العدد الثالث / 2005م  / 1426هـ

       رجوع     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

 

الهلال الجديد والعوامل المؤثّرة على رؤيته

المهندس محمد علي الصائغ*

 أطوار القمر:

هي مراحل ظهوره لنا، والجزء المضيء من القمر يتغير من يوم لآخر، يتدرّج من الخيط الرفيع حتى يكتمل بدرًا، ثم يتناقص حتى يعود خيطًا رفيعًا، ثم يختفي تحت شعاع الشمس، فلا نراه، ثم يقترن مع الشمس ولا يُرى إلا بعد أن يخرج من تحت شعاع الشمس فيُرى هلالاً ضعيفًا، ورؤيته لأول مرّة بعد غروب الشمس تمثّل انصرام شهر قمري وبدء الليلة الأولى للشهر القمري الجديد..

وحيث إن القمر هو أسرع الكواكب حركة بالنسبة للأرض لأنه يقطع كل يوم حوالى 13 درجة من فلك البروج، بينما تقطع الشمس بحركتها الظاهرية كل يوم درجة تقريبًا، فهو يتقدّم عليها كل يوم 12 درجة أي بمعدل درجة كل ساعتين أي يكمل دورة كاملة (360 درجة) بين البروج في مدة 27 يومًا ونصف اليوم، بينما تكمل الشمس دورتها بين البروج في سنة كاملة أو تقطع برجًا في كل شهر، بينما يقطع القمر كل برج في يومين ونصف اليوم.

فإذا بَعُد القمر عن الشمس من المغرب لجهة الشرق اثنتي عشرة درجة تقريبًا مال إلينا بعض نصفه المضيء، إذ تبدو لنا حافّة النصف المضيء أو حافة القمر المضيء بسبب الشمس، فنرى طرفًا منه بعد غروب الشمس وهو الهلال، وكلما زاد بُعده عن الشمس ازداد ميل نصفه المضيء إلينا، حتى الليلة الرابعة حتى يكون قوس النور قد تضخّم فيسمى قمرًا، إلى ليلة 14 فيسمى بدرًا فيها وفي الليلة التالية لها.

يطلع "البدر" من الشرق عند أو بعد غروب الشمس، وفي ليلة 16 إلى ليلة 26 يسمى "قمرًا" وفي ليلة 27 إلى وقت دخوله تحت شعاع الشمس يسمى "هلالاً"، ويكون طلوعه في جهة المشرق قبل طلوع الشمس، فإذا دخل تحت شعاع الشمس بأن كان بينهما أقل من 12 درجة سمي "محاقًا" لانحجابه بنور الشمس، فإذا اجتمع مع الشمس سمي "اقترانًا" أو اجتماعًا، فإذا خرج من شعاعها بأن بعُدَ عنها لجهة المشرق بقدر 12 درجة تقريبًا رُؤيََ هلالاً عشية.

تسلسل لمظاهر القمر:

وفيما يلي تسلسل لمظاهر القمر وأحواله واحدًا بعد واحد على الترتيب مع توالي أيام الشهر:

1-   عندما يكون القمر على خطٍّ مستقيم بين الأرض والشمس، فإننا لا نراه، حيث إن وجهه المقابل لنا لا يكون مضيئًا، أما ظهره فيكون نورًا ونهارًا من أشعة الشمس الساقطة عليه وهذا ما نسمّيه الاقتران أو آخر الشهر، يشرق القمر في هذا الوقت (حسب ميله) في نفس الوقت تقريبًا مع الشمس ويغرب معها.

2-   ثم في الليلة التالية تبدأ الشمس في الشروق على وجه القمر المقابل لنا، ويبزغ الفجر في ذلك النصف من القمر، حيث إن القمر يكون قد استدار قليلاً حول محوره أثناء بداية طوافه من النقطة السابقة حول الأرض، فيضاء جزء بسيط من ذلك النصف ويبدو لسكان الأرض في هيئة الهلال في أول الشهر.

3-   وفي كل ليلة خلال الأسبوع الأول من الشهر تزيد المنطقة المضاءة لوجه القمر المقابل للأرض وينمو الهلال ويمتلئ، ويكون هذا بمثابة الضحى على سطح القمر.

4-   وعند نهاية الأسبوع الأول يمكننا أن نرى نصف وجه القمر المقابل لنا كله مضاءً، وهذا هو التربيع الأول، وذلك بعد أن يكون قد وصل إلى الربع الشرقي.

5-   ثم يغمر الضوء جزءًا أكبر فأكبر من وجه القمر المقابل لنا، فنرى الصورة التي نسمّيها الأحدب حتى نصل إلى نهاية الأسبوع الثاني من الشهر، فيكون سطحه المرئي كله مضاء، وهذا هو البدر، وهو يمثّل وقت الظهيرة تمامًا من يوم القمر على سطحه المواجه للأرض، ويعبر القمر الزوال كبدر عند منتصف الليل بالتوقيت المحلي الحقيقي، فيكون آنئذٍ قد انتقل في دورته حول الأرض من جانبها الغربي إلى جانبها الشرقي.

