السنة الثامنة / العدد الثاني والعشرون/ كانون أول:  2012م / محرم: 1434هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

الكتب والمكتبات الشيعيّة

في مهبّ العصبيات البغيضة

د. أكرم محمّد نبها 

 

مقدمة

سطّر المسلمون في تاريخ مسيرتهم الحضاريّة ملايين المخطوطات في شتّى العلوم والمعارف استفاد منها الغرب أيّما إفادة إبّانَ نهضته التي قامت عليها الحضارة الغربية الحديثة، والسّؤال: أين هي هذه الملايين من المخطوطات؟؟

الجواب واضحٌ جدًا: جزءٌ منها في خزانات الكتب الغربية، وجزءٌ آخر صار طعمًا لنيران الحروب والفتن والأحقاد، وثالثٌ يسيرٌ قد تمّ تحقيقه أو ما زال في خزانات الكتب العربية والإسلاميّة ينتظرُ مَن ينفضُ عنه غبار القرون والسنين..

ونحن لن نتعرّض للجزء الأوّل من هذه المخطوطات، فلها حديثٌ آخر، ولكنّنا سوف نتناول بالبحث المخطوطات الإسلاميّة التي ضاعت بسبب الحرق، ولا أمل في رؤيتها إلى قيام السّاعة.

إنّ حرق الكتب والمكتبات عملٌ مارسته الشّعوب كافةً على طول التاريخ وعرضه، ولم ترعوِ أمّةٌ من أمم الأرض، شرقية وغربية، عن القيام بمثل هذا العمل الشنيع، ونكتفي بنموذجٍ واحدٍ، فأرخميدس الحكيم الرّياضيّ اليونانيّ أحرق الرّومُ من كتبه خمسةَ عشرَ حملاً عندما فتحوا مدينة سرقوسة عام 212 قبل الميلاد([1]).

الاهتمام بالمكتبات الإسلامية وأسباب ضياعها

وأمّا الكتب والمصنّفات الإسلاميّة فإنّه يمكنُ حصر الأسباب التي أدّت إلى ضياعها بالتالي:

1-الحروب والغزوات .

2-الفتن الطّائفيّة، ودوافعها العقائديّة الهمجيّة.

3-التّعصّب والحسد.

ظهرت المكتبات الإسلاميّة بصورة واضحةٍ في نهاية القرن الثاني للهجرة، إذ زوّدها الخلفاء والوزراء والأمراء وغيرهم من العلماء والأفاضل والأثرياء بما تحتاج إليه من موظّفين وموادّ أوّليّة للكتابة كـ(الرّق، الورق، البردي، الحبر..) ولقد زُوّدت مثل هذه المكتبات بكتبٍ هامّة في مختلف العلوم، وتبارى الخلفاء والأمراء في اقتناء أنفس الكتب وأكثرها ندرةً مهما كلّفهم ذلك من أموال طائلة([2]).

اهتمّ المسلمون بصناعة الورق، وأنشأوا له المصانع، وجلبوا له الصّنّاع من مصر التي اشتهرت بصنعه من نبات البردي([3])، واستمرّ استخدامه إلى أن حلّ محلّه الكاغد الصّينيّ في القرن الرابع الهجري، واشتهرت سمرقند بصناعة الكاغد، حتى قيل :[كواغد سمرقند قراطيس مصر]، ثمّ تمدّدت صناعة الورق الصّينيّ إلى أن وصلت إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسيّة، حيث أسّس الفضل بن يحيى البرمكيّ سنة 178هـ أوّل مصنع للورق، وانتقلت صناعة الورق إلى أوروبا عن طريق الشّام، فأطلق عليه الأوروبيّون اسم[الصّحائف الدّمشقيّة].

اتّسعت المكتبات في العصر العباسيّ حتى عُدَّ بحقّ عصر الموسوعات العلميّة والمكتبات الإسلاميّة، وساعدَ على ذلك اتّساع حركة التأليف والترجمة وتقدّم صناعة الورق التي هي أُسُّ صناعة الكتاب، ومن أشهر مكتبات ذلك العصر كانت "خزانة الحكمة" أو "بيت الحكمة" في بغداد، "أنشأه المأمون عام 830م، وهو مجمعٌ علميٌّ ومرصدٌ فلكيّ ومكتبةٌ عامّةٌ، أنفق على إنشائها مائتي ألف دينار (نحو950 ألف دولار أمريكي)، وأقام فيها طائفة من المترجمين، وأجرى عليها الأرزاق من بيت المال"([4])، والغالب أنّ الرشيد([5]) وليس المأمون هو الذي أنشأ هذه المكتبة، وجمع إليها ما كان قد نقل إلى العربية من كتب علميّة وطبّيّة وغيرها، بالإضافة إلى ما كان قد أُلّف وصُنّف في العلوم الإسلاميّة، ولما تولّى المأمون الخلافة بعد الرشيد أنشأ مجالس الترجمة، وجمع في بيت الحكمة كتب العلم بلغاتها اليونانيّة والسّريانيّة والفارسيّة والهنديّة والقبطيّة فضلاً عن العربيّة.

