العددان السابع والثامن / 2006م - 2007م /1427هـ - 1428هـ

     رجوع     التالي     أرشيف المجلة     الرئيسية

 

 

مصادر التراث الشيعي (*)

أدرك علماء الشيعة، وأهل البحث منهم، من يومهم الأول إلى يومنا هذا، لزوم التعرّف على التراث الإسلامي بكل طوائفه، ولذا، كانوا على اطلاع وبصيرة تامّة بتراثهم وتراث جمهور السنة، فهم لا يتحسّسون من تراث جمهور السنة، بل يجدون في الاطلاع عليه تتميماً لثقافتهم، وتأكيداً لحجتهم، لأن فيه الكثير من الشواهد لهم، ولأنهم أهل حجة واستدلال، لا تتم لهم الحجة إلا بالاطلاع على ما عند الآخرين وتمحيصه ومحاكمته.

ويشهد لذلك أمران:

(الأول): أن مكتباتهم العامة والخاصة مملوءة من تراث الجمهور وكتبهم، وهي في المكتبات العامة مذكورة في الفهارس المعروضة في متناول كل من يطلبها.

(الثاني): أن كثيرًا من مؤلفيهم يشيرون للمصادر التي يرجعون إليها ويأخذون منها، وفيها الكثير من ذلك التراث، بل كثيرًا ما تزيد مصادرهم السنية على مصادرهم الشيعية.

وبعد ذلك نقول:

التراث الشيعي كثير جداً، وقد تضمنته كتب كثيرة:

مصادر التراث الشيعي في الحديث

1- كتاب الكافي:

تأليف أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (قدس سره)، المتوفى سنة (328 أو 329 هـ).

( موضوعه )

وهو في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله)، والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام). مبوّب تبويباً جيداً، يبدأ بالأصول: في العقائد والأخلاق والآداب وما يناسب ذلك ؛ ثم بالفروع: مستوعباً لكتب الفقه وأبوابه المختلفة، وينتهي بالروضة في متفرقات متنوعة.

( ميزة الكتاب )

ويمتاز هذا الكتاب - مضافًا إلى جامعيته للأصول والفروع - بأمرين:

(أحدهما): أنه الكتاب الوحيد التام الموسّع الذي وصل إلينا مما أُلّف في عصور الأئمة (عليهم الصلاة والسلام)، فإنه أُلّف في أواخر عصر الغيبة الصغرى، الذي يُعتبر من عصور حضور الأئمة (عليهم السلام)، لإمكان الرجوع فيه للإمام من طريق نوّابه الخاصّين الذين كانوا على اتصال مباشر به (عجل الله فرجه الشريف).

كما أنه العصر الذي تكامل فيه للشيعة عقائدهم وفقههم وثقافتهم الدينية، فقد استطاع الأئمة (عليهم السلام) في المدة الطويلة التي قضوها مع الشيعة - مع الضغط الشديد عليهم - أن يبثّوا تعاليمهم تدريجاً حتى تبلورت وتركّزت، وقام للشيعة كيان علمي، متمثّل في الحوزات العلمية، يحمل تلك التعاليم ويحفظها، بحيث أمنوا (عليهم السلام) عليها من الضياع والتحريف، ومن أجل ذلك أمكن وقوع الغيبة الكبرى (سنة 329هـ) بانقطاع الإمام (عليه السلام ) عن الاتصال المباشر بالشيعة، لاكتفائهم بما عندهم من تعاليم أئمتهم (عليهم السلام) وقيام الحجة به عليهم وعلى الناس {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ}([1]).

(ثانيهما): أن مؤلّفه (قدس الله تعالى روحه)، قد صرّح في مقدمته بأنه قد توخّى جمع الأخبار الصحيحة عن المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

(في معنى دعوى الكليني صحة كتابه)

ولا يريد بصحة أخباره أنه رواها بطرق صحيحة، كل رجالها ثقات، لعدم ظهور هذا المصطلح في عصره (رضوان الله عليه)، بل الظاهر أنه يريد أنه رواها من كتب مشهورة معروفة في عصور الأئمة (عليهم السلام)، معوّل عليها عند الشيعة، على مرأى من الأئمة ومسمع منهم، بل قد ثبت عرض بعضها على الأئمة (عليهم السلام) وتصحيحهم لها.

ويشهد بصدقه في ذلك، وبحسن اختياره للأحاديث، ثناءُ قدماء علماء الطائفة - ممن تأخّر عنه - على الكتاب المذكور وعلى مؤلِّفه، وأنه جليل القدر، عارف بالأخبار، عالم بها، وأنه أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، حتى عُرف بين علماء الشيعة بـ(ثقة الإسلام).

ولا نعني بذلك التعهّد بصحة كل خبر من أخباره، فإن ذلك أمر متعذّر، مع بُعد العهد، وخفاء كثير من قرائن الصحة وشواهدها علينا، وتعرُّض الإنسان للخطأ والغفلة.

