السنة السابعة / العدد العشرون/ كانون أول : 2011 - محرم : 1433هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

محوريَّةُ الزهراء (ع) في قانون السماء

الشيخ أحمد الدر 

 

ثلَّةٌ قليلةٌ هم الذين اختارهم الله تعالى واصطفاهم على الخلق أجمعين، ليكونوا محورًا في دستوره السماوي، وقطبًا تدور عليه رحى المعارف والطاعات، والمصالح والغايات، فوهب لكلٍ صلاحيَّاتٍ واختصّه بقُدُراتٍ، بحسب رتبتِهِ التي رتَّبه الله فيها.

ومعرفة محوريَّة هؤلاء، ثم ترتيبهم بحسب مراتبهم الواقعية، لا سبيل إليها إلا عن طريق لسان الوحي، سواءٌ أكان نصًّا قرآنيًّا أم حديثًا معصوميًّا، لأنَّ المقامات الجعلية تابعةٌ لجاعلها، وحيث إنَّ الجاعل هو الله تعالى، فهو -ومن ينطق عنه- المرجعُ في هذا الباب.

ولو تتبَّعنا النُّصوص القرآنية والروائية، بُغية التعرُّف على الذين اختارهم الله تعالى ليكونوا أدلاَّء عليه، ووجوهًا يُتوجَّه بها إليه، فسنجدُ أن المتربِّع على قمَّة ذلك العالم هو النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) ، وعلى ذلك إجماع عقلاء المسلمين([1]) على اختلافِ مذاهبهم وتباينِ اعتقاداتهم.

ثم يتلوه في الرتبة من نصَّ القرآن على كونه نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ووليَّ الذين آمنوا، والمطاع بعد طاعة الله بطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله) ؛ الذي زيَّنته يد السماء بأبهى حُلَل المجد والثناء، وتوَّجته بتاج الخلافة الإلهية فكان خاتم الأوصياء، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ويتلوه في الرتبة والمحورية الحوراء الأنسيّة، التي سادت نساء العالمين، بل كلَّ العالمين بعد أبيها وبعلها صلوات الله عليهم أجمعين، فاحتارت الألباب في فهم معناها، وانقطعت الأسباب دون علاها، وخرَّ العقلُ معترفًا بقصور إدراكه عندما تلا لسان الوحي: [إن الله يرضى لرضاها]([2]).

وفيه قلتُ:

قِيلَ امْدَحِ الزَّهرَاءَ قُلتُ: كَفَاهَا
قِدِّيسةٌ قدْ حَارَ في أوصَافِها
سَجَدَ الزَّمانُ عَلى تُرابِ نِعالِها
هيَ سِرُّ سِرِّ النُّورِ نُورِ محمَّدٍ
فُطِمَ الخلائِقُ عَنْ تلمُّسِ ذاتِها
 

 

فَضْلاً بِأنَّ رِضى الإلهِ رِضَاها
أهلُ العَوالمِ أرضِها وسَماها
لِينَالَ فخرَ تَعَفُّرٍ بِثراهَا
هيَ غيبُ علِمِ الغَيبِ دَعْ معناهَا
ولِذا الإلهُ بِفاطمٍ سمَّاها(
[3])
 

وهنا نلوي العنان ونحط الرحال، لكون الغاية من هذا البحث هي محورية الزهراء (عليها السلام) في قانون السماء.

اهتمام السماء بالزهراء (عليها السلام)

أولت العنايةُ الإلهية اهتمامًا بالغًا -لا أقول قلَّ نظيره بل انقطع نظيره- بتكوين الزهراء (عليها السلام) ونشأتها ورعايتها منذ الولادة إلى الشهادة بل إلى ما بعد الشهادة.

ولا مجال الآن لرسم المخطط الكامل لتلك العناية بتفاصيله بل ولا على نحو الإجمال، ولكن نكتفي بذكر نماذج يثبت بها العنوان، وتبرِّد غلَّة الظمآن.

عالم الأنوار: أولُّ وجودٍ لسيدة النساء (عليها السلام) كان عالم الأنوار، وبلغ من اهتمام السماء بها، ورعايتها لها، أن كان نورُها النورَ الثالث في أول عوالم الخلق، عالم الأنوار، مشتقًّا من نور محمَّد وعلي (صلى الله عليهما وآلهما)([4]).

عالم الدنيا: خلافًا لكل القوانين السابقة على ولادتها، بل والتالية لها، تمّت عمليَّةُ نقلِ نطفتها الطاهرة!!

