي الكِير خُبْثَ الحديد)([9]).

وفي رواية المراغي، قال: ورد عن القاسم بن العلاء، وذكر توقيعا شريفا يقول فيه: (فإنَّه لا عُذْرَ لأَحَد من مَوَالينا في التَّشكيك في ما يَرْويه عنَّا ثِقاتنا، قد عَرَفُوا بأنّا نُفاوِضُهم سِرَّنا، ونُحَمِّلُهم إياه إليهم)([10]).

وهناك أوامر صريحة بالإفتاء كقوله (عليه السلام) لأَبان بن تَغْلب: (اجْلِسْ في مَسْجِد المدينة وَأَفْتِ الناس فإني أُحِبُّ أنْ يُرى في شيعتي مثلُك)([11]).

وقد استَعْرَضنا بعضَ الرِّوايات الدالَّة على فقاهة الرواة والإفتاء برأيهم بمضامين مختلفة، ويَصْعُب استعراض كلّ ما ورد في هذه الأبواب، فإنها فوق حَدِّ الإحصاء، وهي متواترة إجمالاً وإنْ لم يكن المضمون واحدًا، وكلُّها تدلُّ على الإرجاع إلى الرواة لا بما أنهم رواة، بل بما هم فقهاء قد تعلَّموا الأحكام والتصرُّف بمضامينها وتطبيقها على مواردها.

فالأمر بالرجوع إليهم يشمل موارد الرواية ونَقْلها ليَحْفَظها المنقول إليه، كما يشمل ما وصل إليه نظرُهم من الجَمْع بين الروايتَيْن المتعارضتَيْن بالإطلاق والتقييد، أو العموم والخصوص، أو غير ذلك من أنحاء الاجتهاد والاستنباط، خصوصًا ما دلَّ منها على عدم جواز الإفتاء بالقياس والاستحسان، فإن هذا يدلُّ على أنَّ الإفتاء بالاجتهاد، لا بمجرد نَقْل الرواية، ولا بالاستحسانِ، فإنَّ النهْيَ عن القياس والاستحسان ليس معناه النهيَ عن رواية مُعَيَّنة، بل هو نَهْيٌ عن هذا النوع من الاجتهاد الباطل إذا صحَّ تسميته اجتهادًا.

ويضاف إلى هذه الروايات ما تقدم من مقبولة عمر بن حنظلة، وصحيحة أبي خديجة التي دلَّتْ بمقتضى ورُودِها في باب القضاء ؛ فإنها تدلُّ بوضوح على أنَّ المقصود برواة الحديث هم الذين استنبطوا الأحكام الشرعية من رواياتهم (عليهم السلام) ، حيث ينظرون في مداليلها والَجْمع بينها وطَرْح ما أمروا بِطَرْحه مما خالف كتاب الله-تعالى-، وهذا معنى (نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا).

وأَوْضَحُ من ذلك التوقيعُ المبارك: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا)، فإنَّ الحوادث التي ستقع في المستقبل بعد غَيْبته (عليه السلام) إذا كانت منصوصة منه أو من آبائه الطاهرين، فلا حاجة فيها للإرجاع، وإن لم تكن منصوصة، فالفقهاء هم الذين يطبِّقُون عليها الأحكام التي استفادوها من الروايات، واستنبطوها باجتهادهم وإعْمالِ نَظَرِهم.

فلو حَفِظ واحدٌ منهم الحديثَ ونَقَله حَرْفيا، أو حَفِظ كلَّ الأحاديث التي في الكتب الأربعة وغيرها، لا يحق له أن يعمل أو يفتي بمضمون واحد منها، ما لم يلاحظ الترابط والتعارض بينها كلها، لِيَعْلَم الظاهر والمحكم من المتشابه، والخاص من العام، والنسبة بينهما، وكذا بين المطلق والمقيَّد، وكذا القواعد والأحوال المذكورة في تلك الأحاديث، ليطبِّقها في مواردها، ويلاحظ النسبة بين القواعد أنفسها.

وهذا هو المجتهد والحافظ للأحاديث فقط، وإن لم يكن كذلك فهو محتاج إلى أن يسأل الفقيه عن تكليفه، وعما يُستفاد من هذه الأحاديث.

