السنة السابعة / العدد التاسع عشر/ حزيران 2011 - رجب : 1432هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

حكم المشاعر والأمور الجديدة والمستحدثة

في الحج والعمرة

(الحلقة الثانية)

الشيخ أحمد صمادي

تناولنا في الحلقة الأولى: (رمي الجدار المستحدث في الجمرات وفي الطوابق العلوية)، ونتناول في هذه الحلقة -الثانية- :

1- السعي في المسعى الجديد

السعي بين الصفا والمروة من واجبات الحج والعمرة، ولا خلاف بين المسلمين في ذلك، وهو من الأركان، فلو تركه الحاج عمدًا بطل حجه حتى مع الجهل بالحكم أو الموضوع.

ويعتبر فيه التقرّب، ويأتي بعد الطواف وصلاتِهِ، وهو سبعة أشواط لا تنقص ولا تزيد.

يبدأ الحاج بالسعي من أول جزء من الصفا، ثم يذهب إلى المروة فيعدّ شوطًا، ومن ثم يرجع من المروة إلى الصفا فيكون الإياب شوطًا آخر، وهكذا إلى أن ينهي الشوط السابع عند المروة.

والسعي من شعائر الله تعالى كما جاء في القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}([1]).

وروي أن المسعى هو أحب البقاع إلى الله تعالى، قال الصدوق (رحمه الله): حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما لله تعالى مَنسكٌ أحب إلى الله تبارك وتعالى من موضع المسعى، وذلك أنه يذل فيه كل جبار عنيد([2]).

وقد جعل الله سعيَ هاجر أم إسماعيل (عليها السلام) سُنّةً لمن يحج بيت الله الحرام إلى يوم القيامة، كما أشارت الروايات.

روى الكليني (رحمه الله) في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن إبراهيم (عليه السلام) لما خلّف إسماعيل بمكة عطش الصبي، فكان فيما بين الصفا والمروة شجر، فخرجت أمّه حتى قامت على الصفا، فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم يجبها أحد. فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت: هل بالبوادي من أنيس؟ فلم تُجَبْ. ثم رجعت إلى الصفا وقالت ذلك. حتى صنعت ذلك سبعًا. فأجرى الله ذلك سنّة. وأتاها جبرائيل فقال لها: من أنتِ؟ فقالت: أنا أم ولد إبراهيم، قال لها: إلى من ترككم؟ فقالت: أما لئن قلت ذلك، لقد قلت له حيث أراد الذهاب: يا إبراهيم إلى من تركتنا؟ فقال: إلى الله عز وجل، فقال جبرائيل (عليه السلام): لقد وكّلكم إلى كافٍ.

قال: وكان الناس يجتنبون الممر إلى مكة لمكان الماء، ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم، قال: فرجعت من المروة إلى الصبي وقد نبع الماء، فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح الماء، ولو تركته لكان سيحًًًًا.

قال: فلما رأت الطير الماء حلّقت عليه، فمرّ رَكب من اليمن يريد السفر، فلما رأوا الطير قالوا: ما حلّقت الطير إلا على ماء. فأتوهم فسقوهم من الماء فأطعموهم([3]) الركب من الطعام، وأجرى الله عز وجل لهم بذلك رزقًا، وكان الناس يمرّون بمكة فيطعمونهم من الطعام ويسقونهم من الماء([4]).

وفي رواية أخرى رواها الصدوق (رحمه الله) في العلل: أن العلة هي أن إبراهيم نازل الشيطان في المسعى، قال: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): لِمَ جعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال: لأن الشيطان تراءى لإبراهيم (عليه السلام) في الوادي، فسعى وهو منازل الشيطان([5]).

مراحل التوسعة في المسعى

هذا، والمسعى معروف، وبقي على ما هو عليه منذ القِدَم بين جبلي الصفا والمروة رغم ما قيل عن توسعته وتغييره في زمن المهدي العباسي إلا أن ذلك لم يثبت، وإنّ غاية ما فعله المهدي في توسعته أنه اشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور فهدمها ووسّع المسجد، وانتهت التوسعة شرقًا إلى حد المسعى .

يقول الأزرقي المتوفى بعد المهدي العباسي: (فاشترى جميع ما كان بين المسعى والمسجد من الدور، فهدمها ووضع المسجد على ما هو اليوم شارعًا على المسعى).

واستمر المسعى محفوظًا من التوسعة إلى عهد أبي الوليد الأزرقي صاحب كتاب تاريخ مكة، المتوفى سنة (250هـ)، أي في زمن الإمامين العسكريين (عليهم السلام) وإلى ما بعده؛ وهذا معنى العبارة السابقة للأزرقي: (والمهدي وضع المسجد على المسعى) أي أزال البيوت التي كانت بين المسجد والمسعى وجعل المسجد على حد المسعى، لا أنه أدخل المسعى في المسجد وأنشأ مسعى جديدًا وراء ذلك([6]).

 ويؤكّد ذلك أن التاريخ لم يُحدّث أن أحدًا من العلماء الذين كانوا في عصره قد أنكر عليه ذلك. وما نقل في الاختلاف عن ذرع المسعى والتفاوت فيه فإن مردّه إلى تفاوت أنواع الذراع المعتمد من قِبل من ذرع المسعى.

وقد تعرّض صاحب الجواهر (رحمه الله) إلى ذلك وعلّق عليه بالقول: وحكى جماعة من المؤرخين حصول التغيير في المسعى في أيام المهدي العباسي وأيام الجراكسة على وجه يقتضي دخول المسعى في المسجد الحرام، وأنّ هذا الموجود الآن مسعى مستجَد([7])، ومن هنا أشكل الحال على بعض الناس باعتبار عدم إجزاء السعي في غير الوادي الذي سعى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما أنه أشكل عليه إلحاق أحكام المسجد لما دخل منه فيه، ولكن العمل المستمر من سائر الناس في جميع هذه الأعصار يقتضي خلافه، ويمكن أن يكون المسعى عريضًا قد أدخلوا بعضه وأبقوا بعضًا كما أشار إليه في الدروس، قال: وروي أن المسعى اختصر ... وروي أن المسعى كان أوسع مما هو اليوم ولكن الناس ضيقوه([8]).

وحتى التوسعة السعودية عام 1376 هـ للمسعى -والتي كانت في زمن الملك فيصل يوم أن كان رئيسًا لمجلس الوزراء عام 1375هـ- لم تتجاوز الجبلين.

فالحاصل أن المسعى بقي في حدود الجبلين، ولم يحصل في توسعة المهدي ولا قبلها ولا بعدها أن توسَّع المسعى شرقًا أو غربًا.

إلى أن حصلت التوسعة الأخيرة عام 1428هـ، فنشأت مشكلة فقهية استتبعت خلافًا في الآراء بين مختلف المذاهب، بل خالف كثير حتى من علماء السعودية أنفسهم.

منهم رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية الشيخ صالح اللحيدان الذي قال: أنا لست ممن وافق على المسعى الجديد ولا أرضى بتلك التوسعة، أكثر أعضاء هيئة كبار العلماء لم يرضوا بذلك، ولا أعرف أن أحدًا وقّع سوى اثنين من الأعضاء، والذي سألني لا أرى له السعي في المسعى الجديد، لكني أرى إذا أدّى عمرة أنه يكون في حكم من ترك فرضًا من العمرة يجبره بدم ذبيحة (وكلامهم وخلافهم موجود في الانترنت).

