العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = الاستنساخ

ما ذكر من مدرك للتحريم:

منها: أنه يوجب اختلال النظام لأنه يؤدي إلى اختلاط الأنساب.

وفيه:

أولاً: أن الاستنساخ لا يؤدي إلى اختلال النظام لأنه لا يُنتج نسخة مطابقة للأصل مائة في المائة لما قيل من أن البويضة لا تفرغ من نواتها تمامًا، فهو نظير التوائم التي لا تخلو من العلامات المائزة.

قال بعض أهل الخبرة في الأمر: إن المستنسخ لا يأتي شبيهاً بالأصل تمامًا، والسبب أنه عندما تنزع النواة من البويضة يبقى فيها بعض الخصائص حول النواة، إذْ لا تنزع النواة ولا تفرغ تمامًا.

وقال عالم النفس جروس كاجان من جامعة هارفارد: لن يمكن الحصول على نسخة مشابهة تمامًا كما حدث مع دوللى.

وثانيًا: لو سلمنا أن المستنسخ يطابق الأصل تمامًا، فيمكن منع تلك الأمور بوضع علامات لتلك النسخ كالأرقام وغيرها كما يُفعل مع الأمور المتشابهة والمثلية.

نعم إن سلمنا بأن الاستنساخ يؤدي إلى اختلال النظام فيحرم بلا شك.

ومنها: إنه مخالف لقوله تعالى{فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً}([i]).

 وفيه: إن هذه الآية والله العالم ناظرة إلى ما كان يفعله أهل الجاهلية والمشركون من تبتيك وقطع آذان بعض الأنعام قبل منحها للأصنام علامة على أنها موقوفة لها ثم يلتزمون بحرمتها على أنفسهم فلا ينتفعون بها في شيء، فما هو عمل الشيطان ليس هو مجرد تغيير هيئتها وقطع آذانها بل ما استتبع القطع من وقفها للأصنام وتحريمها على أنفسهم، وهو تشريع محرم ولا ربط لها بالاستنساخ.

ومنها : إنه مخالف لما فطر الله عليه من التكاثر بواسطة الزواج والعلاقة الجنسية الشرعية.

وفيه : أنه لا دليل على انحصار التولّد من خلال الاتصال الجنسي.

ومنها: وأما ما قيل من أنها تستلزم إتلاف عدد كبير من البويضات والخلايا حتى تنجح عملية واحدة.

ففيه: أنه لا يحرم إتلاف البويضة والخلية قبل أن تصبح مبدأ نشوء الجنين فلا يضر إتلافها قبل الانعقاد.

وبذلك اتضح الجواب عن ما استند إليه القوم في التحريم من المحاذير الأخلاقية وغيرها، نعم هذه الأمور تستدعي الإقلاع عن تكاثر الإنسان بهذه الطريقة لما فيها من محاذير أخلاقية لا تصل إلى حدّ التحريم، لكنها غير محبّبة لأن التولد من خلال الزواج والحياة الأسرية لها فوائد جليلة، فإن الولد عندما يعرف بتضحية والديه من أجله وشقاء أمه بحمله يدفعه إلى البرّ بهما وعدم عقوقهما وتعم الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة، بالإضافة إلى تنشئة ذلك الطفل في بيئة أسرية ترعاه رعاية سليمة، ولهذا اختارها الله تعالى للتناسل والتكاثر.

فيمكن القول بأن الاستنساخ يحرم الإنسان من فوائد عظيمة جسدية وروحية لا يمكن للاستنساخ أن يمنحها للإنسان بينما يحصل عليها عن طريق التناسل الجنسي والحياة الأسرية السليمة.

استنساخ الأعضاء:

هناك نوع آخر من الاستنساخ وقد جوزه بعض من منع من استنساخ الإنسان الكامل و هي استنساخ الأعضاء بغرض زرعها لمن يحتاج إلى ذلك العضو بدل أن ينتظر من يصاب بحادث حتى ئؤخذ أعضاؤه وهو أمر ذو فائدة عظيمة لكن ما هو حكمه الشرعي.

يتبع =

ـــــــــــــــــ

([i]) سورة النساء الآية 119.