فبدل أن تتنقل في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة إلى أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، تدخَّلت العناية الإلهية، فقنَّنت قانونًا لا ينطبق على أحدٍ غيرها من النِّساء، ميَّزها عن كل أنثى بلا استثناء، إذ كان انتقالُ نطفتها من الملكوت الأعلى إلى صلب من دنى فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، حالُها نظيرُ حالِ بقيَّة المعصومين الأربعةَ عشر، ولذلك سُمِّيَت بالحوراء الإنسيَّة.

فلقد كثرت الروايات عن النبي وآله (صلى الله عليه وآله)  في حديثه عن رحلة معراجه أنه أكل ثمرةً مخصوصةً من ثِمارِ الجنة، فتحوّلت نطفةً في صلبه، وكانت فاطمة (عليها السلام)([5]).

زواجها: في عقدِ قرانها كان لله تعالى شأنٌ لم يُعرف قبلها ولا بعدها لأحد أبدًا، إذ تولَّى الله تعالى تزويجها لأمير المؤمنين عليِّ (عليهما السلام) في الجنة، بحضور سكّان ملكوته، ثم أمر نبيَّه محمَّدًا (صلى الله عليه وآله)  أنْ يُجريَ العقد على الأرض، فكان زواجًا لم يُسبق ولم يُلحق، وفي طيّاته انطوت أسرار تحار بها الأفهام والأفكار.

وفي ذلك قلتُ مخاطبًا أميرَ المؤمنين (عليه السلام):

وَيَا كُفْأَ البَتُولِ وَذَاكَ شَأنٌ
سَيحْسِبُ جَاهِلٌ أنِّي مُغَالٍ
 

 

لِغيرِكُما مَحَالٌ أن يُوفَّى
إذا أبدَيتُهُ فَالكَفُّ أكْفَى(
[6])
 

الذريَّة: هنا يُعذرُ إنْ لَكِنَ اللسان، وقصُر البيان، ولا يسعني سوى القولُ أنها (عليها السلام) أنجبت خيرَ من خلقَ الله تعالى، وصفوةَ من أوجد، لولا جدُّهم وأبوهم وأمُّهم، أحدَ عشرَ إمامًا، بهم عُرف الله، وعليهم دارت رحى رضاه، وإليهم يتوجُه من ابتغى لقاه، وعنهم يصدر هديُهُ وهُداه، صلوات الله عليهم أجمعين.

المهمة الأخيرة: ما كانت العناية الإلهية -التي رافقت سيَّدة النساء (عليها السلام) في كل أدوار وجودها- لتتخلى عنها في الفصل الأخير من قصة حياتها، بل أولَتها أعلى مستويات الرعاية والعناية، فكانت مهمَّتها الأخيرة تقديم كلِّ كيانها قربانًا لله، لتمضي شهيدةَ الوفاء لخط النبوة، والفداء لنهج الإمامة، فأسدت للدين والمتديِّنين خدمةً لا يُقدِّرُ ثمنَها إلا الذي لا إله إلا هو سبحانه وتعالى.

وفي ذلك قلتُ:

لا تعجبنْ لعظيمِ ما خُصَّت به
جُلْ
في رياضِ التضحياتِ لكي ترى
ضحَّتْ بكلِّ وجودِها لإلهها
أتظُنُّها مذ طالبت بحقوقِها
ما طالبت إلا لتثبتَ واقعًا
ويُقالُ كسرُ الضِّلعِ أمرٌ عابرٌ
سأقولٌ قولاً لا يروقُ لناصبٍ
 

 

أمُّ الخلودِ من المقام الأمجدِ
أنَّ الذي
ضحَّت به لم يُعهدِ
بجَنانها بالقولِ حتَّى باليَدِ
طَمِعت بمالٍ؟! ذلكَ الظنُّ الردي
أنَّ الذي غصبَ الخلافةَ معتدي
حدَثٌ مضى! كلا وربِّ المسجدِ
الدِّينُ لولا ضلعُها لم يصمُدِ(
[7])
 

إلى غير ذلك من العنايات الإلهية الخاصَّة بها، والتي تضيق القراطيس بتسطير إجمالها فضلاً عن تفصيلها.

المحورية الفاطمية

إطلالة سريعة على التراث المقدس من القرآن والعترة تكفي لزرع اليقين في القلوب السليمة بأن الزهراء (عليها السلام) كانت محورًا ربَّانيًّا في أكثر من بُعد من أبعاد حياتها، بل في كلِّ أبعاد حياتها.

وها نحن نشير إشارات سريعة لجملة من هذه الأبعاد المحورية، بحسب ما يقتضيه المقام من الإيجاز والاختصار.

الأول: المحورية في رضا الله تعالى وغضبه، فلقد اتفق المسلمون جميعًا، على رواية الحديث الصحيح عند الكلّ، وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله) : [إنَّ الربَّ يغضبُ لغضب فاطمة ويرضى لرضاها]([8]).

الثاني: المحورية في قيام القرون الأولى، وقد أشار إلى هذا البعد بل نصَّ عليه قول الصادق (عليه السلام): [...وعلى معرفتها دارت القرون الأولى]([9]).

وإليه أشرتُ بقولي:

شدَّ العلى نحو المدينة ركبَهُ
أوليسَ (
لولاها لما خُلِقَ الورى)
لا غرو إن (دارت على عرفانها
من يعرِفِ الزهراءَ يعرفْ ربَّهُ
 

 

وسرى حثيثًا نحو منزل أحمدِ
شأنٌ
لها يرضاه كلُّ موَحِّدِ
أولى القرونِ) ففيه كل المقصدِ
قلها ولا تعبأ بعذلِ الملحِدِ(
[10])
 

الثالث: المحورية في كون إيذائها مستوجبًا للعنة الإلهية في الدنيا والآخرة، فلقد تسالمت كلمات علماء المسلمين، وفقًا للروايات الكثيرة الصحيحة، على أن من آذى فاطمة (عليها السلام) فقد آذى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ومن آذى رسول الله (صلى الله عليه وآله)  فقد آذى الله تعالى، ولقد قال الله في محكم كتابه: {إن الذين يُؤْذُونَ اللهَ ورسولَهُ لَعَنَهُم اللهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذابًا مُهينًا}([11]).

وفي هذا المعنى أقول:

يا لائمَ الشِّيعيِّ في لَعنِ الأُلى
أتقُولُ بالتَّحريفِ في القُرآنِ أَمْ
أوَمَا قرأتَ
بِسورةِ الأحزابِ أنَّ
أوَلَمْ يَرِدْ بصحاحِكُم قَولُ النَّبيِّ
مَنْ يُغضِبِ الزَّهراءَ يُغضِبْ أحمَدًا
مَا بالُكُم؟ هلْ دِينُكُم قَولٌ بِلا
 

 

قد جرَّعوا الزَّهراءَ كأسَ أسَاها
لا
تفقَهُ الآياتِ مَا معناهَا؟!
اللهَ يلعَنُ مَنْ يُؤاذِي طَهَ؟!
لِفاطمٍ يؤذيهِ مَنْ آذاهَا
الكُلُّ حتَّى النَّاصبيُّ رَوَاها
ع‍َمَلٍ؟ ألا تخشَوْنَ يَومَ جَزَاها(
[12])
 

الرابع: محوريتها في كونها هي والأربعة من أهل الكساء العلةَ الغائيَّة من خلق الخلائق أجمعين، وعلى ذلك الروايات القطعية الصدور، ويكفي شاهدًا في المقام حكمُ صدوق الطائفة (رحمه الله) في كتاب الإعتقادات بوجوب الاعتقاد بأنَّه: [لولاهم لما خلق الله السماء والأرض، ولا الجنّة ولا النار، ولا آدم ولا حواء ، ولا الملائكة ولا شيئًا مما خلق، صلوات الله عليهم أجمعين]([13]).

دفعُ توهُّم

توهَّمَ بعضهم أو حاول إيهام الآخرين بأنَّ حديث الكساء غير معتبر، رفضًا منه لمضمونه الذي لا يتناسب مع خلفيَّاته التقصيرية في درك مقامات أولياء الله تعالى.

وقد انقسمت هذه الشرذمة إلى طائفتين، طائفة أنكرت متن الحديث متذرِّعةً بضعف السند، وأسخفُ هؤلاء من نسب الضعف إلى السَّند بناءًّا على عدم ذكر السَّند في مفاتيح الجنان!! كاشفًا بذلك عن سذاجة فهمه وخبث سريرته، فمتى كان عدم ذكرِ السند كاشفًا عن عدم وجوده؟! خصوصًا وأنَّ الكتاب لعالمٍ معاصرٍ، جمع كتابه ليكون منهاجًا للمؤمنين في الأعمال العبادية التي يتقرب بها إلى الله تعالى، مما يقتضي حذف الأسانيد كما لا يخفى.

وطائفة صرَّحت بأن مضمون الحديث لا يتوافق مع اعتقاداتها فكشفت عن مكنون أفكارها، لتعيدَ للذاكرة أخبار أقوامٍ مردوا على الشقاق.

