العدد صفر :  2005م / 1425هـ

     رجوع     التالي     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = الشهور القمرية

وبعد مضي 1460 سنة، صحح التقويم نفسه وعادت السنة ذات الثلاثمائة وخمسة وستين يومًا للانطباق مع الزمن الذي يشير إليه طلوع نجم الشعرى اليمانية وقرب فيضان النيل , واستنتج الكهنة أن تقدير السنة بفترة 365 يومًا غير دقيق، وأن هذه الفترة ناقصة بربع يوم، وهو الكسر الذي تراكم على مدى  1460÷4= 365  ليكون سنة كاملة وأن السنة يجب أن تكون 365.25 يومًا.

وعلى ذلك كانت المناسبات تدور على أيام السنة كلها، وكان المصريون القدماء يعرفون هذا الاختلاف، إلا أن الكهنة الذين كانوا يشرفون على التقويم، وانطلاقًا من مفاهيم دينية، حافظوا على هذا العام الشارد ووقفوا ضد تصحيحه، وذكر هيرودوت في تاريخه أنه لما زار مصر واتصل بكهنتها أخبروه أن السنة المدنية المصرية تنقص ربع يوم عن السنة الشمسية وأن كل 1461 سنة مدنية تساوي 1460 سنة شمسية.

ومن هنا جاءت لاحقًا فكرة السنة الكبيسة، وأنه في كل أربع سنوات يتجمّع يوم زائد، فصارت الأيام الزائدة خمسة أيام (نسيء) في السنة العادية (البسيطة) و 6 أيام في السنة الكبيسة تضاف لنهاية العام.

وكان  التقويم مبنيًّا على أن السنة تتألف من اثني عشر شهرًا، كل منها ثلاثون يومًا وحيث توجد خمسة أيام زائدة كانت تسمى هذه الأيام بـ الأيام المضافة أو اللواحق، وهذه الأيام لا تحتسب كجزء من أي شهر فيها وكانت تلي نهاية الشهر الثاني عشر، أي في نهاية الصيف، وقد رتّب فيها وقت ابتداء العام الجديد ليكون في يوم الاعتدال الخريفي (عندما يتساوى الليل والنهار)، وهذا التقويم هو المسمى بتقويم توت.

إن تقسيم المصري القديم للسنة إلى 12 شهرًا ربما يعود لظهور القمر 12 مرة خلال هذه الفترة، كما وأن المصري القديم قسّم النهار إلى 12 ساعة، والليل إلى 12 ساعة أسوة بتقسيم السنة ، وهذا التقسيم ما زال معمولاً به للآن، ولم يقسّم المصري الساعة إلى وحدات أصغر كما فعل البابليون.

 

تصحيح التقويم المصري القديم:

لقد حدثت محاولتان لإصلاح التقويم المصري، الأولى بواسطة الهكسوس الذين احتلوا مصر، والثانية بواسطة بطليموس فرعون مصر.

كانت سنة الهكسوس ذات 354 أو 355 يومًا وتتألف من اثني عشر شهرًا قمريًا، وكان لدى الهكسوس نظام للتصحيح الدوري يسمح بالحفاظ على اتفاقه مع الدورة الشمسية، وقد أصلح الهكسوس التقويم المصري عند احتلالهم مصر، وكما ذكر أفلاطون فان ملك الهكسوس ساليتوس قرّر إصلاح التقويم المصري القديم، وأصبح العام المصري القديم المتكون من 365 يومًا أكثر توافقًا ودقّة مع الدورة الشمسية وذلك بإضافة الزيادة اللازمة له، إلا أن إصلاح التقويم لم يصمد، وانتهى العمل بهذا التقويم بعد انتصار المصريين وإلغاء سلطة الهكسوس، وكان هذا هو الإصلاح الأول.

وقد قام بطليموس فرعون مصر بتصحيح التقويم بتبنّيه نظام السنَة الكبيسة عام 328 قبل الميلاد، بإضافة مجموعة من ستة أيام (نسيء) إلى نهاية كل سنة رابعة بدلاً من خمسة أيام، وسمّاه عيد الإله (بطليموس وبعد موته لم يصمد التصحيح أيضًا.

كما وأن التقويم المصري القديم بدأ سنة 4241 قبل الميلاد على الأرجح، وكان أول السنة يبدأ في الخريف وفي الاعتدال الخريفي تقريبًا.

   

التقويم اليولياني نسخة معدّلة من التقويم المصري القديم:

وهذا التقويم نفسه هو الذي اعتمد عليه يوليوس قيصر عام 45 قبل الميلاد، وكان التقويم المصري لا يحتاج إلى إشراف كبير، والتعديل الوحيد الذي يحتاج إليه هو إضافة يوم واحد على آخر العام كل أربعة سنوات، مستفيدًا من الفلكي الإسكندري سوسيجينـز الذي صمّم  تقويمًا جديدًا سهّل الاستعمال، وسمي بالتقويم اليولياني.

وفي عام 325 بعد الميلاد أقرّ نظام التقويم اليولياني في كاتدرائية نيقيه كتقويم مسيحي شمسي جديد سمي باسم يوليوس ( التقويم اليولياني)، وكذلك هو مشهور باسم التقويم القديم، وكذلك التقويم الشرقي، نظرًا لعمل الطوائف المسيحية الشرقية به(الأرثذوكس)،  وفي هذا العام حلّ الاعتدال الربيعي في 21 مارس/آذار.

 وقد عدّل التقويم اليولياني عام 1582 ميلادي، وذلك بتعديل نظام الكبس بعد أن انزاح الاعتدال الربيعي عن موقعه عشرة أيام، وسمي منذ ذلك اليوم بالتقويم الجريجوري نسبةً إلى البابا جريجور الثالث عشر، وهو الذي تعتمده أغلب بلدان العالم حاليًا.

أما التقويم اليولياني، فما زال مستعملا لدى الطوائف المسيحية الشرقية (الأرثذوكس) ولأغراض دينية.  

 يتبع=

أعلى الصفحة     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية