مقدمة عن التكفير
التكفير مأخوذ من مادة كفر، فلا بد أولاً من معرفة مفهوم
الكفر ومن له حق التكفير.
الكفر لغة: هو الجحد والإنكار ضد الإيمان، فالشاك في الله
تعالى وفي وحدانيته أو في رسالة الرسول (صلى الله عليه
وآله) ما لم يجحد شيئًا منها لا يكون كافرًا لغة. وقد يطلق
على الستر والإخفاء وسمي الزارع كافرًا لأنه يستر الحبة
بالتراب، قال سبحانه:
{كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}
أي الزرّاع(1).
ولكن الظاهر صدقه على الشاك في عرف الشارع والمتشرعة كما
يظهر ذلك بالتدبر في النصوص والفتاوى، وعليه فالكافر هو:
من كان منكرًا للألوهية أو التوحيد أو الرسالة أو المعاد
أو ضروريًا من ضروريات الدين مع الالتفات إلى كونه ضروريًا
بحيث يرجع إنكاره إلى إنكار الرسالة، وهذه الضوابط مستفادة
من الشريعة(2).
وقال البخاري: المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها
بارتكابها إلا بالشرك، لقول النبي (صلى الله عليه وآله):
إنك امرؤ فيك جاهلية، وقول الله تعالى
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ
أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
يَشَاءُ}(3). ولا يحق لأحد أن يكّفر
غيره بناء على أمور يخترعها من عند نفسه بل لا بد من العمل
بالضوابط الشرعية.
ومع هذا فقد شهد التاريخ على مر العصور ظهور عدة مجموعات
تكفيرية كانت تكفر خصومها وإنْ تشهدوا الشهادتين وحجّوا
وصلّوا وصاموا وعملوا بما أمر الله تعالى، منهم:
1 - الخوارج:
وهم الفئة التي خرجت على الإمام علي بن أبي طالب (عليه
السلام)، ويغلب على هذه الفرقة الانفعال والتطرّف في
السلوك، والتزمّت في الدين والتحجّر في الفكر، تكوّنت بعد
معركة صفين، بسبب رفضها لنتيجة التحكيم، وبناء على ذلك
يكون تأسيسها في منتصف القرن الأول الهجري، وأصبحت العبارة
التي قالها أحدهم (لا حُكم إلا لله) شعار هذه الطائفة.
وقد كفرّوا كل من ليس معهم حتى الإمام عليًا (عليه
السلام)، وزعموا أنه (عليه السلام) ومن معه من المسلمين
أشركوا بالله تعالى، واستحلوا -أي الخوارج- دماء المسلمين
وأموالهم وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب، ومع هذا لم
يكفرّهم الإمام (عليه السلام)، فقد روي أنه (عليه السلام)
سئل عن أهل النهروان: أمشركون هم ؟ فقال: من الشرك فرّوا.
قيل: أفمنافقون ؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا
قليلاً.
فقيل فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال: إخواننا بغوا علينا
فقاتلناهم ببغيهم علينا(4).
وقد افترق الخوارج عدة فرق، أكبرها: المحكّمة والأزارقة،
والنجدات والبيهسية، والعجاردة، والثعّالبة، والإباضية،
والصفرية، والباقون فروع لهم، وهم يكفرون أصحاب الكبائر،
ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقًا واجبًا...
وأول من بويع بالإمامة منهم عبد الله بن وهب الراسبي...
وكانت بعض فرقهم وهم الأزارقة يُبيحون قتل أطفال ونساء من
يخالفهم الرأي والعقيدة(5).
2- ومنهم جماعة التكفير والهجرة:
وهي جماعة غالية نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر،
وبعد إطلاق سراح أفرادها، تبلورت أفكار ومبادئ هذه الجماعة
في السجون المصرية، وخاصة بعد اعتقالات سنة 1965م التي
أعدم على إثرها سيد قطب وإخوانه بأوامر من جمال عبد
الناصر.
وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة، ومن
خلال الاسم الذي أطلقوه على أنفسهم يظهر العنصران اللذان
يعتبران ركنين أساسين لفكرها، وهما:
1- التكفير، وهو الركن الأول في أفكار ومعتقدات هذه
الجماعة، فهم يُكفّرون كل من ارتكب كبيرة وأصرّ عليها ولم
يتب منها، وكذلك يكفّرون الحُكّام الذين لا يحكمون بما
أنزل الله تعالى، ويكفّرون المحكومين أيضًا لأنهم رضوا
بذلك وتابعوهم، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يُكفّروا
هؤلاء ولا أولئك، كما يكفّرون كل من عرضوا عليه فِكرَهم
فلم يقبله أو قبله ولم ينضم إلى جماعتهم ويبايع إمامهم.
أما من انضم إلى جماعتهم ثم تركها فهو مرتد حلال الدم،
وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع
إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين.
2- الهجرة، وهي الركن الثاني في فكر هذه الجماعة، ويقصدون
بها العزلة عن المجتمع الجاهلي، وعندهم أن كل المجتمعات
الحالية هي مجتمعات جاهلية. ويقصدون بالعزلة العزلة
المكانية والعزلة الشعورية، بحيث تعيش الجماعة في بيئة
تتحقق فيها الحياة الإسلامية الحقيقية وفي الوقت ذاته
عليهم أن يكفّوا عن الجهاد حتى تكتسب جماعتهم القوة
الكافية..
ولقد انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة
الصعيد على الخصوص، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل
اليمن والأردن والجزائر... وغيرها.
من أهم شخصياتهم:
علي إسماعيل: كان إمام هذه الجماعة من الشباب داخل
المعتقل، وهو أحد خريجي الأزهر وشقيق الشيخ عبد الفتاح
إسماعيل، أحد الستة الذين تم إعدامهم مع السيد قطب، وقد
صاغ علي إسماعيل مبادئ العزلة والتكفير لدى الجماعة، إلا
أنه رجع إلى رشده وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان
ينادي بها... فبايعوا بعده شكري مصطفى بالإمارة داخل
السجن، وفي 21 نيسان 1974م وبعد حرب 1973م صدر قرار جمهوري
بالعفو عن شكري مصطفى وجماعته...
وبعد مواجهات شديدة بين أعضاء الجماعة والسلطات المصرية تم
إلقاء القبض على المئات من أفراد الجماعة وتقديمهم
للمحاكمة سنة 1977م، وحُكم بإعدام خمسة من قادتهم، على
رأسهم شكري مصطفى، وماهر عبد العزيز بكري، ونُفّذ فيهم
الحكم صبيحة زيارة السادات للقدس، وسجن باقي أفراد
الجماعة، واتخذت هذه الجماعة بعد ذلك طابع السرية في العمل
فكان وجودها غير ملحوظ ولا مؤثر منذ تلك الفترة(6).
