السنة السادسة / العدد السابع عشر/ حزيران 2010 - رجب 1431هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

التربية بين التقليد والتجديد

[دراسة نقدية مقارنة]

الأستاذ حسن جابر

1- تمهيد

يجرّنا الكلام عن التربية، إلى الكلام عن الإنسان ذاته، ذاك الوافد على المستقبل بنماءٍ تربوي هجين، حيث يدفعنا إلى التفكير جديًا بضرورة إيجاد سبل قراءةٍ جديدةٍ للواقع التربوي، منطلقًا من قوة معرفيّة، تتفاعل وأولويات الإنسان .. لمَ لا ؟

فالمجتمعات ترتقي بالتربية التي تزوّد الأفراد بالمعارف والمهارات الضرورية، انطلاقًا من محاكاتها لميولهم وقدراتهم، وتهذيب انفعالاتهم، وتصعد بهم سلّم نجاحهم عبر المدرسة، والتي هي من إفرازات التطور الاجتماعي للبشر.

ولطالما كان المتعلّم ركيزة الاهتمام في عالم المتغيرات المتسارعة والمتنامية، والهادفة إلى بناء وعي المتعلّم كضرورة أصيلة تمكّنه من أن يكيّف نفسَه مع بني مجتمعه.

وبالتالي تعتبر التربية عملية تأقلم مع البيئة والظروف ذات الفاعلية المجتمعية والحضارية والثقافية، آخذةً بعين الاعتبار الطاقات والقدرات التي يقدّمها المجتمع والبيئة بهدف بناء الإنسان، كشخصية ذات خصوصية لا كآلة، لجعلها تتكامل مع خصوصيات أخرى في إطار تربويّ موحّد.

وهنا تتداخل البُنى والتركيبات التربوية في عملية توليفية منسجمة بنتيجة النضوج المنطقي للتربية الفاعلة والمؤثرة، ليتحوّل تلقائيًا إلى فرد خلاقٍ ومبدعٍ وفق المعايير والثوابت التربوية التي نشأ عليها وتربّى في أحضانها.

وقد ذهب بعض المربّين إلى اعتبار التربية المرآة التي تنعكس عليها فلسفة المجتمع وتطلعاته وأهدافه .. إذ فبالتربية يكسب المرءُ الصفة الإنسانية التي يتميّز بها عن سائر المخلوقات.

فعلينا -والحال هذه- أن نعمل على إعداد ناشئتنا وفق المعايير الرسالية في إطار وعي متكامل لحاجات الفرد العقلية والنفسية والبيولوجية، المنسجمة مع المحيط المكوّن الأساس لمعرفته، وصهر شخصيته في مجال تطبيق المعارف، كون المحيط منبع الخبرات ومجال تأكيد الاستيعاب وتكوين الذات التربوية، التي هي وراثةٌ واكتساب في آن.

2- التربية في اللغة

ربَّ الولد ربًا : وَلِيَهُ وتعهّده بما يغذيه وينمّيه ويؤدّبه، فالفاعل : راب، والمربوب (المفعول).

والنعمة ربَّا رِبابًّا وربابةً: حفظها ونماها، والشيء أصلحه ومتّنه ويقال: أرَبّت الريحُ، دامت.

الربُّ: اسم الله تعالى، ولا يقال الرب في غير الله تعالى إلا بالإضافة([1]).

وبهذا جاء في الحديث عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): أدّبني ربي فأحسن تأديبي.

وربَّ ولده، والصبي يُربّه أي أحسن القيام عليه حتى أدرك، وهي تعاهد الطفل بالتغذية والرعاية وحسن القيام عليه حتى يفارق طفولته([2]).

وحديثًا استخدم هذا المصطلح للمرة الأولى في القرن السادس عشر في مصدر لاتيني Educar أو Educére بمعنى مزدوج (تغذية وتنمية).

وقد عرّفها المربّي بستالوتزي [إعداد بني الإنسان للقيام بواجباتهم المختلفة في الحياة].

3- وظائف التربية وأصنافها

وعليه فوظيفة التربية تتّسع لتشمل كلّ الأعمار، وكلّ الناس في كلّ زمان ومكان يتواجد فيه الإنسان فتتحقّق من المهد إلى اللحد.

وأصناف التربية عديدة:

- تلقائية: تجري في بيئة الإنسان ومحيطه، وتحصل عن طريق اكتساب العادات والتقاليد والقيم والمهارات من الناس.

- شبه مقصودة: والتي يتبنّاها البيت (التربية الأسرية) بتوجيه معيّّّن.

