السنة الخامسة / العدد السادس عشر/ كانون أول 2009 - ذو الحجة 1431هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

"فَعالِ" و"فَعْلالِ"

دراسة خاصة لكل الألفاظ على طرازها

شريف يحيى الأمين

 

تمهيد:

يندهش الباحث في تراث الفكر الإسلامي العربي بلغة الضاد والقرآن والعلم، وغنى هذه اللغة بالمفردات الغزيرة، مما يدل على سعة هذه اللغة وسعادتها بالسالف من أهلها، فيتوقف مليًا ويأخذه العجب مما قدّمه مصنفو الموسوعات والأسفار من معلومات ومعارف وكنوز فكرية متنوعة (طب وفلسفة ورياضيات وفلك وغيرها) وهي أشرف ما لدينا، تدل على ذهنية علمية مع تصميم وإصرار لإنجاز ما وطّنوا أنفسهم عليه مع اعتماد كل واحد منهم على ما سطره من سبقه في مختلف المواضيع التي تناولوها، حتى أنهم بيّنوا أن لكل كلمة وحرف معنى خاصًا، بل ولكل حركة (فتحة أو ضمة أو كسرة)، استنبطوه بالأدلة والبراهين التي اعتمدوا عليها والشواهد التي ركنوا إليها، فاهتموا بهذه اللغة الشريفة وبكل دقائقها وتفاصيلها، فما وجدوه صحيحًا دونوه وما كان خطأً أشاروا إليه وأصلحوه وما كان مهملاً أضافوه، ثم إنهم من أجل تسهيل فهم هذه اللغة والعناية بها ابتدعوا طريقة نظم الأراجيز لما فيها من ترغيب للّغة وقواعدها، والتي بلغ بعضها الألف بيت (ألفية ابن معطي وألفية ابن مالك) واللّتان حظيتا بشرح العديد من العلماء، مما دلّ على رغبة متواصلة وراسخة للحفاظ والحرص على هذه اللغة عن طريق الاهتمام الجدي بها وفهمها وشرحها وتقصّي كل معانيها.

أسماء الأفعال المقيسة على وزن "فَعالِ":

إن الكثير من الذين كان لهم حظ واهتمام بدراسة اللغة وقواعدها وفروعها ربما ما زالوا يذكرون بيتين من الشعر:

أحدهما:

إذا قالت حَذامِ فصدقوها

 

فإنّ القول ما قالت حَذامِ
 

والآخر:

هي الدنيا تقول بملء فيها
 

 

حَذارِ، حَذارِ من بطشي وفتكي
 

فهما من الشواهد الشعرية الشائعة لاسم هذا الفعل في بعض معانيه، والذي من حقه أن يأخذ نصيبه من البحث وحده لا أن يشرح بصورة عرضية مع بقية أسماء الأفعال الأخرى: المرتجلة منها والمنقولة، مثل ( شتّان وهيهات وعليك ودونك وسواها)، بل من المناسب والمفيد -بعد إيراد الشروح المذكورة والموزّعة في مختلف المصادر- من ترتيب هذه الألفاظ بشكل خاص ليكون شاملاً لها حسب أنواعها، لما فيها من الطرافة والنكهة الخاصة المصاحبة للفائدةـ، فإن الأولى والأجدر أن تأخذ نصيبها وحدها، لا أن تحشر وتشرح بشكل هامشي ومقتضب، من أجل ذلك اقتضى جمعها من مصادرها، كونها مبعثرة في الشعر والنثر والتراجم والأمثال والتاريخ بالإضافة إلى كتب اللغة (معاجم وصرف ونحو)، وقد تصبح هذه الطريقة نموذجًا لبقية أوزان اللغة وحتى حروفها من ألفها إلى يائها بشكل موسوعي مبسط ليسهل درسها وفهمها ونشرها والترغيب بها.

صياغته وأنواعه وسبب بنائه على الكسر

يصاغ من مصدر كل فعل ثلاثي اسم فعل موازن "فَعالِ" بفتح الفاء والعين، ويبنى على الكسر للدلالة على مجموعة ألفاظ: إما للدلالة على الأمر أو صفة سب للمؤنث، وإما تختص باسم علم للجنس أو للدلالة على مجموعة من أسماء أعلام.

الأول: يصاغ من مصدر كل فعل للدلالة على الأمر مما اجتمع فيه ثلاثة شروط:

أ- أن يكون ثلاثيًا .

ب- أن يكون تامًا أكان صحيحًا مثل كتب أم معتلاً مثل وسع.

ج - أن يكون متصرفًا.

فهو اسم فعل موزون أو مقيس (قياسي)، المعنى أن له ضابطًا وحكمًا كليًا على جزئياته بلفظ واحد في جميع حالاته، فيبنى من نزل نَزالِ ومن ذهب ذَهابِ، بمعنى انزل واذهب، فهو اسم فعل أمر، بمعنى افعل وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره : أنت.

- ولا يبنى من الأفعال الناقصة مثل كان وظل وصار وكاد.

- كما أنه لا يصاغ من غير المتصرف مثل نعم وبئس وساء وحبّذا.

- كما أنه لا يصاغ من الأحرف المشبّهة بالفعل مثل ليت ولعل.

- ولا يصاغ من الرباعي مثل دحرج وبعثر ودكرب وقعطب.

- ولا يجوز بناء شيء منها من نحو اللّصوصية، لأنه لا فعل له على قول ابن هشام مع أن لها فعلاً هو : لصَّ الباب، أي أغلقه.

- ولا يصاغ من الأسماء الجامدة أكانت ثلاثية أم رباعية مثل تين وتفاح وعنب وزينب وجعفر.