3- ومنهم الوهابيون والسلفيون:
وهذه الفرقة التي انتشرت في كل أنحاء المعمورة في زماننا،
والتي تحمل فكرًا تكفيريًا مغاليًا - والتي تنتمي إليها
الفرق التكفيرية الإرهابية كالقاعدة وفروعها من قاعدة
الجهاد في شبه الجزيرة العربية، وقاعدة منطقة شرق آسيا،
خاصة أفغانستان وباكستان، حيث يتواجد بمنطقة القبائل
الجبلية بين الدولتين أعضاء التنظيم وبعض من قياداته،
وقاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي، وقاعدة الجهاد في
بلاد الرافدين، وقاعدة الجهاد في أوروبا... وبعض الفروع
كفتح الإسلام وجند الشام وعصبة الأنصار وغيرها مما يجمعها
عقيدة وأيديولوجية واحدة(7)- هي التي نريد
البحث عن فكرها التكفيري وجذورها التاريخية، وقد أطلقوا
على أنفسهم لقب السلفيين ويقصدون به الرجوع إلى السلف
الصالح من الصحابة والتابعين، إلا أنهم في الحقيقة هم
أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، نعم يدّعون الانتساب
إلى أحمد بن حنبل لكنهم خالفوه في أكثر الأمور.
وسنتعرف عليهم من خلال أحد مشايخهم ناصر الدين الألباني
لنرى ماذا يقولون عن أنفسهم، قال:
"قد يقول البعض إنها دعوة طارئة وجديدة، وإن أقدم
من تنتسب إليه هو شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم ابن عبد
الوهاب في العصر الحالي، وهذه فكرة خاطئة، بل هي باطلة،
وإنما الدعوة السلفية هي دعوة الإسلام الصحيح نفسه، دعوة
الكتاب والسنة التي جاء بها محمد (ص)، وكانت خاتمة
الدعوات، وآخر الشرائع، وآخر الأجيال، وإنما لم يكن يطلق
عليها ذلك؛ لأنه لم يكن هناك حاجة آنذاك، فالمسلمون
الأولون كانوا على الإسلام الصحيح، فلم تكن هناك حاجة أو
داعٍ للقول: الإسلام السلفي... ولم يكن هناك شذوذ ولا
انحراف، ولكنها بدأت تظهر شيئًا فشيئًا عندما بدأت الأفكار
الأخرى تظهر، وعندما بدأت هذه الثقافات الأجنبية تؤثر في
المسلمين، فتحرف بعضها، وتزين لبعضهم أشياء تخالف الإسلام
في العقائد وغيرها. حين ذلك بدأ أئمة المسلمين من صحابة
وتابعين ومن بعدهم يوجهون إلى خطورة هذه الدخائل
والمحدثات، فكانت تظهر وتشتد الدعوة شيئًا فشيئًا كلما
زادت هذه المحدثات، والثقافات التي تؤثر في المسلمين.
وكان من أبرز من ميز هذه الدعوة ووضحها بجلاء
الإمام أحمد بن حنبل حيث ظهرت فتنة خلق القرآن في زمانه،
وأُرِيْدَ حملُ الناس جميعًا على هذه الفكرة المحدثة
الباطلة، فصمد ذلك الصمود المثالي، وكان معه جمهور
المسلمين بقلوبهم وأرواحهم.
وكان أولئك المعتزلة في خط آخر خارج النطاق، فتميزت
الدعوتان، وظهر الخلط بين الاتجاهين: بين اتجاه الرأي
وأصحاب الرأي، أصحاب تقديم العقل على النقل، الذين لا
يعتدون بنصوص الكتاب والسنة، ولا يعتدون بهدي السلف
الصالح، وبين من يجعل الأساس الكتاب والسنة، ويجعل الأساس
هدي السلف الصالح.
وهكذا أخذت تتميز الدعوة السلفية شيئًا فشيئًا كلما
ازداد المسلمون بعدًا عن دينهم الصافي الحقيقي، وكلما أخذت
الأفكار الأجنبية، والثقافات الدخيلة على الإسلام تظهر
وتشتد.
وفي زمن شيخ الإسلام ابن تيمية كان ذلك قد استفحل،
وكانت الثقافات والتفسيرات الفكرية قد تضخمت حتى صرفت أكثر
المسلمين، فلم يبق إلا قلة نادرة غريبة عن المجتمع هم
الذين بقوا يحافظون على دعوة الكتاب والسنة، ويتقيدون
بطريق السلف الصالح، فحينئذٍ ظهرت الحاجة الملحة إلى توضيح
هذه الدعوة وإلى تمييزها، وكانت كتابات شيخ الإسلام
الكثيرة التي ميز بها الإسلام الصحيح الذي كان عليه الرسول
(ص) وأصحابه... فلذلك في زمنه ظهر هذا الاسم دعوة السلف،
ومنهج السلف، وطريقة السلف، وإن كانت قد استعملت هذه
الكلمات قبله أيضًا.
... وقد تابع هذه الدعوة تلاميذ الإمام ابن تيمية،
ابن القيم، وابن كثير، وغيرهما على مر العصور، لكنهم كانوا
مُحارَبين مضطهدين، فمات منهم من مات في السجون، وقتل منهم
من قتل، وعُذب من عُذب...
ثم جدد هذه الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
في "نَجْد"، حينما كانت في ظلام دامس، وحينما كانت
الوثنيات تسيطر على البلاد، فتثقف بثقافة شيخ الإسلام وأخذ
عنه، وقرأ كتبه، وأخذ ينشرها ويدعو إليها، وناله من جراء
ذلك الأذى الكثير، وحرب العوام، ولكن وفقه الله عز وجل مع
من أيده من الأمراء السعوديين الأوائل، كان من ذلك أن ظهرت
هذه الدعوة وأثرت في المسلمين، ووصلت إلى بلدان كثيرة، وما
تزال منها بقية في بلاد السعودية وغيرها"انتهى
(8).
ولمعرفة جذورهم التاريخية وحقيقة أمرهم وأسباب عقائدهم
وأفكارهم التكفيرية نرجع إلى تاريخ أحمد بن حنبل، وابن
تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب الذين يَنتسب إليهم السلفيون:
أحمد بن حنبل
هو أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، ولد
ببغداد سنة 164هـ ونشأ فيها، ومات والده وهو صغير فتعهدته
أمه ووجهته إلى دراسة العلوم الدينية، فحفظ القرآن وتعلم
اللغة، وفي الخامسة عشرة من عمرة بدأ دراسة الحديث وحفظه،
وفي العشرين من عمره بدأ في رحلات طلب العلم فذهب إلى
الكوفة ومكة والمدينة والشام واليمن ثم رجع إلى بغداد،
وكان من أكبر تلاميذ الإمام الشافعي ببغداد. كما تعلم أحمد
على يد كثير من علماء العراق، منهم (إبراهيم بن سعيد)
و(سفيان بن عيينة) و(يحيى بن سعيد) و(أبو داود الطيالسي)
حتى أصبح صاحب مذهب مستقل.