وبيت الحكمة لم يكن مكانًا لتجميع الكتب فحسب، بل كان مركزًا علميًّا زاهرًا فيه مجلس للترجمة والنسخ والتأليف والدراسات، وكان لكلّ أناس مكانٌ خاصّ يركنون إليه، فمكانٌ للنّسّاخ وآخر للمؤلّفين وثالثٌ للمترجمين والمطالعين... وذكر ابن النديم في فهرسته اسم أحد النّسّاخ وهو "علان الشّعوبي"([6]) عملَ نسّاخًا في بيت الحكمة للرشيد والمأمون والبرامكة.

وبعد الانتهاء من تأليف الكتاب أو ترجمته أو نسخه كان ينتقلُ إلى صنّاع التجليد، فيقومون بتجليده وتزيينه وتحسينه "وإنّ ابن أبي الحريش كان يجلّدُ في خزانة الحكمة للمأمون"([7])، وما زال الخلفاء العباسيون يضيفون إلى المكتبة الكتب والنفائس حتى صارت دارًا للعلم يعجز القلم واللسان عن وصف المحتوى العلمي فيها، لأنّنا نتحدث عن مكتبة حوت عصارة الفكر الإنسانيّ بملايين المجلّدات.

إلى أن جاء التتار سنة656هـ إلى بغداد، فنال عاصمة الخلافة الإسلامية ما نالها من عبثٍ وفساد، وخبر التتار هو حديثٌ يأكل الأحاديث، وخبر يطوي الأخبار، وتاريخ ينسي التواريخ، ونازلة تُصَغِّرُ كلَّ نازلة، حتى قيل: "إنّ هولاكو اتّخذَ من الكتب الموجودة في خزائن بغداد يومئذٍ جسرًا تعبر عليه جنوده، فاصطبغ ماء دجلة بلون مداد الكتب، وأمر بإحراق ما تبقّى منها، حتى قيل أنّ الفارس التتريّ كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة أخرى!!.." ([8])، هذه جريمة ليست في حقّ المسلمين فحسب، بل في حق الإنسانية كلها!!..وهي جريمة تكرّرت عبر التاريخ..

ولمّا استقرّ هولاكو بقصر المأمونيّة شرقيّ بغداد سمح لجنده بدخول المدينة، فعاثوا فيها أسبوعًا كاملاً، وهدّموا مساجدها ليحصلوا على ذهب قبابها، وجرّدوا القصور مما فيها من التُّحف النادرة، وأتلفوا عددًا كبيرًا من الكتب القيّمة في مكتباتها، وأهلكوا كثيرًا من رجال العلم فيها.." ([9]).

وقد اختلف المؤرّخون في عدد الأنفس التي أزهقها المغول على أثر دخولهم بغداد، وراوحت التقديرات بين تسعماية ألف([10])، ومليون وثمانماية ألف([11])، وكانت بغداد نتيجة هذه الكارثة قد فقدت معظم سكّانها، وضاعت الثروة الأدبيّة والعلميّة والفنيّة التي عُني الخلفاء العباسيون بجمعها منذ أن بنى أبو جعفر المنصور بغداد واتخذها حاضرةً لدولته عام 140هـ.

وكان للخليفة العباسيّ المستعصم (609-656هـ) وزيرٌ اسمه "ابن العلقميّ" يحبُّ أهل الأدب، ويقرّبُ أهل العلم، اقتنى كتبًا كثيرةً نفيسة، وقد اشتملت مكتبته على عشرة آلاف مجلّد من نفائس الكتب، وصنّفَ الناسُ له الكتبَ منهم الصّغاني اللغوي، وابن أبي الحديد صنّف له كتاب شرح نهج البلاغة، يشتمل على عشرين مجلدًا"([12])، واتّهمَ الجوزجانيُّ في كتابه (طبقات ناصري) والسيوطيُّ في كتابه (تاريخ الخلفاء) وغيرهما ابنَ العلقميّ والشيخَ نصير الدين الطّوسيّ الشيعيّين بتسليم بغداد للمغول، محاولين أن يحمّلوا كارثة بغداد للشيعة([13]).

قال السيوطيّ: "ثمّ ركن المستعصم إلى وزيره مؤيّد الدين العلقميّ الرافضيّ، الذي باطن التتار وناصحهم وأطمعهم في المجيء إلى بغداد، وسهّل عليهم ذلك"([14])، غير أنّ د. حسن إبراهيم حسن علّق على ذلك بقوله: "هذه الآراء لا تتّفقُ مع هذه الحقيقة التاريخيّة وهي أنّ فتحَ المغول بغداد كان جزءًا من مشروعٍ سياسيٍّ يهدف إلى اتّساع رقعة الإمبراطوريّة المغوليّة.. أضف إلى ذلك أنّ قتلَ المغول لأهل بغداد قد شملَ السّنيين كما شملَ الشّيعيين الذين نُهبت دورهم في الكرخ وهي محلّة الشيعة ببغداد، وممّا هو جديرٌ بالملاحظة أن الجوزجانيّ يغلو في سنّيّته"([15]).

