السنة الثامنة / العدد الثاني والعشرون/ كانون أول:  2012م / محرم: 1434هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

فروق لغويّة في الكتاب المجيد

السيد عباس السيد إبراهيم أبو الحسن

 

مقدمة

هذا كتاب الله سبحانه وتعالى ينادي ويتحدّى في كل يوم، منذ نزوله إلى يومنا هذا، من يأتي بمثله، من يأتي بعشر سور من مثله، من يأتي بسورة من مثله، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}([1]).

ولكن أعلن القرآن الكريم مسبقًا أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا بمثله ولو اجتمعوا كلهم، قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}([2])، وقد حاول جمعٌ من بلغاء وفصحاء العرب أن يأتوا بسورة من مثله فلم يستطيعوا، وقد اعترفوا بعجزهم، فهذا الوليد بن المغيرة يقول: "فواللهِ ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، ولا برجزه، ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، واللهِ ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، واللهِ إن لقوله الذي يقول حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لَمُثمِرٌ أعلاه، مغدق([3]) أسفله، وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته"([4]).

وروي أن أعرابيًا سمع رجلاً يقرأ: {فَاصدَع بِمَا تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكِينَ}([5]) فسجد وقال: سجدتُ لفصاحته([6]).

ويتصل بهذا: "ما روي من أن أعرابيًا سمع آخر يقرأ: {فَلَمَّا استَيأَسُوا مِنهُ خَلَصُوا نَجِيًّا}([7]) فقال: أشهد أن مخلوقًا لا يقدر على مثل هذا الكلام"([8]).

وحكى الأصمعي قال: سمعت جارية إعرابية تنشد وتقول:

استغفر الله لذنبي كله
مثل غزالٍ ناعم في دَلّه
 

 

قتلت إنسانًا لغير حِله
فانتصف الليل ولم أُصلّه
 

فقلت لها: قاتلك الله ما أفصحك! فقالت: أيعدّ ذلك فصاحة مع قول الله عز وجل: {وَأَوحَينَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَن أَرضِعِيهِ فَإِذَا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقِيهِ فِي اليَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرسَلِينَ}([9])، فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين([10]).

"وروي أن ابن المقفع طلب معارضة القرآن ورامه وشرع فيه، فمرّ بصبي يقرأ: {وَقِيلَ يَا أَرضُ ابلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمرُ وَاستَوَت عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعدًا لِلقَومِ الظَّالِمِينَ}([11]). فرجع فمحا ما عمل، وقال: أشهد أن هذا لا يُعارض وما هو من كلام البشر، وكان ابن المقفع من أفصح أهل وقته"([12]).

هذا وقد أمرنا الله سبحانه، بالتدبر في كتابه العزيز فقال تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}([13])، أمرنا بالتدبر في آياته، في معانيها ودلالاتها، في إعجازها وبلاغتها وفصاحتها التي تحدّى بها فصحاء العرب.

وإعجاز القرآن الكريم لم ينحصر في جهة واحدة، وموضوع كلامنا يدور حول الإعجاز البياني في القرآن.

الإعجاز اللفظي في كتاب الله

فيما نحن نتلو آيات الكتاب المجيد، ونتدبر فيه، تستوقفنا آيات نظنّها للوهلة الأولى تتشابه معانيها، وذلك لتشابه كلماتها أو لترادفها على بعض الأقوال.

ولكن بعد البحث عن تفسيرها يتبيّن أن كل آية وكل كلمة في كتاب الله لها معنى مختلف، ونستطيع أن نرجّح الرأي القائل بأنَّ الترادف في كلمات اللغة العربية قليل إلى حدّ الندرة، وقد اخترنا عدة نماذج من هذه الآيات نضعها بين أيديكم.

 

النموذج الأول: الفرق بين الأرض الهامدة والأرض الخاشعة

قال تعالى في سورة الحج الآية 5: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.