ولسنا في صدد توسيع البحث حول هذه المسألة، ولكن نشير سريعًا إلى سرابيَّة هذه الدعاوي ووهنها.

الطائفة الأولى:

فالكلام فيها يقع في جهتين (تارة من حيث اتصال السند وصحته ، وأخرى من حيث القطع بصدوره):

الجهة الأولى:  أن حديث الكساء مروي بسند صحيح متصل إلى جابر بن عبد الله الأنصاري ، ذكره المحدِّث الثقة الشيخ عبد الله البحراني رضوان الله عليه في حاشية كتابه عوالم العلوم ج2 ص930 ، وسلسلة السند مشايخ أجلاَّء، ومحدِّثون فقهاء ، فليراجع كلامه .

الجهة الثانية: إنَّ عدَّ الاعتقاد بمضمون حديث الكساء من اعتقادات الإمامية، بل وجوب الاعتقاد بذلك كما نصَّ عليه الشيخ الصدوق رضوان الله عليه، يكشف كشفًا يقينيًّا عن صدوره عن لسان الوحي، كما لا يخفى على أهل الفهم والمعرفة.

فمن يتكلف -بعد ذلك- البحث عن سند هذا المضمون محاولاً التشكيك في صدوره إنَّما ينادي بمناهضته لخطِّ آل محمَّدٍ صلوات الله عليهم، ومخالفته لاعتقادات الإمامية أعلى الله كلمتهم.

الطائفة الثانية:

وأما المنكرون لمعنى الحديث، الطاعنون في مضمونه، بغض النظر عن سنده، مدَّعين أنَّ الاعتقاد بعليَّةِ أهل الكساء الغائية لوجود المخلوقات ضربٌ من الغلو!!

فإمَّا أن يلتزموا بالسفسطة والتحكُّم، لأنَّه لا شبهة لدى أي عاقلٍ أن خلق الخلق كان لغاية ومصلحة، وأنَّ هذه الغاية والمصلحة لا تعود على الله تعالى لكونه الغنيّ المطلق، فأي محذورٍ لديهم أن تكون الغايةُ هي المخلوق الأكمل والتجلي الأتمّ الذي تدور عليه رحى الكمال والجمال؟!

وإمَّا أن يعلنوا للملأ عن خفايا نفوسهم وخبايا صدورهم من حسدٍ للناس الذين شرَّف الله تعالى بهم جميع مخلوقاته، {أَمْ يَحْسِدون النَّاسَ عَلَى ما آتاهُم اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}([14]).

ومن كان حاله كحال هؤلاء، يلائمه قولي في قصيدة (آفة التَّجديد):

يا سيَّدي! أشكو إليْكَ زمانَنَا
زمنًا بِهِ المعروفُ
أصبحَ منكرًا
زمنًا بهِ التَّجديدُ أضحى سِلعةً
أفٍّ لتجديدٍ رَضوْهُ فَلَم ينَلْ
أعني مناقِبَ آلِ بيتِ محمَّدٍ
 

 

أنتَ العليمُ بكلِّ أمرٍ جَارِ
واستُبدِلَ الأخيارُ بالأشرارِ
راجَتْ بسُوقِ تجارةِ الأفكارِ
غيرَ الذي قدْ صحَّ في الأخبَارِ
ومثالبَ الأوثانِ أهْلِ النَّار(
[15])
 

الخامس: محوريتها في مذهب أهل البيت عليها وعليهم السلام، وهو ما يحتاج لعقد بحث مستقلٍ لبيانه، وكشف الغطاء عن أسراره ومعانيه، علمًا بأنني لم أرَ فيما رأيت من تصانيف علمائنا مَن تعرَّض لهذا المقام من مقاماتها روحي فداها، ولعلَّه لوضوح معناه عندهم، غير أنَّنا اليوم في أمسِّ الحاجة للوقوف على حقيقة هذا المحور، والتدبُّر في عظمته، وجلالة دلالاته.

وهذا ما أتركه لبحث مستقلٍّ، لكي يعطى الموضوع حقَّه، ونكتفي بهذا المقدار، ونترك الغوص في بحور المعاني واستخراج أسرارها لأهلها، ويعجبني أن يكون مسك الختام روضةٌ من رباعيات المديح لهذه السيدة العظيمة صلوات الله عليها، مُقرًّا بأنَّ المدحَ ممدوحٌ بمدحهم!!