 

وأما اشتراط العدالة في المفتي الفقيه:

فلا ينبغي أن تكون محلَّ كلامٍ وبَحْث، بل إنَّ الروايات التي تضمَّنَتْ الأوصاف الآنفة، من الثِّقة، المأمون على الدِّين والدُّنيا، وغيرها، تعني المرتبة العالية من الورع، والتقوى، وإتعاب النفس في تحصيل الأحكام.

بل إنَّ التعبير بقوله(لولا هؤلاء لانْقَطَعَتْ آثارُ النُّبوَّة وانْدَرَسَتْ)، يكفي لبيان مراتبهم العالية، فإنَّ المأمون على الشريعة والأحكام، ودِين الله-تعالى-، وأرواح الناس وأموالهم، ومصيرهم في الدّنيا والآخرة.. لا يمكن إلا أن يكون في أعلى مراتب التقوى والروحانية، ومراقبة رضى الله-تعالى-، في كل تصرُّفاته وحركاته، حتى لا تكون عليه حجة في قَوْل أو فِعْل، إلا موارد السهو والخطأ والنسيان التي لا يخلو منها الإنسان غير المعصوم.

وفي جميع ذلك، لو خالف الواقع في فتاواه، فله أَجْر الجهْد والتَّعب والصَّبر على ما تحمَّله من المشقة وبذل الجهد لتحصيل الأحكام التي يصرِف عُمُرَه كلَّه للوصول إليها، وإذا أصاب الواقع، فالله-تعالى- هو العاصم الذي لا يعْزُبُ عنه مثقال ذرَّة ولا تخفى عليه خافِية.

والدليل العقلي الذي يساعد على وجوب الرجوع إلى الفقيه قبل فتوى المفتي، وذوق الشريعة، وسيرة المتشرعة، والمرتكز في أذهانهم، يدل على ما ذكرنا.

بل هذه الجهات، لا تسمح بتقليد، أو الأَخْذ بفتوى مَنْ له منقصة مُسْقطة عن الوقار والسلوك الإنساني الرفيع، لأنَّ المرجعية منصِبٌ إلهيٌّ فَرَضَه الأئمة (عليهم السلام) بعد الولاية.

 

هل تُشْتَرَطُ الأعلميَّة في الوليِّ الفقيه مطلقا، أو بالإضافة إلى منطقته ؟

بعد الفراغ عن الأعلمية في مرجع التقليد، لا أقل من أنه قدر متيقَّن، وعن جواز التبعيض في التقليد، لو كان واحد أعلم من الآخر في باب دون باب، وبعد الفراغ عن عدم اشتراط الأعلمية في القضاء، لصحيحة أبي خديجة (ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئًا من قضايانا)، فإنه مطلق يشمل الأعلم وغيره، لأنه يصدق على كل منهما أنه يعلم شيئًا من قضاياهم، حيث إنه لا يمكن لأحد الإحاطة بجميع علومهم، فيَصْدُق على كلٍّ منهما أنه يعلم شيئًا من قضاياهم للإطلاق المذكور، لا من جهة أن النكرة تصدق على العلم بالبعض ؛ ومحل هذه المسألة في كتاب القضاء، والكلام هنا في الولاية وتصرُّفات الفقيه على أساس هذه الولاية، أو على أساس الحِسْبة والقُرْبة، فهل يشترط فيها أعلمية هذا الفقيه لتَثْبُت له هذه الصلاحية أو لا ؟

فنقول: لا مجال لاعتبار الأعلمية المطلقة هنا وإنْ اعتبرناها في التقليد، لأنَّ التقليد عبارة عن وصول رَأْي الفقيه إلى المكلفين، وهذا أَمْرٌ مَيْسور.

أما الولاية فلا يعتبر فيها الأعلمية، لأنه لا يُحْتمل أن تكون الولاية على جميع الأمور في جميع أنحاء العالم لشخص واحد، لأنه يستحيل عادة، بل عقلاً، قيامُ شَخْصٍ واحد وتصدِّيه لجميع تلك الأمور مع كَثْرتها في بقاع الأرض، بعد فَرْضِ وجوب الرُّجوع إلى الأعلم، لا في الأحكام، بل في جميع الخصوصيات.