وقال سبحانه في سورة فصلت 39: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

هنا يرد سؤال: لماذا هذا التغيير في التعبير؟ لماذا أتى في سورة الحج بكلمة "هامدة" وأتى في سورة فصلت بكلمة "خاشعة"؟ فهل المعنى واحد، أم يوجد فرق بين المعنيين؟ وعلى فرض ثبوت الفرق بينهما، فما الذي سبّب هذا الاختلاف في التعبير؟

يمكن الجواب: بأن هناك فرقًا بين الأرض الهامدة والأرض الخاشعة.

"هامدة: أصلها "هَمَدَ" والهمدة السكتة. فيقال همدت أصواتهم أي سكنت. وهمدت النار أي ذهبت البتة فلم يَبِن لها أثر. ونبات هامد أي يابس، وهمد شجر الأرض أي بَليَ وذهب، والأرض الهامدة أي الجافّة التي لا نبات فيها"([14]).

وفي كتاب «العين»: "الهمود الموت كما همدت ثمود، ورماد هامد إذا تغيَّر وتلبَّد، وثمرة هامدة إذا اسودَّت وعفنت، وأرض هامدة مقشعرة لا نبات فيها إلا يبيس متفحم، والهامد من الشجر اليابس"([15]).

"خاشعة: التذلل والانكسار، وأرض خاشعة أي متهشمة ومتغبرة ذابلة من العطش، فإذا يبست الارض ولم تمطر قيل: قد خشعت"([16]).

ومن هنا يُعلم أن هناك فرقًا دقيقًا بين الأرض الهامدة والأرض الخاشعة، فالأرض الهامدة هي اليابسة القاحلة التي لا حياة فيها، بسبب ما أصابها من جدب وقحط وانعدام الماء، وهذا بخلاف الأرض الخاشعة التي يوجد فيها النباتات والزروع، إلا أن العطش وقلة الماء وندرة الأمطار جعلتها مصفرة الأوراق، خاشعة ذليلة ذابلة الأغصان، بأمسِّ الحاجة إلى قطرات الماء، وهذا المشهد هو مشهد الخشوع والانكسار في الأرض.

 فيكون المعنى في سورة الحج: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً} ميتة لا حياة فيها {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء} {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}([17]) {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} وحلّت بها الحياة.

أما في سورة "فصلت" فيكون المعنى: {تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً} ساكنة يابسة وذابلة من العطش {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}.

فإذًا: تغيّر الكلمات يبيِّن أن هناك فرقًا بين المعنيين، والذي يؤيد هذا الاختلافَ أن السياق الذي أتت فيه كل من الكلمتين مخالف للسياق الآخر.

فانظر كلمة "هامدة" وانظر ما قبلها من الكلمات والآيات:

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ* يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}([18]).

فهذه الآيات المباركات تتحدث عن يوم القيامة، وتجادل المنافقين والكافرين الذين ينكرون يوم البعث بأنه: كيف يتم إحياء الناس بعد صيرورتهم رمادًا؟ فخاطبهم الله بأن الذي خلق الانسان من تراب ثم من نطفة (إلى آخر الآية) قادر على إحيائه في يوم القيامة، فناسب أن يأتي بكلمة "هامدة" لدلالتها على الموت والسكون.

وهذا بخلاف الآيات في سورة فصلت:

{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}([19]).

فإن الآيات تتحدث عن العبادة والخشوع والتذلل لله سبحانه وتعالى، فناسب ذكر كلمة خاشعة لدلالتها على ذلك.

 

النموذج الثاني: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ} {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}

قال تعالى في سورة الأنعام 151: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ...}.

وقال سبحانه تعالى في سورة الإسراء31: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}.

نجد في هاتين الآيتين تقاربًا في المعنى، ولكن هناك بعض الفوارق، مثلاً: في سورة الأنعام قال تعالى: {نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} حيث قدّم رزق الآباء على الأولاد، أما في سورة الإسراء فقال عزَّ وجلّ: {نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} حيث قدّم رزق الأولاد على الآباء، فما السر في ذلك؟

وقال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ}، بينما قال في سورة الإسراء: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ}، أضف إلى ذلك أن الإملاق هو الفقر، فلماذا لم يقل سبحانه وتعالى "ولا تقتلوا أولادكم من فقر"؟، ولماذا قال تعالى في سورة الإسراء {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} ولم يقل "خوف إملاق"؟

يمكن الجواب: أن الآيتين وإن كانتا تتحدثان عن حرمة قتل الأولاد الذكور والإناث، إلا أن السبب في كل واحدة منها مختلف عن الآخر، وبعبارة أخرى: إن الدافع للقتل في سورة الأنعام غيره في سورة الإسراء، وهذا الاختلاف الذي سيتبين يقتضي تغيرًا في التعبير.

شرح الألفاظ

إملاق :

"(ملق) الميم واللام والقاف أصل صحيح يدل على تجرد في الشيء ولين، قال ابن السكيت: الملق من التملق وأصله التليين. والملقة الصفاة الملساء. ويقال: الإملاق إتلاف المال حتى يُحوِج، والقياس واحد كأنه تجرد عن المال"([20]).

"والإملاق: الافتقار. قال الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ}... يقال: أملق الرجل فهو مملق، وأصل الإملاق الإنفاق. يقال: أملق ما معه إملاقًا، وملقه ملقًا إذا أخرجه من يده ولم يحبسه، والفقر تابع لذلك، فاستعملوا لفظ السبب في موضع المسبَّب حتى صار به أشهر... والإملاق: كثرة إنفاق المال وتبذيره حتى يورث حاجة، وقد أملق وأملقه الله، وقيل: المملق الذي لا شيء له"([21]).

خشية :

"الخشية: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، ولذلك خُصَّ العلماءُ بها في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}"([22]).

 

خوف:

"الخوف: توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة ظنية أو معلومة"([23]).

بعدما تبيّن من معنى هذه الالفاظ نأتي للجواب عن التساؤلات السابقة:

أولاً: إنما قدّم ذكر الآباء على الأولاد في سورة الأنعام {نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} لأن الخطاب موجّه للفقراء لا للأغنياء {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ...} أي لا تقتلوا أولادكم بسبب الفقر.

فهم فعلاً مبتلون بالفقر، وعمدوا لقتل أولادهم لعدم قدرتهم على تربيتهم حسب زعمهم، فناسب هنا أن يقدّم سبحانه تكفله برزقهم أولاً لفقرهم، ثم أتبعه بتكفّله برزق أولادهم.

أما في سورة الإسراء {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}، هنا الخطاب موجّه للأغنياء، والدليل على ذلك الآيات السابقة لهذه الآية، حيث يدور الكلام حول الإسراف والتبذير، قال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا * وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا * وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا}([24])، فإن الأغنياء يخشون أن يسلبهم أولادهم ما في أيديهم من مال، فلذلك يعمدون إلى قتلهم ووأدهم خوف الوقوع في الفقر، فناسب هنا تقديم الأولاد على الآباء ليبيّن الله لهم أن ما تخافون منهم هو بيد الله، فإن الأولاد رزقهم على الله لا عليكم، وكذلك رزقكم.

ثانيًا: قد ناسب في هذا السياق استعمال لفظة "الإملاق" دون "الفقر"؛ لأنّه سبحانه وتعالى قد تكفّل في الآيتين برزق الآباء والأبناء، فنجد في الآية الأولى قوله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} وفي الآية الثانية قوله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}، وهذا يفيد ضمان الرزق بعد أن تكفّل به الحقّ سبحانه {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}([25]).

 ولما كانت الحاجة الضرورية ممتنعة بعد أن تكفّل الله سبحانه وتعالى بسدّها، فلا يُتصور الفقر إذن إلا من جهة سوء التصرف في الثروة وإن قلّت أو سوء توزيعها؛ أو من جهة بلاء وامتحان.

ومن هنا جاء استعمال لفظة "الإملاق" لأنّها تفيد إخراج ما في اليد من مال، أي أنّ الرزق موجود تكفّل به سبحانه إلا أنّ صرفه وإنفاقه وتوزيعه وإن قلّ يعود إلى الأبوين أو إلى النظام الذي وجدا فيه. فالفقر في حقيقته هو المسبّب والإملاق هو السبب. فيكون المعنى: لا تقتلوا أولادكم من فقر أو خشية فقر أنتم سببه (بسوء تصرف أو سوء توزيع)؛ لأننا تكفّلنا برزقكم وبرزق ما تلدون. والله أعلم.

ثالثًا: ويمكن أن يكون السبب في الاتيان بلفظ الخشية بدل الخوف، من أنّ الخشية -كما عرفت- خوف يشوبه تعظيم، إذ فوق توقعهم لمكروه الفقر ووقعه عظّموه، ودليل ذلك التعظيم هو قتلهم أولادهم، فناسب ذلك ذكر الخشية دون الخوف. (والله أعلم بأسرار كتابه).

النموذج الثالث :{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} {حَقٌّ مَّعْلُومٌ}

قال تعالى في سورة الذاريات آية 19 : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.

وقال تعالى في سورة المعارج 24-25: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}، لماذا زاد سبحانه في سورة المعارج كلمة "معلوم" دون سورة الذاريات؟

يمكن الجواب: أنه بالتأمل في سياق الآيات السابقة في كل من هاتين الآيتين يتّضح الفرق، ففي سورة الذاريات الكلام حول المتقين، قال تعالى: {إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}([26])، والمتقون أعلى درجة من المؤمنين، فإنهم ينفقون ما أوجبه الله عليهم مع زيادة، لذلك قال الله عنهم: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ}، ولكن هذا الحق ليس له حد معلوم.

وهذا بخلاف المصلّين الذين يدفعون ما فرض عليهم من الواجب من الزكاة والخمس والصدقات، قال تعالى في سورة المعارج: {إنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}([27]).

 

النموذج الرابع: الفرق بين سارعوا وسابقوا

قال تعالى في سورة آل عمران133: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.

وقال تعالى في سورة الحديد21: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

إن الفرق واضح بين الآيتين، ففي الآية الأولى أتى سبحانه بلفظ "سَارِعُواْ"، أما في الآية الثانية أتى سبحانه بلفظ "سَابِقُوا".

فلماذا هذا التنوع في التعبير؟

يمكن أن يقال :

أولاً: إن لفظ "سارعوا" له معنى غير "سابقوا".

"سارعوا: من السرعة ضد البطء، ويستعمل في الأجسام والأفعال، يقال: سَرُعَ فهو سريعٌ، وأسرَع فهو مُسرِعٌ"([28]).

"سابقوا": أصل السبق التقدم في السير"([29]).

إن الآية الأولى تتعلق بالمتقين، قال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}([30]).

وأما الآية الثانية فإنها تتعلق بالمؤمنين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}([31])، ولما كانت التقوى نتاج الإيمان وأعظم درجة وأرقى رتبة، كانت أفضل من مجرد الإيمان، لأنها إيمان وزيادة، وقد بيّن الله واقع المتقين، ولكون التقوى أعلى مرتبة من الإيمان لزم التفرقة بينهما.

لذلك خاطب المتقين بلفظ "سارعوا"، لأن المتقين في تنافس وسباق، فلم يحثهم على التقدم لأنه حاصل منهم، بل حثهم على السرعة في التقدم، بخلاف المؤمنين فإنه لم يحصل منهم التقدم في الرتبة، لذلك حثهم على السباق وهو التقدم في السير، فإذا حصل منهم السباق والتقدم، شملهم خطاب المسارعة.

 

النموذج الخامس: الفرق بين الولد والابن

قال تعالى في سورة آل عمران آية 61 : {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، قال سبحانه وتعالى في سورة النساء آية 11: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}، فما الفرق بين الأولاد والأبناء؟

الولد:

"الوَلَدُ: المَوْلُودُ. يقال للواحد والجمع والصغير والكبير... ويقال للمتبنى ولد، قال أبو الحسن البصري: الوَلَدُ: الابن والابنة... والأب يقال له والد، والأم والدة، ويقال لهما والدان... والوليد لمن قرب عهده بالولادة، وجمعه وِلْدَانٌ... وجمع الولد أولاد"([32]).

ابن:

قال الراغب في مفرداته: "أصله: بنوٌ، لقولهم في الجمع: أبناء، وفي التصغير، بُنيّ... {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ...}([33]) وسماه بذلك لكونه بناءً للأب، فإن الأب هو الذي بناه وجعله بناءً في إيجاده، ويقال لكل ما يحصل من جهة شيء أو من تربيته، أو بتفقده أو كثرة خدمته له أو قيامه بأمره: هو ابنه، نحو فلانٌ ابن حرب، وابن السبيل للمسافر، وابن الليل، وابن العلم... وابن يومه: إذا لم يتفكر في غده ([34])

يفهم من كتب اللغة: أن الابن يفيد الاختصاص ومداومة الصحبة، ولهذا يقال: "ابن الفلاة" لمن يداوم سلوكها، و"ابن السُرى" لمن يَكْثُر منه السفر ليلاً، وقولنا "هو ابن فلان" يقتضي أنه منسوب إليه، ولهذا يقال: الناس "بنو آدم" لأنهم منسوبون إليه، وكذلك "بنو إسرائيل"، والابن في كل شيء صغير، فيقول الشيخ للشاب: "يا بني"، ويسمّي الملك رعيته "الأبناء"، وكذلك أنبياء من بني إسرائيل كانوا يسمّون أممهم أبناءهم، ولهذا كُنّي الرجل بأبي فلان وإن لم يكن له ولد على التعظيم.

والولد يقتضي الولادة ولا يقتضيها الابن، والابن يقتضي أبًا والولد يقتضي والدًا، ولا يسمى الإنسان والدًا إلا إذا صار له ولد، وليس هو مثل الأب، لأنهم يقولون في التكنية "أبو فلان" وإن لم يلد فلانًا ولا يقولون في هذا والد فلان، كما أن الابن للذكر والابنة للأنثى والولد للذكر والأنثى، والمولود القريب العهد بالولادة([35]).

فإذا رجعنا لكتاب الله نجده جرى على هذه المعاني:

أ - الآيات الواردة في "الولد" ومشتقاتها:

{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ...}([36])، فهنا لفظ "الولد" يشمل الذكر والأنثى، والمولود هو الحديث العهد بالولادة.

قال تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ...}([37]).

وقال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا}([38])، فهذا أدل على أن الولد والأولاد يراد بهما الذكر والأنثى.

ب - الآيات الواردة في لفظ "الابن"

ذكر سبحانه وتعالى "ابن" أو "أبناء" وأراد الذكور، وقال سبحانه وتعالى: "بنت" أو "بنات" وأراد الإناث، وإذا أضاف للابن "يا" النسبة أراد المنسوبين إلى جماعة أو قبيلة أو شخص معين.

1- "ابن" و "أبناء" و "بنين" و "بنيه"

قال سبحانه وتعالى:

- {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ}([39]).

- {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا}([40]).

- {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}([41]).

- {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}([42]).

- {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ... وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ... أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ...}([43]).

- {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ...}([44]).

2- "بنت" و "بنات"

قال تعالى:

- {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ... وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ}([45]).

- {قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ...}([46]).

- {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ}([47]).

3- "الابن" مع "ياء" النسبة

قال تعالى:

- {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}([48]).

- {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}([49]).

 

النموذج السادس: الفرق بين امرأة المرءِ، وزوج المرءِ

قال تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}([50]).

وقال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}([51]).

لماذا عبّر الله سبحانه في سورة مريم عن زوجة زكريا (عليه السلام) بلفظ "امرأتي" وفي سورة الأنبياء "زوجه" فهل هناك فرق بينهما؟ وبعبارة أخرى متى يطلق على المرأة أنها "امرأة" ومتى يطلق عليها "زوجة"؟

قال الراغب في مفرداته: "يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة زوج، وكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضادًا زوج، قال تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى}([52])... و"زوجة" لغةٌ رديئة، وجمعها زوجات... جمع الزوج أزواج"([53]).

فمعنى "الزوج" إذن يقوم على الاقتران القائم على التماثل والتشابه والتكامل. فحتى يتمّ الاقتران لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تُحقّق التماثل والتشابه عند اجتماعهما وتكاملهما واقترانهما، وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى.

فالله تعالى خلق الذكر ميّالاً إلى الأنثى، طالبًا لها، راغبًا فيها.

والله خلق الأنثى ميّالة للذكر، راغبة فيه. والإسلام نظّم العلاقة بينهما، بأن جعلها عن طريق مباح، هو الزواج الشرعي وملك اليمين.

فيطلق على الرجل زوج لأنه يسدّ النقص الموجود في المرأة، ولولاه لبقي هذا النقص، فهو يلبي لها حاجتها النفسية والاجتماعية وغيرها، وكذلك المرأة سميت "زوجًا" لأنها تسد النقص الموجود في الرجل، ولولاها لبقي هذا النقص النفسي والاجتماعي وغيرهما، ولهذا كل منهما "زوج" لصاحبه، يقترن معه ويزاوجه.

ولكن متى يطلق على المرأة زوجة؟

عند تتبّع الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظان، نلحظ أن لفظ "زوج" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها، وكان التوافق والاقتران والانسجام تامًّا بينهما، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو نفور أو خيانة...

فإن لم يكن التوافق والانسجام كاملاً، ولم تكن روح الزوجية متحقّقة بينهما فإن القرآن يطلق عليها "امرأة" وليست زوجًا، كأن يكون بينهما اختلاف ديني عقائدي أو نفور بينهما أو خيانة...

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}([54])، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}([55]).

وبهذا الاعتبار جعل القرآن حواء زوجًا لآدم في قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}. فإذا لم يتحقّق الانسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى "امرأة" وليس "زوجًا".

ورد في القرآن: "امرأة نوح"، و"امرأة لوط"، ولم يقل: "زوج نوح" أو "زوج لوط"، وهذا في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}([56]) لأنهما خانتاهما، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي، ولكن خيانتها لم تحقّق الانسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي (عليه السلام). ولهذا لم يسمها القرآن "زوجًا" له، وإنما هي "امرأة" تحته.

وبهذا الاعتبار ورد في الكتاب الكريم: "امرأة فرعون"، في قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ}([57]). لأنه بينها وبين فرعون مانع من الزوجية، فهي مؤمنة وهو كافر، ولذلك لم يتحقّق الانسجام بينهما، فهي "امرأته" وليست "زوجه".

وكذلك بالنسبة لامرأة العزيز، فقد عبّر عنها بالمرأة لعدم الانسجام الزوجي بينهما، لما صدر منها من الخيانة، قال تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}([58]).

وكذلك إذا كان هناك خلاف بين الزوجين يعبّر القرآن بـ"المرأة" قال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا...}([59]).

ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين "زوج" و"امرأة" ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا (عليه السلام)، أن يرزقه ولدًا يرثه. فقد كانت امرأته عاقرًا لا تنجب، وطمع هو في آية من الله تعالى، فاستجاب الله له، وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة.

عندما كانت امرأته عاقرًا أطلق عليها القرآن كلمة "امرأة"، قال تعالى على لسان زكريا: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا}([60]). وعندما أخبره الله تعالى أنّ دعاءه قد استجيب، وأنه سيرزقه بغلام، أعاد الكلام عن عقم امرأته، فكيف تلد وهي عاقر، قال تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}([61]).

وحكمة إطلاق كلمة "امرأة" على زوج زكريا (عليه السلام) أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها، رغم أنه نبي، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية. ولكن عدم التوافق والانسجام التامّ بينهما، كان في عدم إنجاب امرأته، ومن أهم أهداف الزواج النسل والذرية، فإذا وُجد مانع عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة.

وبعدما زال المانع من الحمل، وأصلحها الله تعالى، وولدت لزكريا ابنه يحيى، أطلق عليها كلمة "زوج"، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة. قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}([62]).

والخلاصة أن امرأة زكريا (عليه السلام) قبل ولادتها يحيى هي "امرأة" زكريا في القرآن، لكنها بعد ولادتها يحيى هي "زوج" وليست مجرّد امرأته.

ولا ينقض على ما ذكر بقوله تعالى في قضية "زيد" والسيدة "زينب بنت جحش" رضوان الله عليها: {وإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً}([63])، حيث عبَّر عن زينب بالزوجة، مع أن زيدًا كان مريدًا لطلاقها.