ارتبط اسمه بمسألة كلام الله تعالى وخلق القرآن، تلك
المسألة التي كانت مطروحة على ساحة البحث منذ زمن الأئمة
من أهل البيت (عليهم السلام)، وأُثيرت من جديد في عهد
خلافة المأمون العباسي سنة 212هـ وصارت مثارًا للجدل
لسنيين طوال، وعصفت بالمسلمين واحتد النزاع واتخذت منحى
عنفيًا، ولذا قال السلفيون إن الانحراف عن السلف ابتدأ من
زمن المأمون سنة 212هـ. وقد ألزم المأمون العلماء بتبني
رأي المعتزلة وهو القول بخلق القرآن ومن أبى تعرّض للسجن
والضرب وحُرم من مناصب الدولة.
وقد طورد بعض أصحاب هذا القول وزجّوا في السجون وآثر بعضهم
السفر ونأى بنفسه ليسلم(9)، وأدت إلى إراقة
الكثير من الدماء، واضطهاد وتعذيب الكثير من العلماء، منهم
إمام المذهب الحنبلي. وأضرّت بسلامة الدولة العباسية
وأمنها واستقرارها كما قال صاحب الرياض(10):
"كان أحمد بن حنبل من أبرز وأشد المخالفين للقول بخلق
القرآن فقد قال:
إن القرآن هو كلام الله الأزلي القائم بذاته تعالى،
ولم يركن إلى ما قاله المأمون بل خالفه، وقال بكفره وكفّر
كل من يقول بخلق القرآن مستندًا في ذلك إلى ما روي عن
النبي (صلى الله عليه وآله) القرآن كلام الله تعالى غير
مخلوق ومن قال أنه مخلوق فقد كفر بالله العظيم".
بل قال محمد بن يحي(11):
القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته، ومن زعم
أن القرآن مخلوق فقد كفر وخرج من الإيمان وبانت منه امرأته
ويُستتاب فإن تاب وإلا ضُربت عنقه وجُعل ماله فيئًا
للمسلمين ولم يُدفن في مقابر
المسلمين، ومن توقف فقد ضاهى الكفر.
وقد ردّ ابن الجوزي الحديث في كتابه الموضوعات:
أولا: بالضعف وعدم الثبوت، لأن في سنده محمد بن عبيد، وقد
قال عنه الدارقطني إنه يكذب ويضع الحديث.
وثانيًا: بأن هكذا مسألة فلسفية دقيقة كيف نجعلها من شرائط
الإسلام والإيمان ؟ وكيف نُكلف بها العوام ثم نكّفر من
ينكرها(12).
وقد قام المأمون بمعاقبة أحمد بن حنبل ومنعه من التدريس،
وسجنه في سنة 218هـ على يد (إسحاق بن إبراهيم الخزاعى)
نائب المأمون، ثم سيق مكبلاً بالحديد حيث يقيم المأمون
خارج بغداد، غير أن المأمون توفي قبل وصول أحمد بن حنبل،
وتولى الخلافة بعد المأمون أخوه المعتصم، فسار على طريقة
المأمون في هذه المسألة، فسجن أحمد لما يقرب من ثمانية
وعشرين شهرًا، ولما لم يُغيّر أحمد رأيه ولم يرجع عن
عقيدته ومذهبه أطلق سراحه وعاد إلى التدريس.
ثم توفي المعتصم سنة 227هـ، وتولى بعده الواثق بالله فأعاد
المحنة لأحمد، ومنعه من مخالطة الناس، ومنعه من التدريس
أكثر من خمس سنوات حتى توفي الواثق سنة 232هـ. وتولى
الخلافة بعده المتوكل سنة 232 فأبطل القول بخلق القرآن
وكرّم أحمد وبسط له يد العون وقربه إليه، ولذا قال بعض
الوهابية بأن المتوكل على الله العباسي كان سلفيًا يحب أهل
السنة والجماعة(13) بل وصفوه بأنه محيي السنة
ومميت البدعة(14).
مرض أحمد في أول شهر ربيع الأول من سنة 241هـ ومات ليلة 12
ربيع الأول ودفن في بغداد(15).
وقد جمع تلاميذ أحمد من بعده مسائل كثيرة في الفقه والفتوى
ودونوها، وتناقلها بعضهم عن بعض في مجاميع كبيرة كما صنع
ابن القيم في كتابيه المغنى والشرح الكبير، ولم يدوّن أحمد
مذهبه في الفقه كما لم يُمله على أحد من تلاميذه كراهة
اشتغال الناس به عن الحديث، وهو بهذا على غير منهج أبي
حنيفة الذي كان يدوّن عنه تلاميذه في حضوره، ومالك الذي
كان يدوّن بنفسه، وكذا الشافعي، فالجميع قد تركوا فقهًا
مدونًا بخلاف أحمد فلم يترك فقهًا مدونًا إلا أن تلاميذه
من بعده قاموا بتدوين ما سمعوه منه، ومن هؤلاء محمد بن
إسماعيل البخاري صاحب الصحيح، ومسلم بن الحجاج النيسابوري
صاحب صحيح مسلم، وأبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ البغدادي
المعروف بالأثرم وهو من أشهر من دوّن الفقه لأحمد في كتاب
(السنن في الفقه) على مذهب أحمد وشواهده من الحديث. ومن
أشهرهم أيضًا (أبو بكر أحمد بن الخلال) في كتاب الجامع،
وما دوّنه أبو بكر في هذا الكتاب يُعد نقلاً عن تلاميذ
أحمد.
نعم كتب أحمد في غير الفقه، فألّفَ مجموعة من الكتب، منها
المسند، والتفسير، والناسخ والمنسوخ، والتاريخ، وحديث
شعبة، والمقدم والمؤخر في كتاب الله تعالى، وجوابات
القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف(16).
ابن تيمية:
هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله تقي
الدين ابن تيمية. ولد في 10 ربيع الأول سنة 661هـ في
حران، وهي بلدة تقع في الشمال الشرقي من بلاد الشام، في
جزيرة ابن عمرو بين دجلة والفرات.
وحين استولى المغول على بلاد حران وجاروا على أهلها، انتقل
مع والده وأهله إلى دمشق سنة 667هـ، فنشأ فيها وتلقى على
أبيه وعلماء عصره العلوم المعروفة في تلك الأيام.
كانت أمه تسمى تيمية، وكانت واعظة فنسب إليها وعرف بها.
وَقدِم مع والده إلى دمشق وهو صغير. قرأ الحديث والتفسير
واللغة، عاش 67 سنة، ولم يتزوج طيلة حياته ولم يبّين السر
في عزوفه عن الزواج.
ترك كتبًا كثيرة في العقائد والفقه... لقب بشيخ الإسلام
ابن تيمية. تنتسب إليه الفرقة الوهابية التي جددت عقائده
وأفكاره وروّجت لها.
عُرف بفتاويه التكفيرية، فقد كفّر كل من يتوسّل بالأنبياء
والصالحين لقضاء حوائجهم، وقال: إنه شرك صريح، يُستتاب
صاحبه، فإن تاب وإلا قتل(17). وقال: قصد زيارة
المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام بدعة(18).