وبعد أن عاثت بربريّة التتار فسادًا وتقتيلاً وحرقًا في بغداد، وبعدَ أن رموا كتبَ الحضارة الإسلاميّة في نهر دجلة، ورموا الجزء الآخر طعمًا للنار، واستطاع نصير الدين الطوسيّ أن يجمع من فلول تلك الكتب أربعماية ألف مجلّد استودعها في مكتبة مُراغة، وإذا كان المُستنقَذُ هذا حجمه، وهو النزر اليسير من كتب بغداد، فكيف بتلك التي أُغرقت أو أُحرقت!!

وفي هذه المقالة لن أتناول ما ضاع من كتب ومكتبات إسلاميّة وعربية على طول الدّولة الإسلامية/العربية وعرضها، منذ ثلاثة عشر قرنًا من الزمن، وإنّما سأخصّ مقالتي بتلك المكتبات الشيعيّة العظيمة التي ضاعت فيها كتب المذهب على طول الزمن، وضاعت معها كتب علمائنا الكبار، ولم يبقَ منها إلا أقل القليل، ولو وصلتْ إلينا لوصلَنا علمٌ جمٌّ .

مكتبات الفاطميين في مصر([16])

لم يكن الفاطميّون بمصرَ([17]) أقلّ من إخوانهم العباسيين اعتناءً بالعلم والعلماء، وقد كان في مقدمة ما اعتنوا به جمع الكتب، وبخاصّة النادر منها في كلّ فنٍّ وعلمٍ، وكثيرًا ما كانوا يحرصون على اقتناء نُسخٍ من مختلف الكتب بخطّ مؤلّفيها، يدفعون في سبيل ذلك أغلى الأثمان، مبالغةً في التحقيق والتدقيق، هذا فضلاً عن تنسيق تلك الكتب وتبويبها والمحافظة عليها وفقَ نظام دقيق، تيسيرًا للرجوع إليها والاغتراف من مناهلها.

وحين تولّى الخليفة الفاطميّ العزيز بالله الخلافةَ عام 365هـ استوزر يعقوب بن كلس، وكان محبًا للكتب، كلفًا بها، فأنشأ مكتبةً ضخمةً عُرفت باسم (خزانة الكتب) بذل أموالاً طائلة لتغذيتها بالمؤلّفات النادرة والمهمّة في التاريخ والأدب والفقه.. " وذُكر أنّه كان فيها أكثر من ثلاثين نُسخة من كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، منها نسخة بخطّ يده"([18])، وعشرون نسخة من كتاب الطبريّ، ومئة نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد؛ وقد أورثَ العزيز بالله ابنه الحاكم بأمر الله (386هـ- 411هـ) حبَّ الكتب، فأنشأ (دار العلم) أو (دار الحكمة)، أقام بها القرّاء وأصحاب اللغة والنحو والأدب والطّب وأجرى لهم الأرزاق، وأباحَ الدخول إليها لسائر الناس، وجعل فيها ما يحتاجون إليه من الورق والأقلام والحبر .. وقد وصل عدد الكتب فيها إلى ما يقارب المئة ألف كتاب.

وكان عدد نُسخ المكتبة الفاطميّة تزداد بمرور الأيّام والأعوام حتى بلغ عدد النسخ من كتاب (تاريخ الطبري) عند استيلاء صلاح الدين الأيوبيّ([19]) على مصر 1200 نسخة، وكان فيها 2400 ختمة قرآن بخطوطٍ محلاة بالذّهب، فلا عجبَ أن يقول المقريزيّ "أنّه كان فيها أكثر من مليونٍ وستِّمِايةِ ألفِ كتاب"([20]) في الفقه والنحو واللغة والحديث والتاريخ والنجامة والروحانيات والكيمياء، ومنها ثمانية عشر ألف كتاب في العلوم القديمة، وفيها ستّةُ آلافٍ وخمسُمِايةِ جزءٍ من كتب النجوم والهندسة والفلسفة والفلك، وهذا يعني أن عددَ الكتب في الخزانة التي أنشأها العزيز بالله الفاطمي منذ تأسيسها (365هـ) إلى أن استولى صلاح الدين على الإرث الفاطمي في مصر (567هـ) قد زاد بما يقارب الستين ضعفًا، وقستُ ذلك على زيادة نسخ كتاب الطبري، فقد كانت عند تأسيس الخزانة عشرين نسخة، وبلغت 1200 نسخة عند استيلاء صلاح الدين على مصر .