وذكر صاحب كتاب التاريخ القويم -الذي يُعتبر من كبار المؤرخين لتاريخ مكة الحديث، وكان يشرف بنفسه على التوسعة، وكان ضمن المكلفين من قبل الدولة بمتابعة توافق التوسعة مع الضوابط الشرعية-: فالحمد لله رب العالمين وليسلم لنا المسعى الذي كان المسلمون يسعون فيه إلى 1428هـ، وهو المسعى الذي أفتى بعدم جواز السعي خارجه كل من: رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان، وعضو هيئة كبار العلماء معالي الشيخ صالح الفوزان، وعدّ الكثير غيرهم من كبار علمائهم ثم قال: وآخرون كثير من علماء السنة، فهؤلاء وغيرهم قالوا بأن توسعة المسعى عام 1376هـ وصلت إلى ذروته، ولا مجال لمزيد من التوسعة في العرض، لأن التوسعة القديمة غطّت واستغرقت كل المسعى، وقد كانوا معاصرين للفترة قبل توسعة 1376هـ قبل أن يبدأ تكسير الجبال المحيطة بالحرم([9]).

رأي مراجعنا حول المسعى الجديد

وقد اختلف مراجعنا أعزهم الله تعالى في المسألة، وسنتعرض لآراء بعض المعروفين منهم، رحم الله الماضين وحفظ الباقين منهم:

 رأي السيد السيستاني دام ظله:

إنه إذا ثبت للمكلف كون المسعى الجديد ضمن امتداد جَبَلَي الصفا والمروة انحلّت المشكلة، وإذا لم يثبت له ذلك، فإذا تمكّن من السعي في الممر الأصلي السابق ذهابًا وإيابًا فالأحوط وجوبًا تعيّنه عليه، وإلا فعليه الشروع بالسعي من المقدار القديم والأصلي والانتهاء بالمقدار الأصلي من المروة، وهكذا حتى ينتهي من الشوط السابع.

س: تمّ تعريض المسعى الشريف وذلك بضم جزء من الساحة الخارجية للحرم الشريف إلى المسعى من جهة الساعي من الصفا إلى المروة، فما حكم السعي في هذه الإضافة الجديدة؟

ج: إذا ثبت للناسك -ولو من خلال فتاوى بعض الفقهاء- توفّر شهادة الثقة من أهل الخبرة من دون معارض، بامتداد جبلَي الصفا والمروة إلى الممر الجديد، أجزأه السعي فيه، وإن لم يثبت له ذلك ولم يمكنه السعيُ من الممر الأصلي ذهابًا وإيابًا -لتخصيصه للإياب فقط- جاز له البدء من المقدار الأصلي من الصفا ثم الاتجاه يمينًا إلى الممر الجديد وإكمال شوطه بالوصول إلى المروة، ولا يضرّه عدم استقبالها عند التوجه إليها، وأمّا مع تمكنه من السعي في الممر الأصلي ذهاباً وإياباً فالأحوط لزوماً تعيّنه وعدم الاجتزاء بالسعي على النحو المتقدم([10]).

رأي السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله :

احتاط وجوبًا بالسعي مقابل جبل المروة القديم.

س: هل يجوز السعي في التوسعة الجديدة التي ستكون محلها عند أبواب الحرم الشريف؟

ج: الأحوط وجوبًا الاقتصار في السعي على ما يسامت جبل المروة القديم([11]).

وجاء في جواب آخر منه دام ظله على ما في بعض الاستفتاءات: إذا كان الابتداء من الجبلين والانتهاء إليها، جاز السعي وإن استلزم الخروج من المسعى القديم والسعي في التوسعة الجديدة بنحو الدوران على الأظهر([12]).

الشيخ إسحاق الفياض دام ظله :

اختار جواز السعي في المسعى الجديد، حيث قال في استفتاء وُجّه له عن جواز السعي في المسعى الجديد: بأن المحل الجديد والقديم كلاهما بين الجبلين، لأن جبل المروة ممتد وجبل الصفا قد قصّ، وامتداده واضح أيضًا([13]).

 وفي جواب آخر على نفس السؤال: يجوز السعي في المسعى الجديد([14]).

