بسم الله الرحمن الرحيم
الافتتاحية
تتنوّع التسميات التي تطلق على عصرنا الحاضر ، وكل منها
يحاول أن يشير إلى الظاهرة الأبرز التي تسم هذا العصر
بميسمها .
فهو عصر الثورة البيولوجية عند البعض ، وهو عصر الثورة
المعلوماتية عند غيرهم ، وهو عصر العولمة عند آخرين ...
وإذا كان لكل اسم من هذه الأسماء نصيب من الواقعية والصحة
، إلا أنه لا يمكن لأيّ منها أن يوازي في دلالته وشموله
القول بأن عصرنا هو :
عصر الإرهاب
نعم ، فلعل البشرية لم تعرف -وعبر تاريخها الطويل- إرهابًا
مماثلاً للإرهاب المتجلّي عن روح هذا العصر . والشاهد على
ذلك هو أن الإرهاب المعاصر قد تنوّعت مظاهره وتعدّدت فنونه
، واتّسعت رقعته ، واشتدّت حدّته ، حتى بلغ مدىً غير مسبوق
، لا في دنيا الواقع ، ولا في عالم الخيال...
إنه إرهاب قد طال الأفراد والجماعات ، ولم يميّز بين
الأجناس ولا الأعمار، ودمّر البيئة ، وأفسد طبقات الجوّ ،
ومارس فنونه التدميرية على المستوي المادي/الجسماني، وعلى
المستوى النفسي والفكري ، وتوفّر له من المعارف العلمية
والوسائل المادية والفنون والتقنيات ما لم يكن ليخطر على
بال...
وهذا ما حَدَا بنا لأن نخصّص ملف العدد الحالي من مجلة
[رسالة النجف الأشرف] لدراسة هذه الظاهرة ، علّنا نُلقي
الضوء على بعض حيثياتها، وعلى ما قد يرتبط بها من مصطلحات
مثل العنف، والتطرّف، والسلفية، والتكفير... في محاولة
منّا لتحديد معاني هذه المصطلحات ، ومدى ما بينها من
ملازمة أو تفكيك ، وذلك بُغية فهم الموضوع فهمًا علميًا
مبتنٍ على قاعدة متينة ومنهج واضح ، مما يزيل اللبس ،
ويرفع الشبهات ، ويمنع من الكيل بمعيارين.
هذا ويبدو أن الموضوع ، ولِمَا له من أهمية خاصة ، قد حدا
بالكتّاب والباحثين الأفاضل لأن يزوّدوا المجلة بالعديد من
المقالات والدراسات القيّمة المنضوية تحت عنوان الملف ،
مما جعلنا نعمل إلى نشر الملف على حلقتين ، وذلك حرصًا
منّا على إبقاء مساحة للمقالات المتنوّعة في كل عددٍ
مراعين بذلك الاهتمامات المختلفة للقرّاء الكرام.
وختامًا ، نتوجّه بجزيل الشكر إلى جميع باحثينا الكرام ،
سائلين المولى أن يمنّ علينا بالتوفيق والسداد ، إنه حسبنا
ونعم الوكيل.
|