الرئيسية

تتمة مقال = ولادة أمير المؤمنين (ع) في الكعبة

الولادة في الأدب والشعر

هذه الحادثة المباركة جديرة بأن تخلّد, ولم يكن حظ الشعراء بأقل من حظ المحققين والمؤرخين في نقل هذه الفضيلة الشريفة والمزية الرفيعة، التي اختص بها إمامنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقد هامَ الكثير من الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا بهذا النور الإلهي الساطع، فغرفوا من بحر فضائله (عليه السلام), وراحوا يتغنّون بحبه ويعددون فضائله، وقد تعرّض لها كثير من الشعراء المعروفين والمشهورين، نكتفي ببعض أشعارهم،

فمنهم: السيد الحميري شاعر أهل البيت عليهم السلام, حيث يقول:

وَلدَتهُ في حَــرَمِ الإلـهِ وأمنِـهِ
بَيضاءُ طاهرةُ الثيابِ كريمـةُ
في ليلةٍ غـابتْ نُحوسُ نُجومها
ما لُفَّ في خِرقِ القوابـــــلِ مثلُـهُ

والبيتِ حيـــثُ فِناؤُهُ والمســجدُ
طابـــت وطابَ وَليدُها والمَولدُ
وبَدَت مع القمر المنيرِ الأسعُدُ
إلا ابـنُ آمِنَـة النَّبيُّ مُحمّــــــدُ⁽²⁴⁾

ومنهم: الشيخ حسين نجف, الذي قال في قصيدته عن الولادة:

جعــــل الله بيتــــــه لعلــــي مـــولدا
لم يشـــــاركه في الولادة فيـــه

يا له عــــلا لا يضـــــــاهى
سيــــد الرسل لا ولا أنبيـــــاها⁽²⁵⁾

ومنهم: الميرزا إسماعيل الشيرازي, الذي قال قصيدته الموشحة في المولود المقدس:

سيد فاق علا كل الأنام شرّف الله به البيت الحرام		كان إذ لا كائن وهو إمام حين أضحى لعلاه مولدا
فوطأ تربته بالقدم

والقصيدة طويلة وجليلة ⁽²⁶⁾.

ومنهم: السيد علي النقي اللكهنوي الهندي، أحد كبار الشعراء له موشحة في الميلاد من أبياتها:

تلكم فاطمة بنت أسد ودعت خالقها الباري الصمد		أمت البيت بكرب وكمد بحشًا فيه من الوجد الضرام
قد علته قبسات اللهب

دخلت فاطم فارتدّ الجدار إذ تجلى النور وانجاب السرار		مثلما كان ولم يكشف ستار عن سنا بدر به يجلو الظلام
والورى ينجو به من عطب...
لم يكن في البيت مولود سواه أوتي العلم بتعليم الإله		إذ تعالى عن مثيل في علاه فغذاه دره قبل الفطام
يرتوي منه بأهنى مشرب⁽²⁷⁾

ومنهم: الحر العاملي الذي قال في أرجوزة له في تواريخ المعصومين ( عليهم السلام ):

مولده بمكة قد عُرفا
على رخامة هناك حمرا
فيا لها مزية علية
ما نالها قط نبي مرسل

في داخل الكعبة زيدت شرفا
معروفة زادت بذاك قدرا
تخفض كل رتبة علية
ولا وصي آخر وأول ⁽²⁸⁾

ومنهم: السيد رضا الهندي, حيث قال في ديوانه:

لما دعاك الله قدما لأن
شكرته بين قريش بأن

تولد في البيت فلبيّته
طهرت من أصنامهم بيته⁽²⁹⁾

ومنها: ما قاله الشاعر عبد الباقي العمري البغدادي, في عينيته التي جاء في أولها:

أنت العلي الذي فوق العلى رفعا
وأنت نقطة باء مع توحدها

ببطن مكة عند البيت إذ وضعا
بها جميع الذي في الذكر قد جمعا

وقد علق السيد محمود الألوسي على هذه العينية بقوله: ((وكون الأمير كرم الله وجهه وُلد في البيت أمر مشهور في الدنيا, وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة, إلى أن قال: ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه, بل لم تتفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين, وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين))⁽³⁰⁾.

ومنهم: الشاعر المسيحي بولس سلامة, في ملحمته الشعرية المسماة بـ«عيد الغدير», حيث قال في مقدمة تلك الملحمة تحت عنوان مولد علي (عليه السلام):

حرّةٌ لزّها المخاض فلاذت
كعبة الله في الشدائد ترجى

بستار البيت العتيق الوطيد
فهي جسر العبيد للمعبود

ثم يقول:

بَسِمَ المسجد الحرام حبوراً
كان فجران ذلك اليوم فجرٌ

وتنادت حجاره للنشيد
لنهارٍ وآخر للوليد⁽³¹⁾

هذا, وهناك الكثير من القصائد التي ذكرت الولادة الغراء، وقد أشار العلامة الأميني إلى عشرات القصائد التي نظمت في مولده الشريف^(32).

^{يتبع =}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

24- مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، 2/24.

25- الغدير، دار الكتاب العربي، بيروت، 6/29.

26- الغدير، 6/31.

27- الغدير، 6/34.

28- العقيلة والفواطم، حسين الشاكري، مطبعة ستاره، قم، ص94.

29- ديوان السيد رضا الهندي، دار الكتاب الإسلامي، بيروت، ص25، تحت عنوان "في مدح الإمام علي (ع)".

30- الإمام علي بن أبي طالب (ع)، أحمد الرحماني الهمداني، مطبعة المنير للطباعة والنشر، طهران، ص 372 ؛ والغدير، ج6، من ص22.

31- عيد الغدير لبولس سلامة، المؤسسة الثقافية لهيئة أنصار الحسين(ع)، ط4، ص49.

32- الغدير، ج6، من ص28 فما بعد.