وموقع معاوية وبني أمية وكل قريش المشركة، أو مسلمة الفتح
[الطلقاء] وكل ذرياتهم خارج هذا الحلف، بل جعلهم الله
تعالى حلفًا مع عتقاء الطائف!
وهذا التحالف بحكم الله لازم لأمة النبي(صلى الله عليه
وآله)، ولازم للطلقاء جميعًا، من وُجد
منهم في ذلك العصر، ومن يُولد
من ذرياتهم إلى يوم القيامة!
إنها الضربة النبوية القاصمة لطلقائه وعتقائه، بإبلاغ حكم
الله فيهم بأن إسلامهم تحت السيف لم يُدخلهم
في الأمة، وإخبار عنهم بأنهم لن يدخلوا، وسيبقون طلقاء أهل
بيت النبي(صلى الله عليه وآله)وعتقاءهم، إلا من صدر فيه
استثناء فصار من المسلمين!
فأين صار بنو أمية ومعاوية وأتباعهم ومن مهّد
لهم؟!
فقبل أن يدَّعوا
لهم الصحبة والفضائل، عليهم أن يحاولوا أن يدخلوهم في أمة
رسول الله(صلى الله عليه وآله)وحيِّزها، وهل يستطيعون ذلك
بعد أن أخرجهم النبي(صلى الله عليه وآله) بحديث صحيح السند
عندهم؟! وهل يستطيعون رفض رواته وما رووا في مصادرهم؟!
ماذا تراهم يصنعون بهذا الحديث الشريف: (عن جابر بن عبد
الله عن النبي(صلى الله عليه وآله)قال: المهاجرون والأنصار
بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والطلقاء من قريش
والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة)([1]).
وفي نهج البلاغة:3/30، من رسالة له(عليه السلام)الى
معاوية: (وزعمت أن أفضل الناس في الإسلام فلانٌ وفلان،
فذكرت أمرًا إن تم اعتزلك كله، وإن نقص لم تلحقك ثلمته!
وما أنت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس؟ وما للطلقاء
وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأولين وترتيب
درجاتهم وتعريف طبقاتهم. هيهات لقد حَنَّ قدحٌ ليس منها،
وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها!
ألا تربع أيها الإنسان على ظَلعك وتعرف قصور ذرعك؟ وتتأخر
حيث أخرك القدر، فما عليك غلبة المغلوب ولا لك ظفر الظافر
وإنك لذهَّابٌ في التيه، روَّاغٌ عن القصد)([2]).
وفي مروج الذهب ص694: (ثم تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن
أبي
سفيان فأبلغت، ولم تقصر عما أردت، وليس الأمر على ما ذكرت،
أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهرًا، ودانهم كبرًا،
واستولى بأسباب الباطل كذبًا ومكرًا؟!....
وإنما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله(صلى الله عليه
وآله)! فأنّى
تصلح الخلافة لطليق)!
وفي الغدير:10/30: (ومن كلام لابن عباس يخاطب أبا موسى
الأشعري: ليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة! واعلم يا
أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام، وأن أباه رأس الأحزاب،
وأنه يدَّعي
الخلافة من غير مشورة ولا بيعة).
وفي الامامة والسياسة لابن قتيبة:1/100، من كتاب ابن عباس
إلى معاوية
....(وإن الخلافة لا تصلح إلا لمن كان في الشورى، فما أنت
والخلافة؟ وأنت طليق الإسلام، وابن رأس الأحزاب، وابن آكلة
الأكباد من قتلى بدر ).
* * *
ويجري عندنا حكم الطليق أيضًا على العباس عم النبي(صلى
الله عليه وآله) وأولاده، ففي عيون أخبار الرضا(عليه
السلام):1/189، بسند صحيح: (عن معمر بن خلاد وجماعة قالوا:
دخلنا على الرضا(عليه السلام)فقال له بعضنا: جعلنا الله
فداك ما لي أراك متغير الوجه؟ فقال: إني بقيت ليلتي ساهرًا
متفكرًا في قول مروان بن أبي حفصة:
أنّى
يكون وليس ذاك بكائنٍ
|
|
لبني البنات وراثةُ الأعمام
|
ثم نمت فإذا أنا بقائل قد أخذ بعضادة الباب، وهو يقول:
أنى يكون وليس ذاك بكائنٍ
لبني البنات نصيبهم من جدهم
ما للطليق وللتراث وإنما
قد كان أخبرك القُرَانُ بفضله
أنَّ ابنَ فاطمةَ المنوَّهَ باسمه
وبقي([3])
ابنُ نثلة واقفًا مترددًا
|
|
للمشركين دعائم الإسلام
والعمٌّ متروك بغير سهام
سجد الطليق مخافة الصمصام
فمضى القضاء به من الحكام
حاز الوراثة عن بني الأعمام
يبكي ويسعده ذووا الأرحام).
|
ورواه في الاحتجاج:2/167، وفي هامشه: (يريد بالطليق العباس
بن عبد المطلب عم الرسول(صلى الله عليه وآله)، حيث أُسر
يوم بدر، أسره أبو يسر كعب بن عمرو الأنصاري، وكان رجلاً
صغير الجثة، وكان العباس رجلاً عظيمًا قويًا، فقال
النبي(صلى الله عليه وآله)لأبي اليسر كيف أسرته؟ قال:
أعانني رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده! فقال(صلى الله عليه
وآله): لقد أعانك عليه ملك كريم، ولما أمسى القوم والأسارى
محبوسون في الوثاق وفيهم العباس، بات رسول الله(صلى الله
عليه وآله)تلك الليلة ساهرًا فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك
يا رسول الله؟ قال: سمعت أنين العباس! فقام رجل من القوم
فأرخى من وثاقه شيئًا. فقال رسول الله(صلى الله عليه
وآله):
ما
لي لا أسمع أنين العباس؟ فقال رجل من القوم: أرخيت من
وثاقه شيئًا. قال(صلى الله عليه وآله): إفعل ذلك بالأسارى
كلهم([4]).
وفي تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص349: (فقال له
المغيرة بن شعبة: فما يمنعك من ابنك عبد الله؟ فقال له:
ويلك والله ما أردت الله بذلك، كيف أستخلف رجلاً لم يحسن
أن يطلّق
امرأته؟! فقيل له: فألا أدخلت فيهم العباس؟ فقال: العباس
طليق، وهذا أمر لا يصلح لطليق ). انتهى.
واعترفوا بأن معاوية من المؤلفة قلوبهم وزعموا أنه إمام!
قال الله تعالى:
{إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ
وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ}([5]).
يتبع =
ـــــــــــــــــــــــــ
([1])
وقد
روته بلفظه أو بنحوه مصادر السنيين بأسانيد عديدة
صحيحة وفيها على شرط الشيخين! كما في مسند
أحمد:4/363 بروايتين؛
ومجمع الزوائد:10/15، بعدة روايات وقال في بعضها:
(رواه أحمد والطبراني بأسانيد وأحد أسانيد
الطبراني رجاله رجال الصحيح، وقد جوده فإنه رواه
عن الأعمش عن موسى بن عبد الله...)؛
ومسند أبي يعلى:8/446؛
وصحيح ابن حبان:16/250؛
والمعجم الكبير:2/309، و313، و214، و316، و343،
و347، و:10/187؛
وموارد الظمآن:7/271؛
والدر المنثور: 3/206؛
وفتح القدير:2/330؛
وعلل الدارقطني: 5/102؛
وتاريخ بغداد: 13/46؛
وتعجيل المنفعة ص414؛
والأنساب للسمعاني: 4/152؛
وذكر أخبار إصبهان:1/146؛
والنصائح الكافية لكل
من
يتولى معاوية ص140.
ورواه من مصادرنا الطوسي في أماليه ص268..
([2])
ورواه في الاحتجاج: 1/259؛
وفتوح ابن الأعثم: 2/560؛
وصبح الأعشى: 1/155 .
([4])
راجع تاريخ الطبري: 2/288.
|