السنة العاشرة/ العدد الخامس والعشرون /  حزيران 2014م / رمضان  1435هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

المرجعية الدينية ومحاربة الاستعمار*

آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم -دام ظله-

 

تُعتبَر الوظيفة الأساسيّة للمرجعيّة الدينيّة هي الفُتيا وبيان الأحكام الشرعيّة في مختلف الشؤون الدينيّة والحياتيّة، والتي يجب على المكلفين امتثالها للوصول إلى مرضاة الله تعالى، غير أن من يتتبع مسيرة المرجعيّة عبر التاريخ يجد لها -علاوة على ذلك- حضورًا فاعلاً وتدخلاً مباشرًا في العديد من المفاصل التاريخيّة في حياة الأمة، وذلك عندما ترى ضرورةً تستدعي تدخلها المباشر، إلا أن هذا الحضور على وضوحه قد يخفى على غير المراقب أو غير المطلع، وربما يُصار في بعض الأحيان إلى التعتيم عليه ومحاولة طمسه.

ومن هنا يأتي جواب المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم -مدّ ظله- على سؤال كان قد وجّه إليه بهذا الخصوص، ليضيءَ على الكثير من النواحي المرتبطة بدور المرجعيّة في مواجهة الاستعمار ومحاربته.

***

وفيما يلي نورد نص السؤال وجواب سماحته عليه:

سؤال: للمرجعية تاريخٌ عريقٌ في مقارعة الاستعمار الأجنبي الدخيل، فهل يمكننا أن نتعرف على نماذج تفصيلية من تلك المواقف؟

الجواب: مقارعة المرجعية الشيعية للاستعمار الأجنبي امتداد لموقف مبدئي عام للتشيع، أصرّ عليه أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في سلوكهم وتعاليمهم، يقضي بتناسي الخلاف بين المسلمين عند تعرّض الإسلام للخطر، والتوجه للعدو المشترك، حفظًا لكيان الإسلام العام، ودفاعًا عن بيضته، لأن الإسلام قبل الإيمان، ولا يعرف الإيمان ولا يصل له الإنسان إلا بعد معرفة الإسلام والوصول إليه.

وبدأ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما جانَب الظالمين واعتزلهم ورفض الدخول في أمرهم ولم يبايع، ولما تعرض الإسلام للخطر اضطر للبيعة حفاظًا عليه.

قال (عليه السلام): [فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمد (صلى لله عليه وآله)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلمًا أو هدمًا تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم، التي هي متاع أيام قلائل، ويزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه]([1]).

أما الأئمة (عليهم السلام) من بعده فهم في الوقت الذي منعوا فيه من الجهاد مع سلاطين الجور، لعدم حفظهم الميزان الشرعي في الجهاد، ولأن في الجهاد معهم دعمًا لهم، أمروا بالقتال دفاعًا عن بيضة الإسلام.

ففي الحديث عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: [يرابط ولا يقاتل، وإن خاف على بيضة الإسلام والمسلمين قاتل، فيكون قتاله لنفسه، ليس للسلطان، لأن في دروسِ الإسلام دروسَ ذكرِ محمد (صلى لله عليه وآله)]([2]).

وفي حديث الإمام الصادق (عليه السلام) قال: [على المسلم أن يمنع نفسه ويقاتل عن حكم الله وحكم رسوله، وأما أن يقاتل الكفار عن حكم الجور وسنّتهم فلا يحلّ له ذلك]([3]).

وقد جرى مراجعنا العظام وعلماؤنا الأعلام على ذلك قيامًا بالواجب وتبعًا لأئمتنا (عليهم السلام) وجريًا على تعاليمهم.

وقد كلّفهم القيام بهذا الواجب شططًا، فهم في الوقت الذي يتجنبون الحكومات الظالمة ويشجبونها، وفي الوقت الذي تقف منهم تلك الحكومات ومن المؤمنين الذين يرجعون إليهم ويسترشدون بإرشادهم أشد المواقف ظلمًا وعدوانًا وتجاهلاً وامتهانًا، تراهم مضطرين بحكم الواجب الملقى على عواتقهم إلى الوقوف مع تلك الحكومات ودعمها في جهاد العدو الكافر، فإن نجحوا لم يُشكَروا، وإن فشلوا -ولو بسبب تصرف تلك الحكومات وسوء تدبيرها- تحمّلوا تبعة الفشل، وربما انتصر العدو فشفى منهم غيظه، وانتقم لموقفهم منه.

