العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = الاستنساخ

معنى الاستنساخ:

وهو في عرف أهل اللغة: الحصول على نسخة طبق الأصل عن النسخة الأصلية.

قال ابن منظور في لسان العرب: والاستنساخ: كتب كتابًا من كتاب إذا اكتتبه عنه حرفًا بحرف، وفي التنزيل: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}([1])، أي نستنسخ ما تكتب الحفظة.

وهناك معنى آخر للنسخ وهو: الإزالة وإبطال الشيء وإقامة آخر مقامه، ومنه قوله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}([2])، ومنه قولهم نسخت الريح أثر الأقدام أي أزالتها([3]).

وأما في الاصطلاح العلمي: فيراد به إنتاج مخلوق مطابق لصاحب الخلية عن طريق التكاثر اللاجنسي بواسطة دمج الخلية في بويضة منزوعة النواة.

وتوضيحه -كما يظهر من كلمات أهل الاختصاص-: أنه تؤخذ خلية من مخلوق يراد استنساخه، سواء كان ذلك المخلوق ذكرًا أو أنثى، وتلك الخلية تحمل جميع خصائص ذلك المخلوق الوراثية، ويوجد في الخلية نواة وهي أهم أجزائها وتتكوّن من ثقوب عديدة تؤمّن مرور المواد عبرها، ويصطلح عليها بـ[الغشاء النووي]، ويوجد بداخل النواة سائل يعرف بالحمض النووي ويصطلح عليه (دي أن أيه)، وتحتوي الخلية على 46 كروموزومًا أو صبغية أو جينة تحمل الصفات الوراثية للمخلوق، وهي متكاملة وكافية للتلقيح مع البويضة المنزوعة النواة -بينما النطفة تحتوي على نصف هذا العدد، وكذلك البويضة-، ثم تؤخذ بويضة من أنثى وتفرغ من نواتها التي تحوي 23 كروموزومًا وراثيًا حتى يأتي الناتج الجديد نسخة طبق الأصل عن صاحب الخلية، ثم تدمج الخلية مع البويضة ويسلط عليها شحنة كهربائية حتى تحتضنها البويضة وتثبت فيها، وتُترك ما بين ثلاثة أيام إلى خمسة، وبعد التأكد من الاحتضان تنقل إلى رحم أنثى حتى يتكون الجنين.

فالحاصل: إن عملية الاستنساخ لا تقوم على التلقيح المتعارف الجنسي، وإنما هو تلقيح لاجنسي يتم فيه تلقيح البويضة بخلية من جسم الإنسان مثلاً، ولا فرق بين كون تلك الخلية من ذكر أو أنثى، ويمكن أن تكون تلك الخلية من نفس زوج صاحبة البويضة أو من أجنبي أو من محارمها، بل حتى من نفسها، وقالوا إن الناتج الجديد يطابق الأصل مائة بالمائة حتى في البصمة، وأنّ النسخ المستنسخة ستكون متعددة الأفراد متحدة الذات، أي إنَّها ستكون شخصًا واحدًا في التفكير والإدراك والعواطف والميول والرغبات.

إلا أن جماعة من أهل الاختصاص شكّكوا فيما ادعاه الرائيليّون وغيرهم في أصل إمكان الاستنساخ ونجاحه، وأن كل ما قاموا به هو من قبيل الدعاية الإعلامية فضلاً عن كون المخلوق الجديد مطابقًا بالتمام للأصل، لأن هناك عدة عوامل تؤثر في خصائص الإنسان من روحه وعقله ونفسه والبيئة التي يعيش فيها وغيرها من الأمور التي تلعب دورًا في شخصيته.

لكن سواء صدّقنا بنجاح عملية الاستنساخ أم لم نصدق وقلنا إن الاستنساخ ما زال ضمن الخيال العلمي، فتحتاج هذه الواقعة إلى الحلول الفقهية والدينية.

وهناك ثلاثة جوانب مهمة ترتبط بهذه القضية ينبغي تناولها، وهي: الجانب العقائدي، والجانب الأخلاقي،  والجانب الفقهي.

 يتبع =

ـــــــــــــــــــــــــــــ
 

([1]) سورة الجاثية: من الآية 29.

([2]) سورة البقرة: آية/ 106.

([3]) لسان العرب لابن منظور مادة نسخ

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الأول     أرشيف المجلة     الرئيسية