يتفق اسم الفعل والفعل بالدلالة على المعنى الواحد وينوب عنه في معناه وعمله وزمنه، ويؤدي هذا المعنى على هذا الوجه مع إيجاز اللفظ لالتزامه صورة واحدة لا تتغير بتغير المفرد والمثنى والجمع والتذكير والتأنيث،ولا يبرز منها ضمير أصلاً، كما يتوافقان في التعدي واللزوم، ويجوز توكيد الفعل باسم الفعل مثل: اقلب قلابِ وانزل نزالِ، ولا يجوز العكس أي لا يجوز تقديم اسم الفعل على الفعل، ولا يعمل اسم الفعل إلا مذكوراً، ولا تتصرف أسماء الأفعال ولا تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، بل تدل على حالة واحدة وهي عاملة ولكن لا محل لها من الإعراب.

- وأما بناؤه على الكسر وكان من حقه السكون لأن فعل الأمر ساكن إلا أنه حرك لالتقاء الساكنين، كما شرح هذا الأمر الجوهري، وزاد "الأعلم النحوي": لأنه اسم علم مؤنث مثل حَذامِ وقَطامِ، والكسرة والياء مما يُخصّ به المؤنث كقولك: "أنت تعلمين" ونحوه.

الثاني: يُصاغ اسم بمثابة صفة سب للمؤنث، ولا يجوز تأنيثه، وهو عامل ولكن لا محل له من الإعراب، فلا يكون مبتدأً ولا خبرًا ولا فاعلاً ولا مضافًا، ولا يستعمل إلا في النداء فيقال: يا خَباثِ بمعنى يا خبيثة، ويا لَكاعِ بمعنى يا لئيمة، ومن كلام عمر (رض) لبعض الجواري: أتتشبهين بالحرائر يا لَكاعِ؟، فأما قول الشاعر:

أطوف ما أطّوف ثمّ آوي

 

إلى بيت قعيدته لَكاعِ
 

فاستعمالها في غير النداء ضرورة شاذة، وتعرب لَكاعِ خبرًا لمبتدأ هو "قعيدته"، ومنهم من شرحها على وجه آخر تقديره قعيدته مقول لها يا لَكاعِ.

الثالث: ومنها ما يُصاغ ولكنه صار بالغلبة علمًا للجنس، مثل حَلاقِ اسم للموت، كانت في الأصل صفة لكل ما يحلق، وجَباذِ للمنيّة، ومنها أيضًا حَيادِ للداهية بمعنى تحيد أي تميل سميت بها تفاؤلاً.

ومن الممكن أن يسبق هذه الأسماء أو يتبعها فعل أمر مناسب لها مثل حَيدي حَيادِ أو فَشاشِ فُشِّيه.

الرابع: كما يُصاغ منها أسماء أعلام نساء أو حيوانات أو أمكنة وغيرها، وجميع هذه الأعلام الشخصية ألفاظها مؤنثة ولا تدخلها الألف واللام ولا يجمع مثل قَطامِ وحَذامِ وغَلابِ، وقد منعت من الصرف للعلمية والتأنيث والعدل، أما عند التنكير فحكمها الصرف، كقولك: "رُبّ سعادٍ وقَطامِ" لبقائه بلا سبب أو على سبب واحد وتعامل كبقية أسماء الأعلام، ويبني أهل الحجاز هذه الأسماء على الكسر مطلقًا وفي كل حال، أما أهل نجد فيوافقون أهل الحجاز بشرط أن يكون آخره راء مثل جَعارِ وسَفارِ وحَضارِ، أما بقية الأسماء التي لا تنتهي بالراء فيجرونه مجرى ما لا ينصرف نحو عمر وزفر، فيقولون هذه رَقاشُ وقَطامُ وحَذامُ وهو القياس والتأنيث، لأنه علم وليس فيه إلا العدل، غير أن الأشعار جاءت على لغة أهل الحجاز، كما بيّن الجوهري هذا الأمر مثل قول امرؤ القيس: قامت رَقاشِ على عجلٍ.

وللنابغة: أتاركةٌ تدللها قَطامِ؟

ولآخر: إذا قالت حَذامِ فصدقوها.

الفئة الأولى: أفعال الأمر المشار إليها فقط في بعض المراجع

على سبيل إجازة استعمالها والتمثيل بها، مرتبة على حروف المعجم:

أَكالِ: بمعنى كُل (أمرٌ بالأكل).

بَدارِ: بَدارِ أيها الطلاب إلى الدرس، أي بادروا إلى الدرس.

بَراكِ: يقولون بَراكِ ، بَراكِ، بمعنى ابركوا أي واظبوا واثبتوا.

تَراكِ: يقولون: تَراكِ الفاسقَ، أي اترك الفاسقَ.

جَمادِ: جَمادِ له، كلمة تقال للبخيل، أي لا زال جامد الحال، وهو خلاف حمادِ، قال المتلمس:

جَمادِ لها، ولا تقولي
 

 

لها أبدًا، إذا ذُكرَت حَمادِ

حَذارِ: بمعنى: احذر، قال أحدهم: حَذارِ من أرماحنا حَذارِ.

وقال أبو الفرج الساوي أحد كتّاب الصاحب بن عباد، راثيًا فخر الدولة:

هي الدنيا تقول بملءِ فيها
 

 

حَذارِ، حَذارِ من بطشي وفتكي

ولآخر:

سلْ عن شجاعته وَزِرْهُ مسالمًا
 

 

وحَذارِ، ثم حَذارِ منه محاربًا
 

وقال رجل ناصحًا بنيه:

حَذارِ بني البغيَ لا تقربنَّه

 

حَذارِ، فإن البغي وخيم مراتعه

وقال غيرهم:

حَذارِ حَذارِ من جشعٍ فإني
 

 

رأيت الناس أجشعها اللئامُ
 

وقال آخر وقد أدخل عليه حرف جر:

أَبيتُ كأني من حَذارِ قضائه.

حَضارِ: أي احضُر.

حَمادِ: حَمادِ لفلان، أي حمدًا له وشكرًا لأنها صفة غالبة.

خَراجِ: يقولون: خَراجِ، خَراجِ، وهي لعبة لهم تدعى الخريج.

دَبابِ: دعاء للضبع، يقال لها: دَبابِ أي دِبّي.

دَراكِ: أي أدرك، قال الشاعر:

دَراكِها من إبل دَراكِها

 

أما ترى أن الموت لدى أوراكها

ذَهابِ: بمعنى اذهب.

ذَمارِ: أي احفظ ذمارك.

زَحامِ: بمعنى ازحم في مجال الإصلاح.

سَماعِ: أي اسمع.

ضَرابِ: بمعنى اضرب.

ضَمارِ: بمعنى اضمر.

طَمامِ: بمعنى الأمر، هذا من قولهم: جاء السيل فطمَّ الركيّة، إذا دفنها حتى يسويها بالأرض.

ظَفارِ: بمعنى اظفر، أو معدول عن ظافر، وقد أعربه قوم.

عَبابِ: يقولون: لا عَبابِ: أي لا تعبَّ في الماء مثل الدواب.

غَلاقِ: كأنه معدول عن غالق، والغَلاق إسلام القاتل إلى أولياء المقتول تفعل فيه ما تشاء.

قَلابِِ: يقولون: اقلب قَلابِ، يضرب للرجل تكون منه السقطة فيتداركها بأن يقلبها إلى غير معناها.

كَتابِ: بمعنى اكتُب.

كَسالِ: بمعنى اكسل.

مَساسِ: يقال: لا مساسِ، وهذا من قول بعض العرب، ويُبنى على الكسر لأنه معدول عن المصدر وهو المسّ، أي لا تَمسَّني أو لا مماسَة.

لَعابِ: بمعنى العب.

مَناعِ: بمعنى امنع، وحكمه من المنع.

نَزافِ: أي انزُف، ومنه قول ابنة الجُلَنْدى ملك عُمان حين ألبست السُّلَحْفاة حُليَّها فغاصت في البحر فدعت جواريها وقالت: انزُفْنَ نَزافِ، نَزافِ، لم يبقَ من البحر غيرُ قُدافِ، أي لم يبقَ غيرُ جرّة من فَخار.

نَزالِ: بمعنى انزل، وهو معدول عن المنازلة، ولهذا أنّثه زهير بقوله:

ولأنتَ أشجعُ من أسامةَ إذ
 

 

دُعِيَتْ نَزالِ وَلُجّ في الذُّعْرِ
 

ولطليحة الأسدي:

عَوَيتُ لهم صدرَ الحِمالةِ
 

 

إنها معاودة قِيل الكماةِ: نَزالِ
 

عَوَيْتُِ: لويت، والحِمالة اسم فرسه.

ولآخر: ودَعْوا نَزالِ، فكُنتُ أولَ نازلٍ.

نَصارِ: بمعنى انصُر.

نَضادِ: من نضدتَ المتاع، إذا رصفته.

نَظارِ: بمعنى انظُر، قال رؤبة بن العجاج:

[نَظارِ كي أركبها نَظارِ].

نَعاءِ: من النَّعو، كانت العرب إذا مات منهم شخص له قدر ركب راكب فرسًا وجعل يسير في الناس ويقول: "نَعاءِ فلانًا"، أي انعَه وأظهر خبر وفاته، قال شاعرهم:

نَعاءِ ابن ليلى للسماحة والنَّدى
 

 

وأيدي شمال باردات الأناملِ
 

وقال الكميت:

نَعاءِ، جُذامًا غير موت ولا قتلٍ
 

 

ولكن فراقًا للدعائم والأصلِ
 

ولجرير:

[نَعاءِ أبا ليلى لكل طِمِرَّةٍ]، وفي الحديث [يا نَعاءِ العرب]، أي انعَهُم.

هَمامِ: لا هَمامِ، بمعنى لا أَهِم ولا أفعلُه، قال الكميت:

عادلاً غيرَهم من الناس طُرًا
 

 

بهم، لا هَمامِ لي، لا هَمامِ
 

يعاطِ: هذا من قولهم للذئب إذا زجروه: يَعاطِ، قال شاعرهم:

صُبَّ على شاءِ أبي رِباطِ
 

 

ذؤالةُ كالأقدحِ المِراطِ
 

                         يهفو إذا قيل له: يَعاطِ.

ولآخر: وقد أنّثه: تنجو إذا قيل لها: يَعاطِ، الضمير في لها راجع إلى الضبع.

الفئة الثانية: أسماء الأفعال بمثابة صفة سب للمؤنث.

خَباثِ: يا خَباثِ، أي يا خبيثة، قال ابن مالك: [في سبّ الأنثى وَزْنُ يا خَباثِ].

دَفارِ: يا دَفارِ بمعنى يا مُنتِنة، أي يا لَكعاء، ويقال للأمة إذ شُتمتْ يا دَفارِ، وأكثر ما ترد في النداء، وأم دَفارِ كنية الدنيا.

دَناءِ: يا دَناءِ، أي يا دنيئة.

زَناءِ: يا زَناء، أي يا زانية.

سَراقِ: من سرق، يقال: يا سَراقِ بمعنى يا سارقة.

فَجارِ: يا فَجارِ، يريد يا فاجرة.

فَساقِ: يا فَساقِ أي يا فاسقة، من فسق بمعنى فجر وخرج عن أمر ربه.

قَثامِ: يا قَثامِ، كلمة تقال للأمة القذرة.

لَكاعِ: يا لَكاع، بمعنى يا لئيمة، ومن كلام عمر (رض) لبعض الجواري: "أتتشبهين بالحرائر يا لَكاعِ؟".

ولا تقل : جاءتني لَكاعِ ولا رأيت لَكاعِ ولا مررت بلكاعِ.

الفئة الثالثة: أسماء بمثابة اسم علم جنس.

بَدادِِِ: أي مُتبَدَدة، هذا من قولهم في الحرب: "يا قومِ بَدادِ، بَدادِ"، أي ليأخذ كل رجل قرنه، وقولهم: جاءت الخيل بَدادِ أي مُتبَدَدة.

قال الشاعر:" والخيل تعدو بَدادِ".

كما يقال : " فرّقناهم بَدادِ"، ولحسان:

كنّا ثمانيةً وكانوا جحفلاً
 

 

لَجِبًا فَشُلّوا بالرماح بَدادِ
 

وبُني على الكسر لأنه معدول عن المصدر (وهو البدد) وللتأنيث والصفة، فلما منع بعلتين من الصرف، بني بثلاث، لأنه ليس بعد المنع من الصرف إلا منع الإعراب.

بَلالِ: يقال:[ لا تَبُلُّكَ عندي بَلالِ]، أي لا يصيبك منّي ندى ولا خير.

وقالت ليلى الأخيَليَّة:

فلا وأبيك يا ابن أبي عقيل
 

 

تَبُلُّكَ بعدها عندي بَلالِ
 

وهو ما يَبُلُّ الحلق من الماء واللبن، ومنه الحديث: [غير أن لكم رحمًا سأبلّها بِِبَلالِها] أي أَصِلُها بالدّعاء.

بَهانِ: هي المرأة الطيّبة النَّفَس والأرج.

جَباذِ: اسم للمنيّة، كانت في الأصل صفة عامة لكل ما تُجْبَذ ثم اختّصت بجنس المنايا، قال عمرو بن جميل:

فَاجْتَبَذتْ أقرانُهم جَباذِ
 

 

أيدي سبا أبرحَ ما اجتباذِ
 

جَداعِ: السَّنة الشديدة التي تَجدعُ بالمال، أي تذهبُ به، قال أبو حنبل الطائي:[لقد آليتُ أغدرُ في جَداعِ].

جَعاِر: اسم للضبع لكثرة جعرها، وهي معدولة عن جاعرة، وإنما بُنيت على الكسر لأنه حصل فيها العدل والتأنيث والصفة الغالبة، ومعنى غالبة أنها غلبت على الموصوف حتى صار يُعرف بها كما يعرف باسمه.

يقولون لها: روغي جَعارِ وانظري أين المفر]، ولا يقال: روغي إلا للمؤنث، وهي من المراوغة، وقال الشاعر:

فقلت لها عِثِّي جَعارِ وابشري
 

 

بلحمِ امرئٍ لم يشهدِ اليومَ ناصرُه
 

كما يقال لها إذا وقعت في الغنم:

أسرعتِ في قرار
 

 

كأنما ضراري
 

                               أردتِ يا جَعارِ.

حَلاقِ: كانت في الأصل صفة غالبة لكل ما يحلق عامة، ثم اختُصت بجنس المنايا، لأنه يستأصل الأحياء كما يستأصل الحلق الشعر، يقال: [سُقوا بكأسِ حَلاقِ].

حَيادِ: الداهية، كلمة يقولها الهارب الفار، وأصلها من حاد الشيء أي انحرف، وحَيادِ: المعنى اعدلي عنّا أيتها الحرب، قال علي عليه السلام: [فإذا جاء الجهاد قلتم حَيدي حَيادِ].

سَباطِ: اسم للحمى قال المتنخِّل:

أَجَزْتُ بفتيةٍ كرامٍ
 

 

كأنهم تملُّهم سَباطِ
 

"أجزت قطعت، تملّهم تحرقهم وتشويهم، وسَباط حمى نافض، أي ذات الرِّعدة".

سَوارِ: اسم جنس للداهية، قال الأزدي:

فقام مؤذنٌ منّا ومنهم

 

ينادي بالضحى: سوري سَوارِ
 

(سوري بمعنى ثِبي وثوري).

صَمامِ: الداهية أو الحرب، يقال لها صَمّي صَمامِ، أي زيدي واشتدي يا شديدة، وذلك إذا أبى الفريقان الصلح ولجّوا في الاختلاف فوقعت الحرب.

قال ابن أحمر:

فَردّوا ما لديكم من رِكابي
 

 

ولما تأتكم صَمِّي صَمامِ
 

"أي لا تجيبي الراقي ودومي على حالِكِ، فجعلها عبارة عن الداهية.

وقال الأسود بن يعفر:

فرت يهودُ وأسلمت جيرانَه

 

صَمّي لما فعلتْ يهودُ صَمامِ

كما يضرب للرجل يجيء بالداهية، فيقال له: صَمّي صَمامِ، أي اخرسي يا صَمامِ.

كما يقال: صَمامِ، صَمامِ، أي تَصامُّوا بالسّكوت.

طَبارِ: الداهية، يقال وقعوا في بنات طَبارِ، أي الدواهي.

طَمارِ: الداهية، معدول عن طامر، من طمر، إذا وثب عاليًا. كما يقال وقع في بنات طَمارِ، أي وقع في الدواهي.

فَجارِ: اسم للفجور، وهي معرفة جاء في ألفية ابن مالك: [كذا فجارِ علم للفجرة].

وقال النابغة:

إنّا احتملنا خُطَتَينا بيننا

 

فحملتُ بَرّةً واحتملتَ فَجارِ

فَشاشِ: الفَشّ إخراج الريح من الوَطْب (وعاء من الجلد) يقولون فَشاشِ فُشِّيه من استه إلى فيه، أي أخرجي ريح الكبر منه من استه إلى فيه وافعلي به ما شئت، فما به من انتصار.

فَشاشِ: المرأة الضروط عند الجماع.

فَياحِ: اسم للغارة، كان يقال لها في الجاهلية " فَيْحي فَياح"، أي اتسعي عليهم وتفرقي يا متّسعة، وذلك أن الخيل المغيرة إذا اندفعت انتشرت، كما يقال: فاحت الغارة تفيح، أي اتسعت قال شاعرهم:

دفعنا الخيلَ شائلةً عليهم

 

وقلنا بالضحى: فَيْحي فَياحِ

ومعنى فَيْحي انتشري أيتها الخيل المغيرة، وسماها فَياحِ لأنها جماعة مؤنثة وهي مثل حَيدي حَيادِ.

قَثامِ: أنثى الضبع، سميت بذلك لتلطخها بجعرها (الجعر هو الغائط الخارج من استها).

قَطاطِ: أي حسبي، يقال: قَطاطِ قطِّيه، قال عمرو بن معدي كرب:

أطلتُ فِراطهم حتّى إذا ما

 

قتلتُ سَراتَهم كانت قَطاطِ

أي قاطّة لهم.