ولا عزاء لهم إلا رضى الله تعالى، والخروج عن تكليفه والحفاظ على دينه القويم، وصراطه المستقيم، وكفى به شاهدًا ونصيرًا.

وإن تصدي علمائنا الأعلام للأجنبي ذو وجوه وألوان، يجمعها القيام بالواجب في مجانبة الكافر، وعدم الركون إليه، والوقوف بوجهه، ومنعه من الإضرار بالإسلام حسبما تتيحه الظروف وتَسَعُه الطاقة.

الأول: التصدي الفكري

وقد جاهد علماؤنا الأعلام ومراجعنا العظام (رضوان الله تعالى عليهم) -بأنفسهم أو بدفع العناصر الحوزوية- في إيضاح الحقائق الدينية، وردّ الشبهات الكافرة، سواءً ما كان نابعًا من بلاد الإسلام، أم ما كان واردًا من الأجنبي الكافر.

ويتجلّى ذلك في هذه العصور بموقفهم من الحملة التبشيرية الكافرة في مطلع القرن السابق، وكان المجلّي في ذلك العلم المجاهد الحجة آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي (قدس سره)([4]) صاحب المؤلفات القيّمة.

وكذلك في وقوفهم أواخر القرن المذكور من المدّ الشيوعي الإلحادي.

الثاني: التصدي العسكري

وقد ظهر في العصور القريبة حين ضعفت الحكومات الإسلامية ونشط الكافر لغزو بلاد الإسلام، فكان موقفُ المسلمين حكوماتٍ وشعوبًا موقفَ المدافع، وقد كان للعلماء الدور المهم في ذلك في مناسبات عديدة:

1- في أواسط القرن الثالث عشر الهجري حين هاجم الروس بلاد إيران، فخرج علماء إيران -ولعل أظهرهم آنذاك الشيخ أحمد النراقي (قدس سره)([5]) صاحب المستند- مع المجاهدين لصدّهم، وقد دعمهم المرحوم السيد محمد المجاهد بن السيد صاحب الرياض (قدس سرهما)([6])، فشدَّ الرحال من كربلاء بمن معه والتحق بهم، فأبلوا بلاء حسنًا وكان النصر حليفهم لولا الخيانات وسوء التدبير، مما أوجب انكسارهم واحتلال الروس بلاد أذربيجان وغيرها في واقعة مشهورة. وتجرعوا غصص الانكسار، وردود فعل الأوباش والجهلة.

2- وفي أوائل العِقد الثالث من القرن الرابع عشر للهجرة حين هاجم الروس بلاد إيران أيضًا، واحتلوا بعض المواضع منها، وهاجمت إيطاليا طرابلس الغرب، أفتى علماؤنا -ومنهم المرجع الشهير السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي (قدس سره)- بوجوب توحيد الكلمة لدفع العدو عن بلاد الإسلام.

3- وفي إيران تهيأ للجهاد المرحوم الآخوند آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني (قدس سره)([7]) مع جماعة من علماء عصره، وأعدَّ عدة السفر. لكنه توفي فجأة بوجه مريب، فانحل ما أبرمه، ولله أمر هو بالغه.

4- وحينما غزت الجيوش البريطانية العراق في حربها مع العثمانيين -الذين رأى الشيعة وعلماؤهم منهم الأمَرّين ظلمًا وعسفًا وتجاهلاً واستهوانًا- ، حتّى إنهم لم يعترفوا بالمذهب الجعفري، وكانوا يفرضون عليهم في القضاء وغيره فقه المذهب الحنفي الذي تبنَّته دولتهم وفرضته بقوتها، وكان أهل العلم من الشيعة لا يُعفَون من الخدمة العسكرية -مهما بلغوا من العلم والمعرفة- حتّى يؤدّوا الامتحان على طبق مناهجهم المبنيّة على الفقه الحنفي.

ومع كل ذلك تناسى علماؤنا الأعلام (رفع الله درجاتهم) ذلك كلّه، واندفعوا للقيام بواجبهم في حفظ بيضة الإسلام، والدفاع عنه، فخرجوا للجهاد في جبهتين:

أ - جبهة الشعيبة.

ب - وجبهة الكوت.

وخرج منهم السيد محمد سعيد الحبوبي([8])، مستصحبًا معه سيدنا الجد السيد الحكيم([9]) -في شبابه-، وشيخ الشريعة الأصفهاني([10])، والسيد علي الداماد([11])، والسيد أبو القاسم الكاشاني([12])، والسيد مهدي الحيدري([13])، والشيخ مهدي الخالصي([14])... وجماعة كثيرون (قدس الله أرواحهم الزكية)([15]).

وقد أرسل العلَمان المعظمان السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي([16]) والشيخ محمد تقي الشيرازي (قدس سرهما)([17]) ولديهما السيد محمد([18]) والشيخ محمد رضا([19]) دعمًا لهم.

وقد عرضت الحكومة العثمانية على بعضهم -فيما بلغنا- الأموال الطائلة ليستعينوا بها في الحرب فأبوا قبولها أنفة وعزة وبُعدًا عن شائبة تخرج جهادهم عن الإخلاص لله تعالى في أداء الواجب، حتى ذكروا أن السيد الحبوبي (قدس سره) كان يكتفي بأكل التمر طعامًا، والجلوس على الأرض.

ووقعت الحرب وظهرت الخيانات من الجيش التركي ومن كثير من ذوي النفوذ مما أدَّى إلى فشل الحملة في جبهة الشعيبة، وتراجع العلماء الذين مضوا لها بمن بقي معهم، وهم مطمئنون لأداء واجبهم، حتى قال السيد الحبوبي (قدس سره) في الناصرية بعد رجوعه: (الحمد لله الذي عرَّفني تكليفي).

إلا أن الألم يحزُّ في نفوسهم حين يرون انتصار الكفر على الإسلام، ودخول العدو في بلاد المسلمين، يعيثون فيها فسادًا، حتى قضى الحزن على بعضهم، كالسيد الحبوبي (قدس سره) حيث مرض، ثم توفي في الناصرية، وأُرجع إلى النجف الأشرف جنازة محمولة. وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

وأما جبهة الكوت فقد انتصرت إلا أن النصر لم يدم طويلاً. فقد استرجعت بريطانيا ما خسرته فيها بعد أن اضطربت أُمور العثمانيين في العراق، وتمَّ بعد ذلك لبريطانيا احتلال العراق وانسحاب العثمانيين منه.

5- ولما بسطت بريطانيا نفوذها على العراق واحتلته لم يمكث علماؤنا (رضوان الله تعالى عليهم) طويلاً حتى طالبوها بالوفاء بوعودها بتحرير العراق واستقلاله، ولما تجاهلت ذلك فجّروا ضدها الثورة المعروفة بثورة العشرين([20])، بقيادة المرجع المعظم الشيخ محمد تقي الشيرازي (قدس سره) الذي لم يلبث طويلاً حتى توفي، فخلفه في قيادتها المرحوم شيخ الشريعة الأصفهاني (قدس سره).

وبعد الجهد والاجتهاد والثبات على المبادئ التي لم يثبت عليها إلا القليل تلاشت الثورة، بعد أن أدّوا ما عليهم، وتحمّلوا تبعاته، حيث حوصروا، وأُخيفوا، واحتجزوا، وشرِّدوا عن أوطانهم، وأُوذوا في سبيل الله تعالى كثيرًا. كل ذلك وقوفًا عند المبادئ وأداء الواجب الذي يرونه.

يتبع =

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من كتاب "المرجعية الدينية وقضايا أخرى" (الحلقة الثانية)، للمرجع الديني آية الله العظمى، السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم -دام ظله-، وقد ورد هذا النص إجابة على السؤال رقم10 ص 139.

([1]) نهج البلاغة: 547، من كتابه (عليه السلام) إلى أهل مصر مع مالك الاشتر لمّا ولاّه إمارتها.

([2]) وسائل الشيعة: ج 11، باب6 من أبواب جهاد العدو حديث: 2 .

([3]) المصدر السابق: حديث 3 .

([4]) الشيخ محمد جواد الشيخ حسن البلاغي (1280-1353هـ) مجتهد من مجتهدي حوزة النجف الأشرف العلمية الدينية، ضليع بالعقائد، مُلِمٌ ببعض اللغات الاجنبية، شاعر. من مؤلفاته: [آلاء الرحمن في تفسير القرآن]، [الهدى إلى دين المصطفى]، [الرحلة المدرسية].

لمزيد من التفاصيل انظر: الكنى والألقاب: 2/940، شعراء الغري: 3/443، أعيان الشيعة: 17/68، وغيرها.