وحرّم السفر لزيارة النبي (صلى الله عليه وآله) وجعلها من
البدع وأسباب الشرك وعبادة الأوثان(19).
وكفّر من ينكر رؤية الله تعالى، قال: والذي عليه جمهور
السلف أن من جحد رؤية الله تعالى في الدار الآخرة فهو
كافر، فإن كان ممن لم يبلغه العلم في ذلك عُرّف ذلك، كما
يُعرّف من لم تبلغه شرائع الإسلام، فإن أصر على الجحود بعد
بلوغ العلم له فهو كافر(20).
ومن أراد معرفة بعض فتاويه الضالة فليراجع كتاب شفاء
السقام في زيارة خير الأنام للإمام تقي الدين السبكي.
وقد سجن أكثر من مرة لأجل آراءه وعقائده الفاسدة وتكفيره
للمسلمين، وذلك عندما أحس أهل ذلك الزمان أن جميع تعاليمه
ومبادئه شر وبلاء على الإسلام والمسلمين يجر عليهم
الويلات، وأي شر وبلاء أعظم من تكفير قاطبة المسلمين على
اختلاف نزعاتهم.
1- فقد سجن بمصر عندما شكاه فقهاء الشام إلى الملك الناصر،
فأمر بإحضاره إلى القاهرة ثم حبسه في سجن قلعة الجبل لمدة
سنة ونصف، ثم إنّ أمه توسلت إلى الملك وشكت إليه، فأمر
بإطلاقه ورحل إلى دمشق.
2- ثم أعيد إلى مصر مرة أخرى فسجن في برج الإسكندرية
ثمانية أشهر وأُخرج بعدها وأقام في القاهرة مدة ثم عاد إلى
دمشق.
3- ثم حبس في قلعة دمشق بعد إصراره على آرائه ثم أفرج عنه
بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون واستمر في التدريس
والتأليف.
4- إلى أن حبس في سجن القلعة وبقي في السجن إلى أن مات عن
67 عامًا(21)، وكان سبب سجنه آخر مرة كما يقول
ابن بطوطة الذي كان يمر بدمشق آنذاك وسمعه يقول في خطبة
الجمعة: إنّّ الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا،
ونزل درجة من درج المنبر فرفع فقهاء المالكية والشافعية
أمره إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكز، فكتب إلى الملك
الناصر بذلك، وكتب عقدًا شرعيًا على ابن تيمية بأمور
منكرة، وبعث العقد إلى الملك الناصر الذي سجنه في سجن
القلعة إلى أن مات(22).
واستند ابن تيمية في إثبات عقيدته في التجسيم إلى آية
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى}(23) ونحوها والى الحديث
القائل: (إن الله ينزل في كل ليلة إلى الأرض، ثم يعود إلى
عرشه أول الصباح)!!، ونحوه مما يجب تأويله(24).
وقد استتيب ابن تيمية من التجسيم والتشبيه بحق الله تعالى
في وثيقة خطية موقّعة منه ومن قضاة المذاهب الأربعة، بدر
الدين بن جماعة الشافعي، ومحمد بن الحريري الأنصاري
الحنفي، ومحمد بن أبي بكر المالكي، وأحمد بن عمر المقدسي
الحنبلي، ومما جاء فيها من كلام ابن تيمية:
والذي أعتقده في قوله تعالى:
{الرَّحْمَنُ عَلَى
الْعَرْشِ اسْتَوَى} أنه على ما قال الجماعة
الحاضرون وليس على حقيقته وظاهره، ولا أعلم كنه المراد به،
بل لا يعلم ذلك إلا الله، والقول في النزول كالقول في
الاستواء أقول فيه ما أقول فيه لا أعرف كُنه المراد به بل
لا يعلم ذلك إلا الله، وليس على حقيقته وظاهره كما قال
الجماعة الحاضرون، وكل ما يخالف هذا الاعتقاد فهو باطل،
وكل ما في خطي أو لفظي مما يخالف ذلك فهو باطل، وكل ما في
ذلك مما فيه إضلال الخلق أو نسبة ما لا يليق بالله إليه
فأنا بريء منه فقد تبرأت منه وتائب إلى الله من كل ما
يخالفه.
وكل ما كتبته وقلته في هذه الورقة فأنا مختار في
ذلك غير مكره... كتبه أحمد بن تيمية حسبنا الله ونعم
الوكيل الخميس سادس شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعمائة(25).
وكان ابن تيمية شديد العداء لأهل البيت ومبغضًا لهم ومحبًا
لأعدائهم ومدافعًا عنهم، وكان يكذّب لأجلهم أحاديث الرسول
والأئمة والصحابة والتابعين، ويزوّر حقائق التاريخ التي
تواتر نقلها وأجمع عليها أهل العلم قاطبة، وصنف كتابا
أسماه (فضائل معاوية) وذكر فيه أن يزيد لا يجوز سبّه لعدم
ثبوت فسقه، هذا مع أن الذي ثبت عن السلف أنه لا يصح في
فضائل معاوية ولا حديث واحد. نقل ذلك الحافظ الذهبي عن
إسماعيل بن راهويه الذي كان يُقرن بالإمام أحمد بن حنبل(26).
وثبت ذلك عن النسائي صاحب السنن، الذي طلب منه أهل دمشق أن
يكتب في فضائل معاوية، فقال: ما أعرف له فضيلة إلا: انه
"لا أشبع الله بطنه"!(27).
وثبت عن الحسن البصري أكثر من ذلك، حيث قال: أربع خصال كنّ
في معاوية، لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة:
1- انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير
مشورة، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة.
2- واستخدامه بعده ابنه -يزيد- سكيرًا خميرًا يلبس الحرير
ويضرب بالطنابير.
3- وادعاؤه زيادًا وقد قال رسول الله (صلى الله عليه
وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر.
4- وقتله حجر بن عدي وأصحاب حجر، فيا ويلا له من حجر، ويا
ويلا له من حجر!(28).
أما في يزيد فقد زوّر ابن تيمية حديث الإمام أحمد وبتره
لأجل أن يمنع من لعنه، وسيأتيك قريبًا تفصيله.
ثم زوّر كل ما ثبت من حقائق التاريخ وكلام السلف فيه
وافترى عليهم كثيرًا لأجل أن يختلق عذرًا ليزيد. لأنه من
أعداء آل البيت. فقال: إن يزيد لم يظهر الرضى بقتل الحسين،
وإنه أظهر الألم لقتله! انتهى(29).
مع أن التفتازاني قد نقل إجماع السلف في هذه المسألة، فقال
في كتابه (شرح العقائد النسفية) ما نصه:
"اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين، أو أمر
به، أو أجازه، أو رضي به. والحق أن رضى يزيد بقتل الحسين
واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه
وآله) مما تواتر معناه وإن كان تفصيله آحادا، فنحن لا
نتوقف في شأنه، بل في كفره وإيمانه، لعنة الله عليه وعلى
أنصاره وأعوانه "(30).
وكذّب قصة نقل رأس الحسين (عليه السلام) إلى يزيد ونكثه
بالقضيب(31).