وذُكر في موقعه على الانترنت :

سؤال (693):... وفيما يخصّ توسعة المسعى الأرضي، أفتيتم بجواز السعي في التوسعة الجديدة، وقد أفدتم بأن الجبلين قد اقتطع منهما، وعليه فالسعي في التوسعة سعي بين الجبلين، والتساؤل أنه لا يوجد فعلاً ما هو مقتطع ليكون السعي في التوسعة سعيًا بين الجبلين، وجواز السعي قبل الاقتطاع لا يمكن استصحابه بعد تغير الموضوع باقتطاع الجزأين اللذين كان يجوز السعي بينهما، فما هو وجه الجواز والإجزاء؟

ج: الواجب هو السعي بين جبل الصفا وجبل المروة، وجبل المروة موجود في الوقت الحاضر وعليه البنايات والفنادق، وهو أعلى بكثير من الطابق العلوي، وأما جبل الصفا فقد اقتطع منه وأنشئ عليه الفنادق والبنايات.

وقد استدل على هذا الرأي في جواب على:

س(694): هل يجوز السعي في المسعى الجديد وكذلك في الطابق الثاني؟

ج: نعم يجوز، فإنه -مضافًا إلى أن هناك جهات خارجية توجب الاطمئنان بأنه بين الصفا والمروة إذا أخذناها بعين الاعتبار- إن امتداد جبل الصفا لم يحدد شرعًا بحدود معينة في الخارج، من هنا يكون الشك في واقع مفهوم امتداده سعةً وضيقًا، وعلى هذا فحيث إن الشك فيه شك في مفهوم الامتداد فالشبهة مفهومية، فإذن بطبيعة الحال يرجع الشك في أن المسعى الجديد هل هو بين الصفا والمروة إلى الشك في أن الخطاب الشرعي في مرحلة الجعل المتعلق بالسعي بين الصفا والمروة الموجّه إلى الحاج هل هو متعلق بالسعي في المسعى القديم تعيينًا أو بالجامع بين السعي في المسعى القديم والسعي في المسعى الجديد؟ وهو عنوان أحدهما، فإذن يكون المقام داخلاً في كبرى مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الشبهة الحكمية، وحيث إن المختار عندنا في هذه المسألة أصالة البراءة عن التعيين فالأمر في المقام أيضًا كذلك، يعني لا بد من الرجوع فيه إلى أصالة البراءة عن تعيين وجوب السعي في المسعى القديم.

فالنتيجة: هي أن الحاج مخيّر بين السعي في المسعى القديم والسعي في المسعى الجديد.

ودعوى: أن أصالة البراءة عن وجوب السعي في المسعى القديم معارضة بأصالة البراءة عن وجوب الجامع بين السعي في المسعى القديم والسعي في المسعى الجديد.

مدفوعة: بأن أصالة البراءة لا تجري عن وجوب الجامع إذ لا كلفة فيه، وإنما تجري عن وجوب الخاص تعيينًا وهو السعي في المسعى القديم، حيث إن فيه كلفة زائدة تدفع بها. وبنفس هذا البيان تجري بالنسبة إلى ارتفاع جبل الصفا، حيث إنه غير محدّد شرعًا، وحينئذ فبطبيعة الحال يُشك في أن السعي في الطابق الثاني هل هو بين الصفا والمروة أو لا، وما ذكرناه بالنسبة إلى امتداده ينطبق على ارتفاعه حرفياً.

ولهذه المسألة نظائر كثيرة في الفقه، منها: ما إذا كان مفهوم المشتق مجملاً ولا ندري أنه موضوع لخصوص المتلبِّس أو الجامع بينه وبين المنقضي؟ ففي مثل ذلك إذا ورد الأمر من المولى بإكرام العالم فلا محالة نشك في أنه تعلّق بخصوص إكرام المتلبس بالمبدأ أو بالجامع بينه وبين المنقضي، فيدور الأمر حينئذ بين التعيين والتخيير، فتجري أصالة البراءة عن التعيين لأن فيه كلفة زائدة بلا معارض، فالنتيجة هي التخيير([15]).