إنّ مكتبةً فيها هذا العدد الضّخم من النُّسخ المكررة، وبعضها بخطّ أصحابها لا يُعقل أن يكون فيها أقلّ من مليون كتاب مهما حاول بعض المؤرّخين من تخفيض عدد الكتب فيها إلى مئة ألف كتاب أو مئة وستين ألفًا، فكيف نصدق مقولة ابن خلدون "إنّ ما وجده صلاح الدين من الكتب يناهز مئة وعشرين ألف سفر"([21])، أو كيف نصدّق قول العماد: "فإني أخذت من تلك الكتب جملة في سنة اثنتين وسبعين، وكانت خزائن القصر مشتملة على قريب مئة وعشرين ألف مجلد"([22])، وإذا صدّقنا ذلك فكيف نفسّرُ ما نقل من أنّ "الآمر بأحكام الله([23]) عند وفاة وزيره الأفضل([24]) ابن أمير الجيوش بدر الجمالي صادر ممتلكاته، فكان من جملتها خمسُمِايةِ ألفِ كتاب، نُقلت كلّها إلى مكتبة القصر"([25])، وهذه مكتبةٌ بناها شخصٌ لنفسه، فكيف بتلك التي تكفّل بناؤُها الخليفة أو الدولة!؟

ونقل المقريزيّ عن صاحب كتاب (الذخائر)، قال: "كنت بمصر سنة إحدى وستين وأربع مئة فرأيتُ فيها خمسةً وعشرين جملاً موقّرةً كتبًا محمولة إلى دار الوزير أبي الفرج محمد بن جعفر المغربيّ"([26]).

وإذا صدّقنا ابن خلدون وغيره في مدّعاهم فكيف نفسّرُ ما ذُكر عن ابن أبي طيّ، قال: "واستمرّ البيع في موجودات القصر مدّةَ عشر سنين، وعلى مدى يومين في الأسبوع، ومن جملة ما باعوه (خزانة الكتب)، وكانت من عجائب الدّنيا، لأنّه لم يكن في جميع بلاد الإسلام دارُ كتب أعظم من الدار التي بالقاهرة، ويقال أنّها كانت تحتوي على ألفي ألفٍ وستِّ مئةِ ألفِ كتابٍ (مليونان وستُّ مئةِ ألفِ كتابٍ)، وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة"([27])، وحصّل القاضي الفاضل([28]) قدرًا كبيرًا منها، حين دخل إليها، فكلّ كتابٍ صلحَ له وأعجبه قطع جلدَهُ ورماهُ في بركةٍ كانت هناك، فلما فرغَ الناسُ من شراء الكتب اشترى تلك الكتب التي ألقاها في البركة على أنها مخرومة، ثمّ جمعها بعد ذلك، ومنها حصّل ما حصّل من الكتب"([29]).

وكيف نفسّر تسجيل الصفدي مشاهداته لكتب عبد الكريم بن علي (أخو القاضي الفاضل الفاطمي)، قال: "... وكان كثير الرّغبة في تحصيل الكتب، مبالغًا في ذلك إلى الغاية القصوى، ملكَ منها جملةً عظيمةً، لم يبلغنا عن أحدٍ من الرؤساء أنّ كتبه وصلت إلى مبلغ كتب عبد الكريم، حتى قيل إنها مايتا ألف مجلّدة، قلتُ (الصفدي): وهي موجودةٌ إلى عصرنا هذا، نشاهدُ اسمه عليها بقلم دقيق طويل الألفات على أعلى الكتاب مما يلي يسار الناظر في أوّله فوق اسم الكتاب"([30])، هذه مكتبةٌ جمعها فرد لثقافته أو لزينته فلا عجبَ أن تحوي المكتبة التي أسّسها العزيز بالله الفاطمي ونكبت على يد صلاح الدين أقلّ من مليون كتاب.

وأنا أنقل كلامًا للمقريزي ولكنه مفيدٌ في المقام، لأنه ينيرُ لنا جانبًا مظلمًا من مآثر تاريخ صلاح الدين في مصر الفاطميّة، وما فعله بكتب مخالفيه في العقيدة والمذهب عنيتُ الفاطميين، قال المقريزي: "قال في كتاب الذخائر: عدة الخزائن التي برسم الكتب في سائر العلوم بالقصر([31]) أربعون خزانة، واحدةٌ من الخزائن من جملتها ثمانية عشر ألف كتاب من العلوم القديمة، وإن الموجود فيها ألفان وأربعماية ختمة قرآن في ربعات بخطوط منسوبة زائدة الحسن محلاة بذهب وفضة وغيرهما، ولما مات العاضد (567هـ) استولى صلاح الدين على جميع ما كان في القصر، فإن قراقوش وجد من الكتب النفيسة ما لا يعد؛ ويقال إنّها كانت ألف ألف وستماية ألف كتاب، منها مئة ألف مجلد بخط منسوب، وألف ومائتان وعشرون نسخة من تاريخ الطبري؛ فباع السلطان جميع ذلك، وقام البيع فيها عشر سنين ؛ ونقل أهل العاضد وأقاربه إلى مكان بالقصر ووكل بهم من يحفظهم، وأخرج سائر ما في القصر من العبيد والإماء فباع بعضهم وأعتق بعضهم ووهب منهم، وخلا القصر من ساكنيه.."([32]).

وقد أصاب المكتبات الفاطمية الكثير من المحن على طول الفترة التي حكموا فيها، ولا سيما في عهد المستنصر بالله الفاطمي (ت487هـ)، فقد أصبحت الكتب تؤخذ من القصور الفاطميّة سدادًا للدّيون، قال صاحبُ (كتاب الذخائر): "وكنتُ بمصر في العشر الأول من محرم سنة إحدى وستين وأربعماية (461هـ)، فرأيت فيها خمسةً وعشرين جملاً موقرة كتبًا محمولة إلى دار الوزير أبي الفرج محمد بن جعفر المغربي، فسألت عنها، فعرفت أنّ الوزيرَ أخذها من خزائن القصر سدادًا لديْنٍ قدره خمسة آلاف دينار، ونهبت جميعها من داره يوم انهزم ناصر الدولة بن حمدان من مصر، هذا سوى ما كان في خزائن دار العلم بالقاهرة، وسوى ما صار إلى عماد الدولة أبي الفضل بن المحترق بالإسكندرية، وسوى ما ظفرت به ولاته وما صار إليه بالابتياع والغصب من الكتب الجليلة المقدار، المعدومة المثل في سائر الأمصار صحة وحُسن خط، هذه الكتب عند انهيار الدولة الفاطمية أخذ جلودَها عبيدُهم وإماؤُهم برسم عمل ما يلبسونه في أرجلهم، وأحرق ورقها تأوّلاً منهم أنّها خرجت من قصر السلطان أعز الله أنصاره، وأنّ فيها كلام المشارقة الذي يخالف مذهبهم سوى ما غرق وتلف، وحمل إلى سائر الأقطار، وبقي منها ما لم يحرق، وسفّت عليه الرّياحُ الترابَ، فصار تلالاً باقية إلى اليوم في نواحي آثار تعرف بـ(تلال الكتب)" ([33]).

قال العسكري: "..أحرق السّلاجقة مكتبةَ الشيخ الطوسيّ في بغداد لما استولوا عليها، وفُعِلَ أكثر من ذلك مع خزائن كتب الخلفاء الفاطميين بمصر عند استيلاء صلاح الدين على الحكم"، فقد غالى الأيوبيون في القضاء على كلّ أثر للشيعة، حيث أوقف صلاح الدين بن أيوب التدريس في الأزهر، وأبطل المذهب الإسماعيليّ (الشيعيّ)، "وعزل القضاة المصريين، وكانوا شيعة، وأقام قاضيًا شافعيًا في مصر، فاستناب القضاة الشافعية في جميع البلاد"([34])، وأنشأ المدارس لتقوم بتدريس الفقه السّني، وكان صلاح الدين قد أعطى القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني من كتب الدولة الفاطمية ما يقدر بمِئة ألف كتاب، وطرح الباقي للبيع، فاستمرّ أكثر من عشر سنين، وهدم (دار الحكمة)، وبنى مكانها مدرسة الشافعيّة، "ثمّ إنّ زوال الدّولة الفاطميّة الشيعيّة على يد الأيوبيين السُّنّيين كان في الواقع انتصارًا للسُّنّة على الشيعةِ"([35])، فلا حول ولا قوة إلا بالله من قادة أعمت بصيرتهم العصبية والقبليّة والمذهبية والضّغينة!.

خزانة سابور (أو خزانة العلم في بغداد)

ظهر بنو بويه في دنيا الإسلام في أوائل القرن الرّابع الهجري، ونسبُهم متأرجحٌ بين الفرس والعرب، وتسنّموا السلطنة العباسيّة على حين غرّة، "فإنّ جدّهم أبا شجاع بويه وأباه وجدّهُ كانوا كآحاد الرّعية الفقراء ببلاد الديلم، وكان بويه صياد سمكٍ، رُزقَ ثلاثة أولادٍ تملّكوا البلاد، وهم: عماد الدّولة أبو الحسن علي، وركن الدولة أبو علي الحسن، ومعزُّ الدولة أبو الحسين أحمد"([36]).

دخل أولاد أبي شجاع بويه في زيّ الأجناد، وسرعان ما ارتقوا إلى مرتبة الأمراء، حينما كانوا في خدمة ملوك العجم، إلى أن تربّع معزّ الدولة أحمد على دست السلطة في بغداد سنة 334هـ، مستأثرًا بالسّلطة دون الخليفة، الذي لم يعد له من الخلافة إلا اسمها، وقد ملك من أولاد وأحفاد أبي شجاع بويه أحدَ عشرَ ولدًا، على مدى أكثر من قرنٍ من الزمن وبقي البويهيّون يتقلّبون على دست السلطنة في بغداد إلى أن ظهر طغرلبك السّلجوقي "وما زال ضعف دولة البويهيين يتزايد حتى انتهت نوبة المُلك إلى عزّ الدولة بن جلال الدولة أبي طاهر، فجرى بينه وبين كاليجار حروب، أفضت إلى أنّه هرب منه، وأقام بشيراز، ومات سنة 441هـ، وعليه انقرض حكمهم"([37]).

عُرفَ بنو بويه بميولهم الشيعيّة، حيث دُفنَ أكثرهم في مشهد الإمام علي (عليه السلام) في النجف الأشرف، "وقد كان جلال الدولة يُكثر من زيارة مشهديّ علي بن أبي طالب وابنه الحسين (عليهم السلام)، حتى أنّه كان يمشي حافيًا قبل أن يصل إلى كلّ مشهد منهما نحو فرسخ"([38]).