وقد دفعه حقده لأهل البيت إلى مخالفة إمامه أحمد بن حنبل
الذي لعن يزيد رغم أنه قال لابنه صالح بأنه لم يلعن أحدًا،
وبتر حديث ابن حنبل الذي لعن فيه يزيد عليه اللعنة في
كتابه(32)، ولم يذكر فقرة اللعن بل اكتفى من
الرواية إلى عند "ومتى رأيت أباك يلعن أحدًا".
وإليك الحديث بتمامه:
سئل أحمد بن حنبل: أتكتب حديث يزيد؟
فقال: لا، ولا كرامة، أو ليس هو الذي فعل بأهل
الحرة ما فعل؟!
وقيل له: إن قوما يقولون إنا نحب يزيد!
فقال: وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟!
فقال له ابنه صالح: لم لا تلعنه ؟
فقال الإمام أحمد: ومتى رأيت أباك يلعن أحدًا.
ثم قال أحمد: ولم لا يُلعن من لعنه الله تعالى في
كتابه؟!
فقيل له: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟
فقرأ أحمد قوله تعالى:
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي
الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى
أَبْصَارَهُمْ}.
ثم قال: فهل يكون فساد أعظم من القتل؟!(33).
ولأجل بغضه لأهل البيت (عليهم السلام) كان يحب اليزيديين،
وهم فرقة غالت بيزيد وعدي بن مسافر وعُرفت بالعدوية، نسبة
إلى عدي بن مسافر الأموي فأضافت إليهما صفات الخالق جلّ
وعلا. فكتب إليهم كتابًا ذكره في كتابه الوصية الكبرى،
يفوح منه التبجيل والاحترام استهله بقوله:
"من أحمد بن تيمية إلى من يصل إليه هذا الكتاب من
المسلمين المنتسبين إلى السنة والجماعة، والمنتمين إلى
جماعة الشيخ العارف القدوة أبي البركات عدي بن مسافر
الأموي، ومن نحا نحوهم، وفقهم الله لسلوك سبيله... سلام
عليكم ورحمة الله وبركاته... (34).
ورغم تأكيد القرآن على مودة آل البيت وتطهيرهم من الرجس
ونزول الآيات الكثيرة بحقهم، ورغم أحاديث النبي (صلى الله
عليه وآله) التي ملأت الكتب، من قبيل قول رسول الله(صلى
الله عليه وآله) في علي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله
عليهم أجمعين): (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرًا)(35)، وحديث الثقلين وغيرها...
رغم ذلك كله، فإن ابن تيمية قال بالحرف الواحد:
إن فكرة تقديم آل الرسول هي من أثر الجاهلية في
تقديم أهل بيت الرؤساء
!(36).
وقال في منهاج السنة في حق الإمام الحسين السبط (عليه
السلام) الذي قام لإحياء دين جده (صلى الله عليه وآله):
خرج على إمام ذي سلطان وهو -أي الخروج- رأي فاسد(37).
وكذب حديث مؤاخاة النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه
السلام) رغم تواتر نقله وإجماع أصحاب السير عليه -كما نص
في كتابه منهاج السنة(38)-.
ورد على من قال بأن معاوية كان باغيًا، قال:
فمن قدح في معاوية بأنه كان باغيًا، قال له
النواصب: وعلي أيضًا كان باغيًا ظالمًا.. قاتل الناس على
إمارته وصال عليهم.. فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدًا
للعلو في الأرض والفساد، وهذا حال فرعون، والله تعالى
يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)، فمن أراد العلو في
الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة!(39).
وكان كثيرًا ما يسيء الأدب مع العلماء الذين يخالفونه حتى
في الفتيا، فإذا أفتى فقيه بخلافه، يرد عليه بقوله: من قال
هذا فهو كالحمار الذي في داره!
وكان كثير السب لابن عربي والعفيف التلمساني والإمام
الغزالي والفخر الرازي، ويكثر النيل منهم والتهكّم عليهم
ويصفهم بأنهم فراخ الهنود واليونان.. وإذا ذكر العلامة ابن
المطهر الحلي، يقول: ابن المنجس(40).
أقوال العلماء فيه:
ولأجل ما رأيناه من آرائه الغريبة والشاذة والضالة نسبه
العلماء إلى الكفر والزندقة والنفاق والضلال والخذلان.
ونكتفي بكلام ابن حجر العسقلاني الذي ذكره في كتابه
الفتاوى الحديثية(41)، قال:
إن ابن تيمية، عبدٌ خذله الله وأضلّه وأعماه وأصمه وأذلّه.
ثم قال:
والحاصل أنه لا يقام لكلامه وزن، ويُعتقد فيه أنه
مبتدع ضال ومضل، جاهل غال، عامله الله بعدله وأجارنا من
مثل طريقته وعقيدته وفعله آمين(42).
ثم قال ابن حجر:
ولم يقنع بسب الأحياء حتى حكم بتكفير الأموات، ولم
يكفه التعرض على من تأخر من صالحي السلف حتى تعدى إلى
الصدر الأول ومن له أعلى المراتب في الفضل، فيا وَيحَ مَنْ
هؤلاء خُصماؤه يوم القيامة، وأخبر عنـه بعض أجلاء عصره انه
سمعه يقول وهو يخطب في جامع الجبل في الصالحية أن سيدنا
عمر... له غلطات وأي غلطات، وإن سيدنا علي بن أبي طالب
(عليه السلام) أخطأ في أكثر من ثلاثمائة مكان، فيا ليت
شعري من أين يحصل لك الصواب إذا أخطأ علي وعمر بزعمك. أما
سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله) بحق علي أنا مدينة
العلم وعلي بابها(43).
ثم قال ابن حجر عنه وعن تلميذه ابن زفيل (اي ابن قيم
الجوزية):
وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه
ابن قيم الجوزية -ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم
وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد
الله-، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود وتعدوا الرسوم
وخرقوا سياج الشريعة، فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم،
وليسوا كذلك، بل هم على أسوأ الضلال وأقبح الخصال وأبلغ
المقت والخسران وأنهى الكذب والبهتان، فخذل الله متبعهم
وطهر الأرض من أمثالهم(44).
ولقد لخص الحافظ ابن حجر العسقلاني ما قيل فيه، فقال:
افترق الناس فيه شيعًا:
فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية
والواسطية وغيرهما، كقوله: إن اليد والقدم والساق والوجه
صفات حقيقية، وإنه تعالى مستو على العرش بذاته.
ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله: إن النبي (صلى الله
عليه وآله) لا يستغاث به.
ومنهم من ينسبه إلى النفاق -لقوله في علي (عليه السلام):
إنه كان مخذولاً حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارًا فلم
ينلها. وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة. ولقوله: إنه كان يحب
الرئاسة وإن عثمان كان يحب المال. ولقوله: علي أسلم صبيًا
والصبي لا يصح إسلامه- لقوله (صلى الله عليه وآله): "ولا
يبغضك إلا منافق "(45).