الآراء في السعي في الطابق العلوي من المسعى

أفتى جملة من المراجع بجواز السعي إذا كان الطابق الثاني بين الجبلين، وإلا فلا يجوز :

منهم السيد الخوئي (قده)

س: هل يجوز السعي في الطابق العلوي؟

 ج: إن كان بين نفس الجبلين بناءُ الطابق، بحيث يقع شيء منهما في جداره النهائي من الطرفين يجوز، وإلا فلا، والله العالم([16]).

و منهم السيد السيستاني دام ظله

س: ما حكم السعي في الطابق الثاني وما يترتب على ذلك؟

ج: لا يجوز السعي في الطابق الثاني لعدم ظهور جبل المروة في المسعى. ويترتب على بطلانه وجوب تداركه بنفسه أو بنائب بحسب الموارد، وإلا فخروجه عن إحرامه محل إشكال.

س: هل يجوز السعي من الطابق الثاني أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فما هي وظيفة من أتى به كذلك وهو يتخيل جوازه؟

ج: إذا كان الطابق العلوي بين الجبلين لا فوقهما جاز السعي منه، وإلا لم يجز، وفي الصورة الثانية يكون حكمُ من سعى من الطابق العلوي حكمَ من ترك السعي جهلاً، وهو مذكور في رسالة المناسك فليراجع.

وأجاب في المناسك عن حكم إجزاء السعي في الطابق العلوي، مع الشك بكون المسعى أعلى من الجبلين أو من أحدهما([17]).

مسألة 235: الطابق الثاني من المسعى إن كان بين الجبلين لا فوقهما جاز السعي منه، وإلا لم يجز، ومن سعى فيه بتخيل الجواز فحكمه حكم من ترك السعي جاهلاً.

ثم ذكر في أحكام السعي أن:

السعي من أركان الحج، فمن تركه عمدًا عالمًا بالحكم أو جاهلاً به أو بالموضوع إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه، وكان حكمه حكم من ترك الطواف كذلك، وقد تقدم في أول الطواف ([18]).

وممن احتاط بالترك وعدم جواز السعي في الطابق العلوي :

السيد محمد سعيد الحكيم دام ظله:

س: هل يجوز السعي في الطابق العلوي الفوقاني؟

ج: الأحوط ترك ذلك([19]).

والميرزا التبريزي (قده)

قال: الأحوط ترك السعي من الطابق الثاني، فلو سعى منه فالأحوط إعادة الحج مع بقاء استطاعته إذا لم يمكن تداركه في شهر ذي الحجة، والله العالم([20]).

ومنهم : من جوّز السعي في الطابق العلوي بلا تردد على اعتبار أن الجبلين أعلى من المسعى في الطابق العلوي، كالشيخ إسحاق الفياض دام ظله :

وقد تسأل: إن السعي بينهما من الطابق العلوي هل هو مجزئ، أو لا بد أن يكون من الطابق السفلي؟

والجواب: يجزي السعي بينهما من الطابق العلوي أيضًا([21]).

س: هل يجوز السعي من الطابق الثاني؟

ج: نعم يجوز ([22]) .

وقد نقلنا له جوابًا فيما تقدم، ذكر فيه: أن جبل المروة موجود في الوقت الحاضر وعليه البنايات والفنادق، وهو أعلى بكثير من الطابق العلوي، وأما جبل الصفا فقد اقتطع منه وأنشئ عليه الفنادق والبنايات. ([23]).

س: أحد الأشخاص حجَّ إلى بيت الله الحرام، وفي سعيه في العمرة والحج سعى في الطابق العلوي اعتقادًا منه بصحة ذلك، وعلم بالخلاف بعد رجوعه إلى بلده، فهل يكفيه أن يستدرك هذين السعيين بالاستنابة؟ وهل يجب عليه الإتيان بالأعمال المترتبة بعد السعي من خلال النائب كالتقصير في العمرة وطواف النساء وصلاته في الحج؟

ج: السعي في الطابق العلوي مجزئ ولا يحتاج إلى الإعادة([24]).