حِرْتُ بِمَعْنَاكِ

لَمَّا رأتْ حُبَّ البتولِ شِعاري
 

 

فاحَتْ بِمِسكِ عبيرِها أشعاري
 

* * *

هيَ فاطِمٌ وَصِفاتُها تأبى العِدادْ
عِرْفانُها مِنْ دونِهِ
خَرْطُ القتادْ
 

 

العقلُ طافَ بِها وَبِالإقْرارِ عادْ
هي
سِرُّ نورٍ لُفَّ بالأسرارِ
 

* * *

يا بنتَ طه حِرْتُ في معناكِ
أنا لا أُبالي
ما اسمُ مَنْ آذاكِ
 

 

وَعَلِمتُ أنَّ العقلَ دونَ عُلاكِ
لَكِنْ
عليهِ لعنّةُ القهَّارِ
 

* * *

قلبي لِمَنْ والاكِ كانَ مُوَالِيَا
سَيَظَلُّ في مَرِّ
الزَّمانِ ندائِيَا
 

 

وَلِمَنْ جَفَاكِ مَدَى الدُّهورِ مُجَافِيا
كُسِـرتْ أضالِعُ بَضْعةِ المُختارِ
 

* * *

يَكْفيكِ فَخْرًا مُشـرِقًا يَكْفيكِ
سُمِّيتِ تَشـريفًا
بِأُمِّ أبيكِ
 

 

اللهُ يَرضى كُلَّ ما يُرضيكِ
صلَّتْ عليكِ ملائِكُ الأسحارِ
 

* * *

طوبى لعبدٍ نال صكَّ رضاها
كالطَّير تلتقطُ
الذي والاها
 

 

سيرى بيوم الحشـرِ فضلَ عُلاها
وتسيرُ يتبعُها لنعم الدَّارِ
 

* * *

يا من أتى عن حبِّها ينهاني
سأراكَ في يومِ الجزا وتراني
 

 

حبُّ البتولِ غدًا صراطُ أمانِ
من في
الجنان؟ ومن وَقودُ النَّارِ[16]
 

 ــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) فبالرغم من كونِ أفضليَّته (ص) على جميع الخلق أمرًا ضروريًّا من ضروريَّات الدين، نجدُ أن بعض المسلمين قد أنكر هذه الأفضليَّة، مدَّعيًا أنَّ الملائكة أفضل منه (ص) -راجع تفسير الرازي ج2 ص216-، وقد وفَّى علماؤنا البحث حقَّه في ردِّ هذه الدعوى وغيرها، أمثال الشريف المرتضى في شافيه وشيخ الطائفة في تلخيصه وغيرهما رضوان الله عليهم أجمعين.

وآخر نسبَ إلى النبيِّ (ص) أنه قال: (ولا أقول إنّ أحدًا أفضل من يونس بن متى) المسمى: صحيح البخاري ج4 ص 133، وفيه أيضًا: (من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) ج5 ص185!! فاقرأ وتعجَّب!! وانظر إلى شرَّاحه كيف تخبَّطوا في محاولات تبرئته من هذه الكبوة المشينة.

([2]) أمالي الشيخ الصدوق ص467 ح622/1، الاعتقادات في دين الإمامية ص105، دلائل الامامة للطبري ص146 ح53/53، وغيرها من مصادر الخاصَّة. والمستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص154، منصِّصًا على صحته، وراجع غيره من مصادر العامة.

([3]) ديوان مرآة الشعور ص119 من قصيدة: قطب الوجود.

([4]) دلائل الامامة للطبري الشيعي ص448، ومقتضب الأثر لابن عياش ص6، وغيرهما.

([5]) علل الشرائع للشيخ الصدوق ج1 ص184، ومناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) للكوفي ج2 ص206، وغيرها الكثير من مصادر الخاصة.

والمستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص156، ومجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص202، وغيرها من مصادر العامة.

([6]) ديوان مرآة الشعور ص71 من قصيدة: شممتُ هواك...

([7]) من قصيدة: أمّ العلى، نظمتُها ليلةَ ميلادها (ع) 20 جمادى الآخرة 1432 هجرية، بجوار سَمِيِّتها أختِ الرِّضا (ع).

([8])  مرَّ تخريجه.

([9]) الأمالي للشيخ الطوسي ص668 حديث1399/6.

([10]) من قصيدة: أمُّ العلى، نظمتُها بعد طباعة الدِّيوان.

([11]) الأحزاب 57.

([12]) ديوان مرآة الشُّعور ص122 من قصيدة: قطب الوجود.

([13]) الاعتقادات في دين الإمامية للشيخ الصدوق ص93.

([14]) النساء من الآية 54.

([15]) ديوان مرآة الشُّعور ص328.

([16]) ديوان مرآة الشُّعور ص124.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد العشرون