عاشوراء
الإسلام وعاشوراء اليهود:
تروي المصادر التاريخية أن النبي(صلى
الله عليه وآله)بارح
مكة قبل ختام شهر صفر ببضعة
أيام،
ومكث ثلاث ليال في غار ثور،
ثم خرج ليلة غرّة
ربيع الأول قاصدًا
يثرب، ووصل إلى قباء (على بعد فرسخين أو 11 كيلومترًا
من يثرب) يوم الاثنين 8 ربيع الأول الموافق
لـ
20 أيلول / سبتمبر 622 م وقت الظهر،
واستراح هناك
أيام:
الثلاثاء والأربعاء والخميس،
إلى أن وصل علي(عليه
السلام)
والفواطم معه،
وأسّس
في قباء أول مسجد في الإسلام، ثم شرّف المدينة يوم الجمعة
12 ربيع الأول.
روى صاحب
السيرة الحلبية عن ابن عباس:
[أن
رسول الله(صلى
الله عليه وآله)قدم
المدينة يوم عاشوراء،
فإذا اليهود صيام،
فقال رسول الله(صلى
الله عليه وآله):
ما
هذا؟
قالوا:
هذا
يوم
أغرق
الله تعالى فيه فرعون ونجّى
فيه موسى(عليه السلام)،
فقال
رسول الله(صلى
الله عليه وآله):
أنا أولى بموسى،
فأمر
رسول الله(صلى
الله عليه وآله)بصومه]
أخرجه
البخاري ومسلم.
والسؤال: إذا
كان رسول الله(صلى
الله عليه وآله)قد
أمر
بصوم عاشوراء،
فأيّ
عاشوراء هذا؟
إذا كان
المأمور به ذلك اليوم بعينه،
فهو
ليس العاشر من محرم، لأن الناس في ذلك الحدث كانوا في شهر
ربيع الأول،
والرواية متعلقة بعاشوراء اليهود الذي يكون في اليوم
العاشر من
أول
شهورهم من سنتهم القمرية وهو شهر تشري.
وقد تمكّن
الفلكيون من التأكد
من ذلك بالحساب، حيث ثبت
أن
12 من ربيع الأول لسنة 1 هجرية يوافق العاشر من تشري لسنة
4383 عبرية،
وهو يوم عاشوراء اليهود،
ويوافق 23 سبتمبر لسنة 622 ميلادية،
ولم يوافق العاشر من محرم في التقويم الإسلامي العاشر من
تشري في التقويم العبري
إلا
سنة 27 بعد الهجرة، أي بعد 18 عام من انتقال رسول الله(صلى
الله عليه وآله)إلى
الرفيق الأعلى.
الاحتفال
بعيد الفصح اليهودي مرتبط برؤية الهلال:
كان عيد الفصح
أهم
أعياد
بني إسرائيل،
ويحتفلون به في يوم الخامس عشر من نيسان محسوبًا
من رؤية الهلال،
واستمر على هذا النظام إلى
أن
قام الحبر الأكبر
هليل
بتصميم التقويم العبري عام 381م.
يشترط
في إقامة
هذا العيد ما يأتي:
1.
حلول الاعتدال الربيعي،
وكانوا يعرفون ميعاده بتمام نضج الحنطة.
2.
ظهور البدر الكامل الذي يأتي
بعد الاعتدال الربيعي،
ويكون هذا دائمًا
في اليوم الرابع عشر من الشهر القمري،
ففي مسائه يذبح الخروف.
يبدأ العيد
من اليوم الخامس عشر من الشهر ويستمر سبعة
أيام
لغاية 21 من الشهر،
وفيه يأكلون
خبزًا
غير مختمر،
ويسمى الفطير،
ويذبح الخروف في مساء الرابع عشر من شهر نيسان العبري.
ويسمى الخروف
حمل باسكال،
وكلمة باسكال لاتينية مأخوذة
من العبرية باساك
pasakh
بمعنى يمر أو يعبر،
وفيها
إشارة
إلى خروج بني إسرائيل من مصر أو مرور الملاك على بيوت
المصريين للفتك بهم.
وكذلك يسمى
البدر الكامل الذي يأتي
بعده عيد الفصح بدر باسكال،
وقد واظب اليهود على الاحتفال بهذا العيد إلى يومنا هذا،
وميعاده ثابت غير متنقل.
عيد الفصح المسيحي ارتبط برؤية الهلال لمدة ثلاثة قرون:
كان المسيح
عليه السلام من الإسرائيليين وقد احتفل بذبح الخروف مع
حوارييه بعد ظهور البدر الكامل للاعتدال الربيعي،
وسمي هذا الاحتفال بالعشاء الأخير أو الرباني،
وكان يوم الخميس،
ويعتقد المسيحيون أنه حوكم يوم الجمعة،
وأن
الحاكم الروماني بيلاطس البنطي
أمر
بصلبه في هذا اليوم،
وقد اتفقت روايات الأناجيل الأربعة على
أنه
صعد إلى السماء يوم الأحد التالي،
واتفق المسيحيون بأن
يحتفلوا سنويًا
بهذه الذكرى،
ولكنهم اختلفوا في تحديد موعد الاحتفال،
إذ قالت الطوائف الشرقية:
أن
المسيح احتفل بأكل الخروف بعد ظهور البدر الكامل الذي يأتي
بعد الاعتدال الربيعي،
وينبغي
أن
يكون الاحتفال في مثل هذا اليوم أسوة به.
وقالت
الطوائف الغربية:
بأن
هذه الفكرة نزعة يهودية ولا يصح
أن
يقع احتفال المسيحيين واحتفال اليهود في يوم واحد،
وبما
أن
المسيح صعد إلى السماء يوم الأحد،
فيلزم
أن
يكون احتفالنا في هذا اليوم.
استمر
المسيحيون الأوائل باستخدام التقويم القمري الشمسي اليهودي
مرتبطًا
برؤية الهلال لأكثر من ثلاثة قرون،
وعلى هذا الأساس أقيم عيد الفصح،
وقد تبنّت
الكنيسة المسيحية عام 325 ميلادية التقويم اليولياني،
وقد
شكّل
التقويم الجديد الذي تبنّته
الكنيسة مشكلة لها،
فهو شمسي، وعيد الفصح في منتصف الشهر القمري بالضبط.
المهم:
بعد
أن
ضعفت روما المُتَنَصِّرة
حديثًا
تحت تأثير الكنيسة المسيحية،
أصبح
تحديد عيد الفصح استنادا إلى القمر الكامل يشكل مشكلة
لها،
وأصبح
من الضروري نقل هذا العيد إلى التقويم الروماني.
فقرّرت
كاتدرائية نيقيه عام 325م
أن
عيد الفصح يجب
أن
يحتفل به وفقا للشروط التالية:
1.
في أول يوم أحد.
2.
بعد أول اكتمال للقمر.
بعد الاعتدال الربيعي.
يتبع= |