س: هل يجوز الطواف في الطابق الثاني في الكعبة وكذلك السعي؟

ج: يجوز السعي من الطابق الثاني، وأما الطواف منه فلا يجوز([25]).


 

([1]) سورة البقرة 158.

([2]) علل الشرائع، الشيخ الصدوق تحقيق: السيد محمد صادق بحر العلوم ط 1966م الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف : ج2 ص433، باب 168 ح1.

([3]) هكذا في الأصل.

([4]) الكافي، الشيخ الكليني، تحقيق علي أكبر الغفاري ط3 دار الكتب الإسلامية، طهران : ج4 ص202 . ورواه الشيخ الصدوق في الباب 166 من علل الشرائع ص432 ح1 (العلة التي من أجلها جعل السعي بين الصفا والمروة)، عن أبيه رضي الله عنه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله ×.

([5]) علل الشرائع، مصدر سابق:  ص433، باب 167 ح2 .

([6]) كلمة حق في توسعة المسعى، دراسة علمية تاريخية عن حكم توسعة المسعى، د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي، انترنت .

([7]) لكن الإمام الصادق × استشهد قبل توسعة المهدي المزعومة، فلا تصلح نفيًا لما قام به المهدي، لأن المدعى حصول التغيير في المسعى في أيام المهدي العباسي وأيام الجراكسة مرتين : الأولى عام 164هـ والأخرى عام 167هـ .

([8]) الكافي، للشيخ الكليني، مصدر سابق، ج 4 ص436 باب9 من بدأ بالمروة قبل الصفا ؛ جواهر الكلام للشيخ الجواهري ج19 ص421-424، ط دار الكتب الإسلامية، طهران .

([9]) كتاب التاريخ القويم ج3 ص151، انترنت.

([10]) مناسك الحج وملحقاتها، الجديد، ط النجف الأشرف ص212 السؤال5.

([11]) موقّع من لجنة الاستفتاء للسيد محمد سعيد الحكيم، بتاريخ 5 رجب 1428 هـ.

([12]) موقّع من لجنة الاستفتاء للسيد محمد سعيد الحكيم، بتاريخ 26رجب الحرام 1428هـ.

([13]) استفتاء موقّع بختم الشيخ إسحاق الفياض، بتاريخ 27 جمادى الأولى 1428هـ.

([14]) استفتاء أبو محمد العاملي 10 جمادى الآخرة 1428هـ.

([15]) الموقع الرسمي للشيخ إسحاق الفياض، الاستفتاءات، أحكام الحج والعمرة، في مسائل السعي 03/02/2010م.

([16]) صراط النجاة، جديد، ط دار المحجة البيضاء ودار الرسول الأكرم : ج1 ص540، مسألة 1920 .

([17]) ملحق مناسك الحج، السيد السيستاني، دار المؤرخ العربي، لبنان، ص301-302، أحكام السعي، السعي في الطابق الثاني مسألة 1-2 .

([18]) مناسك الحج - السيد السيستاني، مصدر سابق، أحكام السعي، بعد مسألة 235 و236 .

([19]) استفتاء موقّع بختم لجنة سماحته، بتاريخ 26 رجب الحرام 1428هـ .

([20]) صراط النجاة الميرزا التبريزي (قده) ج4 ص182 .

([21]) مناسك الحج، الشيخ محمد إسحاق الفياض، ص 184 .

([22]) الموقع الرسمي للشيخ الفياض، الاستفتاءات، أحكام الحج والعمرة، في مسائل السعي، سؤال (695) 03/02/2010م .

([23]) المصدر السابق سؤال (699).

([24]) المصدر السابق سؤال (709).

([25]) المصدر السابق سؤال (713).

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد التاسع عشر