اتّخذ البويهيّون وزراء اشتهر بعضهم كأبي الفضل محمد بن العميد وابنه عليّ، وكلاهما وزّرهما ركن الدولة بن بويه، وكان أبو الفضل "يُسمّى الجاحظ الثاني"([39])، ومن وزرائهم أيضًا الصّاحب بن عبّاد، وكان شاعرًا مُجيدًا، ومنهم أيضًا الوزير أبو نصر سابور بن أردشير (336هـ-416هـ)، وُزّرَ لبهاء الدّولة البويهيّ ثلاث مرّات، ووزّر أيضًا لشرف الدولة.

وكان سابور من أكابر الوزراء، ومحطّ الشعراء، "وكان كاتبًا سديدًا عفيفًا ًعن الأموال، كثيرَ الخير، سليمَ الخاطر، وكان إذا سمع المؤذّن لا يشغله شيءٌ عن الصّلاة"([40])، وبعد أن وُزّرَ سابور لبهاء الدّولة اشتُهر بخزانة الكتب التي أنشأها سنة 381هـ ببغداد في محلّة الكرخ بين السُّورَين، فعمّرها وبيّضها وسمّاها (دار العلم)، ووقفها على أهلها الشيعة "ولم تكن في الدّنيا أحسنَ كُتبًا منها، كانت كلّها بخطوط الأئمّة المعتبرة وأصولهم المحرّرة، واحترقت فيما أُحرقَ من محال الكرخ عند ورود طغرلبك أوّل ملوك السّلجوقيّة إلى بغداد سنة 447هـ"([41]).

وكان سابور قد أوكلَ إلى الشّريفين محمد بن أبي شيبة ومحمد بن أحمد الحسني ردَّ النظر في أمور المكتبة ومراعاتها، والاحتياط عليها، وكان سابور قد ابتاع لخزانة (دار العلم) الكتبَ من أنحاء البلاد، ونقل إليها كتبًا كان قد ابتاعها لنفسه، وجمعها لثقافته، وكان -كما تقدّمَ- قد وقفها على أهل محلّة الكرخ، وجعل فيها كتبًا كثيرة، ووقف عليها غلّةً كبيرة، فبقيت سبعين سنة، وكان في طيّاتها أندر الكتب المخطوطة، وقد أشار بعض المؤرّخين أنّ عدد ما اشتملت عليه هذه الخزانة "كان أكثرَ من عشرة آلاف مجلد، بل كان عددها بوجه التدقيق (10400) مجلد من أصناف العلوم، منها مئة مصحف بخطّ ابن مقلة، حتى أخذ العلماء يحبسون عليها نُسخًا من مؤلّفاتهم حتى أصبحت من أغنى دور الكتب في عاصمة العباسيين"([42]).

"وقد آلت خزانة (دار العلم) بعد وفاة سابور بسنين إلى المرتضى أبي القاسم علي بن الحسن الموسوي نقيب الطالبيين"([43])، ويكفي المكتبة الشيعيّة فخرًا ما حوته مكتبة علم الهدى أبي القاسم بن الحسين الشريف المرتضى في بغداد من كتب الشيعة التي ضاعت بعد دخول طغرلبك بغداد، قال صاحب (الكنى والألقاب): "نقل صاحب مجالس المؤمنين عن بعض الأعلام أنّه ذكر في ذيل ترجمة السيد المرتضى (ت435هـ)، بعد أن أثنى عليه، أنّه خلّف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروءاته ومحفوظاته سوى ما أهدى منها إلى الرؤساء"([44]).

وكان مما ضاع من كتب الشيعة في هذه المكتبة ما لا يعلمه إلا الله، ويكفي أن تعرف أن الأصول الأربع مئة التي كانت أصول الكتب الحديثيّة عندَ الشّيعة قد ضاعت في هذه المكتبة ويحاول صاحب الذّريعة تفسير سبب ضياع هذه الأصول، بقوله: "ثم إنّ بعد جمعِ الأصول في المجاميع قلّت الرغبات في استنساخ أعيانها لمشقة الاستفادة منها، فقلّت نسخُها، وتلفت النسخُ القديمة تدريجًا، وأوّلُ تلفٍ وقعَ فيها إحراقُ ما كان منها موجودًا في مكتبة سابور فيما أحرق من محال الكرخ عند ورود طغرل بيك أول ملوك السلجوقية إلى بغداد سنة 448هـ"([45]).

ويظنّ صاحب الذريعة "أن جملة من كتب مكتبة سابور الموقوفة للشيعة والمؤسسة لهم في محلتهم كرخ بغداد كانت فيها الأصول الدُّعائية التى رواها القدماء من أصحاب الأئمة عنهم..؛ وبالجملة هذه الأصول الدُّعائية التى كانت فى مكتبة سابور بالعناوين العامة أو الخاصة كافتها صارت طعمةً للنار، كما شرحه ياقوت، لكنّنا ما افتقدنا منها شيئًا إلا أعيانها الشخصية الموجودة في الخارج المرتبة على الهيئة الخاصة، وأمّا محتوياتها من الأدعية والأذكار والزيارات فقد وصلت الينا بعين ما كان مندرجًا فى تلك الأصول"([46]).

