بسم الله الرحمن الرحيم
يصادف صدور هذا العدد من مجلة رسالة النجف في ذكرى أربعين
الإمام الحسين (عليه السلام) ، والذي مضى على زمن استشهاده
ما يقارب ألفًا وأربعمائة عام.
وعادة ما يؤثر مرور الزمان الطويل سلبًا على استمرار
الذكرى ، أو على درجة الحضور المعنوي للقادة والأبطال ،
ولكن القاعدة تنعكس تماما حين يكون صاحب الذكرى هو الإمام
الحسين (عليه السلام) ، إذ ها هنا يضاعف تصرُّم الزمانُ
حضورَ صاحب الذكرى تجذّرًا ، ويزيده شمولاً واتساعًا ،
ليمتد هذا الحضور على صفحات المكان أيضًا ، ويتغلغل في
قلوب وعقول الناس على اختلاف انتماءاتهم وتنوّع معتقداتهم
.
وهذا أمر لا يمكننا –في هذه العجالة- الوقوف على مختلف
جوانبه وأسراره ، فنكتفي لذلك بالإشارة إلى جانب واحد منها
وهو الجانب المتعلق بشخصية الإمام الحسين (عليه السلام) ،
ونحن نستقي هذه الإشارة من بضع كلمات من السفر الكبير الذي
كتبه الشيخ الدكتور عبد الله العلايلي حول الإمام الحسين
(عليه السلام) .
يقول الشيخ العلايلي حول شخصية الإمام الحسين (عليه
السلام):
(إن في إنسانيته السامية، تلتقي شعلة النبوة المقدسة
بالفطرة المثالية الفذة، وتزدحم المعاني والصور، ورموز
العالم المجهول . فهو روح إلهي في طبيعة بشرية، ومعنىً
غيبيّ في حروفٍ من أشباح الوجود ..)
ويقول أيضًا : (وحياة الحسين (عليه السلام) عظة من التاريخ
، ولكن تَجْمَعُ التاريخ كله ، فليس معناها في حدود ما
وقعت من الزمان والمكان، بل حدودها حيث لا تتسع حدود. وهي
بعد ذلك حديث الشخصية الكاملة من أقطارها، ففيها القدوة
الصالحة، وفيها المثل الأسمى للإنسان الكامل، والصراط
السويّ للمسلم القرآني، وربما امتازت هذه الشخصية بشيء آخر
عن الشخصيات التاريخية ، بأنها تقع في مضاعفات كبيرة تجمع
شتى الصور بحيث تعطي في كل صورة شخصية فذّة وإنسانية
رفيعة).
والمقام يضيق عن ذكر المزيد، ولكن مما يهوّن الخطب أن
الكتاب مطبوع وهو في متناول أيدي القرّاء ، فعسى أن
ينتفعوا بمطالعته.
( التحرير)
|