العدد صفر :  2005م / 1425هـ

     رجوع     التالي     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = الشهور القمرية

 

تقويم المايا في أمريكا الوسطى والتنبؤ بمواعيد الخسوف والكسوف:

كان شعب المايا (سكان يوجاتان و جواتيمالا) الذي أباده الأوربيون (الأسبان) عند اكتشافهم للأمريكتين ذا حضارة متميزة، وقد حدّد علماء الآثار أن أكثر المعلومات تبكيرًا عن المايا ترجع إلى العام الألفين قبل الميلاد.

لقد أسّس هذا الشعب نظامًا زراعيًا ناجحًا وقام بإنشاء شبكة رائعة من الطرق وشيد الكثير من المعابد التي بقيت حتى اليوم من روائع البناء والعمارة، على أن أهم إنجازاتهم البارزة كانت على شكل نظام تقويمي لم يضارعهم فيه أحد - لا من قبل ولا منذ قيام ذلك التقويم- بالنسبة لدقته  وإحكام خطّته،كانت تشيشن اتزا أكبر المدن المايانية في يوكاتان، وفي فترة تربو على أربعة قرون خطا الشعب الماياني خطوات تقدمية هائلة في علم الفلك لا يمكن أن تخطر على بال أحد.

استطاع المايا التنبؤ بكل دقّة وإحكام بمواعيد الخسوف والكسوف قبل وقوعهما بوقت طويل، ويظهر أنهم حاولوا كذلك اكتشاف الوسائل التي تمكنهم من القيام بالتنبؤات المنتظرة في حالات الطقس من ملاحظاتهم و تسجيلاتهم السابقة المتراكمة منذ زمن قديم، وربما ربطوا بطريقة ما بين  بعض التغييرات المعينة في حالات الطقس التي اتفق وقوعها مع اقترانات لكوكب الزهرة.

كان علماء الفلك من رجال الدين في هذه الفترة التي امتدت إلى أربعة قرون قد رصدوها وجمعوا كمية هائلة من المعلومات عن تحرّكات هذا الكوكب السيار، على أن كل ذلك النشاط قد توقّف فجأة بعد أن غزا الأسبان بقيادة كورتيز بلاد المكسيك ويوكاتان.

هذا وقد اختار شعب الانكاس في بيرو البعيدة وشعب الازتكس في بلاد المكسيك المجاورة لهم خطة حساب الزمن التي ابتكرها واستخدمها الشعب الماياني لأكثر من ألف عام واستعملوها لعدة قرون قبل مجيء الأسبان إلى بلادهم.

لقد حدد فلكيو المايا القدماء طول السنة الشمسية بفترة 365.2420 يومًا، وهو أقل من جزأين من عشرة آلاف جزء من اليوم (0.0002 يوم ) فقط من العام الاستوائي المحسوب في وقتنا الحاضر، وبهذا يكون الاختلاف يومًا واحدًا كل خمسة آلاف سنة، وبذلك يكون تقويمهم أدقّ من التقويم المصري 1200 مرة، وأدق من التقويم اليولياني بأربعين مرة، وأدق من التقويم الجريجوري الذي نستخدمه حاليًا مرة ونصف، وهو بدقة التقويم الجلالي المعمول بنظامه حاليًا في إيران.

وذلك لأن تقويم المايا يحتوي على خطأ تراكمي مدّته يومان خلال عشرة آلاف سنة، بينما التقويم الجريجوري يحتوي على خطأ تراكمي مدّته ثلاثة أيام خلال عشرة آلاف سنة. 

وقد حسب شعب المايا القدماء السنين للفترات الطويلة من الزمن بنظام عشريني أي بفترات طول كل منها عشرون عامًا أو 400 عامًا أو 8000 عامًا، أما العام الذي اتخذه شعب المايا لبدء عدّ السنين فهو عام 3300  قبل الميلاد.

وعرف المايا أيضًا العلاقة ما بين الدورة القمرية والدورة الشمسية، أي إن كل 19 سنة شمسية تضم 235 شهريًا قمريًا، وبذلك اكتشفت هذه الدورة الحقيقة ثلاث مرات على الأقل بواسطة شعوب مختلفة دون ارتباط أحدها  بالآخر:

في القرن السادس قبل الميلاد بواسطة الفلكين الصينيين.

وفي القرن الخامس قبل الميلاد في اليونان.

ثم اكتشاف العلاقة بواسطة المايا القدماء.

التقويم لدى  الهنود:

لم يكن للهنود في الأزمنة المبكرة خبرة تذكر في مجال علم الفلك، بل ما لديهم كان أساسًا علم تنجيم ، فقد نشأ علم الفلك عند الهنود من التنجيم نشأة غير مقصودة.

ثم أخذ يتقدم رويدًا رويدًا، لا سيما عندما اتصلت الحضارتان الهندية واليونانية بعد أن احتلها الاسكندر.

استخدم الهنود التقسيم البابلي للسماء إلى الأبراج التي تمثل الشهور، كل شهر منها ثلاثون يومًا، وكل يوم ثلاثون ساعة، وكانوا يضيفون شهرًا كل خمس سنوات.

التقويم عند الرومان:

تمهيد:

لم يظهر لدى الرومان علماء فلك كما حدث لدى الإغريق، ولم تتقدّم علوم الفلك لديهم، كما  لم يصلنا ما يفيد باهتمامهم كثيرًا بعلوم الفلك أو بحركة القمر.

كان الرومان يستخدمون التقاويم القمرية للأغراض الحربية والتقاويم الشمسية  لمعرفة مواسم المحاصيل، والتقاويم التي استعملوها كانت مأخوذة من الشعوب التي احتلوها أو المهاجرة إليهم.

كانت خطة التقويم المتبعة للأغراض الحربية في روما هي تقويم الدورة القمرية، وكانت مباشرة ذلك التقويم بسيطة تمامًا، إذ تعتمد على بزوغ الهلال الجديد في السماء الغربية.

وكان الشهر القمري يبدأ من رؤية الهلال لأول مرّة بالأفق الغربي بعد غروب الشمس مباشرة، وينتهي برؤية الهلال مرة أخرى في السماء الغربية بعد الغروب، وتسمى هذه الفترة دورة القمر أو وقت القمرmoonth    (حاليا month وتعني الشهر).

إن أساس التقويم الروماني آنذاك كان قمريًا، وقد نقل الرومان عن الاترويـين فكرة استخدام 30 يومًا للشهر الأول و29 يومًا للشهر التالي بالتتابع، وإضافة يوم كبيس كل 32 شهرًا، وإسقاط يوم كبيس كذلك كل 800 شهر.

وكان إضافة يوم أو إسقاط يوم من الشهر القمري له أهمية كبرى للحفاظ على توافق التقويم مع دورة القمر بالدقّة المطلوبة، وكان من الضروري لتوخي هذه الدقّة التّامة إسقاط يوم إضافي آخر بين فترة وأخرى، لقد كان لاختلاف أطوال الشهور الناجم من ذلك تأثير كبير في موعد هذا اليوم الهامّ الذي كان يحدّد يوم منتصف الشهر عندهم، وكان يسمى عيدس الشهر Ides أو منتصف الشهر.

يتبع =

أعلى الصفحة     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية