العدد الثاني / 2005م  / 1426هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الافتتاحية

بالأمسِ، ومع بداياتِ نزولِ الوحي على نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أعلن مشركو مكة الحرب على القرآن الكريم، فاتّهموا صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله) بأنّه شاعر وكاهن، ووصفوه بأنّه ساحر، ونسبُوه إلى الجنون...

ولكن مسيرة الوحي استمرّت، ولازمتها حملات التشكيك والافتراء، حتى كان يومُنا هذا، فشهدنا ما تعرّض له الكتاب العزيز من إساءة في معتقل "غوانتنامو" قام بها مبشرو الحضارة أدعياء التقدّم!!

فما الذي يجمع بين مشركي الأمس ومتحضّري اليوم؟!

الجاهليّة!!

إنها جاهليّة واحدة، تلبّست بالأمس بِلَبُوس الوثنية والشّرك، وتزيَّت اليوم بزيّ المدنية والتقدّم.

إلا أن ما يَبعث على الأسى حقيقة، هو تفاوت حال المسلمين وتباين موقفهم حيال افتراءات الأمس وإساءات اليوم.

فمسلمو الأمس امتازوا بالحركة والفاعلية، وهم إذ كانوا يقدّسون كتابَهم المنزل، ويهتدون بهديه، فإنهم حوّلوا تعاليمه إلى واقع، وترجموا دعوته إلى حياة، فكانوا أقوياء قادرين.

أما مسلمو اليوم، فهم مع احتفاظهم بتقديس الكتاب العزيز، إلا أنهم ابتعدوا عن هديه، ففقدوا الفاعلية واستكانوا إلى العجز، وكان مُنتهى ما جاؤوا به من ردّ هو إعلان الاحتجاجات وتسيير المظاهرات، وهما مظهران سلبيان من مظاهر الحركة، إذ إنهما لا يتعدّيان دائرة ردّ الفعل، في زمان نحن أحوج ما نكون فيه إلى الفعل.

وليس يُلام العاجز إذا لم يأتِ بأكثرَ مما يسمح به عجزه، ولكن اللوم يقع عليه حين يقنع بعجزه ويبرّر لنفسه الخنوع.

لقد أُسيء إلى كتابنا العزيز... فلتكن هذه فرصة لمحاولة الخروج من العجز ومناسبة للإتيان بعملٍ إيجابي، فنعودُ إلى القرآن الكريم، ونعيده إلى حياتنا، فنقدّسه كما ينبغي التقديس، ونشفع ذلك بإيمانٍ حقيقي وسلوك فاعل، وبذلك نكون قد قمنا بالردّ الصحيح الذي يُرضي الله ويُغيظ الأعداء.

ونحن في مجلة (رسالة النجف) كنا قد اخترنا لهذا العدد ملفًّا تتناول  أبحاثه جانبًا من شبهات خصوم القرآن وافتراءاتهم، وكان ذلك قبل أن تطرق مسامعنا أنباء تلك الإساءة الخبيثة التي تناقلتها وسائل الإعلام، فلم يكن بالمستطاع تناول هذه القضية بشيء من التفصيل، لذا اكتفينا بما كنا قد أعددنا له العدّة، على أملِ أن تُعالَج قضية الإساءة في فرصة أخرى بعون الله تعالى.

ثم إلى جانب هذا الملف، الذي تَمثَّل في ثلاث مقالات لبعض العلماء والمحقّقين، تحمل صفحات هذا العدد مجموعة من المقالات المتنوعة، الدينية والعلمية والأدبية، جادت بها أقلام ثلّة من الباحثين الجادّين والأدباء المبدعين، وكان الشعر هو مسك الختام كما هو ديدن مجلتنا.

وأخيرًا ... نبتهل إلى المولى الكريم أن نكون قد وُفِّقنا ليجدَ القارئ العزيز ما هو المرتجى من الفائدة والنفع، إنه حسبنا ونعم الوكيل.

التحرير

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني    أرشيف المجلة     الرئيسية