كَسابِ: لقب للذئب.

لَحاصِ: اسم للشِّدة والداهية لأنها صفة غالبة، هذا من قولهم التحصه أي ألجأه واضطره إلى أمر ما، قال الهُذَلي:

قد كنتُ خرَّاجًا ولوجًا صَيْرمًا

 

لم تلتحصني حيصَ بيصَ لَحاصِ

معناها لم يعلق بها ولم يلحقه اختلاط وفوضى، وتُعرب لَحاصِ فاعلة تلتحصني.

لَزامِ: بمعنى صفة لازمة، تقول سببته سبًا يكون لَزامِ ، أي صار هذا الأمر لازمًا عليه.

هَجاجِ: يقال: ركب فلان هَجاجِ إذا ركب العمياء المظلمة، قال المتمرس بن عبد الرحمن الصحاري:

فلا يدَعْ اللئامُ سبيلَ غيٍّ

 

وقد ركبوا على لومي هَجاجِ

وَجاجِ: بمعنى الستر والحاجز، قال شاعرهم:

أُسودُ شرى لَقين أسودُ غابٍ

 

ببرزٍ ليس بينهم وَجاجِ

وَقاعِ: هي الدائرة على الجاعرتين، وحيثما كانت لا تكون إلا الإدارة أي ليس لها موقع معلوم، يقال: كويته وَقاعِ، قال عوف بن الأحوص:

وكنتُ إذا مُنِيتُ بخصمِ سوءٍ

 

دلفت له فأكويه وَقاعِ

يَسارِ: يقال: أنظرني حتى يَسارِ، معدول عن المصدر وهو المَيسرة.

قال الشاعر:

فقلتُ: امكُثي حتى يَسارِ لعلّنا

 

نحجُّ معًا، قالتْ أعامًا وقابلَه؟

الفئة الرابعة: أسماء الأعلام على اختلافها:

بَراحِ: اسمٌ للشّمس، أنشد قُطرب:

هذا مُقام قدمَي رَباحِ

 

ذبَّبَ حتى دَلكتْ بَراحِ

دَلكتْ بمعنى زالت وغابت.

بَهانِ: في الأصل هي المرأة الطيبة النفْس والأرج وهي امرأة بعينها دعيت بهذا اللقب لطيب نفسِها ومرحها، وقد ذكرها شاعرهم:

ألا قالتْ بَهانِ ولم تأبّق

 

نعمتَ ولا يليقُ بكَ النّعيمُ

حَذامِ: علم مؤنث، قيل إنها بنت العتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة، وقيل بنت الرّيان، كانت نبّهت قومها بوصول أعدائهم فلم يلتفتوا إليها وأخلدوا إلى المضاجع، لِما نالهم من التّعب، فقال أحدهم:

إذا قالتْ حَذامِ فصدقوها

 

فإنّ القولّ ما قالت حَذامِ

فلم سمعوه ثار القوم ولجأوا إلى وادٍ كان قريبًا منهم فانحازوا حتى أصبحوا وامتنعوا من أعدائهم.

حَضارِ: جبل بين البصرة واليمامة وهو إلى اليمامة أقرب، قال أبو النجم العِجلي:[وصوَّبَ الصَّخرَ إلى حَضارِ].

حَضارِ: اسم لكوكب، وهو أحد المُحْلِفَين، من أقوالهم: "حَضارِ والوزن محلَفان" وهما نجمان يطلعان قبل سُهَيْل، فيظن الناس بكل واحد منهما أنه سُهَيْل، فيحلف واحد أنه سُهَيْل ويحلف آخر أنه ليس به، وأنشد بعضهم:

أرى نارَ ليلى بالعقيقِ كأنّها

 

حَضارِ، إذا ما أعرضت وَفُرُودُها

والفُرودُ نجومٌ تخفى حول حَضارِ.

حَناذِ: اسم للشمس الطالعة، أو لحرارتها، قال عمرو بن حُمَيْل:

تَسْتَرْكِدُ العِلجَ به حَناذِ

 

كالأرمدِ استغضى على اسْتِئْخاذِ

خَصافِ: اسم لفرس أنثى كانت لمالك بن عمرو الغساني، ويسمى فارس خَصافِ، وهو أحد فرسان العرب المشهورين، ويقال إنه كان من أجبن الناس ولكنه أخذ العبرة من سهم وقع على حيوان فقتله، فأدرك أن القتل لا مفر منه، فشدَّ على أعدائه في المعركة، فكان من أشجع الناس، وقيل فيه: "أجرأ من فارس خَصاف"ِ، وشهد يوم حَليمة فأبلى بلاءً حسنًا.

وأنشد ابن بري : "تاللهِ لو ألقى خَصافِ عشية".

ويقال: إن خَصافِ فرس ذكر أيضًَا.

خَطافِ: اسم كلبة من كلاب الصيد عند بعضهم.

خَطافِ: اسم هضبة في بلادهم، وقيل جبل.

ذَمارِ: بلدة باليمن، والنسبة إليها ذَماري.

رَباحِ: اسم ساقٍ عندهم، ورد في قول الشاعر: "هذا مَقامُ قَدَمَي رَباحِ".

رَقاشِ: علم مؤنث تدعى الناقمية بنت عامر بن سعد بن عدي بن جديلة.

من أقوالهم: "اسقِ رقاشِ، إنها سقايّة" يضرب في الإحسان إلى المحسن، وقال امرؤ القيس:

قامت رَقاشِ وأصحابي على عجلٍ

 

تُبدي لكَ النَّحرَ واللُّبَّاتِ والجيدا

ورَقاشِ: أخت لجذيمة الأبرش، وفيها يقول: "خَبِّريني رَقاشِ لا تَكْذبِني".

سَجاحِ: علم مؤنث، اسم للكذّابة التي ادّعت النّبوة، هي امرأة من بني تميم بن مرة، ادّعت النّبوة فيهم ثم حملتهم على أن زفّوها إلى مُسَيْلَمة الكذّاب، فوهبت نفسها له، قال أحدهم:

وَأَزْنى من سَجاحِ بني تميم

 

وخاطِبها مُسَيْلَمةَ الزَّنيمِ

وقال الراجز: "عصت سَجاحِ شَبْنًا وقَيسًا".

كما يقال: "أعْلمُ من سَجاحِ"، وقيل لها أخيرًا بعد أن أسلمتْ: "قد أبصَرت من بعد العمى سَجاحِ".

سَرابِ: اسم ناقة كانت للبسوس خالة جسّاس بن مرة الشيباني، فرآها كليب وائل في حماه وقد كَسرت بيض طير كان قد أجاره، فرمى ضرعها بسهم، فوثب جسَاس على كليب فقتله، فهاجت حرب بكر وتغلب ابني وائل بسببها أربعين سنة، ومنه المثل "أشأمُ من سَرابِ".

سَفارِ: اسم منهل أي ماء لبني مازن بن مالك، يقع بين البصرة والمدينة قبل ذي قار، حيث كانت الوقعة بين بكر بن وائل وتميم ذكرها الفرزدق:

متى ما تَرِدْ يومًا سَفارِ تَجِدْ بها

 

أُدَيْهِمَ يرمي المُسْتَجيزَ المعَوَّرا

ولآخر: "وَصَخْرَ ذَاتِ الهامِ من سَفارِ".

سَكابِ: اسم فرس ذكرها الشاعر:

أبيتَ اللّعنَ إنّ سَكابِ عِلْقٌ

 

نفيسٌ لا يُعاُر ولا يُباعُ

شَمامِ: مشتق من الشمَم وهو العلو: جبل لباهلة ذكره جرير:

عاينتُ مَشعلةَ الرّعالِ كأنها

 

طيرٌ تغاول في شَمامِ وُكورا

ولآخر: "تظلُّ نسورٌ من شَمامِ عليهما" وله رأسان يسميان ابني شَمامِ، أشار إليهما لبيد:

فهلْ نبِّئتَ عن أخوينِ داما

 

على الأحداثِ إلا ابني شَمامِ؟

صَلاحِ: اسم مكة المكرمة، قال بعضهم:

أبا مَطرٍ هلمَّ إلى صَلاحِ

 

فَيَكْفيكَ النَّدامى من قُريش

ضَرافِ: موضع في ديارهم.

ضَمارِ: اسم صنم كان لمرداس أبي العباس بن مرداس يعبده، فلما حضره الموت، قال لابنه العباس: "أي بني اعبد ضَمارِ فإنه ينفعك ويضرك" فبينما العباس يومًا عند ضَمارِ إذ سمع من جوف ضَمارِ مناديًا هذه الأبيات:

قُلْ للقبائلِ من سُلَيمٍ كلّها
إنَّ الذي وَرِثَ النّبُوةَ والهُدى
أَوْدَى ضَمارِ، وكان يُعبدُ مرةً

 

أَوْدَى ضَمارِ وعَاشَ أهلُ المسجدِ
بَعدَ ابنِ مريمَ، مِنْ قُريشٍ مُهْتَدِ
قَبل الكِتابِ إلى النبي محمدِ

فأحرق العباس ضَمارِ وأتى النبي (ص) وأسلم.

ضَمارِ: موقع كانت فيه وقعة لبني هلال.

طَفافِ: يقال: : أتانا عند طَفافِ الشّمس" أي عند دنوّها للغروب.

طَمارِ: المكان المرتفع، يقال: انصبَّ عليه من طَمارِ" قال الشاعر يذكر مكانًا بعينه في الكوفة:

فإن كنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري
إلى بطلٍ قد عفَّرَ السيفُ وجهَه
 

 

إلى هانيءٍ في السوقِ وابنِ عقيلِ
وآخرَ يَهوي من طَمارِ قَتيلِ
 

طَمارِ: اسم جبل جاء حديث مطرف :"من نام تحت صدفٍ مائلٍ وهو ينوي التوكل فيلرمِ نفسه من طَمارِ".

طَمارِ: ابنتا طَمارِ، هضبتان عاليتان وقيل جبلان ذكرهما ورد العنبري:

وَضَمَّهُنَّ في المَسيلِ الجاري

 

ابنا طِمرٍ وابنتا طَمارِ

طَمامِ: مدينة كانت قرب حضرموت.

ظَفارِ: مدينتان باليمن في موضعين إحداهما قرب صنعاء، وكان بها ملوك حِمْيَر، وفيها قيل:" ومن دخل ظَفارِ حَمَّر" أي تكلم بالحِمْيرية، وقيل صبغ ثوبه بالحمرة لأن فيها المَغْرة (الطين الأحمر)، ووُجد على أركان سور ظَفارِ مكتوبًا: لمن ظَفارِ؟ لحِمير الأخيارِ، لمن مُلك ظَفارِ؟ للحبشة الأشرارِ، لمن مُلك ظَفارِ؟ لفارس الأخيارِ، لمن مُلك ظَفارِ لحمير سيحار.

إي يرجع إلى ملوك اليمن.

وظَفارِ الثانية: مدينة على ساحل بحر الهند وبجبالها يوجد شجر اللَّبَّان.

عَرارِ: اسم بقرة بعينها، ومنه المثل :"باءت عَرارِ بكَحل" يقال كانتا بقرتين انتطحتا فماتتا جميعاً، أي باءت هذه بهذه، يضرب لكل مُستَوَيَيْن، وقد تمثّل بهما عنقاء الفزاري: "بَاءَتْ عَرارِ بكَحلٍ فيما بيننا" أي قُتلَ القاتل بمقتوله.

وقيل: كَحل وعَرارِ ثور وبقرة كانا في سبطين من بني إسرائيل فعقر كَحل وعقرت به عَرارِ، فوقعت حرب بينهما حتى تفانَوا.

عَرارِ: ذات عَرارِ وادِ بنجد.

عَظامِ: موضع ذكره عدي بن الرِّقاع العاملي:

"فعَظامِ فالبرقات جاد عليهما".

غَلابِ: اسم امرأة.

غَلافِ: عين غَلافِ موضع في ديارهم.