ومن أراد التوسع فليراجع الكتب التي ردّت على ابن تيمية
ككتاب: من أقطاب الكذابين أحمد بن تيمية الحراني، للسيد
محمد رضى الرضوي. وشفاء السقام في زيارة خير الأنام. أو شن
الغارة على من أنكر السفر للزيارة، للإمام تقي الدين
السبكي-. والبصائر لمنكري التوسّل بأهل المقابر، لحمد الله
الداجوي الحنفي الهـندي. والتوفيق الرباني في الرد على ابن
تيمية الحراني، لجماعة من العلماء. والتحفة المختارة في
الرد على منكر الزيارة، للتاج الفاكهاني. والدرة المضيئه
في الرد على ابن تيمية، للسبكي. وتطهير الفؤاد، للشيخ محمد
بخّيت الحنفي. وغيرها من الكتب التي أُلفّت في الرد على
ابن تيمية. ورسالة الحافظ الذهبي إلى ابن تيمية الطويلة
الشديدة والعنيفة بحقه والتي ذكرها غير واحد منهم(46).
محمد بن عبد الوهاب:
ولد محمد بن عبد الوهاب سنة 1111هـ وتوفي سنة 1207هـ، نشأ
في العيينة من بلاد نجد، فقرأ على أبيه الفقه على مذهب
أحمد بن حنبل، ودرس عند كثير من علماء مكة والمدينة،
وكانوا يتفرسون فيه الضلال والإضلال، وكان والده عبد
الوهاب من العلماء وكان يتفرس فيه ذلك ويذمه كثيرًا ويحذّر
الناس منه، وكذا أخوه سليمان بن عبد الوهاب أنكر عليه ما
أحدثه وألف كتابًا في الرد عليه.
وقد كان ابتداء ظهور محمد بن عبد الوهاب سنة 1143 وكان
عمره 32 سنة، واشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر العقيدة
الزائفة بنجد وقُراها، فقام بنصرة محمد بن سعود أمير
الدرعية فحمل أهلها على متابعته، ثم سافر من العيينة إلى
مكة المشرفة ثم إلى المدينة فأخذ عن الشيخ عبد الله بن
إبراهيم بن سيف وشدد النكير على الاستغاثة بالنبي (صلى
الله عليه وآله) عند قبره، ثم رحل إلى نجد ثم إلى البصرة
يريد الشام، فلما ورد البصرة أقام فيها مدة وأخذ فيها عن
الشيخ محمد المجموعي وأنكر على أهلها أشياء كثيرة فأخرجوه
منها فخرج هاربًا، ثم جاء إلى بلدة حريملة من نجد وكان
أبوه بها فلازمه وقرأ عليه وأظهر الإنكار على مسلمي نجد في
عقائدهم فنهاه أبوه فلم ينته حتى وقع بينهما نزاع، ووقع
بينه وبين المسلمين في حريملة جدال كثير.
فأقام على ذلك سنتين حتى توفي أبوه سنة 1153هـ فاجترأ على
إظهار عقائده والإنكار على المسلمين فيما أطبقوا عليه
وتبعه جماعة من الناس إلى أن قام عليه أهل حريملة وهمّوا
بقتله فانتقل منها إلى العيينة ثم خرج إلى الدرعية سنة
1160هـ (وهي بلاد مسيلمة الكذاب) وصاحبها يومئذ محمد بن
سعود فأطمعه في ملك بلاد نجد فتبعه وبايعه على قتال
المسلمين فصارت إمارة نجد جميعها لآل سعود بالقهر والغلبة.
وقد قام ابن سعود والوهابيون بعدة غزوات لبلاد المسلمين
الذين كُفروا من قبل محمد بن عبد الوهاب فغزوا البصرة سنة
1208هـ وانتهبوا مدينة الزبير، وفي سنة 1216هـ أغار
الوهابيون على كربلاء وأباحوها وقتلوا أهلها وانتهبوا ما
فيها، بما في ذلك الضريح المقدس لسبط الرسول الحسين الشهيد
(عليه السلام)، وفي سنة 1220هـ غزوا نجران وما والاها.
وفي سنة 1221هـ غزوا المدينة واستولوا عليها وأخذوا التحف
والأموال الموجودة في الحجرة النبوية الشريفة واخذوا
صناديق من الجواهر والذهب.
وفي سنة 1225هـ غزوا الشام وقتلوا أهل موران قتلاً ذريعًا.
وفي سنة 1305هـ قاتلوا الشريف غالبًا، شريف مكة، واستولوا
على مناطق كثيرة من بلاد الحرمين. وفي سنة 1317هـ اقترفوا
مجزرة الطائف. وفي سنة 1332-1336هـ ناصروا الإنكليز ضد
الخلافة العثمانية التركية، واستولوا على الحجاز وطردوا
الحسن بن علي ملك الحجاز من المدينة(47).
كما أنهم هدموا مقبرة البقيع التي تعرضت للهدم من قبلهم
مرتين، الأولى: عندما دخل الوهابيون إلى المدينة في 15 رجب
1220هـ وهدموا جميع القباب التي وضعت على القبور والمشاهد
الشريفة واستمروا عدة أيام في هدمها كما يقول الجَبّرتي في
تاريخيه(48).
وعندما سيطرت الدولة العثمانية على المدينة بعد هزيمة
القوات السعودية في نجد واستسلام الأمير عبد الله بن سعود
إلى إبراهيم باشا في 8 ذي القعدة 1233هـ. ُأعيدت إليها
عمارتها وبنيت الآثار الإسلامية التي هدمها الوهابيون، وقد
أُعيد بناء الكثير من القباب وشيدت على صورة من الفن تتفق
مع ذوق العصر، ساعد في ذلك تعاون العلماء والناس بالإضافة
إلى التَّبرعات التي كانت تأتي من البلاد الإسلامية(49).
وبعد سقوط الدولة العثمانية سنة 1336 وسيطرة ابن سعود من
جديد على بلاد الحجاز بدعم من الانكليز دخل جيش ابن سعود
المدينة المنورة في 15 جمادى الأولى 1344هـ، وقام ابن سعود
بالتمهيد لهدم أضرحة البقيع عبر أحد فقهاء السلاطين وهو
قاضي القضاء الشيخ عبد الله بن بليهد الذي أرسله إلى
المدينة المنورة في شهر رمضان لهذه الغاية.
وفي الثامن من شوال سنة 1344 حصلت الفتنة الوهابية الكبرى
فهدموا البقيع وسووها بالأرض بعد أن كانت عامرة بالمقامات
والقبب والأضرحة، تلك المقبرة التي كان يزورها النبي (صلى
الله عليه وآله) والتي خلف أصحابها على التاريخ أعظم الذكر(50).
ومات ابن عبد الوهاب سنة 1206، ثم مات محمد بن سعود، فخلفه
ولده عبد العزيز وقام بنصرة مذهب الوهابية وقاتل عليه
وبلغت سراياه وعماله أقصى بلاد نجد. ثم مات عبد العزيز
فخلفه ولده سعود وكان أشد من أبيه، ثم مات سعود وخلفه ابنه
عبد الله.
وكان القائم بنصرة محمد بن عبد الوهاب في بداية الأمر
ونشر عقيدته محمد بن سعود، ثم ولده عبد العزيز، ثم ولده
سعود الذي غزا العراق والحجاز ومنع المسلمين من الحج
فانقطع الحج في زمانه عدة سنين، فكان سعود الأمير الحاكم
وابن عبد الوهاب الرئيس الديني وصارت ذرية كل منهما تتولى
مرتبة سلفها وحتى يومنا هذا.
وفي عهد الملك عبد العزيز وظَّف الوهابيين على شكل
"مطاوعة"، فأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بمرسوم ملكي صدر عام 1930، والهيئة تابعة للمديرية العامة
لقوى الأمن الداخلي وتعرف أيضًا باسم المطاوعة. وقد أسندت
رئاسة الهيئة بداية للشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف آل
الشيخ في المنطقة الشرقية، وبالمنطقة الغربية لفيصل بن عبد
العزيز. ونشطت الهيئة في تبليغ الدعوة الوهابية وبلغ عدد
موظفيها 300 ألف موظف موزعين على أكثر من عشرة آلاف مركز(51).
وهذا المذهب التكفيري وإن كان ظهوره وانتشاره في زمن محمد
بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر إلا أن بذرته قد بذرت
قبل ذلك من زمن أحمد بن تيمية في القرن السابع وتلميذه ابن
القيم الجوزية وابن عبد الهادي ومن نسج على منوالهم، فقام
ابن عبد الوهاب بإحياء بدع ابن تيمية وزاد عليها(52).
ولم يكن ابن عبد الوهاب يحترم حتى الرسول (صلى الله عليه
وآله)، وكان يقول في حقه (صلى الله عليه وآله): إنه طارش(53)
(54).
بل إنه كان ينهى ويعاقب من يصلي على النبي بعد الأذان،
وذُكر أنه قتل رجلاً أعمى كان مؤذنًا صالحًا ذا صوت حسن،
نهاه عن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الأذان
فلم ينته، وأتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله،
فأمر بقتله فقتل، ثم قال: إن الربابة في بيت الخاطئة "يعني
الزانية" أقل إثمًا ممن ينادى بالصلاة على النبي في
المنائر(55).
ونقل أن بعض أتباعه وكان يحمل بيده عصا قال: عصاي هذه خير
من محمد، لأني انتفع بها في قتل الحية ونحوها، ومحمد قد
مات ولم يبق فيه نفع أصلاً. وقال الزهاوي انه قال ذلك
بحضور ابن عبد الوهاب وهو راض بكلامه(56).
يتبع =
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- تاج العروس للزبيدي، 7 مادة كفر ؛ التبيان للشيخ الطوسي: 9/530،
ط1، مكتب الإعلام الإسلامي.
2- انظر: مصباح الفقيه، آقا رضا
الهمداني، 1/563، منشورات مكتبة الصدر طهران ؛ الإيمان
والكفر، الشيخ جعفر السبحاني، ص50.
3- صحيح البخاري، البخاري:1/13، دار
الطباعة العامرة بإستانبول، 1401هـ.
4- البداية والنهاية، ابن كثير:
7/321، تحقيق علي شيري، ط1 سنة 1408هـ، دار إحياء التراث
العربي، بيروت، لبنان.
5- الملل والنحل، الشهرستاني:
1/115،124، تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت،
لبنان.
6- أخذ من موقع انترنت "ماجدة
مكتوب"، إعداد: أحمد محمد بوقرين، قسم أصول الدين بالجامعة
الأمريكية المفتوحة.
7- (هذا وقد استغلت أميريكا وغيرها من أعداء المسلمين هذه الجماعات
التكفيرية لما تحمله من فكر تكفيري ونهج دموي، فوجدت فيها
ضالّتها لمحاربة أعدائها من المسلمين وغيرهم، فقد استغلتهم
في بداية نشأتهم لمحاربة الاتحاد السوفياتي أبان احتلاله
لأفغانستان، فأمدتهم بالسلاح والمال، وزودتهم بأحدث
الأسلحة، بل ذكر عضو لجنه الأمن القومي والسياسية الخارجية
بمجلس الشوري الإسلامي "رضا طلايي" أن: الأجهزة الأمنية
الاميركية تدير بعض الشبكات الإرهابية مثل القاعدة بصورة
غير مباشرة وسرية ومعقدة، وأن هذا الأمر قد ثبت لبعض الدول
في الشرق الأوسط. (وكالة أرنا بتاريخ 30 آب 2007).
ويؤكد ذلك ما ذكره د. مايكل برانت المساعد السابق لـ(وود
ورنر) الرئيس السابق لـ (CIA) صاحب كتاب (مؤامرة التفريق بين الأديان الإلهية) في مقابلة أُجريت
معه ونشرت في عدة مواقع على الانترنت بتاريخ 10-4-2006 جاء
فيها: إن الاستخبارات الأميركية وضعت خطة للقضاء على
المذهب الشيعي حتى سنة 2010 وتعتمد على عدة ركائز أهمها
تكفير الشيعة وحث التكفيريين الذين يكرهون الشيعة
ويتحاملون عليهم، ودعمهم بشتى الوسائل والإمكانات، على
الجهاد ضدهم كالقاعدة والطالبان وجيش الصحابة الباكستاني
وغيرهم ممن يتبعون في عقائدهم للوهابيين...
8- الشبكة الإسلامية، محاضرة بعنوان:
تاريخ الدعوة السلفية، محمد ناصر الدين الألباني.
9- أعيان الشيعة: 1/108، دار
التعارف، بيروت، تحقيق السيد حسن الأمين.
10- رياض المسائل، السيد علي
الطباطبائي، سنة 1412، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة
لجماعة المدرسين بقم المشرفة ؛ تاريخ الإسلام، للذهبي:
13/444، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، ط1 سنة 1407،
لبنان، بيروت، دار الكتاب العربي.
11- تاريخ الإسلام، الذهبي: 19/267،
م. س ؛ القول الصراح في البخاري وصحيحه الجامع، الأصبهان،
77، اعتماد، قم، تحقيق الشيخ حسين الهرساوي.
12- الموضوعات لابن الجوزي 107،
المكتبة السلفية، المدينة المنورة، تحقيق عبد الرحمان محمد
عثمان.
13- د. سليمان بن فهد العيسى، أستاذ
الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية /
بتاريخ 01/06/1427هـ
14- مقدمة كتاب الايضاح للفضل بن
شاذان 74 مؤسسة انتشارات جامعة طهران تحقيق جلال الدين
الحسيني
15- المعروف والمشهور أن أحمد بن
حنبل تبنى رأي الأشاعرة، ولكن هناك فرقًا كبيرًا بين
الأشاعذرة والحنابلة، فإن الأشاعرة ذهبوا إلى أن كلام الله
الأزلي هو الكلام النفسي وأن الألفاظ والكلمات الموجودة
بين دفتي القرآن والمنزلة على لسان جبرائيل هي حادثةً
دالةً على ذلك الكلام النفسي الأزلي، لأن اللفظ هو الحروف
والأصوات، وهي من المركبات، والمركبات حادثة بالضرورة،
ويستحيل كون ذات الله محلاً للحوادث، ولذا قال الأخطل:
(إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد
دليلا).