بل نعني أن الكتاب يصلح أن يعكس صورة عامّة إجمالية عن مفاهيم أهل البيت (عليهم السلام)، ويعطي ملامح واضحة لها، في المجالات التي طَرَقها، فإن الواقع الإجمالي للكتاب هو الصحة وصدق الخبر، خصوصاً إذا كان رجال السند ثقات أو تعدّدت الأخبار في مضمون واحد أو مضامين متقاربة.

نعم لا يعوّل على الخبر وإن كان موثوقاً بصدوره لعلّة فيه، كالتقية، ووجود المعارض له، وغير ذلك مما يعرفه أهله.

* * *

2- كتاب من لا يحضره الفقيه

تأليف أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، المعروف عند الشيعة بالصدوق (قدس سره)، المتوفى سنة (381هـ).

وهو أيضًا في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، ومستوعب لأبواب الفقه، وقد التزم مؤلفه فيه غالبًا الاقتصار على ما يناسب اختياراته الفقهية.

3- تهذيب الأحكام

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره)، المتوفى سنة (460هـ). وهو أيضًا في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) مستوعب لأبواب الفقه.

4- الاستبصار

لشيخ الطائفة السابق الذكر، مستوعب لأبواب الفقه، قصد فيه الجمع بين الأخبار المتعارضة، ولو بصورة متكلفة، ذهاباً منه إلى أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح، وقد استخرجه من كتابه السابق (التهذيب)، فهو مختصر منه.

وهذه الكتب لما لها من الأهمية والمكانة، تُعرف عند الشيعة بـ(الكتب الأربعة).

5- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة:

تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي قدس سره، المتوفى سنة (1104هـ)، قد جمع فيه أحاديث الكتب السابقة، وزاد عليها أحاديث كثيرة مأخوذة من كتب أخرى لم تبلغ شهرتها شهرة تلك الكتب، وقد استوعب فيه أبواب الفقه.

 6- بحار الأنوار

تأليف الشيخ محمد باقر ابن الشيخ محمد تقي المجلسي (قدس سره)، المتوفى سنة (1111هـ)، وهو في الحديث أيضًا، جمع فيه الحديث من كتب كثيرة، وقد استوعب أصول العقيدة، والسماء، والعالم، والمعاد، وقصص الأنبياء (عليهم السلام) وسيرهم، وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، والفقه، والأدعية، والأخلاق، وغير ذلك.

ويبدأ في كل باب بما يناسبه من الآيات القرآنية ويتكلم فيها، ثم يتعرّض للأحاديث المناسبة لذلك الباب، ويشرح منها ما يحتاج للشرح.

ولم يقتصر فيه على الأحاديث المعتبرة، بل ذكر حتى شواذ الأخبار وغرائبها، منبّهاً في كثير من الموارد إلى غرابتها، فهو كتاب كبير جامع طبع مؤخرًا فيما يقرب من مائة مجلد.

وهناك كتب كثيرة في الحديث لا يسعنا استقصاؤها، وهي تشتمل على فنون العلم المختلفة من العقيدة والفقه والسيرة وعلل الأحكام، وأحوال الأئمة (عليهم السلام)، وغير ذلك.

مصادر التراث الشيعي في الفقه

أما كتب الفقه فهي تنقسم إلى قسمين:

(الأول): المتون الفقهية:

وهي التي يُقتصر فيها على فتاوى مؤلفيها على اختلافهم في الآراء، ونذكر منها:

1- 2 - المقنع، والهداية: للشيخ الصدوق المتقدم.

3- المقنعة. للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (قدس سره)، المتوفى سنة 413 هـ.

4- النهاية: للشيخ الطوسي المتقدم.

5- المراسم: لحمزة بن عبد العزيز الديلمي (قدس سره)، المعروف بسلار، المتوفى سنة 448 أو 463 هـ.

6- الوسيلة: لابن حمزة (قدس سره)، من علماء القرن الخامس الهجري.

7- شرايع الإسلام: لأبي القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي، المعروف بالمحقق (قده)، المتوفى سنة 676 هـ. وقد تناوله كثير من الفقهاء، شرحًا وتعليقًا، وهو من الكتب التي تدرّس في الحوزات العلمية حتى عصرنا الحاضر.

8- المختصر النافع: له أيضًا. وقد تناوله الفقهاء شرحًا وتعليقًا، وهو الذي طبعته دار التقريب بين المذاهب الإسلامية بمصر سنة 1376 هـ.

9- قواعد الأحكام: للشيخ جمال الدين، الحسن بن علي بن المطهر الحلي (قدس سره)، المعروف بالعلامة المتوفى سنة 726 هـ. وقد تناوله كثير من الفقهاء شرحًا وتعليقًا.

10و11- الدروس الشرعية، واللمعة الدمشقية: كلاهما للشيح أبي عبد الله، محمد بن مكي، المعروف بالشهيد، المقتول في سنة 786 هـ.