لأننا نقول : إنه لم يظهر من خلال هذه الآية السبب في طلاق زيد لزينب، إذ لم يظهر وجود خلاف عقائدي أو نشوز أو عقم أو أي من الأسباب التي تهدم الحياة الزوجية.

وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين "زوج" و"امرأة" في التعبير القرآني العظيم.

خاتمة

هذا بعض ما أردت بيانه من هذه النماذج، وهناك نماذج أُخَر لا يسنح المقام لذكرها، فأسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لبيان المزيد في مناسبة أخرى.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) سورة البقرة آية 23.

([2]) سورة الإسراء آية 28.

([3]) وفي بعض الكتب وردت بلفظ (معذق).

([4]) الدر المنثور لجلال الدين السيوطي، ج6، ص283، (دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان)، وهذه بقية كامل الرواية: أخرجه الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس، أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي (ص)، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوه لك، فإنك أتيت محمدًا لتعرض لما قِبَلَه قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر أو أنك كاره له، قال: وماذا أقول! فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئًا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو وما يعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنزلت: {ذرني ومن خلقت وحيدا}.

([5]) سورة الحجر آية 94.

([6]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج1، ص262، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط 1988.

([7]) سورة يوسف آية 80.

([8]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج1 ص262.

([9]) سورة القصص آية 7.

([10]) الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) ج13، ص252، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، 1985.

([11]) سورة هود آية 44.

([12]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، ج1، ص 275.

([13]) سورة النساء آية 82.

([14]) انظر لسان العرب مادة (همد).

([15]) انظر العين، للفراهيدي، باب الهاء والدال والميم (همد).

([16]) انظر لسان العرب مادة (خشع).

([17]) سورة الأنبياء 30.

([18]) سورة الحج آية 1-6.

([19]) سورة فصلت آية 37-39.

([20]) انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة (ملق).

([21]) انظر لسان العرب لابن منظور  مادة (ملق).

([22]) انظر مفردات الفاظ القرآن للراغب الاصفهاني  مادة (خشى).

([23]) انظر مفردات الفاظ القرآن للراغب الاصفهاني  مادة (خوف)

([24]) سورة الإسراء آية 26-31

([25]) سورة هود 6

([26]) سورة الذاريات آية 15-19.

([27]) سورة المعارج آية 19-25.

([28]) انظر مفردات الفاظ القرآن للراغب مادة (سرع)

([29]) نفس المصدر مادة(سبق)

([30]) سورة آل عمران آية 132-136.

([31]) سورة الحديد آية 19-21.

([32]) انظر مفردات الفاظ القرآن للراغب الاصفهاني مادة (ولد)

([33]) سورة يوسف آية 5.

([34]) انظر مفردات الفاظ القرآن للراغب الاصفهاني مادة (بنى)

([35]) انظر: الفروق اللغوية ، أبو هلال العسكري (395هـ)، ص13، مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1412هـ.

([36]) سورة البقرة آية 233.

([37]) سورة آل عمران آية 47.

([38]) سورة النساء آية 11.

([39]) سورة آل عمران آية 14.

([40]) سورة الإسراء آية 40.

([41]) سورة طه آية 94.

([42]) سورة لقمان آية 13.

([43]) سورة النور آية 31.

([44]) سورة آل عمران آية 61.

([45]) سورة النساء آية 23.

([46]) سورة هود آية 78.

([47]) سورة النحل آية 57.

([48]) سورة المائدة آية 70.

([49]) سورة الإسراء آية 70.

([50]) سورة مريم آية 8.

([51]) سورة الأنبياء آية 90.

([52]) سورة القيامة آية 39.

([53])انظر  مفردات الفاظ القرآن للراغب الاصفهاني مادة (زوج)

([54]) سورة الروم آية 21.

([55]) سورة الفرفان آية 74.

([56]) سورة التحريم آية10.

([57]) سورة التحريم آية 11.

([58]) سورة يوسف آية 51.

([59]) سورة النساء آية 128.

([60]) سورة مريم آية 8.

([61]) سورة مريم آية 8.

([62]) سورة الأنبياء آية 90.

([63]) سورة الأحزاب آية 38.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني والعشرون