([5]) الشيخ أحمد الشيخ محمد مهدي النراقي (1185-1245هـ) من مراجع التقليد فى إيران، أكمل دراسته في الحوزة العليمة في النجف الأشرف ثم هاجر إلى إيران فأصبح مرجع التقليد فيها. من مؤلفاته: [مستند الشيعة في أحكام الشريعة]، [مناهج الوصول في علم الأصول]، [ديوان شعر» بالفارسية.

لمزيد من التفاصيل انظر: الأعلام: 1/245. ريحانة الأدب: 6/160. الفوائد الرجالية: 1/67، وغيرها..

([6]) السيد محمد السيد علي الطباطبائي (حدود سنة1180 -1242هـ) من مجتهدي الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، لُقِّب بالمجاهد بعد خروجه لمحاربة الجيش الروسي المعتدي، وحين فشل الجيش القاجاري في تحقيق الانتصار لخيانة في قواده مرض السيد المجاهد في قزوين. وتوفي إثر ذلك ونُقِل جثمانه إلى كربلاء المقدسة بعد ذلك ليدفن فيها. من تآليفه: [المناهل في فقه آل ياسين]، [مفاتيح الأصول]، وغيرهما.

لمزيد من التفاصيل انظر: روضات الجنات 7/145، والموسوعة الفقهية الميسرة: 1/589، وغيرهما..

([7]) الشيخ محمد كاظم ابن الملا حسين الآخوند الخراساني (1255-1329هـ) تولى المرجعيّة الدينيّة في عصره في النجف الأشرف، أصولي ضليع. من مؤلفاته: [كفاية الأصول]، [حاشية الأسفار]، [حاشية فرائد الأصول] وغيرها كثير.

لمزيد من التفاصيل انظر: معجم المؤلفين العراقيين 3/227، ماضي النجف وحاضرها: 1/636، أعيان الشيعة: 43/92، وغيرها. وراجع: كتاب الآخوند الخراساني للأستاذ عبد الرحيم محمد علي. النجف.

([8]) السيد محمد سعيد السيد محمود الحبوبي (1266-1333هـ) مجتهد كبير من مجتهدي النجف الأشرف، وشاعر بارع من أساطين الشعر العربي المشهورين، ومن أبطال الجهاد والنضال، له كتابات في الفقه والأصول، وديوان شعر.. وغيرها.

لمزيد من التفاصيل انظر: أعيان الشيعة: 45/159، الأعلام: 7/14، نقباء البشر: 2/814، وغيرها.

([9]) السيد محسن السيد مهدي الحكيم (1306-1390هـ) ولد وتوفي في النجف الأشرف ، فقيه ضليع من أكابر المحققين .

تولى الزعامة الدينية في عهده، وكانت مرجعيته إحدى أبرز المرجعيات الدينية المعاصرة الفاعلة في برامجها ومشاريعها المتنوعة، مثل دور سماحته البارز في مواجهة المدّ الشيوعي في العراق من خلال مواقفه وفتواه الشهيرة، ونشر الوعي الديني والتبليغي، ومشروع جامعة الكوفة، والانفتاح على الشرائح والطبقات الاجتماعية، وقضايا الأمة وهمومها، وغير ذلك.

وقد اعتمد في إدارة المرجعية على مجموعة من الشخصيات العلمية مثل ولده المقدس آية الله السيد يوسف الحكيم وآية الله العظمى الشيخ محمد تقي الفقيه والحجة العلم السيد علي بحر العلوم والحجة الأديب السيد محمد جمال الهاشمي وآية الله السيد محمد على الحكيم، وحجة الإسلام والمسلمين الشيخ محيي الدين المامقاني والحجة الشيخ حسين معتوق وغيرهم.

من مؤلفاته: «مستمسك العروة الوثقى»، «حقائق الأصول»، «نهج الفقاهة» وغيرها كثير.

([10]) الشيخ فتح الله الشيخ محمد جواد الأصفهاني المعروف بشيخ الشريعة (1266-1339هـ) من كبار مجتهدي حوزة النجف الأشرف، برع في الأصول والعلوم العقليّة والرياضيات، مجاهد، نهض فتولى الزعامة والقيادة ضد الإنكليز بعد وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي، ولما دخل الإنكليز النجف الأشرف تفرّق الناس عنه ولبث في بيته إلى أن توفي. من مؤلفاته: [قاعدة لا ضرر]، [قاعدة الواحد البسيط لا يصدر منه إلا واحد]، [القول الصراح في أحوال الصحاح]، وغيرها.

