.. ثم إنه حيث قد
مرّت فترة معتدّ بها في مسيرة هذه الحوزة، فإن النهج الذي
ينبغي أن تسير عليه أصبح واضحًا، مع تلافي التقصير الذي لا
يخلو منه غير المعصوم.
وإنني أؤكد على شرطيّة المزيد من النشاط العلمي، وشرطيّة
التركيز على الدقّة في الأهداف، وعلى التديّن والتقوى في
الراعي والرعيّة، فإن من ينصب نفسه للهداية والإرشاد ونشر
مبادئ الشريعة المقدسة على ضوء سيرة أهل بيت العصمة صلوات
الله عليهم، يجب أن يكون عنده الحدّ الأدنى من المعرفة
والعلم الذي يؤهّله لذلك مع توفّر التقوى كحدّ أدنى، وإلا
فإن المطلوب من المرشد أن يكون من أولياء الله الذين نطق
بوصفهم سيد الأنبياء والمرسلين في الحديث المعروف:
(إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتُهم فكرًا، ونطقوا فكان
نطقهم ذكرًا، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة).
لذلك نوصي استحبابًا -لأنه لا يحتاج إلى الوصية- بأن يُلغى
عنصر الرغبة والرهبة، كما المجاملة والتجمّل، للقريب
والبعيد، والكبير والصغير، فإن الخلاص والنجاح في الدنيا
والآخرة بالإخلاص، وما كان لله تعالى لا يخبو ولا ينطفئ،
لأنه منه وإليه، والله متمّ نوره ولو كره الكارهون.
وإنني أدعو الله تعالى أن تستمرّ هذه المؤسسة مشاركة في
نشر الشريعة، وإعلاء كلمة الحق.
كما أتوسّل إليه أن يبقى هذا النهج في سلالة جدنا المقدس
المؤسّس "الشيخ يوسف الفقيه"، وسلالة نَجلَيه العلَمَين
المقدَّسَين "الشيخ علي" و"الشيخ محمد تقي" -قدس الله
أسرارهم وألحقنا الله بهم-، ومن تلاهم في عصرنا، ومن يلينا
إلى قيام القائم عجل الله تعالى فرجه، ليكون لنا في ديوان
الحسنات سجل مضيء دائم من الصدقات الجارية، يوم لا ينفع
مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
فالمال الذي يُنفَق في سبيل الله، والبنون الذين تستمر بهم
حياة الآباء والأجداد، هؤلاء من أفضل الصدقات الجارية،
لأنهم باقون ما بقي الدهر.
والقلب السليم الذي يكون به الخلاص هو المخلص لله تعالى
الذي أُشيرَ إليه في الحديث القدسي:
(ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).
وإننا بأمسّ الحاجة إلى الصدقات الجارية لأن ذنوبنا
وتقصيرنا في جنب الله لا تحصى، ورحمته أوسع ما بين السماء
والأرض.
اللهم اجعلنا ممن ترضى به، وتنتصر به لدينك، ولا تستبدل
بنا غيرنا.
اللهم إنا نسألك خير ما نرجو وما لا نعلم، ونعوذ بك من كل
شر ومن شرور أنفسنا وشهواتها المهلكة.
اللهم ارزقنا طاعة وشفاعة ودعاء مولانا صاحب العصر وإمام
الدهر الحجة ابن الحسن المنتظر (عجل الله فرجه الشريف).
|