قَدامِ: منهل البحرين.

قَطامِ: هو من القَطم أي القَطع، وهو اسم علم لأكثر من امرأة.

قال النابغة:" أتاركةٌ تدلُلَها قَطامِ".

ولآخر :

ولم أرَ مهرًا ساقه ذو سماحةٍ

 

كمهرِ قطام من فصيحٍ وأعجمِ

أهل الحجاز يبنونه على الكسر على كل حال، أما أهل نجد فيجرونه ما لا ينصرف.

كَرارِ: خرزة تؤخذ بها نساء الأعراب، تقول الساحرة : "يا كَرارِ كُرّيه، يا هَمرة اهمريه" أي اسكبيه، إن أقبل فسرّيه ون أدبر فضرّيه".

كَسابِ: اسم لكلبة من كلاب الصيد ذكرها لبيد:

فتقصّدتْ منها كَسابِ فَضرّجَت

 

بدمٍ وغودر في المكر سُحامها

وسُحام اسم لكلبة.

لَصافِِ: كأنه معدول عن لاصفة، وتأنيثه للأرض أو البقعة التي يكثر فيها اللّصف (شبيه بالخيار).

لَصافِ: ماء في ديار ضبّة، ذكرها النابغة في شعره:

بمصطَحِباتٍ من لَصافِ وثبرة

 

يَزُرنَ إلالاً سيرُهُنَّ التّدافعُ

لصاف: ماء من مياه إياد القديمة، وقد صرّفه الشاعر:

إن لَصافًا لا لَصافِ فاصبري

 

إذا حقّقَ الركبانُ هُلْكَ المنذرِ

لَصافِ: ماء بالدَّو لبني تميم، وقيل هو جبل ومنزل لهم، قال بعضهم:

"فإذا لَصافِ تبيضُ فيها الحُمَّرُ" (والحُمَّر طيور صغيرة).

مَطارِ: موضع بين الدهناء والصَّمّان ذكره جرير:

ما هاجَ شوقَكَ من رسومِ ديارِ

 

بلِوى عُنَيِّقَ أو بِصُلبِ مَطارِ

مَغارِ: قرية من قرى فلسطين.

مَلاعِ: عقاب ملاع، أرض أضيف إليها العُقاب، وقيل نعت لها، وقيل هي صحراء عُقبانها أخبث العُقبان وإياها عنى الشاعر:

أنت الوفيُّ فما تُذَمُّ وبعضهم

 

تُوفي بِذمّته عُقابِ مَلاعِ

ومن أمثالهم في الهلاك: " ذهبت به عُقاب مَلاعِ وأودت به عُقاب مَلاعِ، كما يقال :" أبصر من عُقابِ مَلاعِ".

مَناعِ: هضبة في جبل طيء والمناعان جبلان.

نَضادِ: جبل بالعالية في ديارهم.

نَضادِ: جبل آخر لغنيّ ويبنى عند أهل الحجاز على الكسر وعند تميم ينزلونه ما لا ينصرف، قال أحدهم:

لو كان من حَضَنٍ تضاءل ركنُهُ

 

أو من نَضادَ بكى عليه نَضادُ

وقال كثير يصرفه:

كأن المطايا تتّقي من زُبانةٍ

 

مناكد رُكنٍ من نَضادٍ مُلَمْلَمِ

ولآخر: " عقلتُ إلى يَلملمَ أو نَضادِ".

ويقال له: نَضادِ النَيِّر" ويوم نضاد النَيِّر من أيامهم.

نَطاعِ: ماء في بلاد بني تميم يقال :" شربتْ إبِلُنا من نَطاعِ.

نَطاعِ: وادٍ ونخيل لبني مالك بن سعد بين البحرين والبصرة، وقد أعربه شاعرهم:

وأقربُ منهلٍ من حيث راحا

 

أثالُ أو غُمازةُ أو نَطاعٌ

ويوم نَطاعِ من أيامهم ذكره الأعشى: "بِظِلْمِهُم بِنَطاعِ المَلْكَ ضاحيةً".

وَبارِ: قبيلة من قبائلهم ذكرها الأعشى:" ومرَ دهرٌ على وَبارِ".

وَبارِ: أرض كانت لعادٍ بين رمال يَبْرين واليمن، وكانت أكثر الأرضين خيرًا، قال بعضهم: "أو تجعلوا دونكم وَبارِ".

وقال الفرزدق: " كضلالِ ملتمسٍ طريقَ وَبارِ"

 وعين وبار في ديارهم.

وَساعِ: قرية من قرى اليمن، معدول عن واسع.

وَصابِ: جبل يحاذي زَبيد باليمن.

خلاصة ومناقشة:

من الواضح أن تستنتج القواعد والتعاريف لكل موضوع، وتستخلص من الشواهد والأمثال المتشابهة على الأكثر والأعم، وهذا ما درج عليه فقهاء اللغة وعلماؤها، أما ما وجدوه نادرًا فقد اعتبروه ضرورةً شاذة أو مستثنى أو من غرائب اللغة.

ومن هذه الشواذات في أسماء الفعل دخول بعض العوامل اللفظية على قسم من هذه الألفاظ التي لها صفتان، فهي من ناحية لها صفة الاسم ومن ناحية ثانية عمل الفعل مع كونها غير متصرفة.

وقد أخذت هذه الحالات عدة مناقشات متشعبة بين اللغويين، تبين مدى حرصهم وإصرارهم على معرفة معنى ومغزى كل كلمة وما ترمي إليه لتخريج المعنى الأصلي لها وتبريره، ومن هذه الأمور دخول اللام النافية على اسم فعل الأمر "مَساسِ" تذكّر المطّلع بالجهود التي بذلها كثير من النحاة في بحثهم عن معنى وعمل "حتّى" والتي قيل فيها : "إنها حتحتت قلوب النحاة حتى أن أحدهم مات وفي نفسه شيء من حتى".

وقد أشار ابن هشام إلى أنه لم يقع في التنزيل "فَعالِ" أمرًا إلا في قراءة الحسن "لا مَساسِ"([1]) بفتح الميم وكسر السين، وهو دخول "لا" النافية على اسم الفعل بمنزلة قولهم للعاثر إذا دعوا عليه "لا لَعًا"، وفي معاني القرآن العظيم للفرّاء: [ومن العرب من يقول :" لا مَساسِ" يذهب به إلى مذهب دَراكِ ونَزالِ. وفي كتاب "ليس" لابن خالويه: لا مَساسِ مثل نَزالِ هذا من غرائب اللغة. ووجه غرابته أن "لا" النافية دخلت على اسم الفعل، مع أن اسم الفعل في المشهور من الاستعمال العربي لا يجوز أن يدخل عليه عامل يؤثر فيه.

وذكر العلامة [اللقاني] أن وجه غرابة هذا الذي نقله ابن هشام عن الفراء وابن خالويه أنهما جعلا لا النافية مع ما بعدها اسمًا واحدًا، فزعما أنه ركّب من لا مع مَساسِ ثم أراد منه الإثبات لا النفي. وهنا صارت هي والاسم بمعنى الإثبات أي على رأي اللقاني أن معنى قوله "لا مَساسِ" "امسُسْني".

أما الجوهري والزمخشري فقد حملاه على أنه من باب قَطامِ" وأنه معدول عن المصدر وهو المسّ.

إن ما أشار إليه الفراء عن بعض العرب من يقول "لا مَساسِ" يذهب به  إلى مذهب دَراكِ ونَزالِ بمعنى النفي يوجد له نظائر وشواهد تؤيّد وتؤكد هذا الرأي، منها قول الكميت:" لا هَمامِ" بمعنى النفي، وهو ممن يحتج بشعره وكذلك قولهم :"لا عَبابِ" أي لا تعبّ مثل الدواب.

كما تبيّن أن بعض العوامل الأخرى مثل حروف الجر أو النداء أو غيرها دخلت على اسم فعل الأمر كقول عبيد الله بن الربيع : "كأني من حَذارِ قضائه" وكذلك ياء التنبيه كما جاء في الحديث :"يا نَعاءِ العرب".

كما ورد إضافة اسم لصفة سب المؤنّث مثل "أم دَفارِ"، بمعنى الدّنيا وكان أشير في شرحها إلى أنها أكثر ما ترد في النداء، والمعنى أنها يمكن أن ترد في غير النداء، وهذا يدل على سعة صدر اللغة العربية وتقبّلها لكل روائع الفكر البشري وتشعبه.

ملحق: فَعْلالِ وزن آخر قريب من فَعالِ مصاغ من الرباعي

إن ما أشار إليه ابن الناظم أثناء شرحه لألفية أبيه ابن مالك في معرض حديثه عن اسم الفعل "فَعالِ" : "وشذَّ موضوعه من الرباعي كقَرْقارِ بمعنى قَرْقِر، وقاس عليه الأخفش" قد نبّه عليه بهذه الكلمات إلى وجود صياغة تضاف إلى ما سبق، وإن كان لم يذكر ما هي الألفاظ التي صاغ عليها الأخفش (هذا المعروف بالصغير شارح كتاب سيبويه) ولعل من يحظى بها فيضيفها إلى هذا البحث، فمن الواضح أن وزنها هو "فَعْلالِ"، وقد أضاف الجوهري "عَرْعار"ِ إلى "قََرْقارِ" مقتصرًا على هاتين اللفظتين. أما في اللسان فقد أورد ألفاظًا أخرى، وتذكر كلّها فيما يلي مرتبة على حروف المعجم:

بَحْباحِ: كلمة تنبئ عن نفاذ الشيء وفنائه، و هي جواب لمن سأل: أبقي عندكم شيء؟

حَمْحامِ: مثل بَحْباحِ وزنًا ومعنى.

عَرْعارِ: حكاية صوت الصبية، مبينة على الكسر معدولة عن عَرْعَرَة، وهذا مذهب سيبويه، وردّ عليه أبو العباس قائلاً: "ولا يكون العدل إلا من بنات الثلاث، لأن العدل معناه التكثير".

ومعنى عَرْعارِ لعبة للصبيان، يخرج الصبي فإذا لم يجد صبيانًا يرفع صوته قائلاً: عَرْعارِ فيخرج إليه الصبيان، قال النابغة:

مُتَكَنَِّفَي جَنبَي عكاظٍ كِليهما

 

يدعو وليدُهم بها عَرْعارِ

يريد أنهم آمنون وصبيانهم يلعبون هذه اللعبة، وقال الكميت:

حيثُ لا تنبضُ القِسيُّ ولا تلـ

 

ـقى بعَرْعارِ وِلدةً مذعورا

يرى الكميت أن هذا الثور لا يسمع إنباضَ القسي ولا أصواتَ الصبيان ولا يذعره صوت.

قَرْقارِ: بني على الكسر وهو معدول عن القَرْقَرَة بمعنى قَرْقِر، قال أبو النجم من الرجز:

قالتْ لهُ ريحُ الصّبا قَرْقارِ

 

واختلط المعروفُ بالإنكارِ

يريد قَرْقِر بالرّعد كأنه يأمر السّحاب بذلك.

مَحْماحِ، مثل بَحْباحِ وزنًا ومعنى.

هَمْهامِ: مثل بَحْباحِ وزنًا ومعنى.

خاتمة

اتضح مما سبق أن اللغة العربية تحتوي اسمي فعلين موزونين:

أحدهما على وزن فَعالِ مصاغ من الثلاثي، وهو المشهور، مثل "حَذارِ ورَقاشِ".

وآخر مغمور على وزن فَعْلالِ مصاغ من الرباعي مثل قَرْقارِ وهَمْهامِ، ويأتي في المرتبة الثانية وغير معروف.

وفي النهاية إن في هذه اللغة من الدرر الثمينة ما يستحق من أهلها والغيارى عليها الاهتمام الجدي والدائم بها، والحدب عليها كي يأنسوا بها وتأنس بهم.


 

[1]))سورة طه آية97.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد السادس عشر