لمزيد من التفاصيل انظر: أعيان الشيعة: 42/257، معارف الرجال: 2/154، معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام: 2/767.

([11]) هو السيد علي السيد محمد الداماد (1275-1336هـ) من مجتهدي الحوزة العلميّة في النجف الأشرف، مجاهد أبلى في ساحات الجهاد بلاءً حسنًا، وعاد بعد النكسة بألم شديد لمدينة النجف الأشرف، وحين حلّقت طائرة بريطانية للاستكشاف في سماء النجف الاشرف وسمع صوتها حزن وشهق شهقة أسىً فمات. من مؤلفاته: [تقريرات الأصول]، [مصباح الظلام في شرائع الاسلام].

لمزيد من التفاصيل انظر: نقباء البشر: 4/1525، أعيان الشيعة: 8/311، معجم المؤلفين: 7/218، وغيرها.

([12]) السيد أبو القاسم السيد مصطفى الكاشاني (ما قبل1300 -1381هـ) من كبار رجال الدين المجاهدين في العراق انتخبته جماهير بغداد والكاظمية مع عدد من المجاهدين الآخرين لمفاوضة السلطات المحتلة في المسائل السياسيّة المهمة. اشترك مع العلماء الأعلام الشيخ محمد جواد الجزائري والسيد هبة الدين الشهرستاني وغيرها في قيادة العمليات الجهادية في جبهة الحِلّة وطويريج، وكان لبطولاته وخطبه ومواقفه دور مشهود في حثِّ الناس على القتال والتصدي للغزاة في هذه الجبهة. تتبعه الإنكليز بعد الاحتلال فهرب إلى إيران وفيها توفي. له تقريرات في الفقه وأصول الفقه.

لمزيد من التفاصيل انظر: نقباء البشر: 1/75، والبطولة في ثورة العشرين: 141/218، وغيرها.

([13]) السيد مهدي السيد أحمد الحيدري المتوفى سنة (1336هـ) من مراجع التقليد المجاهدين في مدينة الكاظمية المقدسة. خرج مع العلماء الأعلام بصحبة أولاده الثلاثة لتحريض أهالي بغداد والمدن الأخرى والقبائل على الثورة وقيادتها للجهاد، شهد معارك القرنة والشعيبة والكوت وهو ابن الثمانين. من مؤلفاته: [تعليقة على فرائد الأصول]، [كتاب في الرجال]، [كتاب في الطهارة].

 لمزيد من التفاصيل انظر: مستدركات أعيان الشيعة: 2/333، والإمام الثائر مهدي الحيدري للسيد أحمد الحسيني/ النجف 1386هـ .

([14]) الشيخ مهدي الشيخ محمد حسين الخالصي (1276-1343هـ) من مراجع التقليد المجاهدين في الكاظمية المقدسة، حارب الإنكليز مع العلماء ثم عاد ليفضح السياسيين فنُفي إلى الحجاز ومنها إلى إيران وتوفي غريبًا. من مؤلفاته: [الشريعة السمحاء]، [القواعد الفقهية]، [كتاب في الرجال] .

 لمزيد من التفاصيل انظر: أحسن الوديعة: 2/122، وأعيان الشيعة: 48/162، ريحانة الأدب: 2/116، وغيرها.

([15]) أمثال الشيخ عبد الكريم الجزائري، والجدّ المرحوم السيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ عبد الرضا الشيخ راضي، والشيخ جواد الجواهري، والشيخ رحوم الظالمي، والسيد عبد الرزاق الحلو، والشيخ باقر حيدر، والشيخ جعفر الشيخ راضي، وغيرهم.

([16]) السيد محمد كاظم السيد عبد العظيم اليزدي (1247-1337هـ) تولى زعامة الحوزة العلمية في النجف الأشرف تضلع في الفقه والاصول. من مؤلفاته: [العروة الوثقى]، [اجتماع الأمر والنهي]، [الاستصحاب» وغيرها.

لمزيد من التفاصيل انظر: أعيان الشيعة: 46/206، ريحانة الأدب: 6/391، معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام: 3/1358، وغيرها.