وأما رأي الحنابلة والسلفيين فهو: أن نفس القرآن الموجود
بين الدفتين والمؤلف من الألفاظ والأصوات والمقروء بالألسن
والمنقوش على الورق، هو كلام الله القديم الأزلي القائم
بذاته تعالى، فقالوا بقدم الأصوات والحروف.
وهذا لم يقله الأشاعرة، بل بالعكس، ولكونه ضروري البطلان
ردّ عليهم حتى علماء السنّة ومنهم سعد الدين التفتازاني في
العقائد النسفية، وقالوا بأن ما قاله الحنابلة هو جحد
للضرورة، ورموهم بالجهل.(حكاه السيد الأمين عن السعد في
العقائد النسفيه عن الحنابلة: أعيان الشيعة: 1/108، /. س).
والحق -كما عليه الإمامية- من أن القرآن الموجود بين
الدفتين، والذي نزل به جبرائيل على نبيه من الألفاظ
والحروف هو كلام الله، كما عبرت الروايات، وهو محدث غير
أزلي، ولم يصفه أئمتنا بمخلوق أو أزلي لما فيه من الإيهام
بأنه منحول (من الانتحال). نعم َوصفُ القرآن بأنه محدث أو
بأنه كلام الله ووحيه وتنزيله وغيرها مما يشعر بأنه غير
أزلي وغير قديم لا بأس به.
ونكتفي بهذا المقدار للإشارة إلى هذه المسالة التي أخذت
منحى سياسيًا والتي لأهميتها سمي بها علم الكلام لأن
الكلام غير منعقد لتحقيق مسألة القرآن وكلام الله تعالى.
(راجع: الخلاف للشيخ الطوسي: 6/119، مسألة 12، ط1 سنة
1417، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم
المشرفة).
16- جريدة الاسبوع المصرية، رئيس التحرير مصطفى بكري، عدد
31/10/ 2005.
17- الزيارة والتوسل، صائب عبد الحميد، ط1،ستاره قم.
18- المنتخب من كتب ابن تيمية، الشيخ علوي بن عبد القادر
السقاف، ص 10.
19- السيف الصقيل، رد ابن زفيل السبكي، ص18، مكتبة زهران،
لجنة من علماء الأزهر.
20- مجموع فتاوى ابن تيمية،
كتاب الأسماء والصفات، فصل: رسالة إلى أهل البحرين في رؤية
الكفار ربهم.
21- موسوعة: ويكيبيديا الحرة الالكترونية؛ موقع ويكيبيديا
الالكتروني.
22- رحلة ابن بطّوطة، ص 112، دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1407هـ.
23- سورة طه: آية/ 5
24- مخالفة الوهابية للقرآن والسنة، عمر عبد السلام، ص8، ط1 سنة
1416هـ، دار الهداية، بيروت، لبنان.
25- السيف الصقيل رد ابن زفيل السبكي المعاصر لابن تيمية، مكتبة
زهران في الهامش96.
26- سير أعلام النبلاء للذهبي 3/132 تحقيق: أكرم البوشي، ط9، سنة
1413هـ، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان ؛ ابن تيمية في صورته
الحقيقية، ص23 ؛ صائب عبد الحميد، الغدير للدراسات والنشر،
بيروت، لبنان ط1415هـ.
27- سير أعلام النبلاء، الذهبي 14/129.
28- السيف والسياسة، ص134، صالح الورداني، ط1، سنة 1996، دار
الجسام، القاهرة ؛ الكامل في التاريخ 3/487.
29- رأس الحسين لابن تيمية، تحقيق: الدكتور السيد الجميلي، ط1، سنة
1406هـ، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان ص 207.
30- شذرات الذهب العماد الحنبلي 1/68-69، وانظر: الإتحاف بحب
الأشراف للشبراوي: 62، 66.
31- رأس الحسين لابن تيمية، ص 206.
32- المصدر السابق، ص205.
33- ابن تيمية في صورته الحقيقية، صائب عبد الحميد، ص13.
34- ابن تيمية في صورته الحقيقية، صائب عبد الحميد، ص44، نقلا عن
الوصية الكبرى ص5.
35- مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل: 6/292، دار صادر، بيروت،
لبنان.
36- ابن تيمية في صورته الحقيقية، صائب عبد الحميد، ص31، نقلا عن
منهاج السنة لابن تيمية.
37- المصدر السابق، ص39.
38- نفس المصدر، ص33.
39- نفس المصدر، ص36، (راجع منهاج السنة 2/ 202-205-232-234).
40- نفس المصدر، ص42.
41- الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي ص 114، دار المعرفة، بيروت.
42- ابن تيمية في صورته الحقيقية، صائب عبد الحميد، ص48.
43 - تطهير الفؤاد، للشيخ محمد بخيت الحنفي، ص11، ط 1396هـ، مكتبة
اشيق، إستانبول، تركيه ؛ التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله
وجهلة الوهابيين، أبي حامد بن مرزوق، 235، ط1396هـ، مكتبة
اشيق، إستانبول، تركيه.
44 - تهنئة الصديق المحبوب، حسن بن علي السقاف، ص46، ط1 1414هـ، دار
الإمام النووي،عمان، الأردن.
45 - ابن تيمية والإمام علي (ع)، السيد علي الميلاني، ص9، ط1 سنة
1421، مركز الأبحاث العقائدية، قم، ايران
46- راجع تكملة السيف الصقيل في رد ابن زفيل للكوثري الحنفي
217-220، مكتبة زهران.
47- معجم ما ألفه علماء الأمة الإسلامية ضد الوهابية، السيد عبد
الله محمد علي ص 1-8.
48- البقيع، للمهندس يوسُف الهَاجري، ط1 سنة 1411هـ ص 45.
49- المصدر السابق، ص48.
50- نفس المصدر، ص78.
51- كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب، السيد محسن الأمين:
12-16، تحقيق السيد حسن الأمين، مكتبة الحرمين، قم، بتصرف
واختصار.
52- التحالف والتخالف مع السلطة التيار السلفي السعودي، قسم البحوث
والدراسات، الجزيرة نت.
53- وهي كلمة عامية يقصد بها الإنسان الذي يستخدم في إيصال شيءٍ ما
كساعي البريد وليس له أهمية وحرمة.
54- الفجر الصادق، جميل صدقى الزهاوي، مكتبة اشيق، إستانبول، تركيه،
ص18.
55- الدرر السنية في الرد على الوهابية، ص41، أحمد زيني دحلان، سنة
1396هـ، مكتبة اشيق، إستانبول، تركيه.
56- الفجر الصادق، جميل صدقى الزهاوي، ص18. |