العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = الاستنساخ

الجانب العقائدي:

هلّل بعض الملاحدة والعلمانيين واللادينيين للاستنساخ وروّجوا له وقالوا إن الإنسان قادر على الخلق.

وشكّك بعض الدينيين بالاستنساخ من جهة كونه تدخلاً في مشيئة الله، فلذا لا يمكن حصوله والقبول به، وأنه يتنافى مع الآيات القرآنية التي حصرت الخلق بالله وحده جلّ وعلا من قبيل قوله تعالى: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}([1]) وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}([2])، وقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ماإذا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}([3]) وقوله تعالى: {أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}([4]) وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}([5])، وغيرها من الآيات

لكن نقول: إن الاستنساخ يؤكّد على عظمة الله وإتقان صنعه، وعلى عجز البشر، وأن ما قام به الإنسان لا يعدو كونه نمطًا جديدًا ومتطورًا، ولن يكون مستغنيًا عما خلق الله تعالى، فالخلية التي نحتاجها في عملية الاستنساخ جزئية مخلوق من خلق الله أودعها الله عز وجل في جسم هذا المخلوق وحباها بخصائصها الفريدة، فما قام به الإنسان بعد الاطلاع على بعض أسرار هذا المخلوق وخلاياه وجيناته عبر خريطته الوراثية التي أودعها الخالق في أجسامنا ثم استخرج البويضة الأنثوية من جسم المرأة الذي خلقها الله تعالى وخلق فيها نظام الإخصاب وقام بدمج تلك الخلية في البويضة، فعملية الاستنساخ تجري ضمن دائرة الهندسة الوراثية، والتدخل البشري إنما هو في خصائص ومكوّنات موجودة ومحددة الأدوار والوظائف من قبل الله تعالى، ولا دور للإنسان في تلك الوظائف، بل اهتدى إلى معرفة أسرار خلقه تعالى.

ثم من أين للإنسان أن يصنع الروح -التي يولجها الله في الجنين عند استعداده لتقبل تلك الروح- وهو لا يعرف كُنه الروح وحقيقتها فضلاً عن خلقها، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}([6]).

فلذا الاستنساخ يؤكّد ما جاء في الآيات القرآنية من انحصار الخلق بالله عز وجل وان الناس لو اجتمعوا بأسرهم وكان بعضهم لبعض ظهيرًا ما قدروا على خلق ذبابة واحدة من دون الاستعانة بالمواد التي خلقها الله تعالى.

 يتبع =

ـــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) سورة الزمر: آية62.

([2]) سورة النحل: آية20.

([3]) سورة لقمان: آية 11.

([4]) سورة الرعد: من الآية 16.

([5]) سورة الحج: آية 73.

([6]) الإسراء: الآية85.

 

أعلى الصفحة     محتويات العدد الأول     أرشيف المجلة     الرئيسية