- مقصودة ونظاميّة: تجري في المؤسسات التعليمية ابتداءً من رياض الأطفال حتى الجامعة.

4- أهداف التربية

تخضع أهداف التربية وأوجهها إلى مجموعة معطيات تاريخية وفلسفية، أو دينية وسياسية، واقتصادية، وهي تنبثق عادة من مجمل التيارات السائدة في المجتمع آنذاك.

ويرسم ملامحها أخصائيون مهتمون بالشأن التربوي، وعادة هي إما عصارة أفكار تربوية سائدة في ذاك العصر، وإما نظريات وآراء تربوية مقترحة، أو قل هي عبارة عن محصلة تأثيرات ناجمة عن الممارسة التربوية حينها، والتي منها:

أولاً: نموّ كفاءة الفرد الاجتماعية كهدف أسمى للتربية:

والهدف هو تنمية الطاقات والقدرات للفرد بمعزل عن مطالب المجتمع واحتياجاته.

ثانيًا: كسب الرزق.

وهنا ليس القصد تهيئة الناس لكسب العيش، بل لجعلهم أهلاً للحياة عن طريق إرشادهم بالعلوم الضرورية التي تسمح للفرد بكسب الرزق.

ثالثًا: الغرض التثقيفي.

وهو الناحية الأمثل، إذ تلعب المدرسة عادة دور المزوّد بالمعرفة، التي تُعين الفرد على فهم الحياة وأسرارها.

وتلعب التربية دور التنمية المنسجمة لقوى الفرد الداخلية، وتنمّي إبداعه وقدراته العقلية، وتهذّب انفعالاته، وتُعدّه شخصية قادرة على التزوّد بمختلف الثقافات.

5- التربية الحديثة

نشأت في بداية القرن العشرين حركة جديدة عُرفت بالتربية الحديثة، والتي اعتبرت نقيضًا صارخًا للتربية التقليدية التسلطية، واستطاعت أن تحدث تغييرًا أساسيًَا في النمط والسلوك التربويَين، متطلعة نحو مستقبل تربوي رائد يبني على الفرد باعتباره المحور فيها، واستوحيت أفكارها من رواد كبار أمثال (إيراسموس، جان جاك روسو، وبستالوتزي، جون ديوي وإدوارد كلاباريد... إلخ).

وأسس بعضهم مدارس حديثة دعيت بالنشطة الفاعلة. وانبثقت مصادرها من جذور رئيسية ثلاثة:

- الاعتماد على العلم وجعله المرتكز والأساس للتربية.

- العمل على إصلاح المجتمع والذي يتم عبر التربية.

- تأثير البعد الروحي والإلهام الديني.

ويعتبر مفهوم التربية الحديثة في المدرسة النشطة الفاعلة، أن النشاط الحقيقي للمتعلّم أساسه الاستقلالية، والابتعاد عن سياسة الفرض، والاكتفاء بمبدأ التوجيه، باعتبار المتعلّم  مسؤولاً عن إنجاز النشاط في مختلف أبعاده، كأن يقوم المتعلم بكتابة نصٍ حر، أو إجراء مناقشات، أو تحقيق، أو القيام بمشروع ... إلخ.

الأمر الذي يوَّلد لدى المتعلّم السعادة والرغبة والاندفاع دون إكراه.

ومن هنا فرضت في التربية الحديثة عبارة تعلّم التلميذ بدل تعليم المعلّم، فاستبدلت المحاضرات ببيئة تربوية غنية  بنشاطاتها ووسائطها.

6- مقارنة بين التربية التقليدية والتربية الحديثة

بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن التربية التقليدية تنطلق لتمارس دورها من جهلٍ بعالم الإنسان، ومن رؤية غير واضحة لمداركه، واعتبرته الوعاء الذي يمكن حشوه بالمعلومات ليس إلا.

والتربية الحديثة بدورها انطلقت من فهم شمولي وأكثر موضوعية لفهم واقع الإنسان وفعاليته، وتتبنى كل ما توصل إليه العلم الحديث من ثوابت وحقائق، ومدارك، وانفعالات الفرد، ذات صلة ببيئته وواقعه.

ومن الأمثلة على ذلك:

[يقرّ علم النفس أن اللعب حاجة عند الطفل، فالمدارس التي تمارس التعلم باللعب تكون حديثة، وإما إذا بقي الولد ساكتًا أثناء التعليم ولم يمارس حيويته ونشاطه، فالتربية تصبح تقليدية] ([3]).

وبالعودة إلى عملية المقارنة بين التربية التقليدية والتربية الحديثة، فإننا نجد بونًا شاسعًا ونتلمس الفارق في كيفية التعاطي وإدارة عالم الولد في المدرسة عبر وسائط وأساليب متنوعة ومتفاوتة في آنٍ لكلا المدرستين، من حيث الأسلوب والغاية والطريقة، وهاكم التفصيل:

 

الميّزات

التربية التقليديّة

التربية الحديثة

أ

المصطلحات

- تقليدية- كلاسيكية

- حديثة متجددة.

- مغلقة - شكلية.

- منفتحة.

- تعليم مسلّم به، قطعي وموسوعي.

- تعلم وظيفي نشط وفاعل.

- تتمحور حول المدرسة.

- تتمحور حول المتعلم.

 

ب

غايات تربوية

- نقل الثقافة الموضوعية إلى الأجيال الناشئة.

- نقل الثقافة انطلاقًا من قوى وقدرات المتعلم.

- تشكيل وقولبة المتعلم.

- تنمية القوى المتأصلة لدى المتعلّم.

 

ج

الطريقة

- تربية من الخارج إلى داخل المتعلم.

- تربية من الداخل نحو الخارج.

- تربية مبنية على الجهد.

- تربية مبنية على اهتمامات المتعلم.

- مدرسة سلبية مبنية على اتباع وتقليد النموذج.

- مدرسة نشطة مبنية على التعلّم بالعمل.

- تربية موسوعية.

- تربية وظيفيّة.

 

د

مفهوم المتعلم

- المتعلم كالشمع اللّين.

- المتعلم حاجات واهتمامات وطاقة مبدعة.

- للطفولة قيم محددة قليلة مقابلةً مع قيم الراشد.

- للطفولة قيمة بحد ذاتها.

- المعلّم يتصرف، والمتعلّم يتلقى.

- المتعلّم يتصرف وبتفاعل .

- الذكاء هو المقصد.

- نمو متكامل لقدرات المتعلم.

 

هـ

مفهوم المنهاج

- لا يأخذ المحتوى الدراسي اهتمامات المتعلمين بعين الاعتبار.

- اهتمامات المتعلم وحاجاته هي التي تصنع المنهاج.

- المنهاج مثالي (محتوى منفصل عن المتعلّم).

- المنهاج واقعي (برتبط بالوسط الذي يعيش فيه المتعلم).

 

و

مفهوم المدرسة

- وسط تربوي مصطنع.

- وسط طبيعي واجتماعي، واقعي، تصبح المدرسة بموجبه وسط حياة التلميذ.

- كبت العواطف (جعلها على مسافة من المعلم).

-عفوية وتلقائية في التصرّف الطفولي.

- حل مسائل مصطنعة.

- حل مسائل واقعية مستقاة من حياة المتعلّم.

- تحضّر المتعلّم للمستقبل.

- تجعل المتعلّم يعيش مع المسائل الخاصة به .

 

ز

دور المعلم

- يقود عملية التعلّم .

- مشارك، يوجّه ويرشد عملية التعلّم .

- هو مركز الأداء الفاعل والتعليمي.

- يحثّ التلامذة على البحث عن المعرفة .

- هو الناشط الفاعل والنموذج للتقليد، والمتعلّم ينفّذ ما يمليه عليه المعلّم .

- المتعلّم مركز الفعل الناشط، يتفاعل مع الوسط التعليمي.

 

ح

النظام المدرسي

- نظام تسلّطي، مفروض على المتعلم من الخارج.

- نظام شخصي يرتكز حول اهتمامات المتعلم.

- ما على المتعلّم إلا الانصياع للأوامر .

- نظام يتأتّى من داخل المتعلّم.

- عقاب وثواب ومنافسة مع الآخر.

- منافسة مع الذات وتقدّمها.

7- مشكلات تطبيق المناهج التربوية الجديدة

الأمر هنا ينطلق من معوّقات العملية التعلّمية في معظم المدارس والثانويات في لبنان، حيث سيؤثر وبشكل مباشر على أداء التربية المقصودة والغاية التي من أجلها كانت.

ونورد هنا بعض المشكلات، ولا ندّعي أنها الوحيدة، والتي منها:

أ - على مستوى الهيكلية :

- الترفيع الميسّر أو التلقائي، الذي أدّى إلى تدنٍّ في مستوى التلاميذ.

- تعدّد المواد، شكّل إرهاقًا للتلميذ.

ب - على مستوى المحتوى (الكتب) :

- مكثّف لا يتوافق أحيانًا مع الأهداف، ولا يتناسب مع عدد الحصص المقررة، ولا مع قدرة التلاميذ الاستيعابية.