([17]) الشيخ محمد تقي بن الميرزا محب علي الشيرازي (1270-1338 هـ) من مراجع التقليد المعروفين في حوزتي كربلاء المقدسة والنجف الأشرف العلمية الدينية، أديب، شاعر، مجاهد، صلب، قاد الثورة العراقية ضد الإنكليز وأوقد شرارتها الأولى. من مؤلفاته: [شرح مكاسب الشيخ الأنصاري]، [العقائد الفاخرة في مدح العقيدة الطاهرة]، [رسالة في أحكام الخلل» وغيرها.

لمزيد من التفاصيل انظر: نقباء البشر: 1/261، الأعلام: 6/288، أعيان الشيعة: 44/121، وغيرها.

([18]) السيد محمد السيد محمد كاظم اليزدي (المتوفى سنة1334 هـ) من أساتذة الفقه والاصول في حوزة النجف الأشرف العلمية الدينية. مجاهد ضد الإنكليز. من مؤلفاته: [كتاب الحج]، [الكشكول]، [رسالة في فضل الكتب واقتنائها].

لمزيد من التفاصيل انظر: ماضي النجف وحاضرها: 1/160، والذريعة: 16/272، معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام: 3/1359، وغيرها.

([19]) أكبر أنجال مفجر شرارة الثورة العراقية. كان له دور مشهود في حثّ الناس على الجهاد ضد الإنكليز. دعا إلى إقامة احتفال ضخم في صحنَي الإمام الحسين والعباس (صلى لله عليه وآله) في كربلاء المقدسة شارك فيه الألوف من المتظاهرين المندّدين بالاحتلال وحثّ فيه الناس على المقاومة وأرسل الكتب والرسائل إلى شتى مناطق العراق يدعو فيها إلى الثورة والجهاد. جاهد ضد الإنكليز في جبهة القرنة. ألقي عليه القبض من قبل المحتلين في كربلاء، ونُفي إلى الهند، وكان لاعتقاله وإبعاده أثر كبير في تأجيج نار الثورة ضد المحتلين في شتى المناطق.

لمزيد من التفاصيل انظر: البطولة في ثورة العشرين: 152، وغيره .

([20]) ثورة العشرين: من أهم الثورات الوطنية في تاريخ العراق الحديث، أشعل أُوارها علماء الدين الأجلاء عام 1920م ضد الاحتلال الانجليزي للعراق، وقادوها باذلين في ذلك الغالي والرخيص دفاعًا عن الاسلام والمسلمين. وقد توزع المجاهدون بقيادة العلماء الأعلام على جبهات القتال كلها، فكبَّدوا المعتدين الغزاة الكثير الكثير.

لقد خسر الإنكليز -كما يقول السياسيون البريطانيون- وعلى مدى خمسة شهور ما بين الأول من تموز حتى أواخر تشرين الثاني 1920م (قتيلاً) في كل (أربع ساعات) و(16مفقودًا) في (كل يوم) عدا الجرحى، وأنفقوا (266) ألف باون استرليني في كل (24) ساعة كما يقول فليب ايرلند في كتابه (العراق- دراسة في تطوره السياسي: 266).

أما من ناحية السياسة فيقول ناجي شوكت: [في اعتقادنا أنه لولا هذه الثورة العراقية الكبرى لما استطاع العراق أن يحصل حتى ولا على شبه استقلال، ولا كان من الممكن أن يدخل عضوًا في عصبة الأمم إلى جانب الدول العظمى التي كانت تتمتع بهذه العضوية، فالعراق الذي أصبح أول دولة عربية مستقلة واحتل مقامه بين دول العالم. في الوقت الذي لم يكن هناك أي بلد عربي يحلم بالاستقلال إنما هو مدين لثورته الكبرى هذه]. (الذكريات 56).

ويقول مؤرخ معاصر إن هؤلاء الفقهاء وزعماء الفرات الأوسط وقادة الحركة الوطنية في بغداد هم مؤسسو العراق الحديث وليست الأسماء السياسية المتداولة.

لمزيد من التفاصيل انظر: أعيان الشيعة، المستدركات، القسم الثاني: 333 -336، حيث روى تفاصيل المعارك، وبيَّن أدوار العلماء المجاهدين (قدس سرهم) فيها عن شهود عيان؛ ولمحات اجتماعية من تاريح العراق الحديث، مذكرات الشيخ محمد رضا الشبيبي وغيرها كثير.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الخامس والعشرون