وذكر ابن الجوزي في أحداث سنة 451هـ، قال: "وثار الهاشميون وأهل باب البصرة([47]) إلى الكرخ  فنهبوها وطرحوا النار في أسواقها ودروبها، واحترقت دار الكتب التي وقفها سابور بن أردشير الوزير في سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة، وكان فيها كتب كثيرة، واحترق درب الزعفراني وكان فيه ألفٌ ومائتا دينار لكل دار منها قيمة، ونهبت الكوفة نيفًا وثلاثين يومًا"([48]).

ومما تقدّم: يظهر أنّ مكتبة سابور التي أسّسها سنة 381هـ قد أُحرقت على مرحلتين: الأولى عند دخول طغرلبك السّلجوقيّ بغداد سنة 447هـ، والثانية عندما ثارت الفتنة بين السُّنّة والشّيعة في بغداد سنة 451هـ . والله أعلم .

يتبع =


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

([1]) ولد أرخميدس عام 287 قبل الميلاد في جزيرة صقلية، وكان والده فلكيًا شهيرًا، وكمعظم الشباب آنذاك سافر إلى الإسكندرية ثم إلى اليونان طلبًا للدراسة، ويعتبر الكثير من مؤرخي الرياضيات والعلوم أن أرخميدس من أعظم علماء الرياضيات في العصور القديمة وهو أبو الهندسة. وقد قتل أرخميدس عام 212 قبل الميلاد على يد الرومان .

ففي عام 212 ق.م وفيما كان "أرخميدس" عاكفًا على حل مسألة رياضية بمنزله، لا يدري شيئًا عن احتلال المدينة من قبل الرومان، وبينما كان يرسم مسألته على الرمال، دخل عليه جندي روماني وأمره أن يتبعه لمقابلة "مارسيلويس"، فردّ عليه "أرخميدس":من فضلك، لا تفسد دوائري، وطلب منه أن يمهله حتى ينتهي من عمله، فاستشاط الجندي غضبًا وسلّ سيفه وطعن "أرخميدس" دون تردد، فسقط "أرخميدس" على الفور غارقًا في دمائه، وسرعان ما لفظ أنفاسه الأخيرة.

([2]) شلبي، أحمد: تاريخ التربية الإسلاميّة، مكتبة النهضة المصرية، دار الإتحاد العربي للطباعة، مصر، ط5 1976م ، ج4، ص146 .

([3]) يُعتبر ورق البردي أول وأقدم ورق في العالم، يصنع من نبات البردي الذي ينمو على ضفاف نهر النيل وبنفس الطريقة التي كان يصنعه بها قدماء المصريين، حيث كان يقطع النبات إلى شرائح ترصّ طولاً وعرضًا ثم تضغط بمكابس خاصة .

([4]) ديورانت، ويل: قصة الحضارة، دار الجليل للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 201 ص4607 .

([5]) هارون بن المهدي، تولّى الخلافة بعد موت أخيه الهادي عام 170هـ .

([6]) ابن النديم: الفهرست، ص145، دار المعرفة، بيروت، 1978.

([7]) م . ن،ص14.

([8]) نلفت عناية القارئ الكريم إلى أننا كنا قد نشرنا في العدد السابق (21) من مجلتنا بحثًًا للدكتور طارق شمس بعنوان "إحراق المغول لمكتبات بغداد" هل هي حقيقة أم افتراء، ينفي فيه تلك الجناية (التحرير).

([9]) حسن، إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، ج4، ص160، مكتبة النهضة العربية، مصر .

([10]) السّبكي: طبقات الشافعيّة الكبرى، دار الجيل للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، ط1، د.ت ، ج1، ص115.

([11]) ابن كثير: البداية والنهاية، دار ابن كثير، 2007، ج13، ص202.

([12]) ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقيّ (ت709هـ): الفخري في الآداب السلطانيّة والدول الإسلاميّة، ص248، المطبعة الرحمانية، مصر 1927م.

([13]) نلفت عناية القارئ الكريم إلى أننا كنا قد نشرنا في العدد (11) من مجلتنا بحثًًا للمحقق السيد علي الميلاني بعنوان "الشيخ نصير الدين الطوسي وسقوط بغداد"، يثبت فيه براءة هذين العلَمين من هذه الفرية (التحرير).

([14]) السيوطيّ: تاريخ الخلفاء، عالم الكتب، بيروت، لبنان، ط1، 2003 ص431 .

([15]) راجع: ـ حسن، إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، ج4، ص162.

([16]) وكانت مدة الدولة الفاطمية منذ دعي للمهدي عبيد الله (298هـ) إلى حين قطعت من ديار مصر مائتي سنة وتسعًا وستين سنة وسبعة أشهر وأيامًا، أوّلها لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، وآخرها سلخ ذي الحجة سنة ست وستين وخمسماية (566هـ). منها بالمغرب إلى حين قدوم القائد جوهر إلى مصر أحد وستون سنة وشهران وأيام؛ ومنها بالقاهرة ومصر مائتا سنة وثماني سنين.

([17]) حكم الفاطميون مصر ما بين (296هـ) و (487هـ).