- عدم خضوع عمليات حذف بعض الفصول لمراجعة دقيقة عند تطوير المناهج.

ج - على مستوى التدريب :

- نقص فادح في عمليات الإعداد للمدربين، الذين يقومون بعمليات التأهيل والتدريب.

- غموض عملية التقييم، وافتقارها إلى الدقة.

- صعوبة تطبيق الطرائق الناشطة نظرًا لضيق الوقت المخصص لكل حصة، ولعدم توافر الوسائل الضرورية لتنفيذها.

د - على مستوى الأبنية :

- معظم الأبنية قديمة العهد، وهي غير صالحة لتطبيق المناهج الجديدة.

- نقص كبير في التجهيزات والوسائل التربوية الضرورية (وسائل إيضاح -مختبرات - مكتبات - أجهزة معلوماتية - مشغل تكنولوجيا - مسارح -ملاعب... الخ).

وطالما الحديث عن معوّقات العملية التربوية كان بالمجمل عن المدارس الرسمية وثانوياتها، أضيف بعض المشكلات ذات الصلة بالموضوع، وطبعًا ضمن معظم المدارس الرسمية في لبنان.

- متابعة الأهل لذويهم شبه معدومة، وارتفاع وتيرة اللامبالاة وعدم الاكتراث، وغياب المحاسبة، جعل التلامذة في موقع اللامبالاة، إن لمستواهم أو تحصليهم أو نجاحهم.

- هشاشة دور الرقابة والتفتيش .

- غياب مبدأ الثواب والعقاب الفاعلَين.

- تزايد معدلات أيام العطل المدرسية.

- غياب النظم، والتكامل في العلاقة بين الإدارات والمعلمين.

- تفشي المحسوبية في مسألة تحديد بعض المهام والوظائف التي تعتبر مريحة (ناظر - أمانة سر - مسؤول مكتبة - مختبر ... الخ).

- انعدام مسألة التوعية لمسائل باتت خطيرة وعالمية (المخدرات - التلوّث - الأوبئة - النفايات النووية ... الخ ).

- مآسي الامتحانات الرسمية -وخاصة لشهادتي التاسع والمرحلة الثانوية- الخطرة، وظاهرة الغش المستفحل على مسمع ومرأى المراقبين وبحصانتهم، والحق يقال إن امتحانات بهذا الشكل لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعكس المستوى الحقيقي لطلابنا اليوم.

- سيطرة أسلوب المحاضرات والتلقين، ضمن صفوف -في معظم الأحيان- مكتظة ومتفاوتة الفهم والقدرات والاستعدادات.

ملاحظة :

تشترك معظم المدارس الخاصة في لبنان بهذه المعوّقات والمشاكل التربوية مع المدرسة الرسمية.

وسنورد الآن بعض المشكلات التي تطال معظم المدارس الخاصة في لبنان تحت ذات العنوان :

7- بعض مشكلات ومعوّقات الاستنهاض لعلمية التعلّم في معظم المدارس الخاصة في لبنان :

- غياب دور وزارة التربية الرقابي عن المدارس الخاصة إلا من بعض الأمور الشكلية .

- الهدف التجاري يسمو على سواه في إنشائها.

- غياب الدور الفاعل للجان الأهل، وإن وجدت فهي لجان تشكلت ممن لهم علاقة قرابة أو صلة ما بالقيّمين على المدرسة.

- الزبائنية المحضة، سمة العلاقة الأبرز بين أصحاب المدرسة والأهل.

- ممارسة رب العمل لدور وليّ النعمة على موظفيه.

- رواتب مزاجية لا تخضع لأي معيار قانوني، وبعضها يصل لما دون الحد الأدنى حتى لحمَلة الإجازات.

- معظم أفراد الهيئة التعليمية لم يدخلوا الضمان الاجتماعي ولا حتى صندوق التعويضات، ويتعمّد ذلك بعض أصحاب المدارس الخاصة تهرّبًا من دفع ما يتوجب عليهم من مستحقات.

- الإدارة أداة تسلّط وقهر، تتحوّل بموجبها المدرسة لشبه ثكنة عسكرية تحت عنوان التربية زورًا.

- التلميذ سيّد لأنه يدفع ويسدد، وكم من معلم طرد كرمى لعيون زبائن تدفع.

- أقساط مدرسية مرتفعة ومزاجية وغير مدروسة.

- ارتفاع نسبة المحاسيب في التوظيف على حساب الكفاءة.

- انعدام النظافة في معظم المدارس لتصل إلى حدودها الخطرة (روائح نتنة- رواسب الفضلات - انقطاع الماء - عدم وجود سوائل معقمة ... الخ).

