العدد الثاني / 2005م  / 1426هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

يا راحلين إلى العراق

الشيخ عبد الحسين الشيخ جعفر صادق*

  

يا راحلينَ إلى العراق تمهَّلوا
إن لاحتْ القببُ اللموعة بلِّغوا
وإذا أحطتم بالشفاه
ِ قُبورَهم
وإذا جرى دمع
ُ العيون فليتها
إن تُودِعوا فيها بقلبٍ لاهفٍ
أَشربْتُها صدق الولاء وطيّها
وإذا مرَرتم بالغريِّ فقبِّلوا
وتمهَّلوا عند
َ الأميرِ وعفِّروا
وإذا ذكرتم أهلكم ودياركم
 

 

هلاَّ حملتمْ للعراق أمانتي
عند التحية يا كرامُ تحيتي
لثمًا وتقبيلاً فزيدوا قُبلتي
ذابت على تلك المراقد
ِ مُقلتي
شتَّى الرقاع فأودعوها مُهجتي
كلَّ الذنوب ذكرتُها وخطيئتي
بِيض الرمال فليْتَ فيها ضجعتي
فوق
َ الضريحِ جباهَكم في رَهبةِ
فابكوا الحسين
َ شهيدَ دار الغربةِ
 

* * *

يا مُبكِيا عين الرسول أما لنا
ما باله – صلى الإله لروح
ِه -
قرأ الرزايا وَسْطَ نور
ِ جبينِه
طورًا يقبِّلهُ أسىً في نحره
ويضمُّه أُخرى لروضة صدر
ِه
رُحماك ربّي - والمُقدَّرُ حِكمةٌ -
أهلاً بُنيَّ فأنتَ منِّي بَضعةٌ
ستكون
ُ لي باقي حياتي سلوةً
نفديكَ من ريحانةٍ فوَّاحةٍ
نبكيكَ يا ريحانةَ الهادي كما
نبكيكَ يا سبط الرسول تأسيًا
 

 

بِبُكائه ودموعه من أُسوةِ؟!
يَبكيك غمًا في رحاب ولادةِ؟!
فَتَرَكْنَه مُتجهمًا في غُمّةِ
ويشمُّ في الخدين عطر
َ الوردةِ
فتغيبُ أمواج
ُ الأسى في الفرحةِ
هذا الملاك
ُ... أسيرُ تلك الكربةِ؟!
ولَسوفَ تَحيا من دماك شريعتي
وأراكَ في دُنيا الأذى ريحانتي
ظمِأتْ على شاطي الفرات
ِ وجفَّتِ
حُزنًا عليك بكى نبيُّ الأمةِ
ونلوذُ من فَرْطِ الأسى بالدمعةِ
 

* * *

للهِ وقفتُك الفريدةُ صابرًا
ملأتْ فيافي كربلاء جيوشُهم
تُهدي لوجه الله خيرَ أحبةٍ
صرعى على وجه الرمال تساقطوا
ترثيهمُ طورًا بطرفٍ دامعٍ
ثم انثنيت تشد
ُّ في أوساطهم
إن تهوِ ظمآن
َ الحشا فلقد روت
أَوَ تقضِي ما بين السيوفِ مُبضَّعًا؟!
وبَقيتَ رمزًا للشعوب تدُلّها
 

 

صبرَ الجبال أمام كل رزيةِ
فملأتهم رُعبًا بأشجع وقفةِ
وتجود
ُ بالطفل الرضيع وبالفتي
وتوزَّعت أشلاؤهم في ساعةِ
وتُحيطُ بالثاني خيامَ النسوةِ
ف
حُبِيتَ تحت الطعن خيرَ شهادة
زاكي دماك
َ نباتَ كلِّ فضيلةِ
فالحرُّ يحرص
ُ أن يموتَ بعزَّةِ
بِيَدٍ مُضرَّجةٍ إلى الحريةِ
 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*  عالم عاملي وأديب .

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني    أرشيف المجلة     الرئيسية