([18]) المقريزي، أحمد بن علي: المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزيّة، مكتبة مدبولي، مصر، ط1، 1997م ، ج2 ص163.

([19]) استولى صلاح الدين الأيوبيّ على مصر بعد وفاة الخليفة الفاطميّ العاضد سنة 567 هـ، واستمرّت الدولة الأيوبيّة من سنة 567هـ إلى سنة 648هـ.

([20]) المقريزي، أحمد بن علي: الخطط المقريزيّة، ج2 ص165.

([21]) ابن خلدون: العبر وديوان المبتدأ والخبر، ج4، ص81 و 82، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1971.

([22]) المقدسيّ، أبو شامة: الروضتين في أخبار الدولتين، دار الكتب والوثائق القومية، مصر، 1998، ج1، ص269. (أحداث سنة 567هـ).

([23]) الآمر بأحكام الله منصور حكم ما بين (495هـ ـ 524هـ)، توفي من غير عقب. (تاريخ الخلفاء، السيوطي، ص397).

([24]) توفي الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي عام 515هـ .

([25]) ابن ميسّر: تاريخ مصر، ج1، ص57 .

([26]) المقريزي، أحمد بن علي: الخطط المقريزيّة، ج2، ص164 .

([27]) المصدر نفسه ص 165 .

([28]) وزير صلاح الدين وكاتبه، القاضي الفاضل عبد الرحيم (501هـ-596هـ)، قال ابن خلكان "تمكّن منه غاية التمكن (يعني من صلاح الدين) وبرز في صناعة الإنشاء وفاق المتقدمين، وله فيه الغرائب مع الإكثار، أخبرني أحد الفضلاء الثقات المطّلعين على حقيقة أمره أنّ مسوَّداتِ رسائلِهِ في المجلّدات والتعليقات في الأوراقِ إذا جُمعتْ ما تقصّر عن مئة مجلد، وهو مُجيد في أكثرها، وكان السلطان صلاح الدين يقول: لا تظنّوا أنّي ملكت البلاد بسيوفكم، بل بقلم الفاضل. (وفيات الأعيان: ابن خلكان، دار صادر، بيروت، لبنان، د.ت، ج3، ص158).

([29]) راجع: المقدسيّ، أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل: الروضتين في أخبار الدولتين، ج1، ص268. (أحداث سنة 567هـ)؛ الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك: الوافي بالوفيات، تحقيق هلموت ريتر، المعهد الألماني للأبحاث، 2008 ، عند ترجمته لـ(العاضد صاحب مصر).

([30]) الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي: الوافي بالوفيات، عند ترجمته لـ(أخو القاضي الفاضل).

([31]) القصر النافعي .

([32]) المقريزي، أحمد بن علي: الخطط المقريزيّة، ج2، 163 و 164 .

([33]) المقريزي، أحمد بن علي: الخطط المقريزيّة، ج2 ص164.

([34]) ابن الأثير: الكامل في التاريخ، المكتبة العصرية للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1998، (فصل: ذكر ما اعتمده صلاح الدين بمصر القصر النافعي .

([35]) حسن، إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، ج4، ص195 و 197 .

([36]) ابن طباطبا المعروف بابن الطقطقيّ (ت709هـ): الفخري في الآداب السلطانيّة والدول الإسلاميّة، ص206.

([37]) م . ن، ص207.

([38]) حسن، إبراهيم حسن: تاريخ الإسلام، ج3، ص60.

([39]) ابن خلكان: وفيات العيان، ج5، ص104.

([40]) ابن الأثير: البداية والنهاية، ترجمة (سابور بن أردشير).

([41]) ياقوت الحموي: معجم البلدان، مطبعة مؤسسة المعارف، بيروت، لبنان،ط1، 1999 ، حرف الباء (بين السّورين).

([42])  طرازي، فيليب:خزائن الكتب العربية في الخافقين، دار أضواء السلف، د.ت ، ص101.

([43]) ياقوت الحموي: معجم الأدباء، ج6، ص241.

([44]) راجع: ـ القمي، عباس: الكنى والألقاب، منشورات مكتبة الصدر، طهران، شارع ناصر خسرو، د. ت  ،ج1، ص133؛ آقا بزرك الطهرانيّ: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، د. ت .ج3، ص130.

([45]) آقا بزرك الطّهرانيّ: الذريعة إلى تصانيف الشّيعة، ج3، ص134.

([46]) م . ن، ج11، ص174.

([47]) كانت الكرخ يسكنها الشيعة، وأهل "باب البصرة" يسكنها السّنة، قال ابن الجوزي صاحب (المنتظم): "وفي يوم الثاني عشر  من ذي الحجة (سنة381هـ)، وهو يوم الغدير، جرت فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة، واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا أعلام السلطان، فقتل يومئذ جماعة اتهموا بفعل ذلك، وصلبوا على القنطرة فقامت الهيبة وارتدعوا" كذا في النص (الثاني عشر) وهو خطأ مطبعي ، والصحيح (الثامن عشر).

([48]) ابن الجوزي: المنتظم، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط2، 1995، أحداث سنة 451هـ.

 

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثاني والعشرون