- غياب المرشد الصحي الدائم في المدرسة، (وظيفة ليست ذات أولوية).

- عدم وجود المرشد الاجتماعي المعالج لمعظم الحالات الاجتماعية والدراسية الاستثنائية، وفقدان الدافعية للتعلّم، والمرشد دون صلاحيات إن وجد.

- تدني نسبة الراسبين لتصل إلى واحد بالمئة طالما التلميذ يدفع ما عليه.

- التعليم ما زال وفق الطرق البدائية القديمة التقليدية في صفوف مكتظة تتجاوز الحد المعقول، لتفادي التشعيب إمعانًا في الربح الدائم حتى على حساب التلميذ ذاته، وهذه الحالة لا تحظى بمعارضة الأهل وإلا [خذ ابنك وارحل].

- الأستاذية معظم الأحيان سبيل المرتزقة.

- التهديد بالطرد وعدم تجديد العقد الدراسي لأي معلم يفكر بالمطالبة بزيادة راتبه، وفق ما يمنحه إياه القانون.

- إرهاق التلميذ بالواجبات والفروض، مما يضطره للتعامل اليومي مع الدرس قبل شروق الشمس (للتوجه نحو المدرسة) حتى ساعة متأخرة من الليل (ساعة انتهاء واجباته).

- محفظة التلميذ كبيرة وممتلئة، والحق يقال أنها عبارة عن مكتبة متنقلة على ظهر التلميذ ترهق كاهله يوميًا وتسبب له آلامًا مزمنة والتواءات في العمود الفقري وانحناءة دائمةً في الظهر ... الخ

- الشهر الثالث عشر للمتعاقدين -غير الداخلين في التعويضات للقطاع الخاص- مسألة مزعجة ... ومسائل من التاريخ أحيلت إلى القرون الغابرة لدى أصحاب المدارس، وأضغاث أحلام لدى المعلمين، وكذلك بدلات النقل والمعاش العائلي .

- عطلة الأمومة (للمرأة بعد وضع المولود) أسبوع، أو عشرة أيام كحد أقصى، وإلا التهديد بالطرد، أو عليها تأمين البديل وعلى نفقتها الخاصة.

- التعويضات العائلية (المعاش العائلي) لمن حالفهم الحظ ودخلوا جنة الضمان تأخذه المدرسة ولا يستطيع الموظف (العامل) المطالبة به، وإلا فالابتزاز والتهديد بإيقاف ضمانه بالمرصاد.

8 - الخاتمة

بلحاظ ما تقدم تبدو عملية التربية -ذاك الجهد الذي لا مناص منه، إذ على عاتقها تبنى الحضارات، ويتخرّج الأجيال بشرًا بفضلها- تواقّة للفضيلة، ولكل عناصر ومستلزمات النهوض الإنساني، عبر الممارسة الواضحة الجلية والإيجابية، لكل عادات وتقاليد ومهارات وثقافة المجتمعات البشرية.

فذاك أعرابي يقول : [أنتم إلى أمير فعّال أحوج منكم إلى أمير قوال]([4]).

وبهذا أيضًا يصرح سادس أئمة أهل البيت عليهم السلام صادق آل محمد (عليه السلام) : [... كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم] .

فعلينا -والحال هذه- فتح آفاق أبنائنا، وإثارة قابلياتهم، والولوج إلى مطاوي أنفسهم، ونعدّها إعدادًا مركّزًا، لإيجاد الأرضية الصالحة لإطلالتهم على المستقبل بقوة معرفية تتفاعل وتتكامل والتربية.

إذ يتم ذلك عبر انتقاء معمّق وممنهج للأفكار والأساليب، والإعداد الملائم لعلمية التخطيط بعد توضيح الهدف وإبقاء مهمة التقويم عند كل منعطف لنعزز معها الإيجابيات، والحد من ولوج السلبيات إلى ساحة ناشئتنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.


 

([1]) المعجم الوسيط، د: إبراهيم أنيس وعطيّة الصوالحي وعبد الحليم منتصر ومحمد خلف الله أحمد، ج1، المكتبة الإسلامية للطباعة، استانبول تركيا، 1972 م.

([2]) النظام التربوي في الإسلام، باقر شريف القرشي، ص35، دار المعارف للمطبوعات، 1983.

([3]) المعلم والتربية، محمد رضا فضل الله، ص59، دار أجيال المصطفى (صلى الله عليه وآله), 1995م. 

([4]) مارون عبود، سبل ومناهج، كلية التربية 2009م.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد السابع عشر