6-   وبعد 7 أيام نرى خلالها مظهر الأحدب ثانيًا بعد أن يكون القمر قد تحرّك حتى الربع الغربي أي أكثر من تسعين درجة من الاستقبال (حالة البدر), تكون الشمس يوم القمر قد مالت للمغيب ونهاره قد بدأ يتناقص، فنرى نصف وجهه فقط مضاءً وهو يقابل وقت الأصيل على وجه القمر المقابل للأرض.

7-   ثم يأخذ نهار القمر في الانتهاء وتأخذ شمسه في الغروب فيراه سكان الأرض هلالاً ثانيًا، ولكن فجرًا، حتى يأتيه المحاق تمامًا في الليلة الأخيرة من الشهر، وهي تقابل على سطحه المواجه للأرض لمنتصف الليل هناك.

وهكذا تتعاقب أوجه القمر شهرًا بعد شهر ويتأخر شروق المظاهر المتعاقبة في كل ليلة عن سابقتها حوالى 45 دقيقة حتى نهاية الشهر.

اقتران الشمس بالقمر

الاقتران بين الشمس والقمر أو الاجتماع، يحدث مرة في كل شهر قمري، وموعده قرب نهاية الشهر القديم وقرب ابتداء الشهر الجديد، إذ من المعلوم أن القمر بعد إهلاله يبدأ بالابتعاد عن الشمس إلى جهة الشرق، حتى إذا انتصف الشهر وصار على أكبر قدر من البعد عنها بدأ بعد ذلك بالاقتراب منها مرة أخرى من الجهة المعاكسة، وعند دخوله أقرب ما يكون منها بحيث يكونان على خط طول واحد يقال إن القمر في الاقتران أو الاجتماع، فيكون مركز القمر ومركز الشمس على خط طول سماوي واحد بالنسبة لراصد في مركز الأرض والتي تسمى في الفلك الحديث New Moon أو الهلال الجديد وهو الاقتران المركزي، ولا يستغرق الاقتران - وهو عبور قرص القمر أمام قرص الشمس - بالنسبة لراصد في مكان ما على سطح الأرض أكثر من 7 دقائق و58 ثانية.

ويحدث ذلك في أية لحظة مــن الليل أو النهار، إذ لا علاقة للموقع الجغرافي في ذلك.

وقت الاقتران: يحدث الاقتران في لحظة واحدة من الزمان، لأنه ظاهرة كونيّة لا علاقة لموقع الراصد بها كما قلنا سابقًا مثلاً: إن حدوث الاقتران الساعة 4 من صباح يوم الاثنين بتوقيت كرينتش يعني أنه حدث الساعة 6 صباحًا بتوقيت بيروت والساعة 8 صباحًا بتوقيت أبو ظبي والساعة 13 (الواحدة ظهرًا في اليابان)، ويعني أيضًا أنه حدث الساعة 22 (العاشرة من مساء يوم الأحد في ديترويت) أي في اليوم السابق بحسب التوقيت المحلّي لشرق الولايات المتحدة الأمريكية.

إن القول بأن الاقتران يحدث في لحظة واحدة، مبني على اعتبار أن الأرض والقمر والشمس هي نقاط في السماء، ولذا فمن المناسب تسميته بالاقتران المركزي، ولتحرّي الدقّة فإن هذه الأجرام تُرى كأقراص، وبناء عليه فإن الراصدين على الأرض في الأماكن المختلفة لن يروا مركزي الشمس والقمر بنفس خط الطول السماوي في نفس اللحظة، وهذا يبدو جليًا من خلال كسوف الشمس الكلي الذي يمكن اعتباره "اقترانًا مرئيًا"، ومعلوم أن كسوف الشمس الكلي لا يبدأ بنفس اللحظة بالنسبة لسكان الأرض جميعًا، وبالتالي لا يحصل الاقتران في لحظة واحدة، وأقرب مثال على هذا الموضوع الكسوف الكلي الذي حدث 11/8/1999،فإنه شوهد بدءًا من المحيط الأطلسي وأوربا فآسيا مرورًا بسوريا والعراق وإيران وباكستان فالهند وذلك أغلب النهار وعلى التتابع، ولم يحدث في لحظة واحدة.

وهذه النقطة تستحق التوقّف، فهي مهمّة للغاية، لأن معناه أن الاقتران السطحي (المرصود من سطح الأرض Topocentric ) لا يحدث في وقت واحد بل في أوقات متفاوتة قد يصل الفرق بينها إلى عدة ساعات، وذلك بالنسبة للأماكن المختلفة من الأرض أسوة بالكسوف الكلي.

يتبع =

ــــــــــــــــــ

* باحث في الهيئة والمواقيت والأهلة.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الثالث    أرشيف المجلة     الرئيسية