وهناك متون فقهية أخرى كثيرة للقدماء والمتأخرين في جميع العصور وإلى أيامنا هذه، حيث جرت سيرة الفقهاء على تأليف الرسائل العملية المتضمنة لفتواهم، ليعرفها مقلّدوهم- الذين يرجعون إليهم في أمور دينهم- ويعملوا عليها.

(الثاني): الكتب الفقهية الاستدلالية:

وهي التي يُعنى مؤلفوها بالاستدلال على الفتاوى، وبيان مآخذها من الكتاب والسنّة وغيرهما مما يصلح للاستدلال حسب نظرهم.

وقد عُني علماء الشيعة بذلك قديمًا وحديثًا، لفتح باب الاجتهاد عندهم، فلا يكون الرجل منهم فقيهًا حتى تكون له اختياراته الفقيهة، ويستطيع الاستدلال عليها، غير أن بعضهم لم يسجل استدلاله في كتاب ألّفه، وبعضهم سجّله في كتاب أو أكثر، ونذكر من هذه الكتب:

1- كتاب من لا يحضره الفقيه: المتقدم، حيث سبق أنه اقتصر فيه غالبًا على ذكر الأحاديث التي تناسب اختياراته الفقهية.

2- كتاب المبسوط: لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره) المتقدم. وقد عني فيه بتفريع الفروع الفقهية والإكثار من ذلك، على غرار ما عند المذاهب الأخرى.

3- كتاب الخلاف: للشيخ الطوسي المتقدم أيضًا. في الفقه المقارن بين مذاهب المسلمين.

4- كتاب الغنية: في أصول الفقه وفروعه، تأليف أبي المكارم عز الدين حمزة بن علي بن زهرة الحسيني (قدس سره)، المتوفى سنة 585 هـ.

5- كتاب المُعتبر: للمحقق الحلي المتقدم (قدس سره)، شرح فيه كتابه المختصر النافع المتقدم، ولم يكمله.

6، 7، 8- كتاب تذكرة الفقهاء، وكتاب منتهى المطلب، وكتاب مختلف الشيعة. وهو في الفقه الشيعي المقارن، كلها للعلامة الحلي (قدس سره) المتقدم ذكره.

9- كتاب جامع المقاصد في شرح كتاب قواعد العلامة المتقدم. تأليف المحقق الثاني الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي (قدس سره)، المتوفى -على ما ذكره الأكثر- سنة 940 هـ.

10، 11- كتاب مسالك الأفهام في شرح شرايع الإسلام المتقدم، وكتاب الروضة البهية في شرح كتب اللمعة الدمشقية المتقدم. كلاهما للشيخ زين الدين بن نور الدين علي المعروف بالشهيد الثاني، المقتول سنة 965 هـ أو 966هـ.

12- كتاب مدارك الأحكام في شرح كتاب شرايع الإسلام المتقدم. تأليف السيد محمد بن علي الموسوي العاملي (قدس سره)، المتوفى سنة. 1009 هـ.

13- كتاب كشف اللثام في شرح قواعد العلامة المتقدم. تأليف الشيخ محمد بن الحسن الأصفهاني، الشهير بالفاضل الهندي (قدس سره) المتوفى سنة 1137هـ.

14- كتاب مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة المتقدم. تأليف السيد محمد جواد الحسيني العاملي (قدس سره)، المتوفى حدود سنة 1226 هـ. وهو كتاب كبير طبع في عدة مجلدات كبيرة. وقد عُني مؤلفه فيه بجمع أقوال العلماء من الإمامية في مسائل الفقه. مع استدلال مختصر في بعض المواضع.

15- رياض المسائل في شرح كتاب المختصر النافع، للمحقق الحلي المتقدم. تأليف السيد علي الطباطبائي (قدس سره)، المتوفى سنة 1231 هـ.

16- كتاب جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام المتقدم ذكره. تأليف مرجع الطائفة في عصره الشيخ محمد حسن الشيخ باقر (قدس سره)، المتوفى سنة 1266هـ. وهو أوسع كتاب فقهي استدلالي، صار موضع عناية العلماء واهتمامهم حتى أيامنا هذه. وقد طبع أخيرًا في ثلاثة وأربعين مجلدًا بعد أن طبع فيما سبق في ست مجلدات كبار.

17- كتاب مستمسك العروة الوثقى: تأليف سيدنا الأستاذ الجدّ مرجع الطائفة في عصره، السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره)، المتوفى سنة 1390هـ.

وغير ذلك من الكتب الكثيرة في جميع العصور وإلى أيامنا هذه.

يتبع =
 

ـــــــــــــــــــــ

* من كتاب (في رحاب العقيدة) ، للمرجع الديني آية الله العظمى ، السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم، وقد ورد هذا النص إجابة على سؤال.

[1] - سورة الأنفال، من الآية42.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد السابع والثامن      أرشيف المجلة     الرئيسية