على أنه لم تَرِد أية إشارة إلى ذلك في جميع الروايات الواردة عنهم (عليهم السلام) ، ولا التزم بها أحد من أصحابنا، فإنَّ الرواة الذين وَرَدَ ذكرهم والذين لم يرد ذكرهم، ليسوا متساوين في العلم، ومع ذلك لم يميز الأئمة (عليهم السلام) واحدًا منهم، وسيأتي فيما بعد الحكم فيما لو تعدّد الأولياء.

فالأعلمية المطلَقة في الولي ليسَتْ شَرْطًا قَطْعًا.

وأما الأعلمية الإضافية بالنسبة إلى قطْر أو منطقة أو دولة يمكن رجوعها إلى وليٍّ واحد، فهل تعتبر الأعلمية لو تعدد الولي في ذلك القطر أو لا ؟

المشهور بين الأعلام عدم اعتبارها، وربما ادُّعِيَ الإجماع على ذلك في بعض الكلمات، وهذا القول من حيث الكبرى يساعد عليه إطلاق الروايات.

ولا فَرْق في عدم الإشارة إلى الأعلمية بين الأعلمية المطلقة أو الأعلمية الإضافية بالنسبة إلى منطقة معينة.

نعم، لو قلنا بأنَّ تصَرُّف الفقيه ليس من باب الولاية، بل من باب الِحْسبة كما يختاره سيدنا الأستاذ الخوئي قده) ، فقد يقال كما قال هو قده) : بأنَّ مقتضى القاعدة عدم نفوذ تصرُّف أحد في حق غيره للاستصحاب أو أصالة الاشتغال، إلا أنَّ الأمور المذكورة لمّا لم يكن بدٌّ من تحقُّقها في الخارج وكان من الضروري أن يتصرَّف فيها مُتَصرِّف، يدور الأمر -لا محالة- بين أن يكون المتصرِّف النافذ تَصَرُّفه فيها أعلم البلد أو مطلق الأعلم، والأعلم الإضافي هو القدر المتيقَّن ممن يُحْتمل جواز تصرُّفه في تلك الأمور مع المخالفة كما نصت عليه الرواية.

ثم تعرَّض قده) لِسَهْم الإمام (عليه السلام) : بأنه وإنْ كان معلوم المالك، إلا أنه لعدم إمكان الوصول إليه هو ملحق بمجهول المالك، والقدر المتيقن ممن يجوز تصرفه هو الأعلم، إما مطلقًا، وإما بالإضافة إلى البلد أو المنطقة، وسوف نتعرض له في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.

ثم ختم رأيه بأن اعتبار الأعلمية الإضافية، لو لم يكن أقوى، فلا ريب أنه أحوط.

وما ذكره من الاحتياط في محلِّه، ولكنَّ الخروج عن الأصل إنما هو بالقدر المتيقن، وهو الفقيه الجامع للشرائط حيث جُعِلَتْ له الولاية الإجمالية التي يعترف بها هو قده) ،وهي كافية للخروج عن الأصل.

 

تعدد الأولياء واختلاف الآراء

مع اختلاف الرأي في جهة من الجهات يكون القدر المتيقن هو الأعلم، لأنه القدر المتيقن، بل يكون الأعلمُ هو المتعَيِّنَ، حتى بناءً على أن تصرُّفه من باب الولاية، لأنه لا يُحْتمل أن تكون الولاية في شيء واحد على حالتَيْن مختلفتَيْن، فإنه يستحيل أن يجعل على المكلَّف إيجاب أو تحريم أمرَيْن متنافِيَيْن.

هذا بالإضافة إلى ما ورد في مقبولة عُمَر بن حَنْظلة من الترجيح بالأعلم أو بمن كان أكثر واجدية للشرائط (.. فإن كان كل واحد اختار رجلاً من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم، فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر.. الحديث)([12]).

 


 

([1]) التوبة: من الآية 122.

([2]) الوسائل ج27 باب 11من أبواب صفات القاضي ح4.

([3]) المصدر السابق نفس الباب ح12.

([4]) المصدر السابق نفس الباب ح14.

([5]) المصدر السابق نفس الباب ح21.

([6]) المصدر السابق نفس الباب ح33 و ح 34.

([7]) المصدر السابق نفس الباب ح27.

([8]) المصدر السابق نفس الباب ح41.

([9]) المصدر السابق نفس الباب ح43.

([10]) المصدر الساب نفس الباب ح40.

([11]) رجال النجاشي ص10.

([12]) الوسائل ب9 صفات القاضي ح1