العدد الثاني / 2005م  /1426هـ

     رجوع     محتويات العدد     أرشيف المجلة     الرئيسية

.

تتمة مقال = التقويم العبري

التقويم الإسلامي

التقويم الهجري الذي يعتمد على الشهر القمري يمكن أن يسمى (التوريخ الهجري) اعتمادًا على أصل الكلمة (توريخ وهي ترجع إلى كلمة (ورخ) في اللغات السامية، ومعناها قمر، فالتوريخ في المعنى الأقدم يعني التوقيت بالأشهر القمرية.

والأساس في التقويم الهجري هو الشهر القمري، والسنة الهجرية تتألف من اثني عشر شهرًا تتراوح مدّتها على التوالي بين30 و 29 يومًا، ويبلغ مجموع أيام السنة العادية 354 يومًا، ومجموع أيام السنة الكبيسة 355 يومًا بزيادة يوم واحد في نهاية شهر ذي القعدة.

وتساوي الفترة المتوسطة الزمنية للشهر القمري 29 يومًا 12 ساعة 44 دقيقة 2.8 ثانية، وهي تساوي بالكسور العشرية 29.530589 يومًا، ويبدأ الشهر العربي مع ميلاد الهلال الذي يحدث عند اقتران الشمس والقمر، في طول واحد بالنسبة لمركز الأرض، وتختلف لحظة الميلاد باختلاف توقيت الآفاق، مما يجعل مواقيت رؤية الهلال ومدّة مكثه فوق الأفق بعد غروب الشمس مختلفًا من مكان إلى آخر.

علمًا بأن ميلاد الهلال يحدث في لحظة واحدة بالنسبة لجميع أصقاع الأرض، لأنه ظاهرة كونية لا علاقة له بمكان الراصد، فهو ليس كشروق القمر أو غروبه.

ولو أخذنا في الاعتبار أن أول محرم من السنة الهجرية الأولى يوافق يوم الخميس من 15 يوليو(تموز) سنة 622 ميلادية بالتقويم اليولياني، و 18 يوليو سنة 622 بالتقويم الجريجوري، فعلى هذا الأساس يمكن إعداد تقويم هجري بالحساب فقط بحيث تكون الشهور القمرية متفقة إلى أقصى حدود التقريب مع الفترة الزمنية الميلادية لميلادين متتالين للهلال، وبهذا يتمّ الربط بين أوائل الشهور العربية في مختلف السنين والتواريخ الميلادية.

وإذا اعتبرنا أن الفترة الزمنية المتوسطة للشهر القمري هي فقط 29 يومًا 12 ساعة 44 دقيقة، وأغفلنا الثواني وقدرها 2.8 ثانية في الشهر لضآلة هذه القيمة التي لا تتعدى أكثر من يوم واحد في مدى 2400 سنة.

فإذا ما اعتبرنا هذا كله، فإن السنة الهجرية المتوسطة تبلغ 354‌‌‌+ 30/11 يومًا، مما يوحي بدورة ذات ثلاثين عامًا تتألف من إحدى عشرة سنة كبيسة وتسعة عشر سنة عادية.

وتوزع السنين الكبيسة في الدورة الثلاثينية بترتيب خاص.

وعلى ذلك فهو قمري صرف مبني على تغيرات أوجه القمر، ويتكوّن من 12 شهرًا قمريًا، ستة أشهر منها مدتها تسعة وعشرون يومًا، وستة أخرى مدّتها ثلاثون يومًا، واصطلح أن تكون الشهور فردية الرتبة أيامها ثلاثون يومًا والشهور الزوجية الرتبة أيامها تسعة وعشرون يومًا، وعلى هذا الأساس فشهر رمضان أيامه ثلاثون يومًا، وشهرا شوال وذي الحجة أيامهما تسعة وعشرون يومًا، وفي السنوات الكبيسة يضاف إلى الشهر الثاني عشر (شهر ذي الحجة وهو زوجي الرتبة) يومًا ليكون ثلاثين يومًا، وبهذا تتألف السنة التقويمية من354 يومًا أو 355 يومًا، وبهذا تكون أقصر من الشمسية بمقدار 10.25 أو 11.25 يومًا، ويجتمع هذا الفرق ليكون شهرًا تقريبًا كل ثلاث سنوات أو سنة لكل 33 عاماً إسلاميًا تقويميًا.

مبدأ عدّ السنين قبل تأسيس التقويم الهجري:

ظلّت قريش تؤرخ بعام الفيل، وكان المسلمون يؤرخّون معها به قبل الهجرة، فلما هاجر النبي(صلى الله عليه وآله)إلى المدينة ترك المسلمون التأريخ بعام الفيل، وسمّوا كل سنة مما بين الهجرة والوفاة باسم مخصوص مشتقٍّ مما اتفق فيها للنبي(صلى الله عليه وآله):

فالأولى بعد الهجرة: (سنة الإذن).

والثانية: ( سنة الأمر ).

والثالثة: (سنة التمحيص).

والرابعة: ( سنة الترفئة ).

والخامسة: ( سنة الزلزال ).

والسادسة: ( سنة الاستئناس ).

 والسابعة: ( سنة الاستغلاب ).

 والثامنة: ( سنة الاستواء ).

والتاسعة: ( سنة البراءة ).

والعاشرة: ( سنة الوداع ).

فكانوا يستغنون بذكر السنة عن عددها، ثم بعد ذلك صار التاريخ أحيانًا بنفس الكيفية، حتى السنة السابعة عشرة للهجرة، وهي السنة التي تأسّس فيها التاريخ الهجري الذي يؤرّخ بها الآن.

تأسيس التقويم الهجري:

في خلافة عمر بن الخطاب كتب أبو موسى الأشعري -على ما رواه الشعبي- إلى الخليفة: أنه تأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، وروى ميمون بن مهران: أنه لما رفع إلى عمر صكّ محله في شعبان، قال عمر: أي شعبان؟ الذي نحن فيه أو الذي هو آت؟، فدعا الخليفة عمر بن الخطاب إلى اجتماع ضمّ كبار الصحابة، فأشار الإمام علي(عليه السلام)عليهم أن يؤرّخوا بالهجرة، فأقرّوا رأيه.

ومبدأ العمل بالتقويم الهجري يوم الأربعاء 20 جمادى الآخرة سنة 17 هجرية، المصادف 8 تموز/يوليو سنة 638 ميلادي.

واعتبر أول شهر في السنة الهجرية [محرّم] وليس [ربيع الأول] للسببين التاليين:

 أ – أن شهر محرم هو الشهر الذي استهل بعد بيعة العقبة بين وفد من أهل يثرب والنبي(صلى الله عليه وآله)أثناء الحج، فكأنّ الهجرة بدأت في ذلك الوقت، فقد أذن بها النبي(صلى الله عليه وآله)، فكان أول هلال يهلّ بعد الإذن بالهجرة هو شهر محرم.

ب- أن شهر محرم كان بدء السنة عند العرب في الجاهلية، ولأنه كان أول شهر يأتي بعد انصراف الناس من حجّهم الذي هو ختام مواسم أسواقهم.

استخدم التقويم الهجري لأغراض الطقوس الدينية والحياة العامة، وبقي هو الأساس في كل بلدان العالم الإسلامي، فكانت تجبى الأموال العامة وتنفق على حساب الشهور القمرية ما خلا العشور الزراعية التي لا مناص من جبايتها في أوقات شمسية.

يتبع=

أعلى الصفحة     محتويات العدد الأول     أرشيف المجلة     الرئيسية